[ أن تتبرأ بالكلية من المسلمين الذين يحاربون الكفار هذا منهج الخوارج ]
السؤال :
كيف يتبـرأ المسلم من التكفيريين أو من الخوارج؟ وهل ممكن أن المسلم يكون على منهجهم وهو لا يعلم؟
الجواب :
ممكن نعم في حال أنك تتعجل في تكفير بعض الناس.
نعم ممكن في حال أنك تتبرأ من الولاء على الإطلاق من بعض المسلمين، هذا منهج للخوارج.
أن تتبرأ من الولاء للمسلمين، وإن كانوا مبتدعة، وإن كانوا ضُلالاً، وإن كانوا ظَلَمة، وإن كانوا فَجَرة، وهم يحاربون الكفار، أن تتبرأ من ولائهم بالكلية، هذا مسلك من مسالك الخوارج.
وهذا أمر منصوص عليه عند العلماء.
فلا يجوز للمسلم أن يتبرأ من الولاء، وقلت لكم مرات وكرات في هذا الدرس وغيره:
الولاء والبراء يتجزأ.
فنواليهم في أصل إسلامهم، وأنا معهم ضد أعدائهم من الكفار، وأنا فيما أخطأوا فيه ضدهم لست معهم.
ما أجمل وما أهنى وما أمَرأ أصول أهل السنة!
أن تبقى سنياً، على معتقد أهل السنة في كل شيء، في كل صغيرة وكبيرة، هذا السُّنّي الواجب على كل سُنّي أن يبقى هكذا.
المصدر:
درس شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
تاريخ:
17 ربيع الآخر 1447 هـ
09 أكتوبر 2025 م✍️✍️
[من أدب الإسلام : التماس العذر بين يدي الكبير ومن له حَق عليك ]
قال الإمام النووي رحمه الله:
وجواز سؤال المُستفتِي عن بعض ما يخفى من الدليل، إذا عَـلِم من حال المسؤول أنه لا يَكره ذلك، ولم يكن فيه سوء أدب، والله أعلم.
قال فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله -شارحاً-:
العالم يجب أن تتأدب معه، ورسول الله ﷺ يقول فيما صح عنه:
ليس منَّا مَنْ لم يُجِلَّ كبيرَنا ، ويرحمْ صغيرَنا ! ويَعْرِفْ لعالِمِنا حقَّهُ
خلاصة حكم المحدث : حسن
الراوي : عبادة بن الصامت | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 5443
لكن الواجب وهذا شيء خلقه الله، خلق الله النفوس، خلق الله الفِطَر، أوْدع الله في الفِطَر أن الصغير يحترم الكبير، وأن الكبير يرحم الصغير، وأن الجاهل يحترم العالم، هذا شيء وضعه الله في النفوس.
فالواجب أن نتأدب مع العلماء، ولكن هل لنا أن نسأل؟ نعم،لكن إن رأينا العالم أخطأ، نتأدب معه.
اسمع معي حديث ذي اليدين في الصحيحين: النبي ﷺ صلى صلاة ظهر، وفي رواية عصر، ورجحنا لما شرح صحيح مسلم أن الصلاة كانت ظهرًا، فصلى الأربع ركعات ركعتين، فَهاب الصحابة أن يكلموه، كان النبي ﷺ ذا مهابة، فقام رجل من بعيد له أيدي طويلة، حتى كان يقال له ذو اليدين، فسأل النبي ﷺ .
واسمع الألفاظ الجميلة!
قال: يا رسول الله ﷺ -النبي ﷺ صلى ركعتين بدل أربعة- ، قال: يا رسول الله ﷺ ، أقَصَرْتَ الصلاةَ أم نسيتَ؟
قال: ما كان هذا كله، ثم التفت، أحقًا ما يقول ذو اليدين؟
خاطب الناس، خاطب الصحابة.
قالوا: نعم، صليت ركعتين.
(أخرجه البخاري في صحيحه برقم: 714، ومسلم في صحيحه برقم: 573).
قال أهل العلم:
يُسن التماس العذر بين يدي الفضلاء والكبراء.
ما قال له: أخطأت، التمس له العذر، العذر في ماذا؟ متى النبي ﷺ يصلي الأربع ركعتين؟
في قصر الصلاة أو النسيان.
أم نسيت؟!
قال أهل العلم: هذا من التماس العذر للكبراء والفضلاء.
يعني عيب واحد يقول لوالده:
أنت غلطان، وأنت ما بتفهم.
إن قال كلامًا لا تراه صوابًا ؛ التمس له عذرًا ، بيَّن له الصواب، والتمس له العذر، التماس العذر بين يدي الكبير والفاضل ومن له حق عليك، هذا من أدب الإسلام.
المصدر:
البث المباشر – درس شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
تاريخ:
08 جمادى الآخرة 1445 هـ
21 ديسمبر 2023 م✍️✍️
السؤال:
بالنسبة للكتب التي حققتها، أي الكتب تشعر أنه أجود ما حققت؟
الجواب :
ما أشعر أن الكتاب قد جاء، يعني الكتب الأخيرة أحب إلي من الكتب الأولى، والنظرة إلى الثمرة، ثمرة الكتاب وانتشاره وإقبال الناس عليه، يعني قد تكون أنت ما تعبت إلا قليل في بعض الكتب، لكن بارك الله تعالى فيه، مثل كتابي “القول المبين في أخطاء المصلين”، طبع بأكثر من عشر لغات، وترجم بأكثر من لغة، وطبع كثيرا.
يعني حتى دخلت مرة مكتبة من قريب، قال لي أنت صاحب كتاب كذا من بعيد، قال أريد أسرق الكتاب، قلت له مبارك، مبارك الله يبارك لك، إيش أعمل لك ؟!
يعني بعضهم يتعمد نشره للربح، يعني بالرواج، أسأل الله أن يتقبل، وأن يعصمنا من الزلل، وأن يبعد عنا الخلل ، وأسأل الله عز وجل أن يتقبل منا ومنكم.
قال الأخ السائل :
شيخنا الشيخ فواز مرلي، شيخ طرابلس، تعرفه؟ من الكويت؟ الجواب : الشيخ فواز مرلي، أبو عبد الرحمن، فاضل.
تكملة السؤال:
يمدح كثيراً كتاب المجالسة ؟
الجواب :
تعبت كثير في كتاب “المجالسة”، لكن عندي في الكناشات مثله، وأحتار ايش أعمل، هل [ غير واضح ] عليه أم أعمل ملحق للتخريج ؟!
عندي شيء كثير عن “المجالسة”، لأن الكتب التي طبعت كثيراً بعد أن طبعت المجالسة، وللآن أي شيء أجده له تعلق بكتاب، يعني كنت قد خدمته وخرجت أحاديثه، أُعلق في نسختي الخاصة ، أضع المصدر الجديد، وهذا مهم.
فـ المجالسة له النصيب الأوفر.
الآن وضعُ الكتاب عسر ومطبوع في عشر مجلدات، فإذا زيد عليه تكون مشكلة في النشر، إلا النشر الآلي، والنشر الآلي غير مرتب معالمه في الكتاب العربي غير ظاهرة للآن، الله أعلم بحقيقة الحالة.
أسأل الله أن يلهمنا رشدنا في باقي الأيام.
المصدر:
الأسئلة اللبنانية لفضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان.
١٢ ربيع الآخر ١٤٤٧ هـ
٤ أكتوبر ٢٠٢٥✍️✍️
قال رحمه الله:
قوله صلى الله عليه وسلم: “ويُرى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة يَلُذْنَ به من قلة الرجال وكثرة النساء” (الحديث رواه صحيح البخاري برقم 5231: يَتْبَعُهُنَّ خَمْسُونَ امْرَأَةً، ورواه صحيح مسلم برقم 2671: يَتبَعُه إحدى وثلاثون امرأة)، معنى “يَلُذْنَ به” أي: ينتمين إليه ليقوم بـحوائجهن ويذب عنهن، كقبيلة بقي من رجالها واحد فقط وبقيت نساؤها، فيلذن بذلك الرجل ليذب عنهن ويقوم بـحوائجهن ولا يطمع فيهن أحد بسببه.
قال فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حفظه الله:
نقول: “اللهم بك أعوذ وبك ألوذ”.
أي بك أحتمي وبك ألجأ، أي ألجأ إليك
يَلُذْنَ به أي: يَلجأن إليه.
قبيلة يموت رجالها ويبقى منها رجل أو عدد قليل، والنبي ﷺ أخبرنا في الأحاديث -اختلف العدد ورد ثلاثون ، وأربعون-.
يَلُذْنَ به ثلاثون أو أربعون برجل واحد من القبيلة.
إذا كنتم تذكرون قلنا: الرحم رحمان، رحم عام ورحم خاص.
① الرحم العام:
المسلم للمسلم رحم، المسلم في أقصى المشرق رحم للمسلم في أقصى المغرب.
② الرحم الخاص:
من ترثه ويرثك.
بنت عمك من رحمك الخاص ؟
ممكن، الأصل أن بنت العم ليست من الرحم الخاص، لكن إذا مات الرجال كلهم ولم يبق إلا أنت أقرب رجل ذكر لها، ترثها، دائماً أقرب رجل يرث، فهذا رجل ومعه ثلاثون امرأة، وعندهم أولاد، قد يكون لهم أولاد وقد لا يكون لهم أولاد، ما يكونوا بالغين، احتجنَ إلى من يحميهن ومن يَلجأن إليه، فهو يصبح رحم خاص، يصبح رحم خاص.
فالرحم الخاص يختلف باختلاف أحوال الناس، فلا يستطيع أحد أن يقول: الرحم الخاص هو فلان وفلان وفلان، ما يستطيع أحد أن يسمي، لكن يُربط بضابط عام، الضابط العام تقول: الرحم الخاص من ترثه ويرثك، وهذا يختلف من وقت لآخر ويختلف من زمان لزمان ويختلف من مكان لمكان ويختلف من شخص لآخر.
نعم،
قال رحمه الله:
وأما سبب قلة الرجال وكثرة النساء فهو الحروب والقتال الذي يقع في آخر الزمان، وتراكم الملاحم، كما قال صلى الله عليه وسلم: “ويكثر الهرج” أي: القتل.
قال فضيلة الشيخ:
الرجال يقلون وتكثر النساء بسبب المعارك، بـسبب كما ورد في الصحيحين فيما اجتزأ الإمام النووي عليه بقوله: “ويكثر الهرج” (الحديث في صحيح البخاري برقم 7062 و 6037، وصحيح مسلم برقم 2671).
هذه قطعة من حديث يقول فيها النبي صلى الله عليه وسلم: “يتقارب الزمان، وينقص العلم، ويُلقى الشُّحّ، ويَـكثر الهرج” (رواه صحيح البخاري برقم 7062 و 6037، وصحيح مسلم برقم 2671).
الهرج: القتل، وهو بـلـسان أهل الحبشة، الهرج هو القتل.
الفتن تبدأ بـنقصان العلم وبتواطؤ الناس فيما بينهم على الشح، وتتجلى الفتنة في أسمى مظهر لها بـالقتل، أن يَكثر القتل، والقتل ليس فقط قتل المسلمين لـلكفار، وقتل الكفار لـلمسلمين، وإنما ورد في حديث أبي موسى الأشعري عند الطحاوي وغيره: “أن يقتل بعضكم بعضاً” (أصله في صحيح البخاري برقم 7060 و 7061).
أن يقتل المسلمون بعضهم بعضاً، فانتشار القتل من علامات الساعة، لذا ورد في الحديث الصحيح:
أول فتنة وقعت بالإسلام، أي فتنة؟
قتل عثمان.
قتل عثمان رضي الله عنه أول فتنة في تاريخ الأمة، فالقتل تتجلى فيه الفتنة بأسمى صورة.
ما الذي يجعل الفتن بعيدة عنا؟
كثرة العمل الصالح، وجود البركة.
يتقارب الزمان إذا قَلَّت البركة في الأشياء والأوقات، وفي ظهور العلم الشرعي وتبعاته من العمل الصالح، ويُلقى الشح، فإذا بقي الأمر يتمادى، فحينئذ يَكثر الهرج.
المصدر:
البث المباشر – لدرس شيخنا شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
تاريخ:
6 رجب 1445 هـ
18 يناير 2024 م✍️✍️
الفتوى تحتاج إلى الأدلة ، الله تعالى يقول: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ (سورة النحل، الآية 43). الله يسأل الذي لا يعلم فيقول له: ﴿فَاسْأَلُوا﴾ يا من لا تعلمون أهل الذكر الذين يعلمون، ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ﴾ (سورة النحل، الآية 43؛ وسورة الأنبياء، الآية 7).
اسألوهم بالبينات والحجج، أنا لَما واحد يسألني، لا يريد جوابي ، وهو ما تعمّد أن يسألني لذاتي، وإنما هو ظن أني على علم، فلما أجيبه ؛ الواجب عليّ أن أجيبه وأن أذكر الدليل على علمي ، ودليلي على علمي أن أقول: قال الله، قال رسول الله ﷺ .
لذا بعض الأئمة يزعل لما تقول:
“هذا الدليل”، مع أن الله يقول: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ﴾ .
أن تسأل بأدب، الأدب شيء والسؤال شيء آخر، فالأصل في من أراد أن يسأل ألا يُلزَم بجواب إلا بـ “قال الله، قال رسول الله ﷺ”، ومن غير قال الله قال رسول الله ﷺ ليس بصحيح.
رجل كان خطيبًا توفي، سمعته يعظ موعظة قبل يوم عرفة بيوم في مسجد في مكة، وكنتُ جالسًا في زاوية من زوايا المسجد وحولي مجموعة من إخواننا من طلبة العلم من أكثر من بلد، فبدأ يقول كلامًا غريبًا عجيبًا !
قال: في أزمة غدًا وزحمة في الحج، افعلوا كذا وكذا وكذا اليوم، استغرَب بعض الإخوة الكويتيين كان حولي، قال: غريب!
نفعل اليوم ، قبل عرفة بيوم؟!
قالوا: هذا تعرفه؟
قلت: ما لي وله، لا أعرفه، اذهب إليه وسله، قولوا: يا شيخ، شو دليلك؟
فذهب إليه، قال: يا شيخ، إيش دليلك أقف اليوم بدل غد؟
اسمع!
والله، تسمع وتعجب!
أنا أرقبه سأله بعد الدرس، وأنا أرقبه، فوضع يده على رقبته وقال: ضعها في هذه الرقبة.
قال:
قِف اليوم (وقوف عرفة) وضعها في هذه الرقبة !
هذا علم؟
هذا دين؟ هذا دين عجب؟ عجب!
أقف بعرفة قبل بيوم وأضعها في رقبة فلان ؟!
هذا دين؟!
شيء عجب.
قلتُ ممكن هذا ممكن أن يكون رافضي مُبطَّن، والروافض يقفون اليوم في عرفة، وليس الغد ، لأن الروافض يخالفون أهل السنة، فممكن يكون رافضي مُبطّـن ، وأنه خائف يقول أنا رافضي.
قال:
أنا أريد أن أقف في عرفة اليوم، أنا ذاهب إلى عرفة ، أقف اليوم عرفة!
لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، تَحزن لما العلم يُمارس فيه أشياء كلية ما قال بها إمام مُعتـبَر بهذه الطريقة، والله إنك تحزن، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
المصدر:
البث المباشر – درس شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
تاريخ:
08 جمادى الآخرة 1445 هـ
21 ديسمبر 2023 م
السؤال:
متى هل يشرع الدعاء المطلق في صلاة الفرائض في السجود؟
الجواب للشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله:
أي نعم، أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحث النبي صلى الله عليه وسلم حث على كثرة السجود لمن أراد مرافقته في الجنة.
فالدعاء المطلق جائز، واختلف أهل العلم هل يشرع الدعاء الدنيوي، والصواب نعم الدنيوي والأخروي.
الصواب : من أراد أن يدعو لأبيه بطول العمر أو بشفاء أو لولده أو فلا حرج، الدعاء مطلق جائز، لا حرج.
المصدر:
الأسئلة اللبنانية لفضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان.
١٢ ربيع الآخر ١٤٤٧ هـ
٤ أكتوبر ٢٠٢٥
قال فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله:
انتبه!
شيء مهم لا يتفطن له كثير من طلبة العلم:
مذهب أهل الحديث غير مذهب الظاهرية.
كثير من الناس يعتقد أن مذهب أهل الحديث هو مذهب الظاهرية.
وأكثر شيء يميز بين مذهب أهل الحديث و مذهب الظاهرية:
أن أهل الحديث يُـعمِلون القياس ويرون حجية القياس، وأن أهل الظاهر يَجمدون ولا يعملون بالقياس.
شيخ الإسلام له تقرير بديع لا أظنك تجده في كتاب ولا تسمعه على لسان، ووضحه وفصله طويلاً شديداً ابن القيم، وأخذ مساحة طويلة في كتابه إعلام الموقِّعين عن رب العالمين.
قَرَّر أن الشريعة كلها معقولة مطَّردة، وكلها على وِزان واحد، وليس فيها شيء خارج عن القياس، كلها قياس صحيح.
يقول ابن القيم في المجلد الرابع، صفحة 158 من إعلام الموقِّعين عن رب العالمين -عبارات قليلة، ثلاث أربع أسطر، لكنها بديعة، وقالها بعد جهد كبير وبعد بيان شديد-، قال:
وهذا مما حصلته من شيخ الإسلام قدس الله روحه وقت القراءة عليه، وهذه كانت طريقته، وإنما يقرر أن القياس الصحيح هو ما دل عليه النص، وأن من خالَف النص للقياس ؛ فقد خالف النص والقياس معًا.
إذاً -من باب التأكيد-:
مَن خالف النص للقياس ؛ فقد خالف النص والقياس معًا.
الشريعة مطردة سهلة.
لذا ابن القيم قبل ما يقرر هذه الحقيقة قدم لها بمقدمتين في كتابه إعلام الموقِّعين عن رب العالمين:
المقدمة الأولى أمثال القرآن التي نحن نقرأها الآن مع إخواننا، والمقدمة الثانية الرؤى والمنامات.
الرؤى والمنامات قائمة على أصول مطردة، الرؤى والمنامات تلخّص الأصول بورقة، إن حفظتها وكنت صاحب فراسة ومَلكة فحينئذ تصبح مُعبِّراً.
فالشريعة كلها مطردة تسير في اتجاه واحد.
وأزيدكم شيئاً نفيساً ذكره ابن القيم، ولكن لا أستطيع التفصيل، أذكره إجمالاً، لما بيَّن ابن القيم أن أحكام الشروع غير أحكام الوقوع، وأحكام البدايات غير أحكام النهايات، قال في كثير من الفروع:
ولجأ شيخ الإسلام إلى أن أحكام الشروع غير أحكام الوقوع لأنه رأى أن الشريعة مطردة قائمة على وزان واحد.
فلما تكون الشريعة قائمة على وزان واحد لابد أن تراعي أن أحكام الوقوع غير أحكام الشروع، أحكام الانتهاء غير أحكام الابتداء، وفصَّل هذا الإمام ابن القيم وطوَّل فيه.
هؤلاء العلماء الربانيون الذين يفهمون الشريعة بفهم سهل ميسور، ويفهمونها على أنها قواعد مطردة سهلة، وليس فيها شيء خلاف القياس.
كان يُدرّس في الدراسات العليا، الشيخ عمر بن عبد العزيز العراقي رحمه الله، خلاف القياس، وألَّف كتاباً مطبوعاً وهو جميل للغاية سماه:
المعدول به عن القياس عند شيخ الإسلام ابن تيمية.
وردَّ ابن القيم على كثير من الفقهاء بزعمهم أن هذا يخالِف القياس، فلما كان يوجّه أن هذا الفرع ليس مخالفاً للقياس وإنما هو وفق القياس، يضطر أن يقول:
هذا أحكام وقوع وليس أحكام شروع، وهذه ومضة تكفي.
المصدر:
البث المباشر – درس شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
تاريخ:
08 جمادى الآخرة 1445 هـ
21 ديسمبر 2023 م✍️✍️
السؤال :
هل شعرت في مقام الدعوة إلى الله في الأردن بفراغ بعد موت الشيخ علي رحمة الله عليه؟
الجواب للشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حفظه الله :
حقيقة الفراغ ليس فقط في الأردن، بعد وفاة الشيخ (علي الحلبي رحمه الله) ، الشيخ كان قد سدَّ مسافة واسعة، وأفاد الناس كثيرًا، وهو طاقة ليست بقليلة، أسأل الله جل في علاه أن يرحمه.
وكما لا يخفى عليك، هو صاحب أسفار كثيرة، يحب السفر كثيرًا، نعم، حتى كنت أمازحه وطلبتُ من بعض الإخوة، أن يقولون له وهم متعلقون به ويحبونه:
“إذا ما جلست لنا لتعلمنا فخذنا معك على أسفارك “.
والشيخ من عجائبه أنه يحب السفر ولا يحب التطويل فيه، يعني فقط يصل يبل ريقه بسرعة ، فعند الشيخ عجلة، فكان لا يبقى في مكة والمدينة فترة، فقط يأخذ العمرة ويمشي.
أما موضوع الفراغ فبلا شك الفراغ حاصل، ليس فقط كما قلت في الأردن، وإنما في مواطن كثيرة، أو في بلاد كثيرة من التي كان يسافر إليها، كان يسافر لأمريكا كثيرًا، و لكندا كثيرًا، و لبريطانيا كثيرًا، ووصل لفرنسا، أوروبا جلها سافر إليها، وكثيرًا كان يسافر إلى إندونيسيا، سافرت أنا وإياه ما يزيد على خمس عشرة مرة، إلى “سورابايا” ، الآن الإخوة يسافرون إلى جاكرتا.
فالشيخ بلا شك بفقده ترك مساحة واسعة جداً خلفه ، والله تعالى أعلم.
المصدر:
الأسئلة اللبنانية لفضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان.
١٢ ربيع الآخر ١٤٤٧ هـ
٤ أكتوبر ٢٠٢٥✍️✍️
[ما من أحد ينفق إلا وسنّة الله تعالى قاضية أنه يُخلِف عليه]
قال فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله:
سنشرح حديث:
«مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا».
صحيح مسلم: في كتاب الزكاة، باب في المنفق والممسك. (برقم: 1010).
“ما من يوم يصبح العباد فيه”، إلا وقضت حكمة الله جل في علاه أن يكون في كل يوم ملائكة تخصّ المعطي وتدعو على الممسك، وهؤلاء الملائكة أصناف، وورد ذكرهم في عدد من الأحاديث، ليس صنفًا واحدًا، ولهم صنيع يشتركون فيه، في أنهم يدعون لمن أعطى، لمن بذل: “اللهم أعط منفقًا خلفًا”، قول الله عز وجل: { وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ } (سبأ: 39)، هذا كلام الله عز وجل، وهذا دعاء الملائكة ، ودعاء الملائكة مستجاب.
فما من أحد ينفق إلا وسنّة الله تعالى قاضية أنه يُخلِف عليه، {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} (سبأ: 39).
والذي يَـتصدق به ؛ ما يَفقده وإنما يُدَّخر له، ولذا كان بعض الصالحين لما يأتيه السائل، (بالتعبير الدارج اليوم: الشحاذ)، لما يأتيه الشحاذ فكان يقول: “مرحبًا ، مرحبًا بالذين ينقلون أموالنا من دار إلى دار”.
فكان السلف يعتبرون العطية بواسطة هؤلاء الناس تنقل لهم أموالهم من دار الدنيا إلى دار الآخرة، فهي لهم، هي ما خرجت من ملكهم، لكن هؤلاء السُّؤَّال ينقلونها، ينقلونها من دار الدنيا إلى دار الآخرة، و﴿وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ﴾ (الأعلى: 17)، تعيش في الدنيا وأنت تحتاج إلى متاع، وتحتاج إلى ما يلزمك، وحياتك في الدنيا حياة كما أخبر النبي ﷺ: “أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين”.
الستين تبدأ بالخمسين، إذا بلغ سنك خمسين سنة بدأت بالعقد الستين، وإذا بلغ سنك ستين سنة بلغت في العقد السبعين، فأعمار أمتي بين الستين والسبعين، يعني من خمسين لستين وكسر، وخمسين وكسر.
أقل الناس أعمارًا ، وأفضل الأمم، وأكثرها أجرًا وثوابًا وقربًا من الله.
ولذا لما أخبر النبي ﷺ الصحابة أننا نِصف أهل الجنة، كَـبَّر الصحابة فرحًا، ثم أوحى الله عز وجل لنبيه ﷺ فقال: “نحن ثلثا أهل الجنة”.
الحمد لله، أمة محمد ﷺ ليس النصف فقط، أمة محمد ﷺ بين سائر الأمم منذ أن خلق الله آدم إلى قيام الساعة، أمة محمد ﷺ هذه الأمة المرحومة، والزلازل رحمة بها، والقتل رحمة بها، وما يجري اليوم رحمة بالأمة، الله يرحمها بالفتن والزلازل والقتل.
فجاءت البشارة على لسان رسول الله ﷺ أننا ثلثا أهل الجنة، ولذا سنّة الله تعالى في كونه تمهيد إلى سنته في شرعه.
فالمعطي يدعو له الملائكة.
المصدر:
البث المباشر – درس شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
تاريخ:
22 جمادى الآخرة 1445 هـ
04 يناير 2024 م✍️✍️
قال فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله:
هذه العبارة أنا لا أوافق عليها وهي شائعة بين الناس، أي عبارة التي أنا لا أوافق عليها؟ أخشى تخرجون تقولون عني ما لم أقل، وهذا يحصل، أنا لا أوافق على عبارة “أن الشريعة صالحة لكل زمان ومكان”، هذه عبارة عندي خطأ.
وصوابها أن “الشريعة مُـصلِحَة لكل زمان ومكان”، قولك “أن الشريعة صالحة لكل زمان ومكان” لا يحصر الإصلاح في الشريعة، وإنما هي كسائر الأشياء الأخرى، قد يوجد غيرها صالح، أما قولك “هي فقط المُـصلِحة لكل زمان ومكان”، اختلف الحال.
فالشريعة ليست صالحة، هي مُصلحة لكل زمان ومكان، لكن من يُفصِّل لنا هذا الإصلاح؟
إصلاح لا يَـقدر عليه إلا كبار العلماء الدعاة والخطباء والوُعاظ، جزاهم الله خير، أطلقوا هذا العموم، تفصيل هذا العموم لا يقدر عليه أحد.
“ضياء الحق” في باكستان لما أراد أن يَحكُم بالشريعة، استدعى شيخنا، شيخنا الزرقاء، كان يدرسنا في ذاك الحين سنة 1988م، وغاب عنا أكثر من أسبوع بقليل، حوالي 10 أيام، وطلب منه أن يضع قانونًا مأخوذًا من الشريعة، ثم جاء قال لنا، والله أذكر كلام الشيخ زرقا رحمه الله، قال:
يا أبنائي هذا الرجل صالح، ادعوا الله له، أظن أن عمره قصير.
ما مضى أسبوع إلا وقد أخبرنا بأنه تفجرت طائرته وهو في الطائرة في السماء.
المصدر:
الدرس الثاني عشر – شرح مبحث العام والخاص في أصول الفقه – فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله.
10 ربيع الآخر 1447 هـ
2 أكتوبر 2025 م✍️✍️