هل الشهرين المتتابعين على الزوج والزوجة، أم على الزوج؟
النبي صلى الله عليه وسلم أمر الزوج، فالأصل في المرأة أن تكون مطلوبة لا طالبة.
إلا إذا تخيلنا أن المرأة هي التي طلبت، وهذا عسر.
فالنبي صلى الله عليه وسلم سكت عن المرأة، وأمر الزوج أن يصوم شهرين متتابعين، والذي لا يستطيع الصيام يطعم ستين مسكينًا.
ويجب عليهما -أي الزوج والزوجة- قضاء يوم.
والواجب الإمساك؛ يعني لو حدث جماع: يحرم الأكل والشرب في نهار ذلك اليوم.
وهذا الكلام إذا صار في نهار رمضان من غير عذر شرعي.
فقهائنا لهم أحاجٍ وألغاز.
يقولون: هل يمكن لرجل مقيم، غير مسافر، مصح غير مريض، أن يطأ زوجته بالحلال في نهار رمضان؟.
نعم ممكن.
قالوا: كيف؟
قالوا: رجل جاء من السفر، فكان مفطرا، فوجد زوجته قد طهرت، وهي مفطرة من الحيض، طهرت في نصف نهار رمضان، في منتصف النهار، اغتسلت لتصلي.
قالوا: فيحل له أن يطأها حلالا، وكلاهما مقيم، مصح غير مسافر، ولا مريض.
وهذه صورة مستثناة وهذه من أحاجي الفقهاء وألغازهم.
الألغاز والأحاجي موجودة في كتب الأشباه والنظائر، في كتاب خاص اسمه الأحاجي والألغاز.
والأحاجي والألغاز هي مساج للعقل، وتعطي الإنسان ملكة فقهية.
السؤال السابع: هل من قيود تضبط الوقوف على الظاهر وإعمال المعاني؟
الجواب: إعلام الموقعين لابن القيم، والمبحث طويل ويحتاج لمحاضرة وأكثر.
لكن اعلم علمني الله وإياك أن الشريعة معللة ومن علامات تعليل الشريعة أمران افتتح بهما ابن القيم كتابه:
الأمر الأول: الأمثال في القرآن.
الأمر الثاني: الرؤى والمنامات.✍?✍?
السؤال الخامس : ما الفرق بين الأخذ بالظاهر والجمود على الظاهر؟
الجواب :
فرق كبير بين الأخذ بالظاهر والجمود على الظاهر.
الأخذ بالظاهر محمود، أما الجمود على الظاهر مذموم.
والجمود على الظاهر أن يأذن لك الشرع بأن تتوسع في المعنى فتجمد عليه.
وهنالك مبحث نفيس جدا عند الإمام ابن القيم في إعلام الموقعين (أخطاء المتوسعين في المعاني وأخطاء الجامدين على الألفاظ) وفصّل و استرسل، وهذا المبحث يستحق رحلة، يعني أنك لو لم تستفد من إعلام الموقعين إلا هذا المبحث ورحلت إليه فهو يستحقه فكيف الآن وأنت تقرأ إعلام الموقعين وأنت في بيتك تشرب الشاي وتقرأ من دون تعب، فهذا المبحث حقيقة يحتاج لقراءة.
وأضرب لكم مثلا ذكره ابن القيم رحمه ا لله حديث النعمان بن بشير في الصحيحين لما جاءه الرجل فقال للنبي عليه الصلاة والسلام ومنه يتضح السؤال متى الأخذ بالظاهر والجمود على الظاهر وسأمثل في المثالين المذكورين عند ابن القيم في الأخذ والجمود.
ففي الصحيحين عن النعمان بن بشير قال يا رسول الله إني نحلت أحد أبنائي نحلة -يعني أعطيته عطية-، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: ألا تحب أن يكونوا لك في البر سواء.
قال: بلى.
قال: أشهد غيري.
وفي رواية قال: إني لا أشهد على جور، -أي على ظلم-.
قال ابن القيم رحمه الله:
ألا تحب أن يكونوا لك في البر سواء، قال هذه اللفظة -ألا تحب أن يكونوا لك في البر سواء – تأذن بمنع العطية في حق الأم أيضا، يعني يحرم على الأب أن يخص أحد أولاده بعطية، ويحرم أيضا على الأم أن تخص أحد أولادها بعطية.
لو أن أحدا قال أنا أقول: الأم لا يشملها الحديث.
نقول له أنت جمدت على الظاهر، هذا جمود على الظاهر وأنت جمدت على الظاهر، لأن النبي عليه الصلاة والسلام أذن لك بأن تتوسع بقوله: ألا تحب أن يكونوا لك في البر سواءا، فالبر يشمل الوالد ويشمل الوالدة.
فهذا الحديث من أخذ بالظاهر فمنع الأب أن يعطي ولداً من أولاده هذا أخذ بالظاهر، فإن ألحق به الأم لم يجمد عليه وأخذ بالظاهر ولكنه لم يجمد عليه، فإذا اقتصر على الوالد دون الوالدة جمد على الظاهر وهذا خطأ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام أذن بإلحاق الأم بالوالد.
أما الأخذ بالظاهر المحمود فهو قوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرج البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم/ ( العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه إلا الوالد لولده).
الوالد متى أعطى أحد أولاده عطية فله أن يرجع عنها، وله أن يأخذها.
هل الأم إن اعطت عطية لها أن ترجع؟
الجواب: لا، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال ( إلا الوالد)، فالوالدة مستثناة، فالوالدة إن أعطت -الأم عاطفية- فالشرع قال لها إذا أعطيتي ممنوع تأخذي وممنوع ترجعي، أما الوالد فإن أعطى فله أن يرجع.
فهذا مثل من الامثلة وعلى هذا تقاس سائر الأمور.✍?✍?
? كلمة وتوجيه من فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حول إضراب المعلمين.
أولاً: المصلحة الخالصة والمفسدة الخالصة هذه الأيام نادرة، وهي كما يقولون قديماً: -أندر من الكبريت الأحمر-، ولا سيما المصلحة والمفسدة التي تخص المجتمع، التي لا تخص الأفراد، فقد تصفو لبعض الأفراد مصالح خالصة ومفاسد خالصة، والعاقل يلزم الأولى فعلاً، والثانية اجتناباً.
أما ما يخص المصالح العامة التي تكون في حق أغلب الناس، فالخالصة معدومة، وعُدمت من زمن قديم، والعلماء يحكمون بالمصالح الغالبة فعلاً، وكذلك بالمفاسد العامة تركاً.
الواجب على المسلم أن يُغلب المصلحة العامة، ويكون هذا الغالب بالمنظور الشرعي الصحيح، فالمفاسد الوهمية كثيرة، ولله سنة بأن المفاسد الوهمية يظهرُ زيفُها مع مُضي الزمن.
الناس حقيقة في ضغط، والإنسان يتذكر قول الله عز وجل في سورة الملك: *(( أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ ))*، وهذه سنة لله جل في علاه لا تتخلف، إذا الناس ضغطوا في موضوع الرزق، فردة فعل الناس، -والآيات عجيبة بألفاظها ومعانيها-، (بالمباني والمعاني)، قال: لجوا، ما اعترضوا، واللجج: اعتراض فيه صوت مرتفع، وحال من لجَّ، قال: عتو ونفور، عاتي ونافر.
ولو بحثت في كل معاجم اللغة تتكلم عما جرى مع المعلمين، وما سيجري في ظني في التاريخ القريب الذي نحن نعيش، سيكون الشعار هو اللجج والنفور، النفور من القوانين، والنفور ممن ينظم مصالح الناس العامة أو الغالبة، لأن من يزعم الآن ويقول أنا عندي مصالح خالصة للناس هذا كذاب، ولا يمكن أن يتحقق هذا ولا سيما مع الظروف التي تعيشها الأمة بعامة، وتعيشها بعض المجتمعات بخاصة، فالخير والمصلحة الخالصة ليست صحيحة.
الآن أنا أفهم من فحوى سؤال أخينا أن نبحث عن المصلحة الغالبة وليست المصلحة الخالصة.
فعلى من بيدهم القرار أن يفهموا الآية، وأن يعرفوا كيف ردة فعل الناس لما يضيق عليهم في أرزاقهم.
ولذا دائماً المسؤولين ومن بيدهم القرار إن أرادوا أن يسترضوا الناس فبالاستعطاف والعطاء حتى يميلوا الناس، هذا أسلوب معروف على مر التاريخ، أنه المعارض دائما يغدق عليه بشيء من مال، يغدق عليه بشيء من منصب، ولا يهمل الناس، ولا يتركون هملاً.
من المعلوم لدى الجميع أهمية المعلم، والمعلم إذا ما أكفي سينعكس هذا الأمر انعكاساً سلبياً على المجتمع، وهذا الانعكاس ليس خاصاً في هذه الفترة، وإنما سيتبع أجيال قادمة، وهذه الأجيال القادمة قد يمتد الأمر امتداد كبير، ولذا نحن عندما نتكلم عن المصلحة الغالبة، فالواجب -وقد قرأت في بعض البلدان كاليابان وغيرها أن راتب المعلم أكثر من راتب الوزير ، لأن هذا المعلم إن لم يكن مرتاحاً فسيهدم الأمة، وسيضرب بمعول من حديد في جذورها وأصولها، سيهدم مجتمعاً، سيهدم جيلاً، وهذا الجيل فقد التربية وفقد التعليم.
ونحن نتكلم عن موضوع المصالح الغالبة لا بد أن نراعي الأجيال، وأن نراعي موضوع من يدرس هؤلاء الأجيال.
لكن طريقة الأعتراض التي عندنا طريقة بأن تنعكس على المجتمع بما يسمى بالعصيان المدني، وبالانعكسات الخطيرة التي قد يتولد عنها، فهذا أمر مرفوض.
أنا مع المناصحة الحثيثة لكل من بيده قرار، ولكل من بيده كلمة، وتكون هذه المناصحة مدروسة، وتكون القرارات التي يُنصح فيها المسؤولون (واقعية)، بمعنى أن يكون بالمقدور تنفيذها من جهة، ومن جهة أخرى أن تكون رئيسة ولا تكون فرعية، وموضوع الرواتب أمر مهم ،ولكن الأهم من هذا موضوع المناهج، وموضوع الغيرة على الشرع، وموضوع الغيرة على الخُلق، والغيرة على الدين، وأن يكون هذا من المحاور التي ينبغي أن لا تقل عن موضوع الرواتب وما يُعطى للمعلم.
أصبحنا للأسف الكبير إذا رأينا مثل هذه الاحتجاجات نربطها بالقضايا المادية، ولا ينكر عاقل ما قلناه وأسلفناه في الآية، لكن الأهم من هذا القضايا الشرعية، والقضايا الخُلقية، وما شابه.
فنصيحتي للمعلمين أن يغلبوا المصالح العامة، وأن لا يعطلوا أمور قد لا قدر الله يكون من وراءها أن يتفلت الأمن، وتقع الفتن من وراءها، وتكون الفتن طاحنة، وتكون عامة.
لكن المناصحة لأولياء الأمور هذه من المسائل المهمة.
لا أرى موضوع النزول للشوارع العامة، وإغلاق الشوارع العامة، وشل الحركة، هذه طريقة لا أراها صحيحة، ولا أراها تحقق مصالح عامة، قد يجدون ،والأمر لا يحتاج مني أن أفصل، أولاً: لأني بعيد عن هذا الأمر، والأمر الآخر: المسألة تحتاج إلى تؤدة وتحتاج إلى مدارسة، وتحتاج أتخاذ اجراءات صحيحة، هذه الأجراءات الصحيحة تكون وفق منهجنا ووفق ديننا، وما ينبغي أن يكون فيها ضرر على الدولة ككيان، وتفلت الأمن، وثانيا على من لم يكن من أهل هذه المهنة، فيضرون الناس.
لهم طرق ولهم وسائل، وينبغي أن يتأنوا في ذلك، وينبغي أن تكون المناصحة مستمرة، وأن لا تنقطع هذه المناصحة.
هذه شنشنة وكلمة عامة، والمسألة تحتاج إلى مزيد كلام، وتحتاج إلى مشاورة أهل الأختصاص، ومن وجد أنه قد سُلب حقه، أو قد ظلم، فالواجب عليه أن يناصح من بيده هذه القرارات.
كلمة أهل العلم التي فيها تحرير، أن الخوارج ليسوا كفارًا.
وطَوَّلَ في هذا الباب جمع من المحررين وعلى رأسهم *ابن عبدالبرَّ* في كتابيه *الاستذكار والتمهيد*.
ولشيخ الإسلام مباحث نفيسة طويلة.
والشيء العملي من فِعل الصحابة، ومن فِعل أول من قاتل الخوارج وهو علي رضي الله عنه.
علي رضي الله عنه أمر أصحابه فقال: لا يُذفَّف جريحهم: إذا سقط الخارجي في المعركة لا يجوز للمسلم أن يقتله، أما الكافر إن سقط في المعركة فيجوز للمسلمِ أن يقتله، والخوارج لا تُنكح نسائهم، ولا تؤخذ أموالهم.
فالخارجي له حُرمة.
ولذا السلف الصالح ما كفروا الخوارج، ومن زعم أن الخوارج كفار، كفروهم ليس لأنهم خوارج.
يعني: لو نظرت في كتب الفرق تجد أن قسمًا من الخوارج مكفرون عند علماء أهل السنة.
والمكفرون من الخوارج الذين ينكرون سورة يوسف مثلًا: هذا كفرَ لإنكاره للسورة وليس لأنه خارجي.
ولكن وقع هذا الإنكار من باب الصفة الكاشفة أنهم خوارج فيقولون: الخوارج يكفرون لإنكارهم سورة يوسف.
غيرُ الخارجي لو أنكر سورة يوسف؟: يكفُر، فهو ما كَفَرَ لأنه خارجي، ولكنه كفر لإنكار السورة.
فالخوارج لا يُكَفَّرون.
وكان عليٌّ رضي الله عنه يقول: هم أقوام بغوا علينا.
وكان يقول في بعض الروايات فيها ضعف:هم إخواننا بغوا علينا.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لعلي رضي الله عنه أن (قَوْمًا يَكُونُونَ فِي أُمَّتِهِ، يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ ؛ سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ، قَالَ : ” هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ – أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ – يَقْتُلُهُمْ أَدْنَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ) البخاري ١٠٦٥.
فعلي قاتلهم.
النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أمتي.
والمراد من أمتي: أي من أمة الدعوة وليس من أمة الإستجابة.
والله تعالى أعلم
◀ المجلس السادس من مجالس شرح نيل المرام من أدلة الأحكام.
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس
الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍?✍?
السؤال الرابع: ذكرت أن لولي الأمر العفو عن حد الحرابة إن كان هناك مصلحة، لكن العفو غير مذكور في الآية؟
الجواب: أنا ما قلت هكذا؛ العفو لما نقدر عليه.
أنا تخيلت مسألة وهذه المسألة موجودة.
عندما يصبح فوضى في مجتمع من المجتمعات، فيرى ولي الأمر أن المصلحة أن ينادى بالناس أن من ألقى سلاحه ومن تاب عفونا عنه، فهذا ملحق عند الضرورة بتتمة آية الحرابة وهي قول الله عزوجل: ﴿إِلَّا الَّذينَ تابوا مِن قَبلِ أَن تَقدِروا عَلَيهِم فَاعلَموا أَنَّ اللَّهَ غَفورٌ رَحيمٌ﴾ [المائدة: ٣٤].
هذا ما قدرنا عليه بعد، ما عرفناه، ونحن نعمم، فنقول: من رمى وألقى سلاحه وانضم للناس فهذا معفو عنه، فهو شامل لهذه الآية.
أما أن نعفو عنه وهو لم يتب ونحن لم نطلب منه أن يتوب، وقدرنا عليه فلا.
أما نحن بعد غير قادرين عليه، فهذا عند الحاجة أرجو الله تعالى أن يكون مشروعا.
والله تعالى أعلم
◀ المجلس السادس من مجالس شرح نيل المرام من أدلة الأحكام.
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس
الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍?✍?
لا أحد يستطيع أن يقتدي برسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلا بثلاث شروط:
أن ترجو الله في كل عملك وأن تحتسب، وأن تنوي، وأن تربط قلبك باليوم الآخر.
وأن تكون الحسنة والسيئة تحسب لها حساب كبيرا.
وأن تذكر الله كثيرًا.
“لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا”
لذا ورد في الحديث:
“لا أجر لمن لا حسبة له”
[هذا الحديث قد حسنه شيخنا الألباني في [ صحيح الجامع : 7164 ] و قال عنه : هذا إسناد مرسل حسن [السلسلة الصحيحة : 5/538 ]
فهذا الأجر، أما الأعمال فتقبل ولا سيما براءة الذمة من الأعمال المالية، يعني إنسان أدى دينًا أو إنسان كان عليه حق فأداه فهذه تكفي دوم النية، لكن مع النية أجرها أعظم عند الله – عزوجل-.
السؤال السابع: نرجو الشرح والبسط لقاعدة “تعارض الأصل مع الظاهر” مع المثال؟
الجواب: الأصل في الأشياء الحل.
ظاهرٌ لك بدا أن فلاناً يريد هذا الأصل الذي فيه الحل يريد أن يستخدمه في حرام، أيهما يقدم الأصل أم الظاهر؟
يعني واحد مثلا يبيع في محل بملابس (نوفوتيه)، والمرأة تلبس بنطال تستر به نفسها تحت جلبابها، فلا حرج في ذلك، لو جاءته امرأة تلبس بنطال، أو إنسان يبيع الطِّيب (العطر)، فالمرأة تشتري الطيب و تتزين لزوجها فلا حرج، فالطِّيب الأصل في بيعه الحِل، جاءت امرأة متعطرة فهذا الواجب عليه أن ينكر على من تلبس البنطال وعلى من تضع الطيب، وأقل درجات الإنكار أن لا تبيعها وتقول لها: يا أختي حرام عليك أن تضعي الطيب وأنا لا أبيعك، حرام عليك أن تلبس البنطال وأنا لا أبيعك.
فهذا أقل درجات الإنكار.
فإذا تعارض الأصل مع الظاهر؛ اختلف العلماء، هل يستصحبون الأصل أم يستصحبون الظاهر، أو التفصيل؟
الصواب: التفصيل، ودليل التفصيل حديث ذو اليدين،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : صَلَّى بِنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إحْدَى صَلاتَيْ الْعَشِيِّ – قَالَ ابْنُ سِيرِينَ : وَسَمَّاهَا أَبُو هُرَيْرَةَ . وَلَكِنْ نَسِيتُ أَنَا – قَالَ : فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ سَلَّمَ . فَقَامَ إلَى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ فِي الْمَسْجِدِ , فَاتَّكَأَ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ غَضْبَانُ وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى , وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ . وَخَرَجَتِ السَّرَعَانُ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالُوا : قَصُرَتِ الصَّلاةُ – وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ – فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ . وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ طُولٌ , يُقَالُ لَهُ : ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَنَسِيتَ , أَمْ قَصُرَتِ الصَّلاةُ ؟ قَالَ : لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ . فَقَالَ : أَكَمَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ ؟ فَقَالُوا : نَعَمْ . فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى مَا تَرَكَ . ثُمَّ سَلَّمَ , ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ . ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَكَبَّرَ , ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ . ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ . فَرُبَّمَا سَأَلُوهُ : ثُمَّ سَلَّمَ ؟ قَالَ : فَنُبِّئْتُ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ : ثُمَّ سَلَّمَ .
صحيح البخاري كتاب السهو (1169).
الصحابة اختلفوا على ثلاثة أقسام لما صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة الرباعية والراجح أنها صلاة الظهر صلاها النبي -صلى الله عليه وسلم- ركعتين.
– فبعض الصحابة صلى وخرج.
الذي صلى وخرج قَدَّم ماذا؟
قدَّم الظاهر.
– وبعض الصحابة أنكر لأن الصلاة أربع ركعات والنبي -صلى الله عليه وسلم- يصليها ركعتين، فهذا قدَّم الأصل على الظاهر.
– وبعض الصحابة استفصل بأدب، – وما أحوجنا للأدب-.
فقال للنبي -صلى الله عليه وسلم- أقَصُرَت الصلاة أم نسيت؟
فهو قدم العذر بين يدي أهل الفضل.
واحد من أهل الفضل إن أخطأ سواء أباك أو واحد قريب أو أحد من أهل العلم، أو أحد من الصالحين، إن رأيته أخطأ فقدم بين يدي الإنكار عليه بالعذر.
قال للنبي -صلى الله عليه وسلم- أقصرت الصلاة أم نسيت؟
وفي القول للنبي -صلى الله عليه وسلم- أقصرت الصلاة؛ دلالة على أنّ قصر الصلاة وكذا جمعها لا يلزم فيها إخبار الناس.
ولذا يجوز نية الجمع من تكبيرة الإحرام الثانية، لأنه يقول له أقصرت الصلاة أم نسيت.
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- ما اخبر أنه قصر.
فنية القصر ونية الجمع لا يلزم الإمام أن يخبر بها.
ولو أخبر بها فلا حرج، لكن لا يلزمه أن يخبر بها.
فالصحابي الذي أخبر بهذا الكلام استفصل عن مخالفة الأصل مع الظاهر.
فالأصل في الأشياء الحل، إن قام لك ظاهر وهذا الظاهر قوي، وقد تقوى عندك؛ فهنا استفصِل.
يعني واحد مثلا يعمل في إصلاح الكهرباء (كَهربائي)، ووضعوه في مسرح وهو يرى الطاولات منها ما هو طالع ونازل، ويرى أمور غير طبيعية، وهو يريد أن يشتغل الكهرباء في هذه الصالة في (فندق مثلاً)، فهذه الصالة الأصل يستفصل هل هي صالة خمر؟ أم (بار)؟ هل هذه صالة تستخدم في الحرام أم في الحلال؟
فمتى قالوا له هي بار.
ماذا يقول؟
يقول: لهم حرام ولا أعمله.
وإذا ما عرف لا شيء عليه.
فإذا اختلف عندك الأصل مع الظاهر؛ فتُقَدِّم التفصيل.
وهنا نقطة مهمة جدًا ينبغي أن ينبه عليها:
الشيء الذي يستخدم بأكثر من وجه (وجه حلال ووجه حرام)؛ الأصل في بيعه أنه حلال، والإثم على مستَعملِه.
فهنا لا نقول: الأصل والظاهر.
هنا نستصحب الأصل.
يعني واحد يعمل في سوبر ماركت يبيع شفرات الحلاقة، فليس مطلوب من هذا البائع أن يسأل المشتري عن هذه الشفرة ماذا تريد أن تعمل بها، لأن الشفرة يعمل بها الحلال الواجب، وقد يكون تأدية هذا الواجب بهذه الشفرة،
حلق العانة وقت لنا النبي – صلى الله عليه وسلم- أربعين يوما، وبعد الأربعين يوم؛ حرام إبقاء العانة سواء للذكر أو الأنثى وسواء متزوج أو أعزب، فكثير من الناس يتركون خصال الفطرة وخصوصاً البنات في فترة ما قبل الزواج، وهذا بالشرع ممنوع.
واحد اشترى من آخر شفرة ما هو المطلوب؟
أن تبيعه والاستعمال هو الذي يقرر هل حلال أم حرام.
لك أن تطعم الكافر خبز وأن تبقي الحياة فيه ولك فيه أجر؛ أما المنع لقول الله عز وجل: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان} [المائدة: ٢]؛ فهذا يقتضي أن لا تبيع ولا تشتري ولا تطعم وما شابه.
و هذه المسائل تحتاج إلى عناية ورعاية وتوفيق من الله عز وجل.
الأصل في الأشياء الحل وفي الحديث عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” إن أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم، فحرم من أجل مسألته “. البخاري(٧٢٨٩)، مسلم(١٣٣٧).
الأصل في الأشياء الحل وأشد المسلمين جرما من سأل عن مسألة فحُرِّمَت من أجل مسألته.
ابن عباس يقول ما سأل أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم رسول الله- إلا أربعة عشر سؤالاً.
فكانوا يخافون من هذا الحديث. أشد الناس جرما من سأل عن مسألة فحرمت من أجل مسألته.
وكانوا يحبون أن يأتي الأعرابي من خارج المدينة فيسأل النبي – صلى الله عليه وسلم-.
جاء في صحيح مسلم (١٢): عن أنس قال: كنا نهينا أن نسأل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن شيء، فكان يعجبنا أن يأتيه الرجل من أهل البادية فيسأله ونحن نسمع.