[ شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم :
يكفِّران تارك الصلاة الذي لم يسجد لله سجدة، أما الذي يضيِّع فرضًا أو يصلي ويترك، فلا يكفرانه، وهذا هو الراجح الذي أراه ]
فكل من في السماوات يسجد لله، وكذلك كل من في الأرض يسجد لله إن كان مسلمًا، وهنا لفتة سريعة يغفل عنها كثير من الطلبة: شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم صرَّحا بهذا في “إعلام الموقعين” :
يكفِّران تارك الصلاة الذي لم يسجد لله سجدة، أما الذي يضيِّع فرضًا أو يصلي ويترك، فلا يكفرانه، وهذا هو الراجح الذي أراه.
فأنا أرى أنَّه أخطأ من قال:
① إنَّ “تارك الصلاة ليس بكافر على الإطلاق”.
② أو قال إن تارك فرض من فروض الصلاة كافر.
بل أقول :
الذي لم يسجد لله سجدة قطُّ فهذا هو الكافر، وهذا تقرير شيخ الإسلام، وتقرير ابن القيم، وهذا أمر يحتاج طلبة العلم أن يبيِّنوه بالبحث عن هذا التقييد، وأحسن من بيَّنه الإمام ابن القيم في “إعلام الموقعين”.
الشاهد من الآية أن يسجد لله من في السماوات ومن في الأرض من الموفقين.
لذا نسأل الله العافية:
كل شيء يسجد إلا الكافر ، فهو لا يسجد لله عز وجل.
المصدر:
الدرس الثامن – شرح مبحث العام والخاص في أصول الفقه – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن.
التاريخ:
11 ربيع أول 1447 هـ
03 سبتمبر 2025 م✍️✍️
[نصائح هامة في كيفية التدرج في طلب العلم/ والاستفادة من دروس الشيخ علي الحلبي رحمه الله ]
هل نقرأ الكتب الستة ولسنا معنا من علوم الآلة؟
الجواب :
لا، خذ علوم الآلة، وهل علوم الآلة مشكلة ؟!
أنا سمعت أخانا الشيخ علي الحلبي، أخونا الشيخ علي -الله يرحمه- لَم يدرس الدراسات الأكاديمية، يعني بعد التوجيهي لَم يَدرس الدراسات الجامعية، في الجامعة.
يقول: “جلست عند الشيخ عبد الودود في الزرقاء ، رجل مُقرئ نحويّ (الشيخ عبد الودود) ، قال: جلست معه أربع مجالس، أربعة مجالس جلست مع الشيخ عبد الودود، أربعة مجالس، بعد ما جلس الشيخ علي رحمه الله مع الشيخ عبد الودود، يَـعسُر جدّاً أن تجد لَحناً للشيخ علي الحلبي في كلمة ، يَعسر جدّاً أن تجد الشيخ علي الحلبي (رحمه الله) يخطئ خطأً.
بينما نحن درسنا في الجامعة ، ودرسنا النحو في الجامعات، ودرسني الشيخ عبد العزيز الخياط النحو في الجامعة ، وأَلحَن، أنا أتكلم وأَلحَن، أشعر أني أَلحن، وبعدما ما تخرج الكلمة أحياناً أُصوِّب وأحياناً أَمشي ، وأحياناً ما أنتبه أنّه فيه لحن.
لكن إن سمعت للشيخ علي ما تسمع لحناً أبداً، وكل اللي بذله الشيخ علي في تعلم النحو أربعة مجالس، أربع ساعات!
لا تظل تقول: “علوم آلة، علوم آلة، علوم آلة” !
اجلِـس مع أخونا أبو محمد، أنا كفيل، جلست مع أخونا أبو محمد أربعة خمسة دروس خلاص، تستقيم تفهم علوم الآلة.
وبهذه المناسبة أخونا أبو محمد يُعلِن متى ستدرس النحو، الآجرومية، أي يوم؟ الآن الأسبوع القادم، متى تبدأ؟ الثلاثاء؟ الأحد؟ الاثنين؟ الاثنين، نعم، من يوم الاثنين يبدأ أخونا أبو محمد الآجرومية.
احضروا مع أخونا أبو محمد، والآجرومية لازم، اللي غير لازم بلاش منه، بأربع خمس دروس تصبح تفهم النحو، ما تبقى عقدة علوم الآلة، كم درس حضرت يا من سألت عن علوم الآلة؟ كم درس حضرت لمسلم؟
لعلك أربع خمس سنوات على الأقل!
تقول: “علوم آلة، علوم آلة” !
اجلس عند أخونا جزاه الله خيراً، الأخ سامي، اجلس مع الأخ سامي قبل درس مسلِم، تواعد وإياه قبل درس مسلم، وادرس عليه أربع خمس دروس، خلاص خلصنا علوم الآلة، ونمشي.
علوم الآلة شيء معين فقط ليس هو علم يعني يتعبك، لا نريد أن نكون سيبويه ولا أن نكون أئمة كبار، فـي النحو ، لا، ما نريد هذا، نريد إن قرأت تفهم، وإن سمعت تفهم، وإن قرأت كتاب تفهم على مراد قائله، لا تَفهم على ما تشتهي، فعلوم الآلة أمر سهل وليس بصعب.
الكتب الستة ماذا نقرأ شروح لها ؟
اسمع أو اقرأ الشروح المختصرة، فالعلم دائماً تبدأ بالكليات وتفهم الكليات ثم تبدأ بالتفصيل.
طريقة إخواننا في طلب العلم:
في الفقه تدرس المياه ، وتفصِّل في المياه ، وتُكثر في الفروع، وتشتغل في موضوع المسائل، تغرق في الماء، وتتوب إلى الله من طلب العلم وما ترجع للفقه!
بنرجع الكرة الأخرى بعد سنة أو سنتين نطلب العلم، ندخل في الماء ولا نخرج من الماء!
الشيخ السعدي رحمه الله له كتاب صغير اسمه منهج السالكين، لو قرأته بعد صلاة العشاء لما تروح على البيت، تختمه خلال ساعتين أو ثلاث، وتفهم الفقه، فقه مجمل، ثم تأخذ كتاب شرح لمنهج السالكين أو من شرح منهج السالكين، أخونا الشيخ علي خصّ منهج السالكين بعشرين درس، قرابة العشرين، تسمع العشرين درس بـ 20 ساعة، يتوسّع قليلاً عندك الفقه.
ترجع لكتاب آخر وهكذا، تفهم أمور كلية، فلا يبدأ طالب العلم بأنه باحث، بل طالب العلم يبدأ ضعيفاً ويبدأ يُلقَّـن ويبدأ وهو أسير لشيخه الذي يُعلمه، ثم يبدأ يتحرر، يتحرر من التقليد، يتحرر، تتسع مداركه، يتسع علمه.
نحن الآن معاندين، تريد كل مسألة تدرسها بتفصيل!
هذا ليس طلب علم.
طلب العلم أن تبدأ بالكليات، ابدأ الفقه ، ادرس منهج السالكين، منهج السالكين كُتيب صغير يحتاج معك ساعتين فقط ، تقرأه بساعتين.
وإياك تظن إن أنا بقول لك إذا قرأت منهج السالكين تصبح فقيه وتصبح مفتي!
ما أقول هذا، أقول تفهم لما يُقال من علماء السلف، ويقولون باب من الأبواب، ما تفهم الباب؟!
افهم الأبواب، افهم الأمور فهم جملي ، ثم ابدأ بالتفصيل وهكذا.
فاقرأ الشروح الموجزة ، يمكن أن تقرأ شرح متوسط لسنن أبي داود أو لجامع الترمذي ويمكث معك أشهر، ويمكن تعيش وتموت وأنت ما وفيت كتاباً واحداً أو حديثاً واحداً، فالعلوم دائماً تبدأ بالكليات، بالكليات، ثم بعد ذلك تتقدم شيئاً فشيئاً.
المصدر:
شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
التاريخ:
12 ربيع أول 1447 هـ
04 سبتمبر 2025 م✍️✍️
[مباحث العام والخاص من لا يفهمها لا يحسن أن يفهم كلام الله عز وجل]
من أوسع المباحث المشتركة بين الكتاب والسنة:
العام والخاص ، والكلام فيه طويل، والتطبيقات العملية كثيرة، وطالب العلم لا يُـفلِح وهو مهمل لمباحث العام والخاص.
تكلمنا عن العام وذكرنا كم صيغة للعام؟
أربعة عشر
وبقي معنا ست عشرة أيضًا.
هذه في علم الرياضيات مثل جداول الضرب، الذي لا يفهمها لا يحسن أن يفهم كلام الله عز وجل، ولها صلة وثيقة باللغة.
نبني على ما قلناه، ثم نُكثر من التطبيقات العملية، وكلّفنا بعض إخواننا، أرجو الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم وإياهم لما فيه الخير.
يقول الناظم وهو الجلال البُلْقيني في نَـظمه لمتن من أصعب المتون في علم الأصول لابن الحاجب، اسمه “مختصر ابن الحاجب”.
فهذا من براعته نظمَ هذا المتنَ، ولا يُعرف أحد نظمه إلا هو ، ويسّر الله للعبد الضعيف أن شرحتُ متنه فنظمه ب “تحفة الطالب في نظم أصول ابن الحاجب”، وكتبت شرحًا في مجلدين سميته “إرشاد الراغب بشرح تحفة الطالب”.
المصدر:
الدرس الثامن – شرح مبحث العام والخاص في أصول الفقه – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن.
التاريخ:
11 ربيع أول 1447 هـ
03 سبتمبر 2025 م✍️✍️
[ من اعتقد أن نعمة الله هي فقط المأكل والمشرب والمَركب ..
فهذا في حقيقة أمره دابة من الدواب ]
لو أنك سألت نفسك في خلوتك وتأملت لتعلم نعمة الله عليك، يا طالب العلم، أيهما الأفضل:
المال أم العلم؟
النبي ﷺ في قصة غنائم حنين أعطى من هو دون مالاً ، وأبقى نفسه لبث العلم وللتعليم الشرعي مع الأنصار، فمن الأفضل؟
العلم.
العلم لا يحتاج من يحرسه، هو الذي يحرسك ، والمال يحتاج من يحرسه ويكلؤه ويشغل النفس والقلب والعقل والوقت فيه، ففرق كبير.
وهذه عبارة استفادها عن علي رضي الله تعالى عنه، لما نصح تلميذه الكميت بن زيد فقال: “العلم يحرس صاحبه والمال يحتاج إلى من يحرسه” ، وذكر له وصية بديعة جداً بين فيها أوجه التفاضل بين العلم والمال ، وشرحها في مساحة واسعة الإمام ابن القيم في كتابه البديع العجيب “مفتاح دار السعادة” قارَنَ بين المال وبين العلم.
وبلا شك أن العلم خير من المال، بدلالة أن الله يعطي المال لمن يحب ولمن لا يحب، والعلم لا يعطيه إلا لمن يحِب، وأن العلماء هم ورثة الأنبياء فهم خير من أصحاب الأموال.
كم من عالم فقير ، وكم من غني غبي لا يعرف شيئا من العلم!
دخل إمام من أئمة النحو ، دخل السوق، فسمع الباعة ينادون على بضائعهم ويلحنون، لا يَعرفون العربية، فوقف يسمع وتعجب، سكت ، ثم قال: “سبحان الله، يَـلحنون ويرزقون!”
قال: “يَـلحن ويُـرزَق !”
يعني لو كان الأمر له لكان الذي يلحن لا يرزق، لكن الأمر الله عز وجل وليس لأحد فهو الرزاق.
يلحنون ويرزقون، ليس فقط يلحنون ويرزقون، بل يرزقون ويعربدون ويضيعون أمر الله ويفعلون الموبقات”.
صحيح، فهذا حال كثير من الأغنياء!
لكن العلم يربي صاحبه ويهذبه ويقوده إلى الخير، إلى خير الدنيا والآخرة.
فقوله عليه الصلاة والسلام “لسلكت شعب الأنصار”، فهذه لفتة فيها إيماء بدلالة الإيماء في المفاضلة بين الغنى والعلم ، وأن العلم أحسن من الغنى.
فأنت في نعمة عظيمة ، أنت تقدرها ، لو صرتَ غنياً لعلمتَ النعمة التي أنتَ فيها ، فكل إنسان يبحث عن السعادة فيما لا يملكه، وما هو فيه من السعادة ينساها.
فهذه نعمة من الله عز وجل ، ومن اعتقد أن نعمة الله في المأكل والمشرب والمَركب، ولا نعمة لله إلا في هذه الثلاثة، فهذا في حقيقة أمره دابة من الدواب.
لو سُألتَ ما هي أعظم نعمة لله عليك؟
الجواب : أعظم نعمة الله عليَّ أن عرفني به ، وبعث لي رسولاً ﷺ ، وعرفني كيف أذل بين يديه ، وكيف أصلي لله بالشروط والأركان المذكورة بالنصوص، هذه أعظم نعمة لله عز وجل ، الله لا يعطيها لأي أحد.
المصدر:
شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
التاريخ:
12 ربيع أول 1447 هـ
04 سبتمبر 2025 م✍️✍️
[ “لو وضع كتاب القاضي عياض “مشارق الأنوار على صحاح الآثار” في كفة ووضع في مقابله الذهب في كفة أخرى، لرجحت كفة المشارق” ]
قال رحمه الله، قوله: “ومعه الطلقاء” هو بضم الطاء وفتح اللام وبالمد، وهم الذين أسلموا يوم فتح مكة، وهو جمع طليق، يُقال ذاك لمن أُطلق من أسار أو وثاق، قال القاضي في المشارق: “قيل لمسلمي الفتح: الطلقاء؛ لمنّ النبي صلى الله عليه وسلم عليهم”.
“مشارق الأنوار على صحاح الآثار” ذكرت لكم أكثر من مرة، وهو من كتب القاضي عياض ، وقعت له فيه هنات، وهذه الهنات تكاد لا تُذكَـر، صوّبها ونقحها وهذبها ابن قرقول في كتاب “مطالع الأنوار”.
“المطالع” طُبع حديثًا، و”المشارق” طُبع قديمًا ثم طُبع حديثًا محققًا.
وكتاب “المشارق” وكذلك “المطالع” يعتني بالصحيحين وموطأ مالك، فكل لفظة وكلمة غريبة ومكان، وما ورد من روايات لأصحاب صحيح البخاري وروايات لأصحاب صحيح مسلم وروايات للإمام مالك في الموطأ، ذكر الخلاف فيها، قال فلان كذا، وقال فلان كذا، وقال فلان كذا، فالكتاب قالوا فيه، قال فيه غير واحد ممن عرَّف به، قالوا فيه: “لو وضع كتاب المشارق في كفة ووضع في مقابله الذهب في كفة أخرى، لرجحت كفة المشارق؛ لأن المشارق يعتني بالصحيحين، وما ترك شاردة ولا واردة إلا وضبطها، وذكر خلاف الرواة عن أصحاب هذه الكتب الثلاثة فيها، ووجَّهَ الخلاف أحيانًا بالتصحيح، وأحيانًا بالترجيح، وأحيانًا بتمشية القولين، وأحيانًا بالتنصيص على معنى كل رواية من هذه الروايات”، وهذا عمل شاق لا يقدر عليه إلا من ضبط الصحيحين وموطأ مالك.
وأصح كتب الإسلام على الإطلاق: الصحيحان وموطأ الإمام مالك.
فالطلقاء الذين أطلقهم النبي صلى الله عليه وسلم وعفا عنهم ولم يأسرهم، ولم يطلب الفدية مقابل إطلاق سراحهم، فهؤلاء يسمون الطلقاء.
وأما القواميس التي كتبها النصارى في تعريف الطلقاء فقد خبطوا خبط عشواء وأخطأوا، وبعضهم يتقصد الخطأ، كصاحب “المنجد” يتقصد الخطأ، وفصلت في هذا في بعض كتبي، وأظن أنه لا فائدة الآن من التفصيل.
المصدر:
شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
التاريخ:
12 ربيع أول 1447 هـ
04 سبتمبر 2025 م✍️✍️
[ لأنك طالب علم سلفي، وتقول بإسم السلفية!
بل أنت تقول ما يخدم اليهود .. وهم بدأوا يصيحون:
بأخذ الأردن، وأخذ مصر، وأخذ السعودية ]
كان طالب العلم إذا أراد أن ينبل يبدأ بقراءة الصحيحين على عدد كبير من المشايخ، طالب العلم إذا أراد أن ينبل من صغره، يبدأ بقراءة الصحيحين قبل أن يكون محدثًا، كما ذكر العلامة أحمد شاكر -رحمه الله-، قال العلامة أحمد شاكر في مقدمة تحقيقه لجامع الترمذي:
“بدأت منذ نشأتي طالب علم ، وقرأت القرآن الكريم على والدي”، ووالده محمد شاكر كان قاضيًا عالمًا، من كبار العلماء، أنا وأخي محمود يقول: “قرأنا القرآن وقرأنا على الوالد الكتب الستة”، قال: “بعد قراءتنا للقرآن والكتب الستة، أنا توجهت للحديث وأخي محمود توجه للأدب”، يعني الذي لم يقرأ الكتب الستة لا يُعد طالب علم.
الذي لا يقرأ الكتب الستة لا يُعد طالب علم، لا أقول لا يُعد محدثًا.
إيش تقرأ؟
اقرأ القرآن الكريم، شرح موجز، الكتب الستة، تدرج في فهم القرآن، تدرج في الكتب الستة، هذا يستغرق منك 10 سنوات وأنت جاد، تقرأ في اليوم أقل شيء ست ساعات وأنت جاد، تحتاج لعشر ساعات وهكذا، تبدأ، تبدأ وتصبح عالمًا، ما نريد تقرأ وما تفهم!
تقرأ حتى تصبح عالمًا، لا بد أن تنهل من أصل الشرع، أصل الشرع الكتاب والسنة، ولا تقرأ لفلان وعلان فقط، علان وفلان هذا مرحلة متأخرة، تقرأ الكتاب والسنة، وبعد الكتب الستة حينئذ أنت الآن تختار ماذا تقرأ.
دعيت في عرس لبعض الإخوة، فجاءت الإخوة وعندهم كلام على الوليمة، فقال بعض الحاضرين: “حضرت اليوم خطبة جمعة، والخطيب تبليغي -من جماعة التبليغ- ، وقع في قلبي شيء”، قال: “يعني أشبعنا أحاديث موضوعة وضعيفة”، فوقع في قلبي شيء، فقلت له: “ماذا قال؟” قال: “الصحابة ذهبوا، ليأكلوا، والنبي صلى الله عليه وسلم ولا يوجد ضوء، وأكلوا على العتمة”، قلت: “هذا في الصحيحين، هذا حديث غير موضوع، هذا حديث في الصحيحين”.
فنحن الآن طلبة علم، يعني وصلنا لمرتبة طالب علم، يعني أنت عليك ختم اسمك طالب علم، تتكلم، ما أحد يراجعك!!!، فالناس مساكين لا يعرفون شيءفعندما قلتَ أمام الناس : حديث موضوع ؛ خلص عند الناس المساكين هو حديث موضوع ، ما يعرفوا شيء.
دعونا !
هذه الأختام، اتركوها، كسروها، ارموها، فأنا لأني طالب علم، لأني سلفي، أنا بقول بإسم السلفية!
بل أنت تقول ما يخدم اليهود ، وليس لهم النصيب من كلامك.
ليست هذه السلفية، السلفية مش ختم، السلفية حقيقة، فاتبع السلف، ومنهج السلف، وأقوال السلف ، وأن تكون عندك غيرة على الدم المسلم، والأرض المسلمة، وبلاد المسلمين، أسأل الله أن لا يمكنهم من غزة.
بدأوا يصيحون:
بأخذ الأردن، وأخذ الشام، وأخذ وأخذ مصر، وأخذ السعودية، وهم لم يتمكنوا بعد، وأسأل الله أن لا يمكنهم، وأسأل الله تعالى أن يحفظ بلاد المسلمين، وكنا نقول هذا وسنبقى نقول، ولن ننثني عن هذا الأمر.
فـ اخرجوا من الرسوم إلى العلوم، اخرجوا من الألفاظ إلى الحقائق، العلوم حقائق، ليست ألفاظ، ليست أختام، تطبع نفسك بالختم فتصبح ناجي، فانجُ عند الله بمعتقدك وعبادتك وأخلاقك ومعاملاتك، وليس بختمك، ليس بالختم الذي وضعته على نفسك، أنت وضعت ختمًا صرت ناجيًا عند الله!!!، لذا نجد وهذا واقع: بعض العوام أحسن كثيرًا من طلبة العلم خلقًا وعبادة، وهذا مصيبة، مصيبة أن يصبح الأمر هكذا، هذه مصيبة كبيرة.
المصدر:
شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
التاريخ:
12 ربيع أول 1447 هـ
04 سبتمبر 2025 م✍️✍️
[لا يمكن أن نفهم الشريعة ومراد الشريعة بمعزل عن عمل النبي صلى الله عليه وسلم، وعن عمل الصحابة والتابعين وتابعيهم ]
الذي لم يفهم أن الشريعة جاءت لأنها عمل، سِـمت العمل في النص ؛ يظِل.
ولذا لا يمكن أن نفهم الشريعة ومراد الشريعة بمعزل عن عمل النبي صلى الله عليه وسلم، وعن عمل الصحابة والتابعين وتابعيهم، لا يمكن أن نفهم شرع الله إلا مع عمل النبي صلى الله عليه وسلم أولًا، ثم عمل السلف الصالح، ثم من بعدهم، ثم من بعدهم، ولذا زكاهم النبي صلى الله عليه وسلم.
مباحث علم الأصول متداخلة، ولذا لما يتكلم طالب العلم، وهذا نبه عليه وكيع بن الجراح ، شيخ الإمام الشافعي وشيخ الإمام أحمد، كما ذكر ذلك، أسند عنه الإمام الدارقطني في مقدمة السنن، قال:
أهل السنة يقولون ما لهم وما عليهم، وأهل البدعة لا يذكرون إلا الذي لهم.
ولذا السلف يقولون عبارة عجيبة:
يقولون ما من مبتدع إلا وهو يبغض شيئًا من كتاب الله أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحزبي بيكره آيات الوحدة، _المسلمون فريق واحد_، ما من مبتدع إلا يكره شيئًا.
الخلاصة “فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا” عموم، لكن لا يجوز العمل بالعموم لأن النبي صلى الله عليه وسلم خصصه، الآن انظر بعض من تشرَّع، يتكلم بالشريعة يقول:
فعل النبي ﷺ الأصل فيه السنية وليس الوجوب، وبالتالي بقيت الآية على عمومها.
الأصل في فعل النبي صلى الله عليه وسلم إيش؟
السُنية، هذا صحيح لكن في هذا الموطن ليس بصحيح، لماذا؟ لأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم الذي فيه تطبيق لأمر رباني ورد في الكتاب قوليّ ليس للسُّنية، وإنما هو واجب، كل فعل للنبي صلى الله عليه وسلم فيه تطبيق لأمر قولي ؛ هذا الأمر فعله ما يصبح الأصل فيه سُنية.
طيب بعض الآن الذين يحبون أن يجاروا الكفار وأن يفهموا الدين حتى يرضى الكفار عنا، قال بهذا بعض المعاصرين وهو زندقة، القول زندقة، أنا لا أكفر صاحبه، صاحبه جاهل، قال:
{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا .. } [المائدة : 38]
قال المعنى :
كافؤوهما، “فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا” عن السرقة، أعطوهما مالًا، هل هذا كلام صحيح ؟
هذا كلام مستحيل!
طيب أين ذهب كلام النبي ﷺ ؟
“والله لو أن فاطمة بنت محمد ﷺ سرقت لقطعت يدها”، إيش يعني؟ لماذا خص النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة؟
فموضوع العام والخاص الشريعة كلها تدور عليه، والموفّق، وأرجو الله أن نكون وإياكم من الموفقين، يعلم علم اليقين أن الشريعة فيها الغنية وفيها الكفاية وفيها السعادة وفيها رضا الله عز وجل والتوفيق في الدنيا والآخرة، الله جل في علاه علمه يشمل الحياة التي نعيش، التي عاشها النبي صلى الله عليه وسلم وما سيأتي إلى يوم الدين، علمه شامل كل شيء، فشرع للأمة ما يكفيهم، وكل نازلة تنزل بالأمة ولم ينزِع صاحبها الجواب من كتاب الله فهذا ليس براسخ في العلم.
لذا من بديع تقريرات الشاطبي في الموافقات أن طالب العلم والمفتي إن تكلم في أي مسألة، إن تكلم، يبدأ بماذا؟
يبدأ بالقرآن.
المصدر:
الدرس الثامن – شرح مبحث العام والخاص في أصول الفقه – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن.
التاريخ:
11 ربيع أول 1447 هـ
03 سبتمبر 2025 م✍️✍️
[الإسلام في الأول انتشر من بلاد الحجاز، وفي الآخر ينتشر من بلاد الشام]
قال فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله:
قال الحِب ابن الحِب أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما، قال:
«أشرفَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ علَى أُطمٍ ، من آطامِ المدينةِ ، فقالَ : هل ترَونَ ما أرَى ، إنِّي لأرَى مواقعَ الفتنِ خلالَ بيوتِكُم كمواقعِ القطرِ ».
أخرجه البخاري (1878)، ومسلم (2885).
والأُطُم تَلَّة مرتفعة، فليست هي مرتفعة كالجبل ولا هي مستوية، وإنما تَلة صعد إليها استكشف واستشرف شيئاً لم يَرَه من كان على الأرض.
فالنبي صلى الله عليه وسلم وهو مع أصحابه يسير فارقهم واستشرف أُطُمَة من آطام المدينة، على مكان مرتفعًا صلى الله عليه وسلم، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه:
“هل ترون ما أرى؟”.
والموضوع رؤية ليست رؤية قلبية ولا رؤية ذهنية، وإنما هي رؤيا بصرية، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه:
“هل ترون ما أرى؟” قالوا: “لا،” قال صلى الله عليه وسلم: “فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع القَطر”.
كيف ترون أسطح البيوت والمطر نازل، والمطر يتخلل الأسطح، هذه رؤية، كيف تكون الرؤية؟
هذه رؤية عينية.
ترون المطر يتخلل البيوت، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: “إني أرى الفتن،”.
حتى المدينة ؟
الجواب: حتى المدينة في آخر الزمان يتحول الخير كله إلى بلاد الشام، والإسلام في الأول انتشر من بلاد الحجاز، وفي الآخر ينتشر من بلاد الشام.
فالبركة والخير، والملائكة واضعة أجنحتها على بلاد الشام.
تكون فِتَنٌ ؟
نعم، وهذا في موطأ مالك، بإسناد صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: سيترك أهل المدينة المدينة، قيل لمن؟ قال: “للعوافي والطير”.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “حتى يُـغذِّي الذئب أو الكلب”، شكَّ الراوي، “حتى يبول على منبر مسجدي هذا”، يأتي الذئب أو الكلب يغذي، ومعنى يغذِّي أن يَـشغَـر رجليه ويرفع إحداهما لما يبول، هذا شأن الكلب أجلكم الله أو الذئب.
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تقوم الساعة حتى يترك أهل المدينة المدينة”؟ وفي رواية يقول: “حتى يقول الرجل: لا تقوم الساعة حتى يغادر أهل المدينة المدينة، ويبحثون عن مكان آخر”، قال صلى الله عليه وسلم: “لا يصبر على لَأْوائها إلا مؤمن”.
الفتن في آخر الزمان تنتشر في كل مكان ، ولذا من المنزلة بمكان أن يتعلم طالب العلم أحاديث الفتن.
تعجبني كلمه لابن أبي جمرة في كتابه “بهجة النفوس” الذي اختصر فيه صحيح البخاري وشرحه في “بهجة النفوس” يقول: “ينبغي للناس، -وذلك في زمن الخير والعافية- قال: ينبغي للعالم أن يجلس وأن يحدث الناس عن فقه النية، وقال: لو كان الأمر بيدي لجعلت في كل مسجد من مساجد المسلمين من يُـذكِّر الناس بالنية حتى ترفع أعمالهم”.
أنا أستعير منه هذه المقولة فأقول:
لو كان الأمر بيدي لجعلت في كل مسجد من مساجد المسلمين من يشرح لهم الفتن ومن يحذرهم مما جاء في أحاديث الفتن، ولاسيما أنه ثبت في سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
« إنَّ السَّعيدَ لمن جُنِّبَ الفتنَ إنَّ السَّعيدَ لمن جُنِّبَ الفتنَ إنَّ السَّعيدَ لمن جُنِّبَ الفتنَ ولمنِ ابتُلِيَ فصبرَ فواهًا ».
الراوي : المقداد بن عمرو بن الأسود | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم : 4263
من ابتلي فصبر فواهًا ، هنيئًا له، ولذا في آخر الزمان يكون الدين غريبًا، في الحديث الصحيح :
«بَدَأَ الإسْلَامُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كما بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ».
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 145
فالدين في آخر الزمان يحتاج لتوفيق من الله سبحانه وتعالى والأخذ بالأسباب، ومن ضمن الأخذ بالأسباب أن نتعلم أحاديث الفتن وأن نفهمها كما فهمها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المصدر:
الدورة الشرعية الثالثة للدعاة في اندونيسيا – منهج السلف في التعامل مع الفتن – المحاضرة الأولى.
تاريخ:
29 جمادى الآخرة 1446 هـ
30 ديسمبر 2024 م✍️✍️
السؤال:
كيف نجمع بين فتوى الشيخ الإمام الألباني عن قول “الله ورسوله ﷺ أعلم” أنها شرك لفظي، وقول الصحابة في بعض الأحاديث “الله ورسوله ﷺ أعلم”؟
الجواب:
علم الغيب على وجه العموم والشمول من الذي يتصف به؟
الله، والنبي صلى الله عليه وسلم فيما أطلعه الله، قال تعالى:
{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ .. (27)} [الجن : 26-27]
فإخبار النبي صلى الله عليه وسلم في أشراط الساعة من الغيب الذي ارتضاه الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، وفي حادثة الإفك في الصحيحين، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة:
« وإنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بذَنْبٍ فاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وتُوبِي إلَيْهِ ».
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 4690
| التخريج : أخرجه مسلم (2770)
ما كان يعلم الغيب، :
{ .. وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ}
[الأعراف : 188]
فالنبي ﷺ لا يعلم الغيب، وأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على شيء.
الآن أنت تسأل عن مسألة في العلوم التجريبية، واحد طالب يذاكر، آخر يسأل عن الرياضيات والفيزياء والكيمياء وما شابه، فتقول: “الله ورسوله أعلم”؟
كيف علمت أن الرسول ﷺ يعلم هذه القاعدة الرياضية أو هذه الحقيقة المذكورة في علم الفيزياء أو هذه الحقيقة المذكورة في علم الكيمياء مثلًا أو في الطب أو في أي شيء؟
ما الذي أدرى الرسول ﷺ ؟
الله أعلم.
نعم، علم الله عز وجل يشمل الموجود والجائز والممكن والمستحيل، لا يخفى على الله شيء، أما البشر ؛ لا.
الصحابة لما يسألون عن الحلال والحرام ، قالوا: “الله ورسوله ﷺ أعلم”، يسألون عن أحكام الحلال والحرام، هل من أحد أعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان ما يحب الله عز وجل وفي الأحكام الشرعية؟
فالشيخ الألباني يقول “الله ورسوله ﷺ أعلم” شرك لفظي في غير الأحكام الشرعية، في علم الفيزياء والكيمياء وما شابه، فهذا شرك لفظي، ليس كفرا مخرجًا من الملة، شرك لفظي، لكن في أحكام الشرع لا حرج أن تقول “الله ورسوله ﷺ أعلم”.
فالصحابة قالوا “الله ورسوله ﷺ أعلم” في بيان أحكام الشرع، ليس في غير المواطن التي قال عنها الشيخ رحمه الله فيها شرك لفظي.
فالشيخ لما قال “شرك لفظي” في مسائل ما سئل عنه الصحابة وما علموها، ونحن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ما علمها، وعدم علمها بها ليس منقصة له، إنما هي علوم فهمناها في مدار أعصارنا وأماكننا وأوقاتنا، وما علمونا إياه في المدارس وما شابه ، وهذه المسائل ما كانوا يعرفونها من قبل، فالزعم أن النبي ﷺ يعلمها ، هذا زعم باطل، فقول الشيخ “الله ورسوله ﷺ أعلم” وأنها شرك لفظي في مجال غير المجال الذي قال فيه الصحابة “الله ورسوله ﷺ أعلم”.
هذا في واد وهذا في واد، هذا في باب وهذا في باب، وبذا يرفع التعارض، ولا أقول تناقض، فرق عند العلماء بين التعارض والتناقض.
التناقض: أمران متضادان لا يمكن الجمع بينهما.
التعارض:
أمران متضادان يمكن أن تجمع بينهما.
فهذان أمران متعارضان لا متناقضان، يمكن الجمع بينهما، أن هذه لها مجال وذاك له مجال، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
المصدر:
البث المباشر – لدرس شيخنا شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
التاريخ:
٢٠ صفر ١٤٤٧ هـ
١٤ أغسطس ٢٠٢٥ م.✍️✍️
ألم يقل النبي ﷺ:
“كل ابن آدم خطّاء”؟ الأولياء من البشر، صحيح؟
والنبي صلى الله عليه وسلم ماذا قال عن البشر؟ قال: “كل ابن آدم خطاء”، الولي يخطئ، ولأن عندنا عرقًا صوفيًا يتوقع أن الولي لا يفعل شيئًا فيه خلل أو فيه زلل، أو أنه لا يخطئ وهو معصوم، هذا التصور الصوفي باطل يخالف النصوص الشرعية.
أنا وإياك قد نكون أولياء لله عز وجل، إذا عظّمت أمر الله، أنت ولي لله عز وجل ، إذا قمت بالفرائض أنت ولي لله سبحانه وتعالى، فلما تقرأ قول الله: “ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم،،،”، ؛ مباشرة تستثني نفسك بل تستثني كل من تعرف من المؤمنين، تقول: “هؤلاء الأولياء، هذه أولياء الله طبقة خاصة، وهؤلاء يعني كأنهم ليسوا بيننا، كأنك ما رأيت وليًا لله”.
ليس هكذا ولي الله، أقول لكم شيئًا زائدًا:
ولي الله قد يقع في المعصية، وولي الله قد يقع في الحد ، ويُقام عليه الحد وهو ولي ؟!
نعم ، لأنَّ الولاية تتجزأ، ففيما أخطأ فيه هو ليس وليًا لله، وفيما كان فيه من عبادة وقربة وتلاوة وذكر وصلاة، فهذا من أولياء الله عز وجل.
فولي الله عز وجل الذي انقطع لعبادته وجاهد نفسه، فإن سرق منه الشيطان شيئًا فحينئذ تتجزأ الولاية، هذا ليس وليًا فيما فعل، لكن لا تستطيع أن تقول إنه ليس وليًا لله بما فعل من الطاعات، فالولاية تتجزأ ، وفكرة التجزؤ تجعلك منصِفًا وتجعل الأشياء في أماكنها وتضعها في موضعها ولا تبقى خياليًا.
وأختم مرة أخرى بشيء مهم، أن النصوص الشرعية من صفتها أنها عملية، النصوص الشرعية من سمتها أنها عملية، أسأل الله أن يعلّمنا وإياكم، لماذا جاءت الرخص في الشريعة؟ مثل “الرخص جاءت في المحظورات”، “وإذا ضاق الأمر اتسع” وما شابه.
حتى تبقى الصفات، حتى تبقى سمة العملية في النص الشرعي.
كل الرخص جاءت حتى لا نَسلب النص الشرعي صفة العملية، فالنص عملي، ولذا علماؤنا رحمهم الله يفرّقون بين العلم وبين الفتوى، أنا قد يسألني سائل فأجيز له في فتوى شيئًا لا أستطيع ولا أجرؤ أن أقرره في مجالس العلم، يعني أنا قد يسألني سائل فيضيق عليّ، أنه أمامي خيارين: إما كذا أو كذا، فهو يريد أن يعرف حكم الله، فأنا أرشده إلى أخف الضررين، لكن وأنا أدرّس مثلًا في البيوع، ما أستطيع أن أقول للناس:
“أنا أقرره في الدرس”، لأنه هذا ممنوع، أنا أقرر منعه، لكن لما يسألني رجل وأنا لما يقع بين خيارين أنا أقرر له الأخف ضرراً ، فالفتوى شيء، والفقه شيء.
ولذا مسألة الرخص والعملية فيها قد يضطر الإنسان لأن يفعل شيئًا وهو معظِّـم لأمر الله، وهو ولي من أولياء الله عز وجل.
هل تستطيع أن تنفي الولاية عن كل من يتعامل مع البنوك؟
ما تستطيع، ما تستطيع.
هذا مدرس صالح وله صلة بالبنك براتب بكذا، تقول هذا ليس وليًا لله عز وجل، ما تستطيع.
فالشاهد الذي أريد أن أقوله:
{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس : 62]
هم موجودون والولاية تتفاوت مقدارها من شخص لشخص، يعني الولاية ليست على درجة واحدة، فالولاية في هذا الزمان ليست كالولاية في القرن الماضي، وفي القرن الماضي ليس كالقرن الذي قبله، أما أن تجعل نفسك مجتهدًا تقول: “الولاية تعطلت في القرن الرابع” أو “في القرن الخامس”، هذا افتئات على الله، تقول: “الأولياء ما قبل القرن الثالث، ما بعد الثالث ليسوا أولياء”، هذا غلط.
ولذا لما نقرأ قول الله عز وجل الآيات، ينبغي أن نستحضر أن هذه الآيات تشمل جميع الخلق، طيب، لما أخونا قال: “أولياء الله”، تشمل جميع الولي، تشمل جميع الأمكنة، جميع الأزمنة، ممكن ولي يكون عايش في أوروبا؟ ممكن، عايش في أمريكا أو في كندا؟ ممكن ولي يكون وزير ومسؤول؟
ممكن.
موسى عليه السلام أين عاش؟
موسى عليه السلام نبي ليس ولي، نبي، أين عاش موسى عليه السلام؟
في بيت فرعون.
فأنت تنظر للولاية بالمنظور الضيق وتبدأ تجتهد في موضوع الولاية!
الولاية حفظ الله لك، الولاية كما قال الشافعي قال: “الولاية هي الاستقامة”.
وأختم بعبارة جميلة، تقرير بديع للغاية، للبُلقيني، سِراج الدين البلقيني، هو اسمه بُـلقَيني (بفتح القاف) ، يقول:
“فتوحات الله تعالى على العلماء أظهرُ في الولاية من خرق العادات لهم”.
أي أن يفتح الله عليك، بأن تستنبط وأن تفهم من النصوص قضايا بطريقة العلماء السابقين ؛ هذه ولاية أظهَر من أن يخرق الله لك عادة، أو أن ينطق جماد أو أن تفعل أي شيء من خرق العادات.
أن الله يفتح عليك فتفهم الدين، وكم يفرح طالب العلم بعد جهد جهيد وبعد رحلة طويلة وهو يقرأ فينقدح في نفسه شيء من آية أو حديث، ثم ينظر في الكتب فيجد ما انقدح في نفسه سبقه فلان وفلان وفلان، يقول:
“الحمد لله”، آه والله، الحمد لله، هذا فهم صحيح.
هذا دلالة على الفهم الصحيح، أما كل ما انقَدَحَ في بالك، ترجع تعرضه على العلماء، تكون أنت في واد وهم في واد، اتهم نفسك، ما تجعل نفسك حاكمًا على العلماء، اتهم نفسك.
فالذي يفتحه الله على العلماء بالفعل هذه كرامة أحسن من كرامة خرق العادة، وهذا صحيح، هذا كلام صحيح، هذا والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
المصدر:
الدرس السابع – شرح مبحث العام والخاص في أصول الفقه – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن.
تاريخ:
3 ربيع أول 1447 هـ
26 أغسطس 2025 م✍️✍️