السؤال :
ذكرت أن طاعة الأب تقدم على طاعة الأم، وذلك أن الأم تجب عليها طاعة الزوج.
الجواب:
والمعنى أيضا أن الأم عاطفية كل يوم الأم في رأي، فإذا قدمت طاعة الأم على طاعة الأب فأنت اضطربت، الرجل غالبا يكون عقلاني، وأمره يكون غالبا منضبطا بخلاف الأم .
تتمة السؤال :
ماذا لو كان الابوين مطلقين؟
كذلك لو أبوك طلق والدتك، وأبوك يأمرك بشيء وامك تأمرك بشيء فتطيع من؟
تطيع الأب.
عندك فضل مال وأنت فقير وعندك فضلة قليلة من المال، ولا تستطيع أن تنفق على الوالد و الوالدة فتنفقها على من وكلا الوالدين محتاجين تنفقها على من؟
تنفقها على الوالدة لا على الوالد.✍️✍️
السؤال:
ما هو دور الأبناء تجاه آبائهم الذين هم تاركي الصلاة.
الجواب:
النصيحة والدعاء.
الوالد الله جل في علاه أكرمه فجعل دعاءه مستجابا.
دعاء الوالد لولده
ثلاثة يستجيب الله لهم وذكر النبي صلى الله عليه وسلم من بينهم دعاء الوالد لولده.
أما دعاء الولد لوالده ليس مذكورا. لكن الإلحاح والحرص والنصيحة والمعاملة بالتي هي أحسن فهذا الذي نستطيع.
الله جل في علاه اثبت للهداية للنبي صلى الله عليه وسلم تارة ونفاها أخرى.
فاثبتها بقوله في آخر آية في الشورى (وَإِنَّكَ لَتَهۡدِیۤ إِلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ [الشورى ٥٢]
لام التأكيد.
ونفاها عنه في قوله سبحانه في سورة القصص (إِنَّكَ لَا تَهۡدِی مَنۡ أَحۡبَبۡتَ).
لا تهدي من أحببت بمعنى اللزوم. الهداية إما اللزوم، وإما الدلالة.
(وإنك لتهدي من أحببت) تدل .
(وإنك لا تهدي من أحببت) تجعله ملتزما.
أنت تملك المسافة من فمك إلى الإذن، والمسافة من الإذن للقلب بيد الله.
هذا لا نقدر عليه.
المسافة بين الإذن والقلب لا نقدر عليها إلا بأن نتوسل إليه ونسأله وندعوه بأن يجعل الكلام ينفذ من الإذن إلى القلب.
فالنبي صلى الله عليه وسلم كان حريصا على هداية عمه أبي طالب وما كتب له الله الهداية، فكتب الله الهداية لسلمان، سلمان الذي ذهب….بلاد فارس وتقلب من دين لدين وبيع واستاذن من مولاه فرأى النبي صلى الله عليه وسلم.
الإمام ابن القيم في كتابه الفوائد لفتة بديعة أنصحكم بقراءتها ختمها بقوله فكأن الله يقول لمحمد صلى الله عليه وسلم: إنك يا محمد تريد أبا طالب وأنا أريد سلمان و لا يكون إلا الذي أريد.
في الهداية لا يكون إلا الذي يريده الله سبحانه وتعالى.
فنأخذ بالأسباب والدعاء والمعاملة الحسنى وما شابه.
السؤال:
قال النبي -صلى الله عليه وسلم- يوصي من سأل من أحق الناس بصحبته ؟ قال أمك ، قال ثم من ؟ قال أمك ، قال ثم من؟ قال أمك .
فهل أجد ثواب بر الأم أفضل عند الله من بر الأب ؟
الجواب:
برٌّ الأم آثاره أسرع من برٌّ الأب ، وبر الأم يشمل الدنيا والآخرة ، قال الله تعالى: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا}.
لذا الناس يقولون فلان هو يعيش في هذه الحياة بسهولة بسبب بركة بره بأمه فهذا صحيح ، فالذي لا يبر أمه فهو في الدنيا شقي و جبار.
قال تعالى:{ وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا}.
ما قال شقيا.
الأم شقيا والأب عَصِي.
أنت الآن تسأل عن المفاضلة بين بر الأم وبر الأب فيما؟
ففي النفقة الأم مقدمة على الأب.
في الطاعة ، أيهما مقدم ؟
الأب.
الأم يجب عليها أن تطيع زوجها.
فمن باب أولى أن يُقدم الولد طاعة أبيه على طاعة أمه.
إذا كانت الأم ملزمة بطاعة الزوج فالولد من باب أولى أن يقدم طاعة الوالد على طاعة أمه.
أما في النفقة فتقدم النفقة على الأم على النفقة على الأب.
الواجب عليك أن تنفق على أبويك، إن كنت لا تستطيع إلا أن تنفق على واحد فنفقة الأم مقدمة على نفقة الأب.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
١- جمادى الأولى – ١٤٤٤هـ
٢٥ – ١١ – ٢٠٢٢م
السؤال:
هل الولد الذي والِدهُ حُر وأُمه أَمَّةً وتُعتق بسبب ولادته، هل يكون هذا الولد وفّى أمه حقها لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يوفّي ولد والده إلا أن يجده عبداً فيعتقه.
الجواب:
الحديث عند مسلم: لا يَجْزِي ولَدٌ والِدًا، إلَّا أنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فيُعْتِقَهُ. وفي رِوايَةٍ: ولَدٌ والِدَهُ.
صحيح مسلم(١٥١٠)
متى يستطيع الولد أن يفي أباه حقه؟ قال الوالد ولم يقل الوالدة.
النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يجزئ ولد عن والده. ما قال الوالدة، لا يُمكن ولا يوجد صورة، هذا يسمى عند علماء التفسير وعلماء شرح الحديث التعليق على مستحيل، الله عز وجل في كتابه ونبينا صلى الله عليه وسلم في صحيح حديثه علّقوا أشياء على مستحيل، من مثل قول الله تعالى: { قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ}
إن كان للرحمن ولد: هذا تعليق على شرط مستحيل، مستحيل أن يكون لله ولد.
لكن أنتم أيها المشركون تعبدون غير الله فلو كان مع الله ولد فأنا لا أعبد إلا الله. وكقوله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: قالَ: كانَ نَبِيٌّ مِنَ الأنْبِيَاءِ يَخُطُّ، فمَن وافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ.
صحيح مسلم (٥٣٧)
كان نبي: المراد بالنبي ادريس عليه السلام. معنى يخطُّ: يمسك ويخطُّ في التراب فإذا خطَّ أنزل الله عليه الوحي فيعرف الغيب من الوحي عند خطّه في التراب، وليس علم الخط وعلم الرمل الذي يزُعم أصحابه اليوم بأنهم يعرفون الغيب، فهذا من الشرك.
فكان نبي يخطُّ فعلّق النبي صلى الله عليه وسلم علم الغيب على موافقة الخط، وموافقة الخط أمرٌ مستحيل.
وبالتالي موضوع أن يُجزئ الولد والده يستحيل أن يُجزئه.
لكن الأم؟ الأم ممكن، الرجل إذا وطأ أمَّتَه فتصبح أمَّتُه بعد أن تلد تصبح أمَّ ولد، فإن اصبحت أم ولد فحينئذ تُعتِق أمها، لكن لا يلزم الرجل أن يطأ أمّته، الناس قديماً لمّا كان عندهم عبيد والعبيد ذكور وإناث يُزوجوهم بعضهم ببعض، فيتكاثرون، فالعبد يكثر تجارة.
الحر إذا ما استطاع أن يطول الحرة يجوز له أن ينكح الأَمَّة والأحسن ألا يفعل، فإن نكح أَمَّةً فأولاده عبيد لمالك الأَمّة، أولاده يصبحوا عبيداً.
الولد يتبع أمه في النسب وفي الحرية وفي أعلى النسب.
لذا قال أهل العلم رجل أُمه شريفة من آل البيت، وأبوه من عوام الناس، فالولد شريف فيلحق أمه.
يعني الشريف من هو الشريف؟ من كان أبوه شريفاً ومن كانت أمه شريفةً أيضاً. طبعاً كلمة السيدة وكلمة الشريفة في الشرع لا تُطلق إلا على عِليَّة القوم وإلا على أصحاب الديانة وأصحاب الفضل وأصحاب العلم وأصحاب السيادة، لا تُطلق في الشرع السيدة على العاهرة والمتبرجة والمجرمة والآثمة، هذه في الشرع لا يجوز لك أن تقول عنها سيدة.
السيدة من هي؟ ذات السيادة، من عندها سيادة.
وذات الشرف.
الشريف تطلق على الإنسان أنه شريف إذا كان من أهل البيت، إذا كان من أهل البيت يسمى شريفاً. فمتى تُسمّى شريفاً؟ إذا كانت أمك من آل البيت فأنت شريف وإذا كان أبوك من آل البيت فأنت شريف أيضاً، الشريف جاء من الجهتين الأب أو الأم حتى لو كانت الأم أرفع من الأب في النسب فالولد في النسب يلحق بأمه. لذا أُمه لو كانت أَمَّة وأبوه حر فيلحق بمن؟ يلحق بأمه ولا يلحق بأبيه.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٢٤ – ربيع الثاني – ١٤٤٤هـ
١٨ – ١١ – ٢٠٢٢م
السؤال:
خالتي جارة لي تؤذيني بكل ما يُتاح لها هي وأولادها وقمت بزيارتها ولم تستقبلني ولا تخرج للسلام ، هل أنا اّثم في عدم زيارتها ؟
الجواب:
الخالة أُمْ كما ثبت في الصحيح.
اسألك من أقرب اليك عمك أم خالك ؟
العم أقرب من الخال.
((الخالُ وارثُ مَن لا وارثَ لَهُ)) صحيح أخرجه أبو داود (2899 )، وابن ماجة (2634 )، وأحمد (17214 ) ،
من أقرب اليك الخالة أم العمة؟
الخالة.
الخالة أقرب من العمة.
والعم أقرب من الخال.
الخالة أُمْ.
لذا في الحضانة إذا فُقدت الأم وفُقدت الجدة من جهة الأم، من الذي يحضن؟
الخالة، لأن الخالة أُمْ .
واحد مبتلى خالته لا تحبه، ابحث عن الأسباب.
وأنا أعجب من رجل لا يستطيع أن يملك قلب امرأة ولا سيما الأزواج مع الزوجات أنا استغرب جدا، رجل كيف يفقد قلب زوجه أو قلب رحم له، المرأة عاطفية بكلمة أو قُبْلَة على رأسها تتغير خالص.
فلك عمة، لك خالة، لك أُمْ بعض الناس مع أمهاتهم هكذا مع أمه لا تحبه ، للاسف الكبير.
قلب الرجل وعقل الرجل أوسع من قلب المرأة.
فخالتك تودد إليها أبحث عن الأسباب وابقَ على صلة معها.
والتصدق وسيلة من الوسائل.
كان ابن سيرين يوصي الأزواج بأُمْ الزوجة، فيقول: إن سلمت لك حماتك سلمت لك زوجتك.
بعض الناس مشكلته في بيته أنه مشكلته مع الحماة وليس مع الزوجة. فكان ابن سيرين يقول تصدق على الأُمْ تسلم لك البنت.
اهدِ الخالة، اهدِ الرحم ، الهدية المال، إذا كنت صاحب يسار فاستخدم هذا المال ((تهادَوْا تحابُّوا)) حسن أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (594).
فابذل ما تستطيع وإياك أن تقطع رحمك .
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٢٤ – ربيع الثاني – ١٤٤٤هـ
١٨ – ١١ – ٢٠٢٢م
السؤال:
ولَدٌ بّار يقول أنا أعمل مع والدي في محِلِّه ، وهو يحتاج إليَّ في عملِهِ ، ولكن لا أريد أن أُكمِل معهُ حتى لا أكونَ عاقًا ، هل تركي لهُ من دونِ موافقتِهِ من العقوق ؟
الجواب:
لا تترك والدك بعملِهِ إلّا بإذنه إن كُنتَ بارًّا .
جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم لِيَكْتَتِبَ في الجِهاد ، الجِهاد فرض كِفايه وبِّر الوالدين فرض عَيْنْ وإذا تعارضَ فرض العَيْن مع فرض الكِفايه أيُّهُما يُقَدّم ؟ فرض العَيْن ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :
أحيٌّ أبواك ،قال: نعم ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام له :
ففيهِما فجاهِد “، هذا الحديث لو قرأت كُل كُتُب الدُّنيا ما تفهمُه ، متى تفهم هذا الحديث؟ عندما يكون أبويك عندَك تعرف هذا الحديث . ففيهما فجاهِد, عندما يعيش أبويكَ عندك تُحسِن هذا الحديث .
الوالد عندما يكبُر هو مُقبِل على الآخره وانت مُدبِر عن الآخره مُقبِل على الدنيا الإهتمامات تختلف تمامًا تأتيك الأوامر تترى، وهذه الأمور ليس في عِنايتَك فإهتمامات الوالد غير إهتماماتك فيبدأ يشعُر الولد بالمشّقّه ، لا يقدر الولد أن يبِّر أباه وهو عنده إلاّ إن جاهَدَ نَفسه هذا معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم ففيهما فجاهِد ، أبوك يقولُ لك إبقى معي فلا تتركُهُ جاهِد نفسك وابقٓ معه وإذا أردْتَ أن تترُكَهُ فلا بُدَّ من إذنهِ والله تعالى أعلم .
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٣ – ربيع الأخر – ١٤٤٤هـ
٢٨ – ١٠ – ٢٠٢٢م
السؤال:
هل يَلزَم من عقوق الأبناء للآباء أن يكون الجزاء من جنس العمل ، وإن تاب الأبناء بعد موت الوالدين؟
الجواب:
هذا أمر ليس لك ، هذا لله ، والجزاء من جنس العمل :
قاعدة مُطَّرِدة.
لله سنة في الشرع ، ولله سنة في الكون ، فإن تُبت ولجأت إلى الله عز وجل بِصدق ، وأحسنت إلى أبويك ، وما تركت الدعاء لهما ، وعملت على وصل من يحب والداك ؛ فلعل الله عز وجل يهون عليك.
أما بر الوالدين من أهم أسباب الطاعات ، ومن أهم أسباب التوفيق في هذه الحياة.
(يعني مهما حَـلَّـقتَ ، وصار لك أجنحة ، وطِرت في موقعك الاجتماعي ، وفي مهنتك ، وفي كثرة المال عندك ، وأصبحت صاحب مَنصب) ؛ أمام الوالدين اخفِـض هذين الجناحين ، وتعامل مع والديك بذُل ورحمة.
كان قتادة بن دعامة السدوسي التابعي الجليل تلميذ أنس بن مالك ، كان لَمّا يجلسْ مع أمه يفتفت لها الطعام ولا يأكلُ ، وكان إذا تكلم بين يديها ؛ يَـشعر السامع أنه يتكلم بِـذُل.
فلما سُئل:
لماذا لا تأكلُ ؟
قال :أخشى أن أضع لقمة في فمي ، تشتهيها أمي فأُطعمها ولا آكل.
ولما سُـئل عن كلامه معها ، قال:
“واخفض لهما جناح الذل”.
الولد إن تكلم مع أبويه ؛ السامع يقول هذا يتكلم بِذُل.
هل هكذا حال الأبناء الآن ؟!
والله يا إخوة مات لي أبوان أسأل الله لهما الرحمة.
ما ندمت على شيء إلا على عدم إكمال برهما ، ومن أكمل البر لأبويه ؛ يَعلم.
إن كان الوالدان عندك في بيتك -وهذا الذي امتن الله عليَّ به في آخر حياتي- أن الرجل لا يستطيع ذلك إلا أن يجاهد نفسه جهادًا عظيمًا.
جاء رجل يطلب الجهاد في سبيل الله ، فقال له ﷺ أحيُّ أبواك ؟ قال :
نعم.
فقال النبي ﷺ له :
ففيهما فجاهد.
هذا الحديث مَن يفهمه ؟!
والله لو قرأت كل كتب الدنيا ، وأنت تبحث عن فقه هذا الحديث ؛ لا تفهمه إلا إن كان أبواك عندك.
عندما يكون أبواك عندك في بيتك ؛ في كل لحظة تستحضر هذا الحديث ، أن تجاهد في أبويك.
والله يقول عز وجل في كتابه:
{وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ }…
ولم يكن ؟
السؤال:
عند سفري للعمل خارج البلد والدي لم يضيفا زوجتي وأولادي عندهم بالبيت مدة سفري، علما بأني طلبت منهم ذلك وكنت في أشد الحاجة لذلك، ثم بعد ذلك استقبلا أولاد أختي مدة خمسه سنوات للإقامة عندهم، مما تسبب ذلك بصدع في قلبي وتراجع في البر لأبوي، فهل هناك نصيحة؟
الجواب:
هذا حال البيت الذي تحكمه امرأة. المراة دائما تميل لبناتها، والرجل يميل لأولاده.
فالمرأة التي تحكم البيت راح تستقبل بنتها وتحفو فيها وتنبسط معها والولد ليس له وزن.
وجوابي على سؤالك قول الله تعالى :
﴿وَإِن جَـٰهَدَاكَ عَلَىٰۤ أَن تُشۡرِكَ بِی مَا لَیۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمࣱ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِی ٱلدُّنۡیَا مَعۡرُوفࣰاۖ وَٱتَّبِعۡ سَبِیلَ مَنۡ أَنَابَ إِلَیَّۚ ثُمَّ إِلَیَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾ [لقمان ١٥].
فإن لم يستقبلوا زوجتك فهم فعلوا أدنى مما قال الله:﴿وَإِن جَـٰهَدَاكَ عَلَىٰۤ أَن تُشۡرِكَ بِی﴾ [لقمان ١٥].
والله أوصاك أن تبرهما.
بر الولد للوالد ليس مقابل إحسانه.
لا تجعل برك لأبيك مقابل إحسان والدك أو والدتك لزوجتك وأولادك، الإحسان بر خالص لله -طاعة خالصة لله-.
لو أنت ابتليت بوالد مشرك أو والدة مشركه الله أوصاك أن تصاحبهما بالدنيا معروفا.
فصاحبهما ودع هذا الرأب الذي في صدرك وهذا السبب الذي أدخل عليك عدم برك لأبيك ضعه في القمر وأبعده عنك وأبقى بارا لأبيك واحرص على هذا البر.
وبرك لأبيك عباده خالصة لله عز وجل فحتى الله يمتحنك كيف برك لوالديك هل هو عباده أم إحسان مقابل إحسان، يقع مثل هذه الصور، فالواجب أن تشعر أنك تبر أبويك برا خالصا لله عز وجل.✍️✍️
السّؤال:
لي والد يلعبُ القِمار، ويُجبِرُنِي -وأخي- بدفعِ مبلغٍ أُسبُوعيّ له، قَدره: مائتا دينار، فما توجيهكم؟
الجواب:
هذه إعانةٌ مُباشرةٌ على المُنكر، والله -عزّ وجلّ- يقول: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوَانِ} [المائدة:٢].
الواجب عليك أن تنصحه.
القِمار -نسأل الله العافية- فيه إدمان، المُقامر مُدمِن، ولذا من سِرِّ اقتران الخمر بالميسر في قوله -تعالى-:
{إِنَّمَا الخَمرُ وَالمَيسِرُ} [المائدة:٩٠].
سِرّ الاقتران: (الإدمان).
فالعلماء يقولون: الكأس في الخمر تدعو إلى كأس، وأمّا في القمار، فيقولون: الدِّستُ في القمار يدعو إلى دِست.
ما معنى دِست؟
شَوْط (جُزءٌ من عمل مُقسّم)، اللّعبة تدعو إلى أُخرى، بل المُصلّي الّذي يشرب الخمر، والمصلّي الذي يُقامر، وَهُو في الصّلاة ينتابه دومًا شُعور شرب الخمر، والشّعور بالقمار.
وكذلك الزّنا -نسأل الله العافية- به إدمان، الله -تعالى- يقول عن الزنا:
{وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [اﻹسراء:٣٢].
(السّبيل): هو الطّريق المُمَهّد المسلوك.
فالّذي يزني مرّةً -نسأل الله العافية- إذا لم يكبح جِماح نفسه؛ يصبحُ الزّنا سبيلاً له، كالخمر والميسر.
قال النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث الصّحيح: “مدمنُ خمرٍ كعابدِ وثنٍ”.
أخرجه أحمد (2453)، والبزّار (5085)، وابن حبّان (5347) .
يُصبح الإنسان لا إرادة له، الّذي يُقامر والّذي يشرب الخمر.
فبالتّالي:
إذا وجدت من أبيك إلحاحًا وشدّةً؛ فوطِّن نفسك على الثّبات على عدم الاستجابة لهذا الإلحاح، فالقمار إدمان، والمدمن ينبغي أن يكون له علاج، والعلاج ينبغي أن يكون قاسيًا، ومن باب برّك بأبيك ألّا تعطيه المال للقمار.
بعضُ النّاس يتوهّم أنّهُ إذا ما أعطَيتُ أبي؛ فأنا مغضوبٌ عليَّ، وأنا عاق.
لا، برُّكَ بأبيك يستدعي ألّا تعطيه، وألّا تُعينه على المعصية، هذا برّك بابيك، ليس البرّ أن تلبي حاجة أبيك في كلّ ما يريد.
النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يقول:
“لا طاعةَ لمَخلوقٍ في مَعصيةِ اللهِ”.
رواه أحمد (١٠٥٩)، وصحّحه العلّامة الألباني في “صحيح الجامع”، برقم: (٧٥٢٠).
فالمخلوق -وإن كان أبًا، وإن كان كبيرًا، وإن كان مسؤولًا- إن طلب منك معصية؛ (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، هذا كلام النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-.
فأنت من برّك بأبيك أن تتعهّده، وأن يعيش أبوك كما تعيش أنت، هذا البرّ بأبيك، فعائشة -رضي الله عنها- تقول: (يد الوالد مبسوطةٌ في مال ابنه).
وهذا معنى قول النّبي- صلّى الله عليه وسلّم-: “أنتَ ومالُكَ لأبيكَ”.
أخرجه أبو داود (3530)، وابن ماجه (2292)، وأحمد (7001).
ما معنى أنت ومالك لأبيك؟
ليس كلّ مالك لأبيك، إذا كان كلّ مالك لأبيك، فكيف يكون للأب السّدس حينَ تموت؟
حين يموت الولد أبوهُ يأخذ السُدس؛ {وَلِأَبَوَيهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ} [النّساء:١١].
فأنت ومالك ولأبيك، معناه: يدهُ مبسوطةٌ في مالك، وإن أخذ من مالك خُفية دون أن تعلم ليس بسارق، ولا تُقطع يده، يده مبسوطةٌ.
لكن ليس لك أن تشتري لأبيك خمرًا، وليس لك أن تعطي أباك مالاً ليُقامِرَ فيه.
فالواجب عليك أن تبرّه، ومن البرّ بالأب: ألّا يلعب القمار.
والله -تعالى- أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
١٩ – صفر – ١٤٤٤هـ
١٦ – ٩ – ٢٠٢٢م
الجواب:
ماذا تريد أيها السائل؟
حق الولد على الوالد ؛ أو حق الوالد على الولد ؟
يقول : ما حق الوالد على الولد ، وحق الوالد على الولد ؟
الوالد إن دعوت له في كل صلاة لعلك تجزئه بشيء مما أحسن إليك ، فقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(( لن يجزئ الولد والده إلا أن يجده عبدا مملوكا ؛ فيشتريه، فيعتقه )).
ما معنى الحديث ؟
يستحيل يكون الولد حرا والوالد عبدا ، والنبي صلى الله عليه وسلم علق الإجزاء على أمر مستحيل ، كما قال الله تعالى:﴿قُلۡ إِن كَانَ لِلرَّحۡمَـٰنِ وَلَدࣱ فَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡعَـٰبِدِینَ ﴾ [الزخرف ٨١-]
( فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول : لن يجزئ ولد والده إلا أن يجده عبدا مملوكا ، فيشتري هذا العبد ، فيعتقه ، حينئذ يكون الولد قد أجزأ والده ، بمعنى أن الوالد له حق عظيم على أولاده ، ومن حقه عليهم أن يحسنوا إليه ، وأن يطيعوه في غير معصية الله . وأن يعاملوه بالحسنى ، ولو كان يأمر بالشرك ، بل وإن كان يجاهد مجاهدة أولاده على الشرك ، ﴿وَإِن جَـٰهَدَاكَ عَلَىٰۤ أَن تُشۡرِكَ بِی مَا لَیۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمࣱ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِی ٱلدُّنۡیَا مَعۡرُوفࣰاۖ وَٱتَّبِعۡ سَبِیلَ مَنۡ أَنَابَ إِلَیَّۚ ثُمَّ إِلَیَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾ [لقمان ١٥]
صاحب الوالد بالمعروف وهو يجاهدك على أن تشرك بالله ، ولذا حق الوالد عظيم ، وما أعق ذلك الولد لما يترك دعاءه لوالده ! والله هذا عقوق ، بعض الناس ما دعا لوالده أبدا ، ولا سيما لما تطول مدة الفراق ، بعض الناس يتأثر لما يموت أبوه أسبوعا ، أسبوعين ، شهرا، فهذا عقوق ، لكن العاقل ؛ لا يصاحب إلا من كان بارا، من كان (قاطعا) وليس ببار بأبويه ؛ اعلم أن هذا (سيجفوك) ( وإن لم يقع بعد ) فهذا لا يصاحب ، العاقل يبحث عن صحبة البار ، صحبة البار لا تضره أبدا ، فحق الوالد عظيم ، وللوالد حقوق بعد وفاته ، ومن أهم هذه الحقوق الدعاء له.
✍️✍️
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
١٣ – صفر – ١٤٤٤هـ
٩ – ٩ – ٢٠٢٢م