السؤال:
قلتُم أن البعض يقول عن شرح صحيح البخاري و شرح صحيح مسلم لماذا لَمْ …..؟
الروايات التي فيها رواة مُتكلَّم فيهم عند مسلم و البخاري؟
الجواب:
كتب كثير من المعاصرين عن الرواة المُتكَلَّم فيهم في صحيح مسلم، و كتب بعضهم عن الرواة المُتَكَلَّم فيهم في صحيح البخاري، و لكن أجمعت كلمة الباحثين أن البخاري و مسلم ينتقيان الأحاديث؛ أحاديث مَن تُكُلِّم فيه، البخاري ينتقي، يَعرضه على رواية الجبال من المكثِرين من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فما أصابوا فيه الحق قبلوه و أدرجوه، ما لم يَفْكُش؛ ما لم يكونوا متَّهَمين أو متروكين، وإنما أصحاب الضبط اليسير انتقى لهم البخاري وانتقى لهم مسلم.
و الله تعالى أعلم.✍️✍️
اللِّبس الأزهري -الجُبّة- يمثّل أشبه ما يكون بالجُبة، منفرج منفتح من الأمام و له أكمام، الفَروة ليس لها أكمام، و البلاد الحارة لا تحتاج إلى فَروة، فالغالب الفَروة الدفئ ورَدّ البَرْد، والغالب على القَبَاء فيه ردّ البَرْد لكن فيه جمال✍️✍️.
الأعراب و قد أومأتُ في كلمتي و ما أتممتها و هي كلام أبي حيّان في (البحر المحيط) في تفسير قول الله عز وجل في “التوبة”: { الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ }(التوبة:97) قال الأعراب هم الذين لم يسسهم سائس و لم يجثُوا على الرُّكَب بين يدي العلماء، أما من كان في البادية يجاهد نفسه و يتعلم فالله عز وجل مدح الأعراب، فالممدوح غير المذموم، قال عز وجل في “الأحزاب”: { وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللَّهِ }(الأحزاب:99)، هذا الأعرابي الذي يتخذ ما ينفق قربات عند الله عز وجل و يؤمن بالله ورسوله هذا جدير بأن يتعلّم، و أما الإنسان الذي ليس جديراً بأن يتعلم فهذا مذموم، و هذا يؤكد مجموعة من الأحاديث والآثار التي تدل على أن العلم وقَبوله هو الذي يكون فيه المفاضَلة بين الناس، والعلم لا يُراد لذاته و إنما يراد بالعلم العمل، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، التزام العلم، فالباب منسجم ومؤتلف وليس بمختلف، فإذا الذي كان بعيداً تعلَّم و امتثل أمر الله عز وجل فليس بمذموم، بل المذموم من الأعراب الأشد كفراً و نفاقاً قال الله عنهم { وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ }.✍️✍️
===============
قال أبو حيان في ” البحر المحيط ” (5/ 491) في تفسيره لقول الله تعالى : ﴿الأعْرابُ أشَدُّ كُفْرًا ونِفاقًا وأجْدَرُ ألّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أنْزَلَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ واللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [ التوبة : 97]:
نَزَلَتْ في أعْرابٍ مِن أسَدٍ، وتَمِيمٍ، وغَطَفانَ. ومِن أعْرابِ حاضِرِي المَدِينَةِ، أيْ: أشَدُّ كُفْرًا مِن أهْلِ الحَضَرِ. وإذا كانَ الكُفْرُ مُتَعَلِّقًا بِالقَلْبِ فَقَطْ، فالتَّقْدِيرُ: أشَدُّ أسْبابِ كُفْرٍ، وإذا دَخَلَتْ فِيهِ أعْمالُ الجَوارِحِ تَحَقَّقَتْ فِيهِ الشِّدَّةُ. وكانُوا أشَدَّ كُفْرًا ونِفاقًا لِتَوَحُّشِهِمْ واسْتِيلاءِ الهَواءِ الحارِّ عَلَيْهِمْ، فَيَزِيدُ في تِيهِهِمْ ونَخْوَتِهِمْ وفَخْرِهِمْ وطَيْشِهِمْ وتَرْبِيَتِهِمْ بِلا سائِسٍ ولا مُؤَدِّبٍ ولا ضابِطٍ، فَنَشَئُوا كَما شاءُوا لِبُعْدِهِمْ عَنْ مُشاهَدَةِ العُلَماءِ ومَعْرِفَةِ كِتابِ اللَّهِ وسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، ولِبُعْدِهِمْ عَنْ مَهْبِطِ الوَحْيِ. كانُوا أطْلَقَ لِسانًا بِالكُفْرِ والنِّفاقِ مِن مُنافِقِي المَدِينَةِ، إذْ كانَ هَؤُلاءِ يَسْتَوْلِي عَلَيْهِمُ الخَوْفُ مِنَ المُؤْمِنِينَ، فَكانَ كُفْرُهم سِرًّا ولا يَتَظاهَرُونَ بِهِ إلّا تَعْرِيضًا. (وأجْدَرُ)، أيْ: أحَقُّ، (ألّا يَعْلَمُوا)، أيْ: بِأنْ لا يَعْلَمُوا. والحُدُودُ هُنا: الفَرائِضُ. وقِيلَ: الوَعِيدُ عَلى مُخالَفَةِ الرَّسُولِ، والتَّأخُّرِ عَنِ الجِهادِ. وقِيلَ: مَقادِيرُ التَّكالِيفِ والأحْكامِ. وقالَ قَتادَةُ: أقَلُّ عِلْمًا بِالسُّنَنِ. وقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «: ”إنَّ الجَفاءَ والقَسْوَةَ في الفَدّادِينَ“» . (واللَّهُ عَلِيمٌ) يَعْلَمُ كُلَّ أحَدٍ مِن أهْلِ الوَبَرِ والمَدَرِ، (حَكِيمٌ) فِيما يُصِيبُ بِهِ مُسِيئَهم ومُحْسِنَهم مِن ثَوابٍ وعِقابٍ.
السؤال:
بالنسبة لاهتمام أهل العلم بلباسهم لم يكن مالك شديد الاهتمام؟
الجواب:
نعم، هذه المسألة متروكة للناس، بعض الناس يعتني بهندامه و قلت لكم أكثر من مرة و ما زلت و هذا لا نستطيع أن نجزم به إلّا بأن نراه، و لا يكون ذلك إلّا في جنة الله .
والمرجو من الله أن يجمعنا مع الإمام مسلم في جنته، مسلم من خلال ترتيبه للأحاديث، أنا دائماً أقول لو رأيناه نراه مُرتَّب، هندامه جيد، مُرتَّب حاله ترتيب جيد، هكذا تخيُّلي لمسلم و الله أعلم بحقيقة الحال، لكن بعض العلماء كمالك يقولون كان يعتني بلباسه.
النبي صلى الله عليه وسلم يقول “البَذاذة من الإيمان”، و معنى “البَذاذة من الإيمان” التواضع في اللباس وغالباً الأمور الوسط هي الأحسن، لا الإهمال و لا الاعتناء الشديد.✍️✍️
السؤال:
بعض الناس من المشايخ و طلبة العلم لا يتبسَّمون.
الجواب:
النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “تبسُّمك في وجه أخيك صدقة”.
حدَّثني بعض إخواننا الذين يعيشون في ألمانيا يقول:
هذا الحديث مترجَم بالألمانية و مكتوب في شوارع ألمانيا.✍️✍️
السؤال:
يأتي النبي صلى الله عليه وسلم الخُمْس دون قتال؟
الجواب:
نعم، فما كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم من غير قتال الخُمْس، وهذا الخُمْس كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيه لأصحابه، و هو غير الخُمْس الذي عند الشيعة، خُمْس الشيعة يُعطَى لعلمائهم (لآياتهم) بباطل.✍️✍️
[مقدمة شرح باب العيدين من بلوغ المرام]
فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله.
٤٨٣ – عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم: «الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ, وَالْأَضْحَى يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
وأما العيد فالعيد من العود ، فسمي العيد لعوده وهو من الشعائر ، وفي كل دين عيد ، وفي ديننا عيدان لا ثالث لهما.
والعيدان يأتيان بعد طاعة ، ولذا عيد الفطر بعد رمضان ، وعيد الاضحى بعد الحج ، والعيد يكون في الزمان ويكون في المكان ، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم لا تجعل قبري هذا عيداً».
فالمكان يسمى عيداً ، والزمان يسمى عيداً ، فكل شيء يعاوده الإنسان ويعود إليه فهو عيد ، وتعظيم المكان أو الزمان من غير إذن للشرع فهو من المنكرات ومن البدع التي ما أنزل الله تعالى بها من سلطان.
وكثير من البدع التي دخلت على المسلمين من تعظيم أماكن أو أزمنة لم يثبت فيها شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا في الحديث :
«الفطر يوم يفطر الناس».
والمراد بالناس أي يوم يفطر المسلمون فأحكام العيد ينبغي أن تبنى على جماعة المسلمين ، ويحرم الشذوذ عنهم ، وقد صح عن عبد الله بن مسعود وروي مرفوعاً ، ولم يثبت:
«أن الله أبى العصمة للمسلمين».
فالأمة معصومة لا تجتمع على ضلالة ، واختلف أهل العلم فيمن رأى الهلال وحده ، ورد قوله ، وهو قد رآه على قولين معتبرين :
القول الأول: أنه يجوز له الصيام بل يجب ، ولا يجوز له ان يشهر صيامه وإنما يكتمه لهذه الخاصية التي تخصه ، وهو أنه بنفسه رأى الهلال.
والقول الثاني: بناء على ظاهر هذا الحديث «الفطر يوم يفطر الناس» أنه يحرم عليه الصيام ، ويجب عليه الفطر مع سائر الناس ، وإن صامه فما ينبغي أن يشيعه.
والروايتان مذكورتان عن الفقهاء والأئمة ونص عليهما أحمد و رواية حنبل عن عمه أحمد بن حنبل:
«أنه لا يصوم».
وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وعليه ظاهر هذا الحديث ، ومن قال بالصيام عمل بالاحتياط ، وقال الأصل في العبادات أنها قائمة على الاحتياط ، فيصوم بالسر ولا يشهره ويكتمه.
ومن هنا قال العلماء تلك القاعدة الذهبية المهمة ، وما أحوج طلبة العلم إليها ، وما أحوج المكتبة الإسلامية لأن يصنف فيها مع التدليل والتمثيل في كتب السابقين ، والحوادث التي تخص المعاصرين ، وهذه القاعدة جليلة ومهمة ، وهي أن الاجتماع على مرجوح خير من التفرق على راجح.
أن نجتمع على مرجوح خير من أن نفترق على راجح ، ولذا من رآه وحده قال :
اجتمع مع سائر إخوانك ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم:
الفطر يوم يفطر الناس.
والمراد يوم يفطر الناس:
من الإفطار ، وهو المشهور على ألسنة العوام (التعييد) ، أن يعيد الناس.
الفطر حيث عَـيد الناس ، وكان شيخنا الالباني رحمه الله يستنبط من هذا الحديث ويستدل به.
متى وقع الخلاف بين المسلمين ، واختلفوا في الفطر ؛ فالواجب على كل أهل محلة أن يفطروا معاً ، وكذلك أن يصوموا معاً.
وكان يقول رحمه الله :
إن اختلف المسلمون جميعاً في في العيد أو في الصيام ؛ فعلى الأقل أن يجتمع أهل كل محلة في الصيام والفطر ، فلا يكون الانشقاق والتفرق مبعثراً ، فلا أقل من أن تكون كل بلدة هي التي يصام فيها ، ولا سيما أن الناس اليوم يجهلون الأهلة ومراقبتها ، فحينئذ نقول في مثل هذه النوازل ؛ هذا الحديث الذي أخرجه الإمام الترمذي وصححه إمام الدنيا الإمام البخاري رحمه الله تعالى.
فنقول :
الفطر يوم يفطر الناس ، والأضحى أي عيد الاضحى،
التعييد في الأضحى يوم يضحي الناس ، يوم أن يذبح الناس أضاحيهم
والله تعالى أعلم.
هذا الحديث رواه مجموعة من أعمام أبي عمير بن أنس ، وهم مجاهيل مبهمون ، والصحابي المبهم لا يضر ، لأن الصحابة كلهم رضي الله تعالى عنهم عدول، أن ركباً ، والركب هم الراكبون على رواحلهم ، وهم من العشرة فما فوق ، فجاء ركب ، وهؤلاء جاؤوا من حوالي المدينة النبوية ، وهم أعراب وهم يَضبطون ، ويحسنون ضبط الأهلة ، بخلاف أهل المدينة.
أن ركبا جاءوا فشهدوا المدينة ، فشهدوا رسول صلى الله عليه وسلم في المدينة ، فشهدوا أنهم رأوا الهلال.
والمراد شهدوا أنهم رأوا هلال شوال ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال :
«صوموا لرؤيته».
أي لرؤية هلال رمضان.
«وأفطروا لرؤيته» أي رؤية هلال شوال.
وهذه رواية في الصحيحين ، وهنالك رواية صحيحة ، ولفظها بليغ ومهم ، وينبغي أن ينتبه إليها الفقيه ، وهي رواية الإمام النسائي التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم وإسنادها صحيح قال:
لا تصوموا إلا لرؤيته.
تلك :
صوموا لرؤيته.
وهذه :
لا تصوموا إلا لرؤيته ، ولا تفطروا إلا لرؤيته.
وهذه تبين أن الحسابات الفلكية لا يعتمد عليها وإن قيل أنه يستأنس بها ، فمن زعم أنه رأى الهلال ، والعلم القطعي وحقائقه تبين أنه ما تولد بعد ؛ فهذه شهادة مردودة ، وليس بصحيحة ، ولكن الأصل في الأحكام أنها مبنية على الرؤية.
«فشهدوا أنهم رأوا هلال شوال بالأمس».
فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم والأمر ليس خاصاً بهم ، وإنما الأمر هو عام للمسلمين جميعاً ، أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالفطر ، لأن الهلال الذي رأوه هو هلال شوال.
«وإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلاهم».
يذهبوا في الغداة ، وهي أول النهار ، وتكون من الفجر إلى طلوع الشمس.
أن يغدوا إلى المصلى :
وهذا هو وقت صلاة العيد ، وسيأتي بيانه مطولاً.
وفي الحديث قبول رؤية الأعراب للهلال ، كيف لا وهم أدرى بغيرهم.
فقد ثبت في الحديث الذي خصه الإمام الخطيب البغدادي بجزء وهو مطبوع ، رؤية وترائي الهلال :
أن الناس رأوا الهلال ، فرآه أعرابي واحد ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بصيامه ، فرؤية الهلال ولو من أعرابي أو من شخص واحد ؛ فيوجب الصيام.
والواجب على الأمة وجوباً كفائياً أن يتراءوا الهلال في الأعياد في المناسبات التي تثبت بها الأحكام الشرعية ، (رؤية هلال رمضان) ، (رؤية هلال شوال) ، و (رؤية هلال ذي الحجة) ، بل سائر رؤى الهلال ، حتى الأحكام الفقهية المتعلقة بالصيام في الكفارات ، حتى يظهر منها متى تؤدى .
والله تعالى أعلم.
المصدر:
من المحاضرة الأولى لفضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله ، من كتاب بلوغ المرام من أدلة الأحكام ت الزهيري ، لابن حجر العسقلاني رحمه الله.
الموافق : هجري 10 محرم 1447 – ميلادي 05 يوليو 2025.✍️✍️
إلا أن يخرج الرجل بنفسه وماله ، في رواية :
وفرسه فيرجع دون ذلك.
العمل الصالح في هذه الأيام أحسن من الجهاد في سبيل الله ولا يستثنى من ذلك إلا صورة واحدة ، وهذه الصورة كان يفعلها بعض المقبلين على الدار الآخرة ، الطالبين الاستشهاد في سبيل الله ، من السابقين الأولين ، لما يحمى وطيس المعركة ويمشي حتى يقتل في سبيل الله فيخرج بنفسه وماله ولا يرجع ، فهذا الذي عمله على هذا الحال هو الذي عملهُ يَـفضُل الذي يعمل في العشر الأوائل من ذي الحجة ، وأما إن جاهد ورجع ؛ لا ، فإن العمل الصالح في العشر الاوائل من ذي الحجة أفضل من الذي يجاهد في سبيل الله ويعود إلى أهله.
فإذاً العمل الصالح في العشر الأوائل من ذي الحجة من أجلِّ الأعمال وأفضلها ، وقد فاضل العلماء بين العمل الصالح في العشر الأواخر من رمضان ، والعشر الأوائل من ذي الحجة ، ودائما المفاضلة الصواب فيها التفصيل ، فقالوا :
العمل الصالح في ليالي العشر الأواخر من رمضان أحب إلى الله تعالى من العمل الصالح في ليالي الأوائل من ذي الحجة.
فقالوا :
والعمل الصالح في نهار العشر الأوائل من ذي الحجة أحب إلى الله تعالى من العمل الصالح في نهار العشر الأواخر من رمضان.
وقالوا :
فُـضِّلت ليالي رمضان بليلة القدر ، فليالي رمضان أحسن من أيامه ، وأما نهار العشر الأوائل من ذي الحجة أحسن من نهار رمضان ، عِلماً بأن ليالي العشر من ذي الحجة عظيمة ، وهي المرادة بقول الله عز وجل:
{وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)} [الفجر : 1-2]
فالليالي العشر هي الليالي العشر الأوائل من ذي الحجة ، ورد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وصححه بعض الحفاظ وذكر هذا جمع كبير من السلف ، فالعشر الأوائل من ذي الحجة الأيام فضيلة فيها ، والعاقل لا يضيع دقيقة من دقائقها ، وإنما يستفيد من كل لحظة منها ، وإن لربكم نفحات في دهركم فتعرضوا لها ، فالسعيد من تعرَّض لهذه النفحات في هذه الأيام التي هي من أيام الله عز وجل.
وثبت في سنن أبي داود عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم التسعة من ذي الحجة ، واختلف الشراح كما في عون المعبود ، ما معنى تسعة ؟
فمنهم من قال المراد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم التاسع ، والتاسع هو أهم هذه الأيام وهو يوم عرفة اليوم الذي الله يتجلى فيه للخلق ، ويغفر للخلق جميعاً ، وليست الرحمة خاصة بأهل عرفة ، وقد صنف الحافظ ابن حجر “قوة الحجاج في عموم المغفرة للحجاج” ، بيَّـن في هذه الرسالة ، وهي مطبوعة ان الرحمة تعم الخلق كله.
ولذا ورد في الحديث ما رؤي الشيطان أدحر ولا أصغر ولا أحقر منه في ذلك اليوم ، لكثرة ما يعتق الله عز وجل ، وهذا اليوم التاسع هو يوم الحج الأكبر يوم عرفة ، يسن لغير الحجيج أن يصوموه.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي قتادة الأنصاري :
أن من صام يوم عرفة غفرت له ذنوب سنتين ، السنة الماضية والسنة التالية.
وثبت أن من صام يوم عاشوراء غفرت له ذنوب سنة واحدة.
سئل ابن الجوزي وكان دقيقاً ذا ذكاء قال لماذا يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين ، ويوم عاشوراء يكفر ذنوب سنة ؟
فقال رحمه الله :
يوم عرفة يوم مُـحَمدي ، ويوم عاشوراء يوم مُـوسَـوِيّ.
فلما كان محمد صلى الله عليه وسلم أفضل من موسى ؛ كان يومه أفضل من اليوم نجى الله تعالى فيه موسى
عليه السلام ، وقال أهل العلم أما الحاج فيحرم أو يكره صيام يوم عرفة في حقه ، واختلف الأصحاب رضوان الله تعالى عليهم :
هل كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف على ناقته في عرفة ، هل كان صائماً أم مفطراً ؟
وبعض الناس موفق ، ومنهم أم الفضل بنت الحارث رضي الله تعالى عنها ، لما سمعت اللجة والخلاف بين الأصحاب ، لماذا الخلاف والنبي ﷺ بين ظهرانينا ؟!
فكانت موفقة ، النبي صلى الله عليه وسلم تعرض للشمس.
جاء في الحديث :
«أنَّ نَاسًا تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَومَ عَرَفَةَ، في صِيَامِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: هو صَائِمٌ، وَقالَ بَعْضُهُمْ: ليسَ بصَائِمٍ، فأرْسَلْتُ إلَيْهِ بقَدَحِ لَبَنٍ، وَهو وَاقِفٌ علَى بَعِيرِهِ بعَرَفَةَ، فَشَرِبَهُ ».
الراوي : لبابة بنت الحارث أم الفضل | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم : 1123
فالنبي ﷺ شرب ، فكان صلى الله عليه وسلم وهو حاج ليس بصائم ، وإنما كان مفطراً.
ولذا قال أهل العلم :
الصيام في حق الحاج إما مكروه وإما حرام.
وأرجح القولين عندي أن الصيام للحاج يوم عرفة حرام.
لما قاله صلى الله عليه وسلم : ” يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام ، وهي أيام أكل وشرب ” رواه الترمذي ( 773 ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وأخيراً وقد أدركنا الوقت أنبه على مسألة مهمة جداً ، واستنبطها من هذا الحديث
عن النبي صلى الله عليه وسلم : ” إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر ” وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
قال يوم النحر ولم يقل عيدنا،ففيه النحر للأضاحي،
فالتقرب إلى الله بالذبائح فيه خير عظيم
يوم النحر يحرم صيامه ، يوم النحر اليوم العاشر ، قال بعض الموفقين من المحررين المحققين من العلماء ، قالوا :
الأيام التسع ، الأوائل ذي الحجة هي مقدمات لفضل يوم النحر ، حتى تدخل على أفضل يوم :
يسن لك أن تتدرج في الدخول ، فيكون حالك مع ربك في اليوم العاشر أحسن حال ، وأن تكون المقدمات من التسع الأوائل ، واليوم العاشر يوم حظ نفس ، يوم فرح ، يوم أضاحي ، وأيام منى أيام أكل وشرب ، في رواية عند الدارقطني فيها ضعف وبعال.
هذا يوم حظ نفس ، اليوم العاشر ، فالسعادة ليست فقط بأن تحرم نفسك ، اليوم العاشر ، يوم تصل فيه رحمك ، تذكر الناس ، تكثر فيه من تكبير الله ، سواء التكبير المقيد بعد الصلوات ، أو التكبير المطلق بعد الصلوات ، ويسن كثرة ذكر الله في هذه العشر.
وكان ابن عمر وأبو هريرة كما علق البخاري ، يذهبون للسوق من أجل أن يكبروا ، فيكبر الناس بتكبيرهم ، فهذه الأيام العشر قال النبي صلى الله عليه وسلم فيها في رواية عند أحمد فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتسبيح ، أكثروا من من ذكر الله.
لسانك لا يزال رطباً بذكر الله ، يا ليت نذكر الله كما يذكر بعض الذين يطعنون في الناس ، ويغتابون ، وينمون ، لا هم لهم إلا اللسان وذكر الكلام في الناس ، تعلم من هؤلاء بأن تحول لسانك الى محطة في التزود لليوم الآخر وكثرة الحسنات.
وسبحان الله كل عضلة تعبت في أعمالها تتعب إلا اللسان ، فاللسان كثرة الذكر لا يتعبك أبداً ، فلا تتعب ما أجمل وأنت واضع رأسك على الوسادة قبل أن تنام تخرج روحك ، وأنت تذكر.
هذه الليلة تكثر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهي من العمل الصالح ، وفي غيرها تكثر من التسبيح والتهليل والتكبير.
أسأل الله أن يوفقنا وإياكم ، هذا دلالة واضحة جلية لكل عاقل ، نسأل الله أن نكون من العقلاء.
أن موضوع الذكر وموضوع العمل الصالح ؛ نور القلب إن كان ذلك بالنية الصالحة ، هو توفيق من الله ، إنما هو توفيق من الله ، أسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الموفقين.
الجواب:
قيمة نصاب المال ثمن خمسة وثمانين جرام ذهب خالص بمعنى عيار أربعة وعشرين الذي معبر عنه في النصوص عشرين مثقال، وسيأتي هذا في درسنا القادم.
والخمسة وثمانون ذهب خالص عيار أربعة وعشرين يساوي واحد وتسعين جرام ذهب معيار واحد وعشرين، والمعيار واحد وعشرين هو المعيار الشائع الدارج بين الناس.
تسأل بائع الذهب عن ثمن جرام ذهب عيار واحد وعشرين، وأضرب ثمن الجرام الواحد بواحد وتسعين يكون هذا مبلغ النِصَاب بمعيار الذهب. وأما الفضة فسنأتي لتفصيله في درسنا القادم، وذكرناه في الدروس السابقة لما ذكرنا نصاب الزكاة مقدار الزكاة في معيار الفضة خمسمائة ونيف، من معه خمسمائة دينار ونيف فعليه الزكاة.
واختلف أهل العلم: هل العبرة بمعيار الذهب أم بمعيار الفضة؟
فالذي ذهب إليه الحنفية وقلت لكم واحفظوا هذه القاعدة وأبقوا على تذكر منها، أي سؤال تسأله عن أحكام الزكاة، غلِّب مصلحة الفقير، وقُل هذا مذهب الإمام أبي حنيفة تصيب.
إلا في مسألتين:-
المسألة الأولى :زكاة مال الصبي.
والمسألة الثانية: زكاة مال المجنون، فمن جُنّ وعنده نصاب فلا زكاة عليه عند أبي حنيفة، ومن ورث مالاً وهو صبي ولم يَبلُغ فلا زكاة عليه، فقط هاتين المسألتين. فمذهب الإمام أبي حنيفة يقول: أقل النصاب إن كان الذهب فالعبرة بالذهب، وإن كان الأقل الفضة فالعبرة بالفضة.
واليوم الفرق كبير ما بين النصاب من الفضة والنصاب من الذهب، فنصاب الفضة أقل، فمذهب أبي حنيفة العبرة بزكاة الفضة، يعني قرابة خمسمائة دينار، وهذا إختيار اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء في المملكة العربية السعودية، وكان يفتي بهذا فضيلة الشيخ شيخنا الشيخ إبن باز وشيخنا الشيخ إبن عثيمين، وعلماء الحجاز يقولون بالأقل، فهم يقولون الواجب الأقل.
يعني الذي عنده قرابة خمسمائة دينار، يعني الفين ونصف ريال سعودي تقريباً.