هل يجوز أن يعطى أخ أكثر من أخ بالعطية بسبب الغربة والظروف الصعبة، علما برضى باقي الأخوة؟
الجواب:
إذا كان هناك حاجة كالتعليم مثلا فيما يظهر لي من الأخوة، النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما شفاء العي السؤال (سنن أبي داوود ٣٣٦ وحسنه الألباني.)
فالوالد لو أنفق على ولده لتعليمه، أو لتطبيبه أكثر من سائر إخوانه فلا حرج في هذا، فهذا من الواجبات المناطة التي اناطها الشرع بالوالد، أما مجرد العطية فلا تشرع إلا بالسوية، لحديث النعمان بن بشير لما نحل ولده نحلة فأشهد النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم إني لا أشهد على جور، وفي رواية قال له انحلت سائر أولادك مثله، ألا تحب أن يكونوا لك في البر سواء.
(البخاري ٢٦٠، مسلم ١٦٢٣)
قال بعض الشراح:
قوله في البر إشارة إلى أن هذا حق لله، وليس حق للعبد.
وهاهنا اختلف العلماء لو أن سائر الأولاد رضوا فهل العطية جائزة أم لا.
إن كانت حق للعبد جازت، وإن كانت حق لله إن رضوا لا يجوز، وبالأول قال المالكية والحنفية، وبالثاني قال الحنابلة.
والذي أراه أن السوية في العطية واجبة، إلا فيما أوجب الشرع على الأب من تطبيب وتعليم وما شابه، وما عدا ذلك فالأصل في العطية أن تكون بالسوية.
والذي أراه أن العطية حق لله، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: اعدلوا بين أبنائكم. (سنن أبي داوود ٣٥٤٤ وصححه الألباني)✍?✍?
السؤال التاسع: هل يجوز أخذ القرض الحسن والذهاب للحج بهذا المال؟
الجواب: أيهما مقدم حق الله أم حق العبد.
رجل معه مال وعليه دين، إن ذهب للحج وحل موعد الدين.
فالدين قسمان: دين حال.
دين ليس بحال.
الدين الحال الذي له وقته، حل الدين، ولا يستطيع أن يحج، وأن يؤدي الدين معا، ماذا يقدم ؟
فيقدم الدين ‘ حق العبد ‘، ولا يحل له أن يحج حتى يستأذن صاحب الدين.
إذا كان الدين غير حال، ويستطيع إن حل موعد الدين أن يسد فلا يلزمه أن يستأذن، وهذا شأن أخوانا التجار، كل أخوانا التجار لهم وعليهم ويحجون والديون بينهم في المصالح قائمة، والديون قائمة.
لكن رجل عليه دين ويسر الله له الحج والكلفة من غيره ، شخص قال : أنا أريد أن أحج، وأريدك تتفضل معي وتحج على حسابي، أو قال له خذ هذا المبلغ هدية مني لك، بل لو أن الأخ أعطاه من زكاة ماله لجاز، ” يا من عندك مال في هذه العشر ورأيت رجلا فقيرا يستطيع أن يحصل على تأشيرة حج ويمنعه من الحج المال أدي زكاة مالك له فهذه قربة وهذا مصرف من مصارف الزكاة، لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ” الحج من سبيل الله ” وهذا دليل جواز على أن يكون الحج مصرف من مصارف الزكاة.
فهذا الذي عليه دين إذا رجل تبرع عنه ليحججه أو عطاه مالا هل يلزم أن يستأذن صاحب الدين ؟
لا يلزم .
لكن لو رجل لا يستطيع أن يحج إلا بالدين فذهب للرجل الغني وقال يا أبا فلان أريد منك قرض حسن أذهب أحج ومتى يسر الله لي سددتك إياه، فهل يجوز للرجل أن يقترض ليحج؟
أجمع أهل العلم على عدم الوجوب، ما من أحد من أهل العلم قال يجب على الفقير أن يستدين حتى يحج هذا الأمر مجمع عليه .
واختلفوا في الجواز، والراجح الجواز إذا أذن المقرض ويعلم أنك فقير وتريد أن تحج وأذن لك فلك ذلك. ومن أحسن ما وقفت عليه من الأجوبة هو جواب سلفي قال به بعض التابعين وهو بكر بن عبد الله المزني – رحمه الله تعالى – لما سُئل هل يجوز للرجل أن يقترض ليحج؟
فقال : نعم ، فالحج أقضى للدين، لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ” تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر نفيا ” فالذي عليه دين وبقي يتابع بين الحج والعمرة فهذا ينفي الفقر نفياً، فإذا انتفى الفقر حصل سداد الدين، فإذا اقترضت لتحج وأنت صاحب يقين فحينئذ هذا أقضى للدين، فمن سبب قضاء دين
الرجل المعسر أن يحج وأن يعتمر وأن يقارب بينهما، فإن أذن المقرض فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى .
الشرعُ حرَّم اقتناءَ الكِلاب، وأمر بقَتْلها إلا الكلب الأسود البَهِيم، ورخَّص في كلب الصيد والماشية والزرع.
فهذا الترخيصُ يشمل البيعَ والشراءَ، أم يشمل الاتخاذَ دون بيعٍ وشراء؟
فهذا وقع فيه خلافٌ بين أهل العلم.
فالشافِعيّة والحنابلة:
يمنعون البيعَ.
والحنفيّة والمالكيّة:
يُجوِّزون البيعَ.
والأحاديث في النهي عن البيع خاصَّةً ثبتت في صحيح الإمام مسلم، بل بعْضُها في الصحيحين.
روى البخاري (2083) ومسلم (2930) «عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِن»ِ.
وفي صحيح مسلم (1568) عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «شَرُّ الْكَسْبِ مَهْرُ الْبَغِيِّ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ، وَكَسْبُ الْحَجَّامِ».
هل الشر الوارد في الحديث للتحريم أم أنه للخُبث؟
شرُّ طعامُ الوليمة التي يدعى لها الأغنياء دون الفقراء، وطعام الوليمة ولو لم يُدعى إليها الفقراء فهي حلال، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «شر الطعام طعام الوليمة…». رواه البخاري (5177)، ومسلم (1432).
فكلمة (خبيث) “كسبُ الحجام خبيث”، والنبيُّ صلى الله علي وسلم احتجم – حجمه أبو طيبة – وأعطى الحجامَ دينارًا، وقال: «كسبُ الحجام خبيث».
الحجام ليس له أن يطلب، ولكن إن أُعْطِيَ له أن يأخذ.
و لذا عُلماء الشافعيّة والحنابلة يقولون إن احتاج الإنسانُ لكلب صيد أو كلب حِراسة فيبحث عن من يستغني عنه، وله أن يأخذه لكن دون بيع وشراء.
اليوم الكلاب -أجلّكم الله- استخدامها واسعٌ لا سيّما في ديار الغرب – كما ذكر الجاحظ في كتابه (الحيوان) في الجزء الأول (ص370) فما بعد-.
الكبير (كبير السن) للأسف في الغرب يُحمل ويوضع في الملجأ ويُؤتى بدلًا منه بكلب، نسأل الله العافية.
والكلب يُعامل مُعاملة واحد من أفراد الأُسرة، بل -نسأل الله العافية- قد تُمارس أشياء أبشع وأشنع ما يمكن أن يخطر في البال.
لكن الكلب فيه فوائد ولاسيَّما الآن، تُفيد الكلاب المدربة في القضايا البوليسية، بل بعض الضريرين يشتري كلبا مُدَرّبًا إن أخذ بيده فيوصله إلى بيته ويقطع به الطريق، والكلب مدَرَّبٌ أنه ما يخوض بهذا الإنسان أي مغامرة من المغامرات، فيأخذه فيمسكه ويرسله إلى بيته ويقطع الطريق وفيها سيارات وهو آمِنٌ، فهذا التدريب له قيمة.
والقلب يميل إلى مذهب الحنفية والمالكية.
وألفاظ الشرِّ والخُبْثِ الواردة في الأحاديث تُحمل على التزهيد في ثمنها، وعلى نزع البركة من ثمنها، ولكن لا يلزم من ذلك أن تكون حرامًا.
والله تعالى أعلم.
◀ المجلس السادس من مجالس شرح نيل المرام من أدلة الأحكام.
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس
الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍?✍?
السؤال الثامن عشر :
متعهد بناء ألزم نفسه بعقد بناء منزل، ولكنه لم يلتزم بالمدة الزمنية للعقد، فتأخر سنة كاملة، فتضرر صاحب المنزل وكانت غرامه التأخير خمسين دينار لليوم الواحد.
هل يجوز شرعا أخذ هذه الغرامة وهي ثمانية عشر ألف دينار ، علما أن تكلفة المشروع خمسة وأربعون ألف دينار، وعند سؤال أهل القانون أخبروا بأن القانون يلزم المتعهد بدفع الغرامة؟
الجواب:
أولا : اعلموا أسأل الله أن يعلمنا وإياكم: أن الاصل في المعاملات الحل ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: “الزعيم غارم”. سنن أبي داود(٣٥٦٥) وصححه الألباني.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: “والمسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما”.سنن الترمذي(١٣٥٢) وصححه الألباني.
وقَالَ عُمَرُ : مَقَاطِعُ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ.
هذا الأثر أخرجه البخاري في صحيحه تعليقا في موضعين:
– الأول : بَابُ الشُّرُوطِ فِي الْمَهْرِ عِنْدَ عُقْدَةِ النِّكَاحِ.
– والثاني : بَابُ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ.
فإذا أخذ على نفسه هذا -دفع الغرامة – بطيب نفس، فهو ملزم شرعا.
فهو زعم أنه سيكمل (البناء) ولكنه لم يكمل، والشرط يقول أنه في كل يوم عليك كذا وكذا وهو قَبِل، والأصل في المعاملات الحل، ولا حرج.
فيدفع حتى يتعلم مرة أخرى، إلا إذا اصطلح أهل العرف بأن سبب تأخره شيءٌ هو لا يلام عليه.
بمعنى أنه يمكن أن يقع سبب فيُنظر فيه، فقد يكون السبب هو صاحب البيت (غيّر، بدّل) في البناء، على العقد الذي بينهم، فالعقد تغير والمدة يجب أن تتغير، والذي يقضي في هذا الأمر هم أصحاب الخبرة من الثقات.
أما الأصل في المعاملات: الحل وليس الحرمة.
والله تعالى اعلم.
السؤال الثالث: رجل اقترض من آخر ألف دينار لمدة شهر، وبعد شهر أعاد الألف دينار للشخص، وأعطاه مئة دينار من غير أن يطلب صاحب المال، فهل في هذا شيء؟
الجواب:
إنسان كان بحاجة؛ فاضطر أن يستدين، ثم وسع الله عليه فأعطاه، فقال: هذا أعطاني ألف دينار، أُعطيه الألف دينار وأعطيه المئة دينار، أو أعطيه شيئا زائدا،
وهذا الشيء الزائد ليس شرطا بيني وبينه.
– إذا كان شرطا: أصبح ربا.
– وأما إن لم يكن شرطا وإنما أعطاه من طيب نفس: فهذه هي السنة.
لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ”. رواه أبو داود (١٦٧٢). وصححه شيخنا الألباني.
هذا شيء ينبغي أن يكون خلقا عند المسلم لا يحيد عنه.
كل من صنع لك معروفا ينبغي أن تكافئه.
وتكافئه بالذي تقدر عليه، ولو كان أقل الأحوال الدعاء، أن تقول له: جزاك الله خيرا.
أن تدعو له في الغيب.
ولذا من الحسن بمكان: أن العبد لما يرفع يديه ويدعو إلى الله عزوجل يدعو لمن له فضل عليه.
اللهم اغفر لي ولوالدي ولمن له فضل علي.
– ممن علمك ممن رباك ممن أحسن إليك ممن أنفق عليك.
– ممن كان صاحب معروف عليك كيفما كان.
فالمسلم كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم قال : “من صنع إليكم معروفاً فكافئوه”.
علم أولادك من أحسن إليهم ومن صنع لهم معروفا أن يقولوا له: جزاك الله خيرا.
شكرا يا فلان.
هذا خلق محبوب إلى الله سبحانه وتعالى.
ولذا إذا اقترضت من غير شرط وأردت أن تكافئ من اقترضت منه، بأي طريقة.
تريد أن تكافئه بهدية بأي شيء، فهذا أمر لاحرج فيه إن شاء الله تعالى.
شخص أخذ مني فلوس بعملة بلدي، وأخبرني بأنه سيسددها في يوم كذا، بما يعادل قيمتها بالدولار في ذلك اليوم، لأن سعر الدولار يختلف من يوم لآخر، ووافقت على هذا، فهل هذا ربا؟ وهل يجوز ذلك؟
الجواب:
الشرع وسع براءة الذمة، والشريعة معللة.
أسألكم:
رجل أخذ مبلغا وتواعد مع الآخر أن يسدده في وقت معين، فجاء الوقت فصاحب الدين قال لمن أراد أن يدفع له المبلغ: أنا مسامحك، أنا لا أريد شيء، يجوز أم لا يجوز؟
أحد الحضور: يجوز.
طيب لو أعطاه بالدولار؟
هنا المسألة فيها مشكلة وبعض الأخوة لا يفهمون المسائل فهما صحيحا شرعيا.
دعنا من الدولار.
أعطاه كرسيا أو أعطاه طاولة أو أعطاه أثاثا مقابل الدين هل يجوز أم لا يجوز ؟
أحد الحضور: يجوز.
لماذا يجوز؟
لأن الشرع حرص على تبرئة الذمة.
يحرم شرعا الصرف إذا كان هذا الصرف آجلا ولا يكون يدًا بيد.
يعني: أنا أشتري منك دولار أو ريال أو درهم، يجب أن يكون يدًا بيد، لأن الدينار والدولار تختلف قيمته.
لكن أنا الآن العلاقة بيني وبينك هي علاقة دين وليست صرفا (ليست تحويل عملة)، أنا لي عندك (1000) دينار، وعند السداد طلبت هذه (1000) دينار فلم أجد هذه (1000) دينار فأعطيتك قيمتهم بالدولار، أو بالمبلغ المتفقين عليه أنا وإياك بالدولار، وبرئت الذمة فهل هذا مشروع؟
مشروع قولًا واحدًا من غير إشكال؛ لأن العلاقة بيني وبينك هي علاقة دين وليست علاقة صرف.
أما إذا كانت صرفًا ففي الشرع يجب أن يكون يدًا بيد.
لذلك بعض الإخوة يعتقد (وهذا من الغفلة و الجهل) أنه يحرم شرعًا أن أشتري ملح دينًا.
من الذي قال أنه يحرم شرعًا شراء الملح دينًا؟
الملح إذا استبدلته بملح ينبغي أن يكون يدًا بيد مثلًا بمثل.
أما دين القمح، ودين الملح كله مشروع.
البر بالبر لا يبدل إلا مثلًا بمثل، لكن واحد يستدين بُرًا أو يشتري طحينًا دينًا هل هذا ممنوع؟
ما أحد يقول بالمنع.
أو حتى التمر بالتمر فينبغي أن يكون مثلًا بمثل، والزبيب أيضًا.
لكن استدانة البر واستدانة الشعير واستدانة التمر واستدانة الزبيب فهذا لا حرج فيه.
فبعض الأخوة لا يفرقون بالتدقيق في مثل هذه الأحكام.
السؤال الثامن:
هل يجوز العمل بالتقسيط مثل شخص يحتاج لبطارية سيارة، وأنا أشتري البطارية وأقسّط البطارية لهذا الشخص مع ربحي عشرين بالمائة؟
الجواب:
مشاكل الناس في الدنيا مشاكل عويصة، أنت يا من تشتري بطارية السيارة لفلان، هل أنت تاجر بطاريات؟ أم أنك تترصد حاجات الناس، وبدل ما تعطيهم قرض تبتزّهم وتأكل أموالهم بالباطل؟
إذا ما كنت تاجر سيارات تنتظر حاجات الناس، ايش الفرق: بين أن تعطيه مائة دينار وتأخذ منه مائة وعشرون ديناراً، أو تذهب على من يبيع البطاريات وتقول له: احمل البطارية وأنا أدفع وأعطني مائة وعشرون؟ ايش الفرق؟
أو تذهب أنت وأنت تُلزمه بأن يشتري منك، وتدفع المائة دينار للتاجر وتحملها له وتلزمه بالبيع وأنت لا تملك السلعة؟ ايش الفرق؟ ما في فرق! الفقيه يقول: لا فرق.
إذا كنت تاجر بطاريات وتبيع وتشتري مثل سائر الناس لا حرج، والخلاف معتبر في موضوع التقسيط، شيخ الإسلام وابن القيم وجماعة من أهل العلم يجوّزون الزيادة بعد أن تملك السلعة، والذي يميلُ إليه القلب المنع.
لكن أنت لا تملك شيئاً وتنتظر حاجات الناس وتبتزّ الناس وبدلاً من أن تفرّج على الناس تبيع بيعاً ليس بيعاً حقيقياً وإنما هو بيع وهمي فهذا هو الممنوع
والله تعالى أعلم.
أخ يقول: الزكاة المستحقة التي مضى عليها الحول هل يجوز لي أن أدفعها لمستحقيها على أقساط وذلك لصعوبة دفعها بالحال، ذلك لأن الملابس والمبلغ قد يكون كبيرا؟
تعليق من الشيخ :
الظاهر أن الأخ عنده محل بيع ملابس، وبيع الملابس يجوز لمن يملك عروض التجارة التي بلغت النصاب ومضى عليها الحول أن يؤدي زكاة ماله عروض تجارة وهي الملابس لهذا التاجر.
واحد عنده ملابس، وعنده مبلغ مال بلغت النصاب ومضى عليها الحول.
الجواب: أن الأصل في الزكاة أن تُدفع حالا، ولا يجوز تأخيرها، ويجوز لك أن تدفع زكاة مالك قبل وقتها.
مثلا أنا حولي في رمضان إذا جاء رمضان يجب علي أن أدفع زكاة المال،لكن لنقل من -شوال- بعد رمضان مباشرة، لزكاة السنة القادمة، يجوز لي أن أُخرجها بالأقساط، أدفع كل شهر لعائلة -مثلا -فقيرة عائلة محتاجة أدفع لها شيئا والشهر الثاني كذلك والثالث كذلك يصل رمضان كم دفعت؟ وكم بقي؟.
مثلا علي زكاة (٢٠) ألف دفعت (١٥) ألف يبقي (٥) الأف، أدفع (٥)آلاف في رمضان.
أما أن تجب علي الزكاة -وهذا هو سؤال الأخ- و أنا الآن لا أُخرجها، و إنما أدفعها بالأقساط فهذا خطأ.
الأصل في دفع الزكاة أنها مؤقتة بوقت، فاذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، مجرد أن يحول الحول يجب أن تدفعها، تدفعها مرة واحده ثم تبدأ تقسط الزكاة عن السنة القادمة لا عن السنة الماضية سواء ملابس أو مال.
مداخلة من أحد الحضور:
ماذا يصنع صاحب المحل إذا كان لا يملك النقد اللازم للزكاة؟
الشيخ: تقصد مثلا: تاجر ويقول عندي مال، كيف هو لا يملك ؟
السائل: عنده بضاعة.
الشيخ : الآن رجل ما عنده مال حتى تقول لا يملك ليس عنده نقد ،لكن عنده عروض تجارة (بضاعة) ماذا يعمل؟
الجواب:
عروض التجارة يزكيها تجارة.
ما معنى تجارة؟
إن كانت هذه العروض تنفع الفقير فيدفعها من العروض.
مثلا إنسان عنده بقالة ففيها طعام فيخرج قيمة الزكاة (٢.٥%) من جنسها سواء كانت طعام أو كانت ملابس أو ما شابه.
إنسان عنده أشياء لا تنفع الفقير، واحد عنده محل زجاج أو محل قطع سيارات وحال عليها الحول، وهي -عروض تجارة- هذا كيف يزكيها؟
الجواب: لما يبيع يزكي نقدا، ويندر جدا أن تكون هذه السلع لا تُباع بالكلية-.
مداخلة من أحد الحضور:
شيخنا -بارك الله فيك- سؤال يتعلق بعروض التجارة: أول شيء عروض التجارة هل تقوّم بسعر الكُلفة أم بسعر البيع- هذا واحد.
ثانيا إذا كان هذا التاجر عنده بضاعة كاسدة، يعنى لا تُباع فهل تدخل في النِصاب أم أنها لا تُزكى؟
الجواب:
أنت حللت لنا عُقدة السؤال الأول والسؤال الثاني.
عروض التجارة هل تحسب بسعر البيع أم بسعر الشراء؟
مثلا أنا اشتريت تجارة وكلفتني القطع (٢٠) دينار، وأصبحت الآن أبحث عن من يشتريها ب (٥) دنانير أنا الآن ماذا أملك؟
أنا الان أُزكي ما أملك، أنا الأن في عروض التجارة أُزكي ما أملك، ما أسأل عن المبلغ الذي اشتريت به، هذه واحدة.
ثانيا: عروض التجارة لا يلزم أن تحسبها قطعة فقطعة، أنا أملك بِضاعة ولو أتينا بأصحاب المهنة ،بأصحاب الديانة ممن يمتهنون هذه المهنة-كم أنا أملك لو أردت أن أتنازل عن العمل؟
مثلا: قلت أنا أريد أن أرتاح و أريد أن أبيع المتجر ،كم مُجمل ما تبيع به المتجر (قيمة البضاعة)؟
فهذا الذي تملكه هو (عروض التجارة) وعروض التجارة هي ماذا تملك من أشياء معروضة للبيع لو بعتها جملة واحدة كلها كم يكون؟ تزكي، والأحوط أن تزيد عن هذا الحِسبة، لكن من فعل الزكاة وحسبها على هذا الحساب فقد برئت ذمته.
أنا أملك بضاعة وقد تقدر عند أهل الخِبرة بقيمة كذا فأديت زكاتها برئت ذمتي، وتقدر في وقت بيعها، أنا ممكن أشتري قطعة ب (٢٠) دينار وتصبح ب (١٠٠) دينار (عند بيعها) أنا كم أملك الآن؟
أنا أملك (١٠٠) دينار .
وقد أشتري بضاعة ب (٢٠) دينار وتصبح ب (٥) دنانير فأنا أُزكي ماذا الآن؟
أُزكي الشيء بقيمته في وقت زكاته.
ممكن هذه السنه أحسبها ب (٥) دنانير، الموديل فسد ما عليه طلب فأصبح ما عندي مال حتى لو جائني رجل و قال لي أريد أن أحمل هذه البضاعة أقول له احملها بدون ثمن ، ما تملك شيء الآن.
فالموضوع جوابه يدور مع العُرف في قيمة هذه البضاعة في أعراف التُجار.
إذا أصبح هذا المال ليس مالا وليس له قيمة ما عليك زكاة، القيمة السوقية (للبضاعة) اليوم لا تساوي شيئا هذه البضاعة مالها وزن مالها ولا شيء، فتقول العوض بالله عز وجل، ما تملك بضاعة الآن، ما تزكي وهكذا.
السؤال الثاني عشر:
لدي رأس مال أقوم بشراء السلع لمن لا يستطيع دفعها كاملا ، وأشتريها له وأدفع ثمنها من مالي نقداً (كاش)، وآخذ ثمنها منه بالأقساط مع الربح، ما حكم هذا العمل؟
الجواب:
هذا فيه آفتان :
آفة مُجمَع على تحريمها؛ وهي أن تبيع ما لا تملك، وأن تلزمه بأن يشتري، وأنت لا تملك السلعة.
يعني: واحد يقول أنا أريد ثلاجة و أنا ما معي مال، وتقول له أنا أشتري لك الثلاجة و أبيعك إيها بالأقساط و أزيد.
فتلزمه بشراء الثلاجة وأنت لا تملكها؛ هذا حرام بالإتفاق، هذا لا خلاف بين أهل العلم في حُرمته، أن تبيع الشيء و أنت لا تملكه.
و أغلب من يصنع هذا يُقلقه و يُزعجه و يُنفره، بل قد يقع الأمر إلى نزاع مع من وعدك بالشراء، ثم هو يعتذر بعد أن تشتري .
الآن أنا عندي ثلاجة، ما أريد ثلاجة، وأنا ما اشتريت الثلاجة إلا لك؛ فهذا وقع في المحذور.
و الفقيه يقول عن هذا الفعل : هذا يريد مال بمال بزيادة و أدخل السلعة؛ كما قال ابن عباس؛ لما سُئل عن نحو هذه المسألة فقال رضي الله تعالى عنه : « درهم بدرهم بينهما حريرة » .
و مُراده بالحريرة: سلعة؛ يعني البيّاع ما يريد سلعة، البيّاع ماذا يريد؟ يريد مالا .
مثال النكاح المحلِل و المحلِل له .
واحد طلق زوجته ثلاث طلقات، و صار يبحث على من يُحلِلها له، فذهب إلى واحد وقال له أن يتزوج طليقته يومين أو ثلاثة أيام، اسبوع اسبوعين، وشهر أو شهرين، و من ثم تُطَلِّق، هذه زوجتي ولكن أُريد أن تُحللها لي، فلا أحد يسأل لا عن أصله ولا عن فصله، لا يسألون عن شيء لا عن أخلاقه ولا عن دينه – تمثيليه-.
فهذا العمل أنا أشبههُ بالتيس المستعار – ولا حول ولا قوة الا بالله – .
سلعة ادخالها إدخالا صوريا لا ادخالا حقيقيا؛ وهذا ممنوع شرعا.