الطالب الذي لا يزال مبتدئاً في الطلب ، وسنه كبير ، ولم يتم حفظ كتاب الله عز وجل ، فهل تنصحه بأن يتم حفظ كتاب الله تعالى أم التفرغ للعلم والشرح دون الحفظ أو يجمع بينهما ؟
الجواب:
أشرف ما يحفظ كتاب الله ، ثم بعد كتاب الله أحاديث الأحكام التي يكثر دورانها على ألسنة طلبة العلم ، فإذا كنت تحفظ كتاب الله فهذا حسن ، وأما إن كان الأمر عسيرا عليك، وقد يسر الله لكثير من العلماء ممن طلبوا العلم متأخرا، فصالح ابن كيسان كان معلما للزهري في الكتاتيب ” علمه وهو في الكُتاب ” ، وإذا نظرتم في أسانيد الصحيحين تجدون عشرات الأحاديث في الصحيحين رواها صالح بن كيسان عن تلميذه الزهري ، الزهري الذي درسه صالح ابن كيسان في الكتاتيب، فكان صالح ابن كيسان طالب علم بعد السبعين ، يعني طلب العلم كبيرا .
الفضيل بن عياض طلب العلم بعد الخمسين.
النبي صلى الله عليه وسلم ، متى أرسل إلى الأمة ؟
بعد الأربعين.
فطلب العلم عبادة ، فلا تيأس.
قيل للإمام أحمد : يا أبا عبدالله إلى متى مع المحبرة ؟
فقال : إلى المقبرة، مع المحبرة إلى المقبرة.
فالسعيد من عاش طالب علم ومن مات طالب علم، السعيد من ثبت في الطلب ، وقد قالوا قديما : من ثبت نبت ، من يثبت في الطلب فالله جل في علاه يرزقه أن ينبت نباتاً صحيحاً.
⬅️ ندوة الفتن وسبل النجاة منها لشيخنا مشهور بن حسن أل سلمان والتي ألقاها في الدار البيضاء بالمغرب يوم الخميس ١٨ جمادى الآخرة ١٤٤١ هجري.
ما نصيحتكم للمبتدئ في طلب العلم ولا زال لم يحفظ القرآن الكريم ، هل يتفرغ لطلب العلم أو يحفظ القرآن فقط أو يجمع بينهما ،مع العلم أنه يشتغل وعمره 28 سنة ؟
الجواب: طالب العلم يهنأ بالطلب إن بدأ صغيراً، والعلم نكاح بين الفهم والحفظ، إذا عقدنا عقد نكاح، فأدخلنا الحفظ على الفهم والفهم على الحفظ فالمولود يكون عالم ، مولود النكاح الذي ينتج من الحفظ والفهم يولد مخلوق، وهذا المخلوق يكون عالم.
فعلماؤنا السابقون وهم صغار يحفظون ثم يكبرون فيفهمون، فيصبحون علماء ، فالإنسان الآن طلب العلم متأخراً لا يستطيع أن يحفظ ، المهم أن تكون طالب نجاة ، الواجب عليك أن تعلم ما يلزمك في يومك وليلتك.
هناك قسم من العلم فرض عين، وهذا القسم أن تعرف الله ورسوله المعرفة الشرعية الفطرية الصحيحة، وأن تعلم ما يلزمك من أحكام في اليوم والليلة.
إذا كنت تاجرا تعرف أحكام التجارة، أجيرا تعرف أحكام الإيجارة، معلما تعرف أحكام العلم، طبيبا تعرف أحكام الطب، ما يلزمك في يومك وليلتك من الصلوات ، والزكوات إذا كنت تاجرا ، الحج إذا كنت تريد أن تحج، الطهارات ،ما يصلح ظاهرك وما يصلح باطنك، وكل أدرى بنفسه ﴿ بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (١٤) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (١٥) ﴾.
ترى يجري – نسأل الله العافية – الكذب على لسانك، كيف تقوم وتبعد الكذب عن لسانك، ترى في قلبك غش، حسد على الناس، هذا داء ينبغي أن تتطبب، ينبغي لك أن تتعلم، تتعلم حتى تداوي ، تصلح الظاهر تصلح الباطن.
وكذلك المرأه يجب عليها أن تعرف أحكام الزينة، وأحكام الحيض وأحكام الاستحاضة.
واذا زوجتك ما هي طالبة علم أنت من يجب عليك أن تتعلم عن أحكام الحيض والاستحاضة، حتى تعلم زوجتك، حتى بناتك يعبدون الله – عز وجل – على علم ، ما تصوم ويجب في حقها الفطر ، ولا تفطر وهي طاهر، تعرف الأحكام معرفه شرعية صحيحة، وكذلك أحكام اللباس، الأحكام الظاهرة للمرأة ، أحكام اللباس والزينة.
والمطلوب أن تنجو عند الله – عز وجل – فالكبير إذا أراد أن يبدأ في طلب العلم، يبدأ في المقدار الواجب، والوجوب العيني، ثم إذا أراد أن يصبح مشاركاً، يبدأ بعلوم الآلة ، يبدأ درجة درجة ، وهذا الأمر يحتاج إلى أستاذ، وتبدأ تنطلق مع الأستاذ.
والأستاذ هو الذي يحدد لك المتون، ويحدد لك ماذ تقرأ؟ تلتحق بأستاذ وتبدأ تتدرج في طلب العلم.
⬅️ ندوة *الفتن وسبل النجاة منها* لشيخنا مشهور بن حسن أل سلمان والتي ألقاها في الدار البيضاء بالمغرب يوم الخميس ١٨ جمادى الآخرة ١٤٤١ هجري.
بعض الطلاب عندما يختمون القرآن يحبون أن يُكرموا أصحابهم وزملائهم؛ فيأتوا بطعام إفطار في المركز، وليس هذا على سبيل التداعي، ولا هو على سبيل الإلزام ولا الاستمرار، فبعض طلبة العلم أنكر هذا وقال: هذا بدعة، فنريد جوابكم بارك الله فيكم؟
الشيخ : جزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين.
من المعلوم وهذا من المُقررات عند طلبة العلم: أن الأصل في المُعاملات الحِل، والأصل في العبادات المنع.
– فالأمور التي تقوم على المُعاملات: لا نُفتي بحرمتها ولا بحِلِّيَّتِها إلا إن وجد الدليل.
– والعبادات: لا نُفتي بمشروعيتها إلا إن وجد الدليل.
ولذا قال النبيﷺ للسيدة عائشة رضي الله عنها: (مَن عَمِلَ عَمَلًا ليسَ عليه أمْرُنا فَهو رَدٌّ.) (مسلم ١٧١٨).
-فالعمل وهو العبادة لا بد أن يكون عليه أمر النبي ﷺ.
– فالأصل في المشروعية وهي -العبادات-: المنع، والأصل فيها أن تكون تحت أمر النبيﷺ.
– الآن الأمر الذي لم يثبت فيه شيء فيُنظر: هل هو من العبادات أم أنه من العادات؟
– فإن كان من العبادات: فالأصل فيه أن يكون عليه أمر النبيﷺ.
– وأما إن لم يكن من العبادات؛ وإنما كان من العادات فنقول:
ما هي العادات؟
الجواب: الكلام والأكل والشرب والذهاب والمجيء والسفر والانتقال كلها عادات.
– لذا الله عز وجل مَنّ على قُريش فقال: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} [قريش: ١-٢].
ومن بديع كلام الإمام القرطبي في التفسير لهذه الآيه قال: منها يُستنبط جواز إتخاذ المصيف والمشتى.
يعني: رجل مبسوط عنده بيت في الصيف، وبيت في الشتاء؛ فالله يقول: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} [قريش: ١-٢].
فهذا أمر مباح ما فيه شيء.
– الآن: خاتم القرآن-الذي يختم القران-، سواء كان يختم خِتمة على شيخ، أو يختم وحده، يختم بحفظ، أو يختم ختمة تلاوة، أو يختم ختمة تعبُد وتألّه وتقرب من الله عز وجل: فهذا في عبادة عظيمة من العبادات.
وقد ثبت عند الدارمي في المقدمة عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: أن لكل من ختم القرآن دعوة مستجابة.
وكان بعض التابعين يختم على أنس فجاءه، وهذا أيضا عند الدارمي فقال: إن ختمت فأخبرني.
فكان الدعاء يَرغَبُ فيه من قبلنا عند الختم، ودعاء الختم دعاء مأثور ثابت عن جمع من الصحابة.
فأقول بارك الله فيكم: أنّ لخاتم القرآن دعوة مستجابة.
كان من عادة الإمام أحمد رحمه الله، وقد كان يختم القرآن كل أسبوع، فيقول صالح في كتابه (سيرة أبي) قال: (أبي كان يجمعنا يوم الجمعة بعد العصر ويختم ويدعو ونحن نُؤمِّن).
اُنظُر هذا الوالد المبارك كل يوم جُمعة عنده خِتمة، وعنده دعاء الخِتمة متى يكون؟
– يكون يوم جُمعة بعد العصر.
وأتوسّع قليلا: دعاء ختم القرآن في الصلاة في قيام الليل هذا ماذا يسمى عند العلماء؟
الجواب: هذا يسمى التّداخل في العبادات.
الإمام أحمد داخَلَ بين أمرين:
– بين دعاء ختم القرآن.
– وبين ساعة الجُمعة المستجابة بعد العصر.
– فمنه اعْتَمد على مَن داخَل بين دعاء ختم القرآن مع صلاة قيام رمضان، فكان هذا أصل لمن رأى هذا مشروعا.
إذاً: دعاء ختم القرآن أمر حسن، ولا حرج فيه.
– أما موضوع الطعام والشراب: إن اتُّخِذ هذا العمل ليس من باب العبادة وفُعِل وتُرِك: فلا حرج في هذا.
وهذا أشبه ما يكون بكلام علمائنا الكبار رحمهم الله تعالى لما ختموا كتبهم.
اُنظر الآن إلى فتح الباري: الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى لما ختم فتح الباري، وقد مكث ستة عشر عاما وهو يكتب فيه، وفتح الباري كان يكتبه ويوزعه على نبهاء الطلبة، وطلبة الحافظ ابن حجر العلماء منهم كُثُر، وكان يتناقش وإياهم حتى أكرمه الله تعالى بأن كتب هذا الكتاب البديع الذي اعتبره أهل العلم كتاب الإسلام الذي هو كتاب فتح الباري.
وكان شيخنا الألباني رحمه الله يقول: كتاب الإسلام فتح الباري، ورأيت هذا من كلام السخاوي رحمه الله.
الشاهد: فتح الباري لما ختمه صاحبه أولم وليمة لأهل القاهرة، أطعم أهل القاهرة لما ختم فتح الباري، لما فرغ منه.
أحد الحضور: يبدو أنه كان غنيا؟.
الشيخ: الحافظ ابن حجر صحيح كان غنيا.
كان قاضي قضاة الشافعية في زمنه، وقاضي قضاة الشافعية هو الشخصية الأولى المقدم في العالم الإسلامي، وكان نائبا على أكابر دور المخطوطات في القاهرة، كل كتب العالم كانت بين يديه.
أنا العبد الضعيف كتبت كتابا بعنوان (مُعجم المصنفات في فتح الباري)، أظن سمينا قرابة ١٤٥٦ كتابا في فتح الباري، ثم تبين لنا أنه فاتنا شيء قليل.
فالشاهد الله يوفق الجميع لما يحب ويرضى: هذه عادة.
أنا الآن أسألكم سؤالا، والسؤال مهم وفيه شيء.
الأعياد وزيارة الرحم في الأعياد: هل هي عبادة أم هي عادة؟ وهل هي مشروعة أم ممنوعة؟
الجواب: عادات.
ولماذا هي عادات؟
– كان الناس قديما يعيشون في مَحِلَّةٍ واحدة.
وللآن: أنا دخلت في بعض الأماكن في المدينة النبوية فيها قبيلة حرب مثلا ولهم مجلس، والمجلس سماوي مكشوف بين الأزقة وبين الدور تجتمع فيه العوائل، يجتمعون يسهرون، يعني يجلسون ويتسامرون.
فكان الناس قديما في أوقات الأفراح أو الأتراح هم يلتقون تحصيل حاصل، يعني ما في نعمل بيت شعر، هم ميّالون لهذا يجلسون لهذا.
فالقول: إنه الآن أنا مع إخواني وأخواتي وأقاربي كل واحد أصبح في بلد، والآن لما نجتمع نحتاج أن نسافر أو نركب السيارة.
حتى الآن في الأعياد غير الأول، ما كان الناس هكذا كالحياة التي نعيش، كان الناس يعيشون في مكان واحد وكل يوم يجتمعون.
فبعض إخواننا لا يفقه هذا.
بلغني واحد اتصل بي مرة يقول: عمه هو الجار في الجار -الحيط بالحيط-، وعمه مات؛ فقال: بأنه لا يذهب ويعزي، فإذا ذهبتُ هذا بدعة!!!.
هذا هو البدعة وما فعله.
فالمسألة تحتاج إلى ما يسميه علمائنا السابقون:
– المُقتضي قائم أم غير قائم؟
– وفعل أو تُرك قديما؟
– كيف كان الفِعل؟ وكيف كان الترك؟
السؤال:
ما حكم وضع الفوانيس والزينة لقدوم شهر رمضان، سواء كانت هذه الزينة داخل المنزل أو خارجه؟
الجواب:
هذا احتفال لرمضان لأهل الدنيا.
إذا أردت أن تعرف نفسك من أهل الدنيا، أو من أهل الآخرة.
إذا رأيت أن احتفالك برمضان بالفانوس والقطايف والأكل والشرب؛ فأنت من أهل الدنيا، ولست من أهل الآخرة.
أهل الآخرة كيف يحتفلون برمضان؟
يتدربون في شعبان على قراءة القرآن.
أنت في باقي أيام السنة تقرأ جزءا، أما في شعبان تجاهد نفسك وتقرأ ثلاثة أجزاء مثلاً كل يوم، تجد لك وقتًا في أول النهار أو في آخر النهار فتقرأ ثلاثة أجزاء، وعندما يدخل رمضان؛ فتقرأ خمسة أجزاء كل يوم في العشر الأوائل، وفي العشر الأواسط سبعة أجزاء، وفي العشر الأواخر عشرة أجزاء؛
فيصبح لك في كل ثلاثة أيام ختمة في العشر الأواخر.
هذا صنيع أهل الآخرة.
طبعًا لا يفقه القرآن من يقرأه في أقل من ثلاثة أيام.
فأنت الآن درِّب نفسك، حتى لما تصل رمضان تكون قد تهيأت لدخوله؛ تقرأ -مثلاً- ثلاثة أجزاء في اليوم، فلما تصبح في رمضان؛ تَزِد قليلاً، فعندما تدخل العشر الأواسط؛ تزِد قليلا أيضاً، وفي العشر الأواخر تزِد أيضاً، هذا هو شهر رمضان -شهر القرآن-.
بعض الناس يقول لك:
لَمَّا يصبح عندي فراغ وزهق وملل من الكلام، ومن القيل والقال؛ أُمسِك القرآن وأقرأ.
هذه ليست قراءة القرآن، وليس هكذا رمضان، رمضان ليس لهذا النوع من الناس.
رمضان شهر القرآن:
أي أن القرآن يأخذ قلبك ويأخذ وقتك، ويأخذ لُبّك، ويأخذ عقلك، تصبح رجلاً تقرأ القرآن ليل نهار، قبل نومك تقرأ القرآن وعندما تستيقظ تقرأ القرآن، كل جهدك وكل تركيزك على القرآن.
والذي يركز على الفوانيس وعلى الهلال، أنا لا أدري هذا الهلال الذي يضعونه الآن من أين جاء أنه شعار للإسلام؟
هذا الشعار للدولة التركية، ليس له نص لا في كتاب ولا في سنة.
هذا الهلال الذي يضعونه في رمضان، من أين للهلال صلة بالشرع؟!
لا يوجد أبدا صلة بين الهلال وبين الشرع.
*هذه الزينة دلالة على خواء الباطن.*
وقال أبو الدرداء قديمًا -: “إذا زوقتم مساجدكم، وحليتم مصاحفكم؛ فالدمار عليكم”.
(وفي السلسلة الصحيحة قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إذا زوقتم مساجدكم، وحليتم مصاحفكم؛ فالدمار عليكم”. السلسلة الصحيحة١٣٥١ وحسنه الألباني.)
إذا اشتغلتم بالظاهر وتركتم الباطن؛ فالدمار عليكم.
فهذا أمر ليس بحسن.
ما هو تفسير قول الله عز وجل:﴿وَإِن مِّنكُمۡ إِلَّا وَارِدُهَاۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتۡمࣰا مَّقۡضِیࣰّا﴾، هل المعنى أن المسلم والكافر والفاجر والصالح يمرون على جهنم؟
الجواب:
ما معنى “الورود”؟
قال تعالى: { وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ } .
الورود لها معنيان:
المعنى الأول: الولوج والدخول.
المعنى الثاني: القرب.
{ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ } يعني لما قرب من ماء مدين.
﴿وَإِن مِّنكُمۡ إِلَّا وَارِدُهَا﴾، الكل يرد جهنم، نسأل الله العافية.
– فمنهم من يدخل ويسقط فيها.
– ومنهم من يمر عليها.
– فمن الناس من يكون الورود في حقه الدخول وهم الكفار والمنافقون، والعصاة.
– وأما العصاة فمن شاء الله لهم الدخول فإنهم يدخلون النار، ويعذبون بقدر، ومن ثم يخرجون.
– ومنهم من يتجاوزها، لكنه يرد عليها، فالورود ها هنا معناه القرب.
فالكل يرد جهنم نسأل الله جل في علاه أن ينجينا وإياكم من جهنم ونسأل الله جل في علاه أن يجعلنا من أهل الفوز والصلاح.
ما المقصود بقوله تعالى: ﴿وَلَقَدۡ هَمَّتۡ بِهِۦۖ وَهَمَّ﴾؟
الجواب:
تكلمنا على هذه الآية طويلًا، وقلنا: هذه الآية فيها ثمانية أقوال، وهنالك أقوال رديئة وأقوال جيدة، والأقوال الجيدة محصورة في ثلاثة أمور.
الأمر الأول:
ما ذكره الإمام ابن جرير في التفسير، لقوله تعالى:﴿وَلَقَدۡ هَمَّتۡ بِهِۦۖ وَهَمَّ بِهَا لَوۡلَاۤ أَن رَّءَا بُرۡهَـٰنَ رَبِّهِ﴾، قال أن الهم الواقع من المرأة، هم بطلب الفاحشة، والهم الواقع من يوسف عليه السلام، إنما هو كَهمّ ذاك الصائم إلى الماء البارد في اليوم القائظ -اليوم شديد الحرارة-، ولكن الله الذي عصمه، فقال: الهمّ ما تعدى عن يوسف أن يكون حديث نفس خاطر مَر ثم الله عزوجل عصمه، هذا قول من الأقوال وهو قول ابن جرير.
القول الثاني، قال تعالى:﴿وَلَقَدۡ هَمَّتۡ بِهِۦ﴾ أي طلبًا، وهم بها: دفعًا، هي همت بالطلب وهو هم بالدفع، وهذا أيضًا قول جيد.
القول الثالث وهو معتبر، وعليه ظاهر اللغة أن الهم من يوسف أصلًا ما وقع، لأن الله عزوجل يقول:(وَلَقَدۡ هَمَّتۡ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوۡلَاۤ أَن رَّءَا بُرۡهَـٰنَ رَبِّه)، ولولا في العربية تفيد امتناعا لوجود، وجود شيء منع وقوع الهم، لأن الله عزوجل ما قال ولقد همت به وهم بها، قال: ﴿وَلَقَدۡ هَمَّتۡ بِهِۦۖ وَهَمَّ بِهَا لَوۡلَاۤ أَن رَّءَا بُرۡهَـٰنَ رَبِّهِ﴾، لولا هذا البرهان لوقع الهم.
والمعنى أن الله جل في علاه هو الذي حفظ يوسف من الهمّ، فقال الله عزوجل بعدها ﴿كَذَ ٰلِكَ لِنَصۡرِفَ عَنۡهُ ٱلسُّوۤءَ وَٱلۡفَحۡشَاۤءَۚ إِنَّهُۥ مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُخۡلَصِینَ﴾ ما قال من عبادنا المخلِصين، قال المخلَصين.
ولذا إبليس ماذا قال؟
قال: إلا عبادك المخلَصين، والله يقول عن يوسف ﴿إِنَّهُۥ مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُخۡلَصِینَ﴾.
فالشاهد أن هذه الأقوال الثلاثة معتبرة في الهم.
ومن أسوء الأقوال القول أن يوسف عليه السلام حل تكة سرواله وجلس منها كالذي يجلس بين يدي التي يريد يزني بها وأراد أن يزني ولكنه رأى يعقوب وهو أبوه عليه السلام، رأى أباه عاضًا على أعصابه، وهذا برهان الله ولولا هذا البرهان من الله أنه رأى أباه يحذره من هذا الصنيع لفعل الزنا والعياذ بالله.
قال بعض السلف: من اتهم يوسف عليه السلام بالزنا فعليه حد المفتري.
السؤال السابع :-
أين نجد قول وتفسير أبي حيان عن الأعرابي ؟
الجواب :-
قلت أمس في الدرس في تفسير قول الله عز وجل
” الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97) ”
سورة التوبة .
قلت :من هو الأعرابي؟
الأعرابي الذي هو أجدر أن لا يعلم حدود ما أنزل الله ، يعني لا تُعلمه ،
من الأعرابي ،؟
قال أبو حيان :الأعرابي هو الذي لم يسسه سائس ، ولم يجثو على الركب بين يدي العلماء ،
فكل شيء يخطر في باله يعمله !
ولم يجثُ على الركب بين يدي العلماء ، هذا من هو بالشرع ؟
هذا أعرابي ، فالأعرابي ما تعلمه ، هذا الجهل أليق به ، أن يبقى جاهلا أليق به من أن تعلمه ، من هو الأعرابي مرة اخرى ؟
الذي لم يسسه سائس ، فيركب رأسه لا يعرف عرفا ولا عيبا ولا حراما ولا يعرف شيئا ، كل شيء يخطر على باله يفعله ، هذا أولا.
ثانيا:
لم يجثُ على ركبه بين يدي العلماء ، هذا الأعرابي ، وهذا أجدر به ألا يعلم حدود ما انزل الله ، هذه مقوله خطيرة جدا ،
اسأل الله جل في علاه أن يجيرنا وإياكم من الأعراب .
أريد توضيح أكثر بارك الله فيكم لما يكون معي رفيقة، ونختم أنا وإياها القرآن هي ربع وأنا ربع حتى نختم، (ختمة مشتركة)؟
الجواب:
نحن يا جماعة كم واحد؟
ثلاثين واحد، ستين واحد، تسعين واحد، يا الله سيقرأ كل واحد منا حزب، القرآن ثلاثين جزء، ستين حزب، وستين ضرب أربعة (ربع حزب) مائتين وأربعين، نحن الآن مائتين وأربعين فكل واحد يقرأ منّا حزب، لما كل واحد منا يقرأ حزب نعتبر حالنا ختمنا القرآن، وهذا غير صحيح، أنا لمّا اقرأ حزب لم أقرأ القرآن، ولو كنا بدل مائتين وأربعين، أربعمائة وثمانون، فيقرأ كل واحد منا كم؟
يقرأ نصف الربع، يعني يقرأ قرابة ورقة.
هل يعقل أن كل واحد منا ختم القرآن؟
لا ولا واحد منا ختم القرآن.
لو كنا اثنين أنا أقرأ خمسة عشر جزء وآخر يقرأ النصف الآخر هل ختمنا القرآن؟
لا، كل واحد منا ختم نصفه فقط.
فالاخت تسأل وتقول: اريد توضيح أكثر لما يكون معي رفيقة نختم انا وإياها القرآن، هي ربع وأنا ربع، وأسمع معها ما تقوله، هل هذا خطأ؟
أنا لا أقول خطأ، يعني أنا أقرأ ربع وهي ربع، وأختي حافظة فقيهة، وأنا أقرأ أمامها وإذا أخطأت في القراءة تصوبني،لا حرج في هذا .
سماع القرآن عبادة.
ولكن أنت قرأت النصف وهي قرأت النصف هل هذا ختم للقرآن؟
الجواب: لا.
هل سماعك للقرآن فيه أجر؟
نعم فيه أجر.
هل هذا خطأ؟
هذا ليس بخطأ.
لكن هل أنت ختمت القرآن؟
أنت ما ختمت القرآن.
فدعاء ختم القرآن كما قال أنس بن مالك كما في مسند الدارمي قال إن لخاتم القرآن دعوة مستجابة.
ولذا قال علمائنا: من ختم القرآن يحسن به أن يجمع أهل بيته فيدعو وهم يأمنون.
وكان ائمتنا الكبار كالإمام أحمد بن حنبل رحمه الله كما يقول صالح في ترجمته لأبيه، قال: كان له في كل يوم جمعة ختمة، يجمع أهل بيته بعد العصر،فيجمع بين الدعاء والساعة المستجابة بعد العصر ويجعل تداخل بين دعاء ختم القرآن الذي هو دعاء مستجاب مع الساعة الأخيرة من الجمعة، مثل ما يفعل الآن أئمة الحرم في آخر يوم في رمضان يداخلون بين دعاء ختم القرآن وصلاة التراويح، هذا تداخل لا حرج فيه.
لكن في أشياء ليس الآن موضع ذكرها.
فكان الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله يختم كل يوم جمعة.
فمن ختم القرآن يجدر به أن يجمع أهل بيته ويرفع يديه وأن يدعو.
أنا أقيم في أحد مدن السعودية، وعندنا في هذه المدينة سكانها أغلبهم بدو مع أنهم يسكنون في بيوت، والمجتمع مجتمع بداوة، وعندنا غالبهم يلحن في القرآن لحناً جلياً، وقد سمعت لكم فتوى أنكم تبطلون الصلاة بذلك، وأنا لم أُصلِ في المسجد أي صلاة بعدها، لكن قد تحصل فتنة بعدها؛ لأنه قد نقع في حرج في الصلاة في المسجد، وقد تحدث فتنة في ذلك ماذا أفعل؟
الجواب:
الواجب على الإمام أن يتقن حفظه، والواجب على الإمام على الأقل أن يقرأ الفاتحة قراءة صحيحة.
واللحن في الفاتحة قسمان:
لحن جلي.
لحن خفي.
اللحن الجلي: عند جماهير أهل العلم يبطل الصلاة، ومنهم من قال اللحن الجلي الذي يغير المعنى.
في يوم من الأيام، وفي درس في مسجد في القويسمة دخلنا المسجد، ووجدنا أخ تقدم للإمامة وهو ليس حافظًا، فلما قرأ الفاتحة بدلا من أن يقول (أنعمتَ عليهم) ، قرأ (أنعمتُ عليهم).
هناك فرق كبير بين أنعمتَ عليهم، و أنعمتُ عليهم.
فلما فرغوا من الصلاة قلنا أول شيء نبدأ به قبل الدرس إعادة الصلاة.
وقلت: هذا أنعمتَ و أنعمتُ إنما هو لحن جلي، واللحن الجلي الذي يغير المعنى يُبطل الصلاة.
فاللحن الجلي عند علماء التلاوة والتجويد إن سكنت متحركا، أو حركت ساكنا، أو غيرت في رسم شكل كلمة؛ فهذا لحن جلي.
فبعض أهل العلم يقول: اللحن الجلي الذي يغير في المعنى فهذا يبطل الصلاة .
أنا مُبتلى بإمام يلحن لحنًا جليًا في الصلاة، وبعض إخواننا الحضور في منطقة قريبة من مسجدنا يقول إمامنا يلحن لحنا جليا.
قُلت: غير معقول.
قال: أنا أقول لك يلحن لحنا جليا.
قلت له: سجل قراءته و أسمعها لبعض الحاذقين العارفين بأحكام التلاوة والتجويد.
أحيانا يخيل إليك أن الإمام يلحن، وقد تكون العلة في السماعات، يعني لو ما في سماعات و تسمع قراءته لا تقول عنه أنه يلحن.
فما نتعجل في تقرير اللحن حتى يقرر لك أن هذا لحن جلي إمام حاذق عارف بأحكام التلاوة والتجويد.
فإن وجدنا فيه لحن جلي فالواجب علينا أن نعلمه بأي طريقة من الطرق.
حتى بالطريقة ألتي تُذكر و تُؤثر عن الحسن و الحسين.
قالوا: الحسن والحسين رأيا رجلا كبيرا يتوضأ و يُخطئ بالوضوء، فذهبا إليه وقالا له نريد أن نتوضأ عندك حتى تعلم أينا أصح وضوءاً -والقصة مذكورة ولا أعرفها مسندة-.
فتوضأ أمامه؛ فكان الرجل عاقلا فقال: لقد تعلمت الوضوء منكما، جزاكما الله خيرا.
لو ذهبت للإمام و قلت: له أنا أريد أن أقرأ الفاتحة، هل أنا ألحن أم لا ألحن، وتقرأ الفاتحة، فإن أراد أن يردك تقول له: هل علمتني كيف أقرأ هذه العبارة – وتركز على اللحن الجلي الذي عنده- فتقول «هذه كيف أقرأها» فتبقى تلقنه وأنت تُظهر أنك تتعلم منه.
فتصححه بأي طريقة من الطرق؛ لأن بصحة صلاته صحة صلاه الناس.
و الأئمة ينبغي أن يكونوا أتقى الناس وأورع الناس، و أكثر الناس سلاسة وعلما وفهما؛ فأحيانا يضطر واحد من الناس أن يكون أحلم منه و أعلم منه و أفقه منه و أحفظ منه و هو يتقن القراءة و غيره لا يتقن القراءة.
فبأي طريقة من الطرق هذا اللحن الجلي ينبغي أن يرفع منه.