السؤال الخامس :
أحد الإخوة من خطباء الجمعة -وهو طالب علم- أصبح لا يصلي في المسجد جماعة بدعوى أن صلاة الجماعة ليست واجبة، وقد تكلم بعض الإخوة معه، وبقي على رأيه، فما توجيهكم إليه، وهل علينا أن نجادله مرة أخرى في هذه المسألة و أن نقيم عليه الحجة، علماً أنه من حفظة كتاب الله؟
الجواب :الأصل في المسلم أن يؤدي الصلاه جماعة، الصحابة والتابعون ما كانوا يعرفون الجماعات التي تقام في البيوت، التي فيها ترفه وتوسع، وكان الواحد إذا غاب عن صلاة العشاء والفجر؛ يُتهم بالنفاق، فلا يتخلف عن هاتين الصلاتين إلا منافق معلوم النفاق كما صح عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
وحكم صلاه الجماعة على أرجح الأقوال أنها واجبة، وقد بوب الإمام البخاري في صحيحه بقوله “باب وجوب صلاة الجماعة”، ثم ذكر معلقاً فقال:
سئل الإمام الحسن البصري عن رجل تمنعه أمه عن صلاة الجماعة، فقال لا يطيعها ويصلي جماعة.
فصلاة الجماعة على أرجح الأقوال، حكمها حكم الوجوب، وهذا مذهب المحدثين ومذهب جماهير الفقهاء أن صلاة الجماعة سنة مؤكدة، وذهب بعض أهل العلم كالصنعاني في كتاب سبل السلام، أن حكم صلاة الجماعة فرض على الكفاية، فاذا أقيمت صلاة الجماعة في مسجد وظهرت بمن يصلي؛ فحينئذ قد أدوا الواجب.
والراجح أنها فرض على الأعيان، والمحروم من حرم الجماعة والصلاة في الجماعة، وصلاة الجماعة اليوم تتأكد أهميتها بأن تصاحب مؤمناً، وأن تجد أخا لك تذكره ويذكرك، فصلاة الجماعة من المهمات ومن فاتته صلاة الجماعة؛ فهو من المحرومين.
مداخلة من أحد الحضور :
كأنك يا شيخ تريد فرض على الأعيان وليس فرض على الكفاية؟
أجاب الشيخ :
قال الصنعاني فرض على الكفاية.
وأنا لم أرجح هذا، وقلتُ في المسألة ثلاثة أقوال، القول الأول: جماهير المحدثين فرض عين، وقلت جماهير الفقهاء سنة مؤكدة، وقول الصنعاني فرض على الكفاية وليست فرضا على الأعيان، وهو مسبوق بهذا.
مداخلة:
هل الراجح على الأعيان ؟
أجاب الشيخ :
الراجح عندي هي أنها فرض عين.
على ما قلناه في تبويب البخاري، أنا ذكرت ثلاثة أقوال وقلت الراجح.
أخت تسأل تقول ما معنى ما ملكت أيمانكم، وهل يجوز للرجل أن يجامع خادمته وجواريه بدون عقد، بحكم ما ملكت أيمانكم، نحن كنا نقرأ أيام الأمراء والسلاطين أنهم كانوا يستحلون الجواري كهارون الرشيد وغيره، فهل هذا جائز في أيامنا؟
الجواب:
وما ملكت أيمانكم، قرنها الله تعالى مع الأزواج، في عفة الفرج.
وليس الذكر كالأنثى، فالمرأة إن تناوب عليها الرجال؛ إهانة لها، ويخالف فطرتها، وأما الرجل فهو يشتهي النساء.
فالشرع فيه الغنية والكفاية، فأحل الله عز وجل للرجل أربعة من النساء، وما ملكت الأيمان.
ملك اليمين شيء معروف كان عند العرب، قبل أن يُنزل الله تعالى القرآن، فلما أنزل الله تعالى القرآن حثّ الناس على عتق العبيد والإماء، وجعل بعض الكفارات تحرير الرقبة.
وبقي الناس على هذا الحال حتى رفع ما يسمى اليوم بالإماء.
لكن هل هو منسوخ أم مرفوع؟
ليس منسوخًا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات والإماء موجودون، عبيد وإماء ولا يوجد نسخ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
ما هو الأصل في الناس هل هم عبيد أم أحرار؟
الأصل فيهم أنهم أحرار ، وليسوا عبيدًا.
متى يكون الإنسان عبدًا؟
يكون الإنسان عبدًا في الرق، وفي الأسر، عندما يؤسر الإنسان .
فإذا خاض المسلمون معركة فالمسبيات إماء، يوزعها أمير الجيش على الناس.
والإماء كان الناس يستخدمونهم؛ ليس فقط للشهوة، وإنما يستخدمونهم لتكثير المال.
أنا أتكلم كلاما موجزًا.
أحكام الإماء أحكام في الفقه كثيرة، لكن أريد أن أقف وإياكم على رؤوس المسألة، يمكن لرجل عنده عدة إماء، بإمكانه أن يتمتع بها، فإن تمتع بها؛ يحرم عليه شرعًا أن يفرق بينها وبين ولدها.
ولذا الأَمة متى أنجبت ؛ أصبحت أم ولد، وأم الولد في الشرع حكمها حكم الحرة، لا يجوز التفريق بينها وبين ولدها.
يمكن لرجل عنده إماء ولكن الإماء التي عنده؛ هو لا يطؤها ولا يرغب فيها، يزوجها لعبيد آخرين.
وهنا مسألة:
الإنسان ينسب إلى أمه أم إلى أبيه في موضوع الحرية والعبودية؟
الإنسان ينسب إلى أمه، فولد الأمة؛ هو عبد، ولو كان أبوه حرًا.
ويحرم على الرجل أن ينكح الأَمة وهو يستطيع أن ينكح الحرة، ولا ينكح الأَمة إلا إذا كانت ملكا له.
مثلا، واحد حر وعنده مقدرة على أن يتزوج غير أمة؛ فيحرم عليه شرعًا ان يتزوج أمة غيره، وإنما يطؤها عندما تكون الأمة له.
المرأة الأَمة من وطئها وأصبحت زوجة له؛ هو يتمتع بها، ويقول العلماء: يتسرى بها (يعني يجامعها).
والتسري غير الجماع من وجهين:
الأول: يفعل بالسر دون إذن الزوجة.
الأمر الآخر: يدخل السرور على نفسه بهذه الأَمة.
ولكن هذه الأَمة متى حملت؛ فهي أم ولد، ثم هذه الأَمة لَما يطؤها سيدها؛ يحرم شرعًا أن يطأها غيره، وإن باعها لغيره فالواجب عليه أن يستبرئها بحيضة، يحرم أن يطأها اثنان.
يوجد تدابير شرعية وأحكام مرعية، منزلة من عند رب البرية وهي التي تصلح أحوال الناس.
والتفاصيل تحتاج إلى فقه، وأحكام الإماء أحكام كثيرة.
لكن أنا أسأل :
الأَمة؛ من الذي يقرر شرائها؟ ومن الذي يختارها؟
الزوجة.
أنت عندما تأتي إلى البيت بأمة من الذي يختارها؟
الزوجة.
ولذا قالوا: كلما كانت الأَمة بشعة أكثر؛ كانت ثمينة أكثر.
لماذا؟
لأن الذي يختارها الزوجة.
اليوم الخادمات اللاتي في البيوت هل هن إماء؟
أعوذ بالله.
يعني عندك خادمة في البيت، وهذه الخادمة مثلاً، من اندونيسيا مثلا أو من أي بلد من بلاد المسلمين، هل الخادمات في البيوت الآن إماء؟
أعوذ بالله، هي حرة وليست أمة ويحرم شرعًا التمتع بها، وهي كسائر الأجنبيات عنك، ليست أمة، الإماء هن سبايا الحرب.
مسألة أخيرة وبها أختم :
إذا وجدت معاهدات عالمية بأن السبايا لهم حقوق، والكفار عملوا بهذه الحقوق، فإذا أخذوا سبايا من المسلمين؛ فيحرم من خلال هذه المعاهدات العالمية أن يطأ الكفار نساء المسلمين، فالواجب علينا أن نلتزم بهذه المعاهدات حفاظا على نسائنا عندهم، ويحرم علينا أن نطأ السبايا من أجل المعاهدات حتى نحفظ السبايا التي عندهم، فإذا وجد معاهدات وهذا هو الموجود؛ فحينئذ يحرم الوطء، لكن هل هو منسوخ؟
أخت تسأل هل المرأة تثاب عندما تستمع لدروس المشايخ، وتطلب العلم عن طريق الإنترنت، أم الأفضل الذهاب الى المساجد والمراكز المخصصة لحفظ القرآن، لأن بعض النساء تجد صعوبه في الذهاب بسبب أطفالها، وارتباطها بأولادها في المدارس؟
الجواب النبي صلى الله عليه وسلم يقول طلب العلم فريضة على كل مسلم،
عن أنس بْنِ مَالِكٍ قَالَ :عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنه قالَ : ( طَلَبُ العِلْمِ فَرِيْضَةٌ عَلَىْ كُلِّ مُسْلِمٍ ) . رواه ابن ماجه ( 224 ) .
وحسَّنه بكثرة طرقه وشواهده : شيخنا الالباني وهو في ” صحيح ابن ماجه ” .
وقال الشراح كلمة (على كل مسلم)؛ يشمل الذكر والأنثى، والروايه التي فيها على كل مسلم ومسلمة؛ فهي ضعيفة من ناحية (الرواية)، ولكنها صحيحة (دراية).
تأمل معي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
(طلب العلم فريضة)، مبتدأ وخبر.
الوسيلة (أي طريقة الطلب) غير مذكورة في الحديث، الإنسان إن كان طالب علم وجد واجتهد في الطلب، وطلب العلم عبادة لله سبحانه وتعالى؛ فقد أدى هذه الفريضة.
البركة والخير فيمن يَطلُب العلم؛ أن يطلبه في مجالس العلماء والمشايخ، وقد قالوا قديماً:
مَـن لا يَـنْفَعُك لَـحظُه؛ لا ينفعك وَعْظُه.
والحال والمقام للإنسان له تأثير أكثر من الوعظ والكلام، فالمرأة التي لا تستطيع الحضور فأقل واجب عليها أن تستمع دروس العلم، وأن تتعلم ما يلزمها في يومها وليلتها، وما يصلح ظاهرها وباطنها.
وأن تؤدي الحقوق التي أوجبها الله عليها من تربية أولادها على نور وبصيرة وعلم، فالتي تطلب العلم بأي وسيلة من الوسائل -سواء بـالإنترنت أو بالشريط أو بـالسماع؛ فـهذه كلها عبادة.
والواجب على طالب العلم أن يعتني بأهل بيته، وأن ينقل الخير من هذه المساجد إلى البيوت، فلما أصبحنا لا ننقل الخير من المساجد إلى البيوت؛ ابتلينا بأن الشر الذي في البيوت أدخل إلى المساجد.
الأصل أن الخير الذي في المسجد ينقل إلى البيوت، ما تتعلمه في المسجد؛ أجمع أهلك وذَكِّرهم واشرح لهم، قال الله تعالى:
-: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ (التحريم: 6)
الواجب على الإنسان أن يقي نفسه وأن يقي أهله النار، يقول علي رضي الله عنه أدبوهم وعلموهم.
وهذا معنى قول الله عز وجل “قوا أنفسكم وأهليكم نارا”
أدب أهلك وعظهم وعلمهم حتى تنجو أنت ومن معك، ومن هم تحت إمرَتِك فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.
عدونا الأول هو إبليس أمهله الله إلى قيام الساعة رغم عصيانه وتكبره، وبنو إسرائيل عدونا الثاني وأكبر من آذوا أنبياء الله، قضى الله لهم بالعلو في الارض، علواً كبيراً ، هل ترشدونا بارك الله فيكم، بالحكمة التي ترونها لنا سائر البشر إن كان فيها فائدة لنا من إمهالهم وعلوهم رغم تكبرهم وكفرهم، وهو جل وعلا قادر عليهم؟
الجواب:
يقول يوسف بن أسباط يقول الله تعالى في ما أنزل الله عز وجل على انبيائه: من عرفني وعصاني سلطت عليه من لايعرفني.
اليهود قبحهم الله عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة، اليهود ابتلى الله عز وجل المسلمين بهم، وكان تمكن اليهود وعلوهم هو الذي جسد معاصي المسلمين.
معاصي المسلمين تتجسد في أشياء وهذه الأشياء في هذا الزمان، تجسدت معاصي المسلمين في أن مكن الله تعالى عدوهم منهم.
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب ذلك وهو حب الدنيا وكراهية الموت.
فرق ما بيننا وبين من قبلنا من أسلافنا أشياء، ومن هذه الأشياء أن أسلافنا كانوا يحبون الموت في سبيل الله كحبنا للحياة.
قل لي بالله عليك: أعداؤنا يقاتلون أقواما وهؤلاء الأقوام الذين يقاتلونهم؛ الموت أحب إليهم من الحياة.
نتيجة الصراع ماذا سوف يكون؟
الذي يحب الحياة يقول لمن لا يحب الحياة:
ماذا تريد مني أنا أعمل لك، وخلاص ما بقى له إلا هذا.
لكن نحن لما تكالبنا على الحياة وانشغلنا في الدنيا، وعرفنا الله وعصيناه؛ سلط الله علينا من لا يعرفه عز وجل في علاه.
أضرب لكم مثالا:
ولدك أنت تحبه، وهو بضعة منك، لما يغضبك تحمل حذاءك وتضربه.
أنا أسأل سؤالا الآن:
هل تريد أن تعز الحذاء أم تريد أن تذل الولد؟
الأمر عندكم: تريد أن تذل الولد أم تريد أن تعز الحذاء؟
فلما ابتلانا الله عز وجل في اليهود، هل الله عز وجل يريد عزهم أم يريد ذلنا؟
هل الله عز وجل يريد عز اليهود؟ معاذ الله
اليهود قتلة الأنبياء واليهود ما بيَّن الله عز وجل في كتابه قوماً، مثل بيانه لِحالهم.
لكن الله عز وجل يريد ذلنا، والسبب لذلنا:
المعاصي التي نحن عليها، إلى الله المشتكى ولا حول ولا قوه إلا بالله.
هل العلم الذي ندرسه في المدرسة يعتبر علما نافعاً ؟
الجواب: العلم النافع أول ما يطلق هو قرين العمل الصالح.
فالخير كله في العلم النافع والعمل الصالح، العلم بسببه تدرء الشبهات، و العمل الصالح بسببه ترفع الشهوات، فكل خير في الدنيا يقسم إلى قسمين لا ثالث لهما.
علم نافع وعمل صالح، وكل شر في الدنيا ينبع من أمرين لا ثالث لهما، الشبهة والشهوة، وتمام الخير أن تعمل عملا صالح مدعما بالعلم الشرعي، لا تعمله بغفلة ولا تعمله بعادة وإنما تعمله على بينة، وعلى دليل، وكل الشر أن ترسخ فيك الشهوة وهذه الشهوة تغذيها الشبهة.
فمن عنده شهوة وغذيت بالشبهة؛ هذه يستحيل أن تزول، ومن رزقه الله تعالى علماً نافعا مدعما بالعلم الشرعي؛ هذا على خير في الظاهر والباطن والأول والآخر، وهو على خير في كل شيء.
هذا هو الدين، كل أحكام الشرع وأحكام الدين علم نافع وعمل صالح.
الآن: ما نتعلمه ولا يقربنا إلى الله عز وجل لكن يوسع مداركنا ويفهمنا في حياتنا مثل العلوم التجريبية علوم الكيمياء والفيزياء وما شابه هذه علوم فيها نفع وفيها أجر، لكنها ليست كعلوم الشرع.
أخ يقول نحن في هذه الأيام في شهر شعبان فما لِـهذا الشهر من فضائل؟
الجواب:
شهر شعبان شهر بين رجب ورمضان، ويغفل عنه كثير من الناس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
«ذلك شهرٌ يغفُل الناس عنه بين رجَب ورمضان، وهو شهرٌ تُرفَع فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالمين، فأحبُّ أن يُرفَع عمِلي وأنا صائِم» حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة(١٨٩٨)
رجب كانت مضر تعظمه، وكانت تصومه كله.
ورمضان شهر معظم في جميع الأديان، فبقي شعبان الذي يغفل عنه كثير من الناس.
وإذا أردت أن تعرف فضل شعبان فانظر إلى بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر.
فالطاعة الظاهرة في شعبان في بيت النبي صلى الله عليه وسلم التي كانت تمارس من قِبَل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر أزواجه الصيام.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول أحب أن يرفع عملي وأنا صائم، وفي الصحيحين عن أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: “ما رأيتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم استكملَ صِيامَ شهر قطُّ إلاَّ رَمَضان، وَما رَأَيْتُهُ في شَهْرٍ أكْثَرَ مِنه صِيَامًا في شَعْبَان” (متفق عليه).
كان يصوم رمضان كله ثم من أكثر الشهور التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصومها هو شهر شعبان.
بل ورد في مسلم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله، ولكن الغالب على أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان كثرة الصيام في هذا الشهر.
الأصل في الإنسان في شعبان أن يهيئ نفسه لاستقبال رمضان بأن يعزم ويحسم في الطاعات ويكثر منها، وأن يُحكِم صلته بالقرآن، فإذا أردت أن توفق في رمضان لقراءة القرآن فتدرَّب من الآن.
إبدأ تدرُّب من الآن، وأقبِل على القرآن الكريم.
إن كان الله عز وجل يغفر الذنوب في رمضان؛ فإنه يغفر الذنوب إلا فيما هو متعلق بحقوق الخلق، ولذا الواجب على الإنسان في شعبان أن يراجِع حساباته مع الخَلق، ولا ينبغي له أن يمر منتصف شعبان؛ وبينه وبين أحد من الخلق شحناء.
فالله عز وجل يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان، ويغفر لكل أحد إلا لمشاحن.
فالأصل في الناس قبل أن يدخلوا في شهر رمضان؛ كل منهم يعيد حساباته، فأي مشاحنة من أجل الدنيا؛ فالواجب أن تزول.
ولا يجوز لأي انسان أن يدخل في رمضان وبينه وبين أحد من الخلق؛ شحناء.
وسلامة الصدر أقرب طريق لدخول الجنة، أن يكون صدرك سليما على خلق الله عز وجل.
والناس اليوم الشحناء بينهم -ولا حول ولا قوه الا بالله- كثيرة، ولا سيما بسبب الدنيا وحطامها، ومطامعها وما شابه.
فمن كان بينه وبين أحد من المسلمين شحناء؛ فالواجب عليه؛ قبل أن يدخل رمضان أن ترفع هذه الشحناء وأن يتواضع إلى الله عز وجل، ومن تواضع لله عز وجل رفعه الله سبحانه وتعالى.
السؤال الخامس عشر:
هل صحّ عن الإمام مالك أنه يجوّز أكل الكلاب؟
الجواب:
شَهر هذا الزمخشري في بيت شِعر، ومنهم من قال أن الله عزّ وجل يقول:
((قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيم)).ٌ الانعام 145
” قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً” فقالوا: الميتة وما ذُكر بعدها فهذا حرام، وما سكت عنه الشرع فهو عفو، فقالوا الإمام مالك يجوّز أكل الكلاب، وهذا ليس بصحيح، وليس بسديد.
يا ليت قومي يعرفون أمراً مهماً، ويا ليت قومي يعرفون أن الله جل في علاه يعلم ما مضى وما هو كائن وما سيكون ويعلمون أن نصوص الشرع -الكتاب والسنة- فيها الغنية والكفاية وتستغرق حاجات الناس إلى يوم الدين، نصوص الشرع تستغرق حاجات الناس إلى يوم الدين.
الشرع ما جاء بتحريم أو بالتنصيص على كل مسألة، الشرع قال قواعد، ثم هذه القواعد، فنص واحد يشمل أمور لا حصر لها، بعض علماء الكلام يقولون: أنّى للنصوص المحدودة: أن تبين أحكام حوادث غير محدودة.
وهذا كلام باطل، لأن الله جل في علاه يعلم ما سيكون إلى يوم القيامة.
هل يوجد شيء على وجه البسيطة ليس له حكم شرعي؟ أسألكم، في شيء ما له حكم شرعي؟ لا، طيب كيف الحُكم الشرعي يؤخذ، والنصوص محدودة ومحصورة؟ تحتاج إلى عالم يستنبط الأحكام استنباطاً دقيقاً، وحاجة الناس موجودة في الموضوع
يعني أمثّل لكم بمَثَل سهل، علماؤنا تكلموا عن حُكم الطواف وحُكم السعي وحُكم الرمي في الحج من خلال الطوابق، والنبي ﷺ لما طاف ولما سعى ولما رمى، طاف على الدابة، تخيل أن النبي ﷺ أدخل ناقته وطاف حول الكعبة وهو راكب، ودخل المسعى وسعى عليه وهو راكب، وذهب للجمرة الكبرى ورماها وهو راكب، شو يعني ؟ يعني قدَمي الرامي والساعي والطائف لا يلزم أن تلمس المطاف أو المرمى، إيش المعنى؟ لو رميت في الطابق الثاني والثالث، وسعيت في الطوابق ما في حرج، هذا النبي ﷺ الله الذي أوحى له ذلك، يعني مسألة مهمة، حتى علماء الحديث يذكرون لنا بالأسانيد النبي عليه السلام طاف راكباً وسعى راكباً، نعم. لحاجتنا نحن لهذا الحُكم الآن، في العصر الأول ما كانوا يعرفون الحاجة، وكانت الحاجة محصورة، أما الآن الحاجة كبيرة، لعلك بعد مائة سنة تجد الطواف مائة طابق ما تدري، ما تعرف، يعني اليوم يقولون: بعد سنوات قليلة يصبح حوالي ثلاثين مليون الحج، موسم الحج يتسع لثلاثين مليون، يعني ثلاثين مليون يعني ستة أضعاف أو سبعة أضعاف الحجيج الآن.
الشاهد: نصوص الشرع محصورة، طيب الكلب حرام؟ نعم حرام، ليش حرام؟ لأن ما أكل بنابِهِ فهو حرام.
النبي صلى الله عليه وسلم ما قال الكلب حرام، والذئب حرام، والكذا حرام والكذا حرام، فالشرع أعطى قاعدة، وهذه القواعد تكفي الناس إلى يوم الدين (قواعد عامة)، فالطير الذي يصيد بمخلبِهِ والحيوان الذي يأكل بنابِهِ حرام، وهذا يشمل ليس فرداً وإنما يشمل نوعاً، والنوع يدخل تحته مجموعة أفراد، فالقول بأن الكلاب حلال، أو جوّزها الإمام مالك هذا ليس بصحيح.
والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة:
٢٩، رجب، ١٤٤٠ هـ
٥ – ٤ – ٢٠١٩ افرنجي
↩ رابط الفتوى: http://meshhoor.com/fatwa/2930/
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍?✍?
السؤال الرابع عشر :
رجل عقد على امرأة، وتم كتب العقد وتوثيقه، وثم بعد مدة أراد الرجل أن ينفصل عن هذه المرأة دون سبب، فطلب من زوجته قبل الدخول بها أن تتنازل عن المهر فهل هذا جائز؟ وقد طلب منها ذلك وإذا لم تفعل يتركها من دون طلاق.
الجواب :
هذا أذى وإيذاء المسلم للمسلم حرام، رجل عقد على امرأة، ووثّق العقد وكتب لها مهر، ثم بدا له بسبب أو بآخر بعد عِشرة أن يتركها.
لذا أنا أقول لأولياء الأمور: إن عُقد على ابنتك إجهد أن لا تطول مدة العقد.
واليوم القضاة في المحاكم الشرعية يقولون في الشتاء نطلق وبالصيف نزوج، وحالات الطلاق في المجتمع أكثر من حالات الزواج، والأمر خطير للغاية، نسبة الطلاق الآن مرتفعة جداً لأن الناس يعيشون سعادة نابعة من وسائل الإتصال الحديثة، يعيش في حياة كما يصنع الإعلام وكل شيء تحت يديه، ترى سعادة الأزواج أن تنظر في الأفلام، وهذه سعادة مثالية ما أنزل الله بها من سلطان، فلما تواجه أدنى مشكلة في الحياة فالزوجة طالق.
طبعاً وسائل الإعلام متآمرة جداً، متآمرة بطريقة لا يمكن أن توصف واللسان يعجز عن وصفها في عدم بناء أسرة ولا أقول أسرة مسلمة، هم لا يريدون أسر أصلاً.
يريدون الشهوة والعياذ بالله تعالى التي لا حد لها والشهوة يكون التمتع بين الرجال والنساء تمتع بحرام.
لا يريدون الإرتباط الأسري وهذا أمر خطير جداً والكثير من المجتمعات اليوم للأسف تشكو منها.
من أراد أن يطلق إن طلب من زوجته أن تتنازل عن مهرها فاستجابت لها ذلك.
لكن المرأة لمّا تتنازل عن المهر ليست مجبورة على هذا التنازل ومن حقها الشرعي إذا لم يدخل بها أن تطلب نصف المهر، إذا عقدت عليها وبعدها طلبت أن تطلق لها نصف المهر، نصف المقدم ونصف المؤخر، هذا من حقها وليس للزوج أن يجبرها وليس له شرعاً أن يمتنع من طلاقها حتى تتنازل له إلا في صور وحالات.
هذه الصور والحالات هي التي تحتاج إلى بيان المفتي بعد أن يسمع ملابسات الحادثة، أما القاعدة والأصل أن المرأة إن طُلقت ولم يُبنى بها أي لم يدخل بها الزوج فلها نصف المهر.
الجواب :
لا، جميع أحاديث القيء التي تنقض الوضوء ضعيفة ومنهم من صَرَّف بناءً على أقوال التابعين ومنهم من عزا شيئا للصحابة، والذي أحفظ وفصلت هذا طويلا في كتاب الخلافيات للإمام البيهقي ومنهم من فرق بين القلص والقيء، والقلص الشيء الذي يخرج وهو قليل لا يملأ الفم أي أنه شيء مرتجع ولكنه قليل فقد قالوا: هذا لا ينقض الوضوء وأما القيء الذي يملأ الفم فهذا ينقض الوضوء ،وأحاديث أبي داوود التي ذكرها في سننه كلها ضعيفه وذكرت لكم مرة أن الإمام أبا داوود في سننه يذكر أرجى الأسانيد فإن كانت الأحاديث ضعيفه فلن تجد خارج سننه في هذا الباب ما هو ثابت عن الرسول عليه الصلاة والسلام، فالأحاديث التي فيها أن القيء ينقض الوضوء الذي كلها ضعيفه وكلها لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ،وعليه كل من قاء وهو متوضئ ليس عليه شيء ووضوؤه صحيح