[ اليوم الرأي مـقدَّمٌ على النص!
مقـدمٌ على قال الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ]
ليس لك خيار فيما قضى الله عز وجل وقضى فيه رسوله صلى الله عليه وسلم، هكذا تنجو من الفتنة، أن تكون مع الأولين، وأن تفهم الدين بفهمهم، وأن لا ترد دين الله سبحانه وتعالى بعقلك ولا برأيك، أن ينشرح صدرك لما ورد في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما انشرح صدر أبي بكر في رحلة الإسراء والمعراج.
أبو جهل يقول لأبي بكر: قل: أبلغك ماذا يزعم صاحبك؟
قال: إيش بلغني؟ قال: ذهب الليلة الماضية، ذهب للأقصى وعُرج به للسموات السبع، قال: أنا صدقته في أكبر من هذا، فصدره انشرح، قال: لو جمعت قريشًا تخبرهم؟ قال: نعم أخبرهم.
ترى فتنة !
إذا حكمت عقلك فيما جرى في الإسراء والمعراج، والنبي صلى الله عليه وسلم غاب في المساء ورجع في الصباح، راح وذهب للأقصى وأم بالأنبياء وصعد للسموات السبع والتقى بالأنبياء، هذا إيش يحتاج؟
استسلام يحتاج إيمان، فتذكر أبا بكر لما تقرأ أحاديث الفتن وعضوا بالنواجذ.
وقلنا أهم شيء الدجال، الدجال معه نهر، معه جنة ونار، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: جنته نار وناره جنة، لو الآن جاء الدجال
ودعا الناس إلى جنته وناره، أين تكون؟
والله فتنة في الحال، هل تدخل النار؟
نعم أدخل النار، لماذا أدخل النار؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ناره جنة، وخبر ثابت صحيح.
فما ورد في الأخبار الثابتة الصريحة الصحيحة في أشراط الساعة الواجب أن تنشرح لها صدورنا وأن نؤمن بها على مراد قائلها، أما إذا أعملنا الرأي والعقل فمشكلة، طيب، الرأي يُعمل به أو لا يُعمل به؟
مسألة مهمة تحتاج لبحث، وبحثها بحثًا عجيبًا الإمام ابن القيم في مطالب كتابه” إعلام الموقعين”، وإعلام الموقعين من الكتب المهمة، وأنصح طلبة العلم أن يقرأوها.
يسر الله لي أن حققت
كتاب إعلام الموقعين وسبب تحقيقي للكتاب اتصل بي مرة الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله، فقال لي: سمعت الشيخ الوالد ابن باز رحمه الله يقول: كتاب الإسلام إعلام الموقعين، والله استثقلت العبارة، كنت نظرت في إعلام الموقعين فقلت: أجرد، أقرأ الكتاب، فقرأته فوجدت العبارة صحيحة، فيسر لي أن قرأت، وحصلت عدة نسخ خطية من الكتاب وقرأته، وقابلت النسخ وقرأت الكتاب يعني 30 أو 40 مرة قرأت الكتاب، ووجدت فيه من الدرر والكنوز والمخبآت ما الله به عليم.
فابن القيم لما تعرض للرأي عقد فصلًا في ذم الصحابة والتابعين للرأي، ثم بعده عقد فصلًا في قول الصحابة والتابعين
بالرأي كقول ابن مسعود: “إنما أقول برأيي فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن الشيطان”، ثم وفّق بين قول من ذمّ الرأي ومن قال به من الصحابة والتابعين.
قال:
والرأي عند فقدان الدليل معتبر ولا يُلزِم، فكان الصحابة والتابعون لا يُلزِمون أحدًا برأي.
اليوم الرأي مقدم على النص!
مقدم على قال الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورحم الله أبا قلابة الجرمي، عبد الله بن زيد الجرمي، قال مقولة ما أجملها وما أهنأها وما أمرأها للسني وما أشدها على المبتدع، كان رحمه الله تعالى يقول:
“من قلت له: قال الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لك: دع عنك هذا وهات العقل، قال: فاعلم أنه أبو جهل”، من قلت له: قال الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لك: “دع عنك هذا وهات العقل”، قال: “فاعلم أنه أبو جهل”.
ثم قال: “من قلت له: قال الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لك: دع عنك هذا وهات الذوق والوجد، أنا أريد الوجد والذوق كأصحاب الطرقيين”، فقال لك: “دع عنك هذا وهات الذوق والوجد”، قال: “فاطرحه واخُنقه واقرأ عليه آية الكرسي فإنه شيطان”.
رحمه الله، رحمه الله تعالى.
هل الآن يوجد في الأمة من يفهم الدين على غير فهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
كثير كثير.
التحريف حاصل في الأمة، وأول من أصَّل التحريف علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه إذ شاهد الخوارج الذين كفروه وخرجوا عليه، فكان يقول عبارة بليغة حسنة مليحة جامعة شاملة مهمة في قتاله للخوارج، كان يقول: “والله لأقاتلَنَّكم على تأويله كما قاتل النبي صلى الله عليه وسلم الكفار على تنزيله”.
لأقاتلنَّكم على تأويله كما قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكفار على تنزيله، النبي صلى الله عليه وسلم قاتل الكفار الذين ما آمنوا بالتنزيل، أما علي رضي الله تعالى عنه فكان يقاتلهم على التأويل الباطل.
المصدر:
الدورة الشرعية الثالثة للدعاة في اندونيسيا – منهج السلف في التعامل مع الفتن – المحاضرة الرابعة.
تاريخ:
29 جمادى الآخرة 1446 هـ
30 ديسمبر 2024 م✍️✍️
[تفصيل حول مسألة رضاع الكبير – لفضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله]
السؤال:
أحد الإخوة أخذ ولداً من الملجأ ، وعمره خمس سنوات فهل يجوز لزوجته أن ترضعه؟
الجواب للشيخ مشهور بن حسن آل سلمان:
قلت رضاع الكبير مسألة مما وقع فيها خلاف ، وجَـوَّز رضاع الكبير غير واحد من أهل العلم ، وممن تكلم عليها بشدة متجوزاً كالعادة الإمام ابن حزم في كتابه المحلى ، ثم تابعه على اختياره جمع وعلى رأسهم شيخ الاسلام ابن تيمية ، وابن القيم ، في جماعات من العلماء المفتين أو الفقهاء من سائر المذاهب.
وبالمناسبة -وهذه فائدة عزيزة نفيسة- لا يعرفها إلا الباحث الذي يتعنى البحث ، أي نحتاج لدراسة شاملة في أثر ابن حزم على ابن تيمية.
ابن تيمية متأثر جداً بابن حزم ، ولكنه رفض جموده وعدم تعليله للأحكام الشرعية ، لكنه ما أهدره ، وإنما أقام له وزناً كبيراً ، بل اعتمد عليه في مسائل كثيرة خلافاً لمذهب الإمام أحمد ، مع أنه يقال أن ابن تيمية حنبلي في المعتقد إلا أنه أخذ أشياء من ابن حزم في المعتقد ، مثل العذر بالجهل.
ابن حزم ما وجد في كلام الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وجوداً للعذر بالجهل فأخذ المسألة ، وقرر المسألة على النحو الذي ذكره ابن حزم رحمه الله.
فالشاهد مع أنه ضلل ابن حزم في وقوفه على ظواهر الصفات ، وقال عنه جهمي جلد وأخذ كتابه البديع “الصفدية” لشيخ الإسلام ، أخذ مساحة واسعة جداً في الرد على مذهب ابن حزم في موضوع الصفات.
فشيخ الإسلام لا يقلد وإنما شيخ الإسلام يعتمد القول بعد البحث وبعد العرض على الأدلة ، والأدلة النقلية هي الأصل في تقريره رحمه الله.
نعود لمسألة الرضاع الكبير ، وقلنا هذه المسألة أصبح يُـتَندَّرُ فيها ، وأصبح الناس يذكرونها من باب التشنيع والتبشيع ، ولا سيما الطاعنين في أهل الأثر ، والغامزين في شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
وأنا أوافقهم في هذا الغمز ، وفي هذا التشنيع في صور دون صور.
فالصور التي يغمزون فيها لا يقول -بمشروعية رضاع الكبير فيها- لا ابن حزم ولا ابن تيمية ، يأخذون بصور ليست شرعية ، ولا تقبل أن تندرج تحت الضرورة التي ذكرها من جوز رضاع الكبير.
الأصل في رضاع الكبير أن سالما مولى أبي حذيفة كان صغيراً قد شب أو ظهر شاربه ، ولد صغير كبر ، أصبح يعني أي في ريعان في بدايات الشباب ، لما يخط الشارب ولم يظهر بعد.
يعني يصبح عمره 14 سنة ، 15 سنة قبل هذا بقليل ، بعد هذا بقليل ، كان يدخل على عائشه فكانت تجد في نفسها حرجاً من دخوله عليها.
تجد في نفسها حرجاً تراه كبير ، فشكت للنبي صلى الله عليه وسلم ، فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم أن ترضعه أحد أخواتها ، لتكون له خالة من الرضاعة ، ففعلت ، فذهب ما في نفسها.
فالحكم الفقهي مع الأمر الجبلي الذي جبل الله الناس عليه ؛ أمران متفقان ، وليسا بمختلفين ، ولذا قال العلماء في قواعدهم ، وهذه مسألة تحتاج لتطويل وكلام كثير ، لكن قالوا ما حُرِّم بالطبع ؛ حُـرِّم بالشرع ، فالإنسان مثلاً -أجلكم الله- لا يشرب البول ولا يأكل الغائط بالطبع ، فتحريم الطبع كتحريم الشرع ، وهذه مسألة مذكورة ذكرها السعدي في المنظومة ، وذكرتُ شرحها في كتاب التعليقات الأثرية.
الشاهد أن الرضاع الكبير تقتضيه الضرورة في بعض الصور ، مثل غزة مثلاً ، مثل سؤال الأخ ، ذهب إلى ملجأ ، ووجد ولداً صغيراً ليس له والد ، قد يكون ابن الزنا ، من آثار الحروب التي تقع بين الشعوب وبين الأمم وفي الدول ، كما حصل في دول البلقان قديماً ، حصلت مجازر عظيمة للمسلمين وأخيراً تجلت في سنة 79 لما دخل الصرب على كوسوفو وذبحوا ، يعني حدثني بعض الإخوة قال ذبحوا أبي وأهلي كلهم أمامي ، وأنا أنظر ذبحوهم ذبح ، فلما زرنا بعض أطراف كوسوفو ، وكانت قريبة من الصرب ، وهناك مقبرة للصربيين ، فكان الكوسوفيين يرفعون أصواتهم بالدعاء عليهم ، لأنهم أذاقوا منهم الويلات.
فالشاهد تجد عبر مخلفات هذه الحروب ذكر أو أنثى في عمر 10 سنين ، هذا لا يستطيع أن يقوم بالحياة اللازمة التي فيها الحفاظ على النفس ، والحفاظ على العرض ، والحفاظ على العقل ، والحفاظ والتربية ، التي فيها شيء من البقاء على مقومات الإنسان إلا بأن يضمه من هو أكبر منه إلى أسرته ، فهؤلاء ماذا يفعل بهم؟
هذه صورة من صور رضاع الكبير ، ولا يمكن لأحد أن يصادرها ، وأن يمنعها.
علماؤنا لما قالوا برضاع الكبير قالوا به للضرورة ولم يطلقوه.
حصلت مقابلة تلفزيونية بين مفتي وبين مذيعة وكان ذلك في مصر أسأل الله أن يحفظها ، فتقول المذيعة مبادرة:
اجتماعي وإياك فيه خلوة ، وهذه خلوة محرمة ، فالأزهري
كعادة الأزهريين اللادينيين ، قال إذا ترضعيني رضاع الكبير أخرجي ثديك وأرضع منك!
هذا مهزلة ، هذا استهزاء بالشريعة ، وكل من يتندر في موضوع رضاع الكبير ، يريد أن يصور أن رضاع الكبير وسيلة من وسائل الإثارة الجنسية ، وقضاء الغريزه أن يقضي الإنسان يعني شهوته من خلال رضاع الكبير.
هذه ليست تحت الضرورة ، وهذه صورة مستنكرة ، وهذه صوره محرمة ، الأصل في الرجل في حق المرأة:
يحرم عليها أن يمسها ، ويحرم عليه أن يختلط بها ، وان يخلو بها ، وأن يخالطها ، وصور الخلوة والاختلاط في هذا الزمان صور متداخلة.
يعني لو أن رجل و امراة مع مجموعة من الناس ذهبوا إلى حفلات الرقص مثلاً ، هذه تحرمها لماذا؟
تحرمها للرقص والغناء والنظر الحرام ، وتُحرمها خلوة وتُحرمها اختلاطاً.
الخلوة المشروعة لها مقومات ، ومن مقوماتها أن يدخل أكثر من رجل أصحاب مروءة على امرأة لحاجة.
أما أن يدخل عاهر مع عاهرة ، وإن تكرر عدد العاهرين ، وعدد العاهرات ، فأصبحوا بالألوف ، بل أصبحوا بعشرات الألوف ، فاجتمعوا ؛ فهذا حرام خلوة ، وحرام اختلاطاً ،
هذه الخلوة متحققة.
بعض دور البغاء نسأل الله العافية يكون الناس على الدور ، هذاك حرام ، ولو كان أكثر من واحد.
الشاهد :
رضاع الكبير جائز لضرورة ، والضرورة ينبغي أن تكون معتبرة ، والذي يقدر الضرورة من عدمها الفقيه ، (لا الشهوة ولا قضاء الإرب ، والغريزه الجنسية) ، نسال الله العافية.
فـ رضاع الكبير جائز بشروطه ، وليس جائزاً بإطلاقه.
مداخلة:
والله حدث هذا الموقف مع أحد الإخوة ، انقلبت فيه السيارة أخوه وزوجته ، الاثنين ماتوا ، فبقي الولد؟
كيف ينشأ ؟ كان الولد عمره 15 سنة؟
قال الشيخ:
لو أن زوجة عمه أرضعته ؛ لا حرج.
هذا رضاع الكبير يعني يحدده المفتي بناء على الضرورة وبناء على النازلة وملابساتها ، ورضاع الكبير جائز.
هذا الأخ يسأل عن الولد عمره خمس سنين ، ذاك اليوم صلينا في المسجد وجدنا ولد في فراش رضيع عمره أيام ، جانب المسجد ، وتحت رأسه 100 دينار ، كأننا هذا كيف ينشأ؟
هذا يوضع في دور وينشأ ابن زنا ، ابن زنا ، ولا يؤاخذ في الشرع على أنه ابن زنا.
{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر : 38]
{أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ} [النجم : 38]
والسلف يقولون :
لو كان هذا ابن الزنا أقرأ القوم يؤمهم ، إذا أصبح تقياً ؛ حاله كحال الكافر أسلم.
فهذا يربى تربية رضاع كبير ، ويعيش حياة هنيئة ، ويعيش كأنه فرد من أفراد الأسرة ، كسائر أبناء أعمامه في هذه الأسرة ، وهم يحتسبون ، ولهم أجر كفالة اليتيم وزيادة.
مداخلة:
يا شيخ يحتاج خمس رضعات أم رضعة واحدة؟
أجاب الشيخ:
الرضاعة خمسة ، جاء عدة أحاديث ، وهذه الأحاديث يبدو أنها متعارضة ، ولكن العلماء حكموا ووفقوا بينها.
ورد في الحديث الصحيح :
«لا تُحرِّمُ المَصَّةُ ولا المَصَّتانِ ولا الإِمْلاجةُ ولا الإِمْلاجَتانِ»
قال جماهير أهل العلم -ليس الحنفية- ، المالكية والحنابلة :
تَحرم الثلاثة ، بناء على مفهوم المخالفة.
لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان ؛ مفهوم المخالفة أن الثلاث تَحرُم.
الحنفية قالوا تَـحرُم الرضعة الواحدة ، بناء على أن أحاديث الآحاد لا تخصص عموم القرآن ، وهو التحريم من الرضاعة ، فقالوا الرضعة الواحدة تُـحرِّم ، وحَـدُّ الرضعة أن تكون مشبعة ، وحد الإشباع أن يأخذ الصبي أو الرضيع الثدي بإرادته وأن يتركه بإرادته ، فإذا نزع منه وخلص منه ؛ فهذه رضعة غير مشبعة.
وأسعد المذاهب في نظري و أرجحها :
مذهب الشافعية.
ومذهب الشافعية أن الرضاعة التي تُـحرِّم هي خمس رضعات.
الخمس رضعات هي التي تحرم ، والدليل على ذلك أمران ، الأمر الأول :
الحديث أنه كان فيما نزل في القرآن ثلاث رضعات يحرمن.
فكان هذا قديماً ثم نسخ ، والدليل قول عائشة رضي الله تعالى عنها:
خمس رضعات يحرمن.
فالخمس رضعات هي التي تحرم ، فـ دون الخمس لا تحرم ، ويؤكد ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين:
«فإنما الرضاعة من المجاعة».
وقوله صلى الله عليه وسلم:
«إنما الرضاعة ما نشز منها العظم وفتق اللحم».
فالذي ينشز العظم هو خمس رضعات ، أما الرضعة والرضعتان ؛ فهي غير كافية لذلك ، سواء كانت هذه رضاعة طبيعية أو الرضاعة بأجرة ، هذا من الواجب على الأب أن يدفع أجرة للمرضعة ، حتى لو كانت زوجته ، ويظهر أثر ذلك في المطلقة ، فالمطلقة التي ترضع لها شيء زائد ، فالرضاعة لها أجرة خاصة.
وأما والناس اليوم يجعل الرجل وأهله وزوجه ، هو وإياها ذمة واحدة ، أغلب الرجال الآن مع النساء ذمة واحدة في الأموال.
لذا يجب عليه أن يحجج زوجته ، ويجب عليه تطبيب زوجته ، وكلام السابقين فيما هو حجز النفقة طويل ، ويتعبنا.
فالشاهد الرجل والمرأة اليوم ذمة واحدة ، فهو تحصيل حاصل يشتري لزوجته الطعام ، والرضاعة هي أثر من أثر الطعام.
خمس رضعات يشبعن ، سواء كان ذلك في حق الزوجة أو في حق المطلقة أو في حق الرضاع الكبير.
مداخلة:
رضاع الكبير خمس رضعات أو رضعة واحدة؟
الشيخ:
خمس رضعات يُـحَرِّمن.
الشيخ:
منهم من نظر للمعنى ، ما هو المعنى؟
النشز والفتق قد حصل مع الكبير ، وهذا يؤكد شيء غريب يحتاج الى دراسة عميقة أي سنة الله جل في علاه وأثرها في الطبع ، هل يحصل بالعدد أم يحصل بالأصل دون العدد ، هل يحصل بالأصل والوصف أم يحصل بالأصل دون الوصف.
هذا أيضاً يحتاج إلى بحث عميق ، ولم أر أحداً بحث هذا ، لكن ظاهر حديث سالم :
أرضعيه.
الظاهر أرضعيه ، كما هو معروف من الأحكام ، ما هو معروف عندكم في الرضاع ، الظاهر أنه خمس ، والأمر يقبل النزاع والله تعالى أعلم.
مداخلة :
شيخنا ، هل الكبير إذا رضع يرث؟
الجواب:
لا ، سواء كان كبير أو صغير ، الرضاعة تُـحرِّم فقط ، أما الأم من الرضاعة ليس كـ الأم من الصلب ، وليس هو من الرحم الخاص ، ولا يوجد قطيعة ، ولا يرث.
أخونا يسأل وهو سؤال دقيق ومهم :
كيفية الرضاع ؟
الأصل في المكلف إن كان يجري عليه القلم ألا ينظر للعورة ، والنساء اللاتي يرضعن الكبار كأخوات عائشة رضي الله عنها يأبين أن يظهر الثدي للرضيع.
إذاً تسكب حليبها في إناء ، ثم هو الذي يشربه الكبير ، أما اذا كان لا يعرف العورات ، وكان فوق السنتين ، ثلاث سنوات أربع سنوات ، ولا يعرف العورات ؛ فلو أخذ الثدي لا حرج.
بعض الأولاد يرضع من أمه ، وهو ابن ثلاث سنوات وأربع سنوات وخمس سنوات.
بعض الأولاد يرضع ، ولا يعرف العورة ، يعني لا يعرف هذا ، فإذا كان الأمر كذلك ؛ الأصل من الثدي ، وأما إن كان كبيراً ويحرم عليه النظر إلى الثدي ؛ فحينئذ نأخذ الحكم من جميع النصوص ، ولا نأخذه من نص واحد.
بدن الإنسان أنا وأنت يسمى رأساً ، ولكن لا يسمى رأساً بالرأس لوحده ، ولكن يسمى رأساً :
بالرأس والأطراف والبطن والظهر وكل الاعضاء.
فقال الإمام الشاطبي في موافقاته قال :
كما يسمى الإنسان رأساً ، ولا يسمى رأسا إلا بجميع بدنه ، فالأحكام الشرعية لا تؤخذ من نص واحد ، وإنما تؤخذ من جميع النصوص ، ولا سيما عندما تتداخل الأحكام ، والله تعالى أعلم.
المصدر:
القناة الرسمية على يوتيوب – لقاء سؤال وجواب 14/5/2025 فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حفظه الله تعالى.
بتاريخ :
16 ذو القعدة 1446
14 مايو 2025✍️✍️
قال الإمام ابن القيم في بدائع الفوائد:
قال هذا لازم المعنى، فسموه بها لازم المعنى.
والمراد بالدعاء في الآية ليس هو عين المراد، لوازم المعاني حُجَّة.
كلام الله جل في علاه لا يأتيه الباطل، كلام البشر فيه باطل.
فاللازم في كلام البشر: منفك وغير منفك.
فاللازم ليس مذهبًا حتى يُصرِّح به صاحبُه، فلازم المذهب ليس بمذهب.
وأما دلالة اللازم في القرآن الكريم، في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، دلالة معتبرة.
لما تتزاحم الدلالات، المنطوق يُقدَّم على دلالة اللازم.
فأقوى الدلالات دلالة المنطوق، لكن دلالة اللازم مطلوبة، وكثير من الآيات فُسِّرت بلازم المعنى، وليست هي المراد بالمعنى.
“أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي”
في يوم عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
ومن المقرَّر عند العلماء أن أحب الكلام إلى الله في الدنيا: “لا إله إلا الله”،
وأن “الحمد لله” أحب الكلام إلى الله في الآخرة.
في الآخرة أن تقول: “الحمد لله” أحسن من أن تقول: “لا إله إلا الله”، وفي الدنيا أن تقول: “لا إله إلا الله” أفضل من أن تقول: “الحمد لله”.
فجمع في دعاء الثناء في عرفة خير الكلام في الدنيا والآخرة،
بقوله صلى الله عليه وسلم:
“خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير”.
أحسن دعاء لله سبحانه وتعالى:
دعاء الثناء.
ولذا ينبغي للعبد قبل أن يبدأ بدعاء المسألة أن يَسبق ذلك بدعاء الثناء، أن تُثني على الله عز وجل، وأن تدعو بحمده، وأن تُثني على الله بذلك الثناء.
ما معنى الثناء؟
تكرار الحمد.
فالحمد إن كررته أصبح ثناء.
فمن آداب الدعاء أن تحمد الله وتثني عليه.
معنى تثني عليه:
تكرر الحمد.
بعد ذلك تنتقل من دعاء الثناء إلى دعاء المسألة.
وقوله سبحانه وتعالى: “فادعوه بها” يشمل دعاء الثناء ، ودعاء المسألة.
ومن اللطائف التي أُثِرت عن سفيان بن عيينة:
ربط الحديث في قوله صلى الله عليه وسلم:
“أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي عشية عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير”.
وأخرج ذلك التيمي الأصفهاني في كتابه الترغيب والترهيب.
قال على إثر هذا الحديث: هذا إسناد حسن.
ثم قال: وقيل لسفيان بن عيينة: هذا ثناء ، لا دعاء.
فقال: هو التعرُّض للسؤال.
أما سمعتَ قول القائل وربطه بشِعر معروف قديم:
أأذكر حاجتي أم قد كفاني
حياؤك إنَّ شيمتكَ الحياءُ
إذا أثنى عليك المرءُ يومًا
كفاهُ من تعرُّضك الثناء
فأنت لما تدعو دعاء ثناء في عرفة بقولك: “لا إله إلا الله”،
يقول سفيان: هذا دعاء ثناء يتضمَّن السؤال.
لما تلتقي مع إنسان تريد أن تأخذ منه حاجة، فتُثني عليه ، لماذا تُثني عليه في هذا المقام؟
حتى يُغدِق عليك العطاء.
ولذا قال الشاعر:
إذا أثنى عليك المرءُ يومًا
كفاه من تعرُّضك الثناء
هو يُثني عليك، لماذا يُثني عليك؟ يريد العطاء.
ولذا عرفة، لما يقولون: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له…”،
هذا دعاء ثناء، لكن يتضمَّن كما قال سفيان: دعاء الثناء ماذا يتضمَّن؟
مسألة.
يتضمَّن السؤال.
إذا بقيتَ تُثني على الله عز وجل، وأكثرتَ من الثناء على الله عز وجل، الله يعطيك ما تريد، ولو لم تسأل.
حالك مع ربك، وحال قلبك، وشغلك لوقتك أن تكون مع الله عز وجل ؛ الله يحفظك، والله يعطيك بالثناء.
ولذا: “فادعوه بها”، المراد من قوله “فادعوه بها”:
دعاء الثناء، ثم يُعقب دعاء الثناء دعاء المسألة.
طيب، أسماء الله كثيرة، وأسماء الله تعالى توقيفية، كما قال الناظم:
“اعلَمْ أن أسمائَهُ توقيفيةٌ لَنا بلا أدِلَّةٍ وَفِية”.
يحرُم عليك أن تُسَمِّي ربك بما لم يرد في كتاب الله، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثل قول: “النساء الكبار بالسن” :
“يا أبو القُبَّة الزرقاء”،
هذا حرام شرعًا.
أسماء الله جل في علاه توقيفية، كيف تعرف أن هذا اسم لله جل في علاه؟
تعرفه بـماذا؟ بالنص.
قال الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولذا قال الله عز وجل:
{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)} [الصافات : 180-182]
فبعد أن نزَّه الله تعالى نفسَه عما يصفه الواصفون، وهم المشركون، أثنى على أنبيائه، فقال بعد قوله: “سبحان ربك رب العزة عما يصفون”:
“وسلام على المرسلين”.
ثناءٌ على أنبيائه، ومعنى ثنائه على أنبيائه بعد أن نزَّه الله تعالى نفسه عمَّا يفعله المشركون:
يتضمَّن هذا مدحُ الأنبياء، لأنهم لا يصفون ربهم إلا بما يُحب.
فبعد أن نزَّه الله نفسه قال:
“وسلام على المرسلين”.
ما هو سر السلام على المرسلين؟
لأنهم لا يصفون ربهم إلا بصفاته.
ولذا صفات الله جل في علاه توقيفية، كثيرة.
كم صفة لله؟ كم اسمًا لله؟ كثيرة لا نعرفها.
كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم:
“اللهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميتَ به نفسَك، أو أنزلته في كتابك، أو علمتَه أحدًا من خلقك، أو استأثرتَ به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن الكريم ربيع قلبي، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمِّي”.
قال: “أو استأثرتَ به في علم الغيب عندك”،
فهناك أسماء لله استأثر الله بها لا يعرفها أحد.
طيب، ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة – وقيل إنه متواتر، والراجح أنه ليس كذلك، هو صحيح لكنه ليس متواترًا – ، وألف فيه الإمام أبو نعيم الأصفهاني جزءًا:
“إن لله تسعةً وتسعين اسمًا، مئة إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة”
معناه: هذا ليس حصرًا لأسماء الله.
النبي صلى الله عليه وسلم أكد أن لله جل في علاه تسعة وتسعين،
ما قال: “إن لله تسعة وتسعين اسمًا فقط”،
وإنما قال بعدها: “مئة إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة”.
الله، من كَرَمه سبحانه وتعالى، أن فَضَّل بعض الأسماء على بعض.
أسماء الله ليست سواء، وهذه نقطة نأتيها بعد قليل وهي مهمة،
وينبغي أن نتكلم بعلم، وأن يقوم – أي في معتقدك – أن يقوم بدليل.
ومسألة المفاضلة مسألة فيها تشويش كثير،
الناس غير واضح عندهم مسألة المفاضلة.
فخَصَّ الله عز وجل تسعة وتسعين اسمًا، فذَكرها النبي صلى الله عليه وسلم لربه، والروايات التي فيها تعداد الأسماء عند الترمذي مدرجة وليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم،
وإنما هي مأخوذة بالاستقراء من الآيات والأحاديث، وأدرجها بقيّة بن الوليد.
والحافظ ابن حجر جلس مجلسًا فيه إملاء وبيان أن هذه الأسماء ليست من قول النبي صلى الله عليه وسلم،
وإنما هي مدرَجة.
لما تقول: “أنا عندي مئة من العبيد أعددتهم للجهاد”
هل يُفهم من قولك هذا أن العبيد الذين عندك فقط مئة؟
ولا الذين أعددتهم للجهاد مئة، وعندك غيرهم؟
ها؟
لما تقول: “عندي مئة من العبيد أعددتهم للجهاد”،
كم عدد العبيد عندك؟
لا يُعرَف.
لا يجوز أحد يفتري عليك ، أن يقول :
من قال عندي مئة من العبيد أعددتهم للجهاد أنه ليس عنده إلا مائة !
لأن المائة للجهاد، لكن الزائد وارد، بل ظاهر الكلام أن عنده فوق المئة.
ولذا النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث:
“إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مئة إلا واحدًا، من أحصاها، من حفظها وعمل بمقتضاها دخل الجنة”.
فمعنى الإحصاء: أن تحفظ هذه الأسماء أولًا، ثم أن تعمل بمقتضى هذه الأسماء ، دخلتَ الجنة.
فأسماء الله عز وجل كثيرة، وخصَّ النبي صلى الله عليه وسلم ربه بـ 99 اسمًا.
قال الله عز وجل:
{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ …} [الإسراء : 110]
فيه ردٌّ وتعليم بأن تعدُّد الأسماء لا يقتضي تعدُّد الذوات، وشَتَّان شتَّان بين دعاء المشركين آلهةً مختلفة، وبين أن تدعو أنت ربك الذي له أكثر من اسم.
{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ}
ولذا بعض المشركين لما سمعوا الآية قالوا:
“محمد له إلهان!”
وهذا من الباطل.
محمد له إله واحد، وأتباعه موحدون، ويؤمنون بإلهٍ واحد،
ولكن هذا الإله له أسماء متعددة.
فهو الله، أو هو الرحمن.
وخصَّ الله جل في علاه اسم الله واسم الرحمن لأنهما أصلٌ لبقية الأسماء، وهذا التخصيص يدل على أنهما أشرف من سائر الأسماء، وتقديم اسم الله عز وجل على الرحمن يدل على أن اسم الله عز وجل هو الأصل في الأسماء.
الآن مسألة، وهذه المسألة مهمة:
هل الأسماء تتفاوت فيما بينها؟
نعم.
هل آيات القرآن الكريم تتفاوت فيما بينها؟
نعم.
هل الرسل يتفاوتون فيما بينهم؟
نعم.
والتفضيل للشرع، فالله عز وجل يقول عن الأنبياء مثلًا:
{ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ }.
[سورة البقرة 253]
وثبت في صحيح مسلم من حديث أبي المنذر أُبَيِّ بن كعب،
قال: “تدري أي آية في كتاب الله أعظم؟”،
فأرشده صلى الله عليه وسلم إلى أن أعظم آية من كتاب الله: آية الكرسي.
وأفضل سورة من القرآن الكريم: سورة الفاتحة.
فالفاتحة أحسن من غيرها من السور، وآية الكرسي أفضل من غيرها من الآيات.
فالآيات تتفاوت فيما بينها، والأسماء كذلك.
وأفضل أسماء الله عز وجل: الله والرحمن.
لكن: مفاضلة الأسماء، مفاضلة الأنبياء، مفاضلة الآيات،
لا يجوز لك عند المفاضلة أن تَغْمِز بالمفضول.
من باب أولى:
نُفَضِّل بين المشايخ.
وطلبة العلم ينشغلوا دائمًا:
“من أعلم؟ من أحسن؟ من الذي يفيد أكثر؟” من المشايخ…
فالمفاضلة جائزة، بشرط ألا تغمز بالمفضول، فإن غمزت بالمفضول فالمفاضلة حرام.
ولذا لما فَضَّلوا النبي صلى الله عليه وسلم على يونس بن متىعليهالسلام، زجرهم النبي ﷺ ، قال:
“لا تُفَضِّلوني على يونس بن متى”.
ما هو سر زجر النبي صلى الله عليه وسلم؟
الزجر ليس نفي أصل المفاضلة، لأن الكلام يُوحي بفتح باب غمز، فمنع النبي هذا الباب.
لا أقول غمزًا، أقول: إن فُـتِحَ الكلام في الغمز.
بعض الناس إذا أراد أن يمدح عالمًا يغلو فيه، ويكون المقصد حفي الغلو فيه النبز حبالآخر، فهذا النبز حرام.
ولما تقوم القرائن على أن هذا التفضيل من أجل الغمز، فيجب إغلاقه، ولا يجوز الاسترسال فيه.
ح
ولذا قال الله عز وجل:
{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ .. } [الإسراء : 110]
المصدر:
المحاضرة الـرابعة
فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان
نيل المرام في شرح آيات الأحكام
الدورة العلمية 27
التاريخ:
6 صفر 1447 هـ
31 يوليو 2025 م✍️✍️
[ في جامعات أمريكا إلى الآن تُدرس سياسة عمر بن الخطاب ، وعسكرية خالد بن الوليد في المدارس العالمية الحربية ]
وهكذا العرب في تكتيكهم وفي طريقة حربهم كانوا يجعلون ميمنة وميسرة والقلب ، يزحف القلب ، ثم على حسب تقدم الميمنة والميسرة تكون هنالك نوع من مواءمة حتى يحصل أخيرًا النصرة.
فهذه طريقة من طرق الحرب ، وخالد له طرق في الحرب كتب فيها جنرال تركي مجلدًا تزيد عن 600 صفحة، حلل عسكرية خالد.
وعسكرية خالد في المدارس الحربية العالمية إلى الآن تُدرس عسكرية خالد بن الوليد، وفي جامعات أمريكا إلى الآن تُدرس سياسة عمر بن الخطاب وإدارة عمر بن الخطاب.
وهذه للمبهورين بعلوم الغرب، فعلوم الغرب يعرفون قيمتنا، ونحن للأسف لا نعرف قيمتنا. يدرِّسون سياسة عمر.
باحث أردني من دار المحتسب اسمه عبد المجيد، أخذ رسالة الدكتوراه بعنوان “إدارة عمر بن الخطاب”، وأخذها في وقت أزمة الخليج، فاجتمعت لجنة المناقشة وقالوا له: “الذي كتبته جيد، ونجاحك ورسوبك في رسالتك أن تخبرنا ما موقف عمر من أزمة الخليج لو كان عمر حاضرًا، فما هي تدابيره في معالجة أزمة الخليج؟”
فارتجل كلمة ثم كتبها ضميمة ونشرها مع رسالته ، والرسالة منشورة عن مكتبة المحتسب في عمان، وهي رسالة نفيسة أنصح بقراءتها. وقال مما قال: “لو كان عمر حيًا لما وُجدت أمريكا وما وُجدت أزمة الخليج.
لو كان عمر حيًا ما وُجدت أزمة خليج ولا وُجدت أمريكا، ولا تستطيع أمريكا أن تتحكم في خيرات المسلمين وعمر موجود رضي الله تعالى عنه”.
المصدر:
شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
التاريخ:
12 ربيع أول 1447 هـ
04 سبتمبر 2025 م✍️✍️
( بعض التنبيهات في أحكام الجنائز)
[ العجلة في دفن الميت / أجر اتباع الجنازة / حال الناس أثناء اتباع الجنازة وعند دفنها ]
جاء في الحديث الصحيح:
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «أَسْرِعُوا بِالْجَنَازَةِ, فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إِلَيْهِ, وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
قال الشيخ مشهور بن حسن شارحاً:
سبحان الله!
لما يموت الإنسان ينسي الله تعالى أحبابه وأعز الناس عليه اسمه فيصبح الناس يقولون أين الجثة؟
لا يقولون أين فلان؟
ولا أين أبو فلان ؟
سبحان الله!
والنسيان نعمة من الله -عز وجل- ، ويلقي الله جل في علاه في قلوب أحب الناس إليه أن يكونوا هم أول من يحرص على دفنه ومواراته تحت التراب ، وهذا دلالة على قيمة الإنسان متى خرجت روحه لا يطيق أحدٌ أن يبقى عنده ، وإنما يتعجل أن يبقى في التراب ، فاعمل عملاً تكون في خلوتك الدائمة إلى أن تقوم الساعة ؛ تجد مؤنساً لك ، إرضي ربك سبحانه ، حتى تأنس به ، وحتى تنعم بالنعيم الذي عنده.
النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
«أسرعوا بالجنازة».
الأصل في الأمر هو الوجوب ، الجماهير حملوا الأمر على الندب ، وابن حزم حمله على القاعدة المعروفة قال أسرعوا بالجنازة فرض الإسراع ولا يجوز ألا نسرع في الجنازة ، والإسراع أن ندفنه مباشرة ، يعني مات الصباح الباكر الساعة السابعة ، فلماذا نبقيه لبعد الظهر؟
ما أسرعنا ، ما لبينا ، ما امتثلنا أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أسرعوا.
الناس يؤجلون لصلاة الظهر لأن أقاربه لا يصلون ، وعدم الصلاة شر ، والشر لا يأتي بخير ، الشر لا يأتي إلا بشر ، والخير لا يأتي إلا بخير ، فالخير لا يأتي بشر ، والشر لا يأتي بخير ، فالأصل المسارعة في الدفن لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- أسرعوا.
ذكر ابن الرفعة في كتاب “المطلب العالي شرح وسيط الغزالي” ، حقق في الجامعة الإسلامية في 100 ومجلدتين ، والله يسر لي نسخة منه نال به 100 شخص وشخصان رسائل الدكتوراه والماجستير ، كتاب واحد “المطلب العالي”.
فلما قرأت مبحث الجنائز في هذا الكتاب يذكر ابن الرفعه يقول دخل العز بن عبد السلام ليخطب الجمعة ويصلي ، فوجد أناساً بجانب ميت لهم ، فقال لهم :
لما لا تدفنونه؟
قال جئنا للمسجد نصلي عليه نصلي الجمعة ثم ندفنه ، قال لا أخرجوا وادفنوه ، لا تتأخروا ، اخرجوا لا تبقوا معنا ، لا تصلون معنا الجمعة.
يعني لو مات لك ميت في وقت الجمعة ؛ لك عذر شرعي أن تمتثل قول النبي أسرعوا بالجنائز ، ولا تصلي الجمعة.
انظر إلى هذه الحادثة وانظر إلى حادثة تأخير الناس في صلاتهم على أحبابهم ، والله ليسوا أحبابا لهم لو كانوا أحبابا لهم لتعجلوا بالدفن ، ولذا النبي صلى الله عليه وسلم قال أسرعوا بالجنازة ، فإن تكن صالحة فخيرٌ تقدمونها له ، وإذا كانت ليست كذلك في الحديث ؛ سوى ذلك شر تضعونه عن رقابكم.
فكيفما كان تعجل في الصلاة ، وكذلك يشمل الإسراع أن تمشي بها مشياً وسطاً ، بين المشي المعتاد وبين السعي ، لا تسعى امشي لا تمش مشا بطيئاً ، ليكن قبل الركض بقليل ، إسراع دون ركض ، أن تسرع على وجه لا تصل فيه إلى الركض ، إلى السعي ، والسعي هو أول الركض ، فأسرع إسراعاً شديداً.
لو مات الرجل ليلاً ؛ هل نسرع؟
إذا تغيَّـر ؛ نعم نسرع وندفنه ليلاً ، وثبت أن أبا بكر وفاطمة دفنا ليلاً.
إن لم يتغير ؛ لا نسرع ، ندفنه نهاراً ، لأن الدفن في الليل مكروه في أصله ، إلا أن وقع التغيُّـر ، وكان شيخنا الألباني -رحمه الله- يذكر ضابطاً مهماً فكان يقول:
متى احتاج الإنسان أن يوضع في الثلاجة ؛ جاز دفنه ليلاً.
لا نضع الميت في الثلاجة ، متى احتجنا لوضعه في الثلاجة ؛ ندفنه ليلاً ، وأما إن كان الجو لا يقع فيه تغيير للميت ، كالليالي الباردة ؛ فحينئذ ندفنه نهاراً ، ولا ندفنه ليلاً.
والأصل في الدفن إكرام الميت بالإسراع في دفنه ، وأخذوا هذا من قول الله عز وجل:
{ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس : 21]
أتت الآية ( ثم أماته فـ أقبره) ، وليس أماته ثم أقبره.
وأما الحديث الذي فيه أن إكرام الميت العجلة في دفنه ؛ فهذا حديث لا أصل له.
معناه صحيح ولكن لا يوجد له إسناد عند المحدثين.
قال الشيخ مشهور بن حسن شارحاً:
مما ينبغي أن يذكر وفاتنا في الإسراع في الجنازة أن بعض الناس يدب دبيب النمل في حمله للجنازة ، ويمشي خطوة خطوة مخالفاً لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- أسرعوا بالجنازة ، وهذا من البدع ، وهذه العادة أن يدب الإنسان وأن يمشي خطوة خطوة بأنه هذه عادة أهل الكتاب في الجنازة ، وليست عادة أهل السنة وهذا أمرا فيه مخالفة.
متى نلغي أسرعوا بالجنازة؟
سبق الجواب إذا مات الإنسان فجأة ، حتى نتحقق من وفاته أو لغرض معتبر يعني مثلاً إنسان مات في حادث جنائي ، وحتى نعرف من القاتل نؤخر دفنه ، فلا حرج في هذا التأخير أو قدوم عزيز عليه ، وهو في الطريق تعجَّل لكن بعد ما وصل ، لا حرج في ذلك ، أما يقال فلان إنه في أمريكا أو في أوروبا والله الحجز بعد أسبوع ، وخلوه في الثلاجة أسبوعاً !
هذا التطويل يخالف السنة ، قولاً واحداً ، ولعل الولد فاجر فاسق أزعجه القدوم للصلاة على أبيه ، وهذا وارد في هذا الزمان ولا حول ولا قوة إلا بالله.
«مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ»
حصول الأجر أولاً على الصلاة ، الشرط أولاً تصلي عليه ، فإن أردتَ الزيادة فحينئذ تتبعها ، الأجر متوقف على الصلاة عليه.
«وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ»
فإن تابع بعد الصلاة عليها حتى توصل للمقبرة وتدفن ؛ فهذا له قيراطان.
فسأل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما القرطان؟
فقال مثل الجبلين العظيمين.
هذا الحديث ثبت عن 12 من الصحابة رضوان الله تعالى عليه وسمع هذا الحديث ابن عمر من عائشة لما سمعه من أبي هريرة :
(قيراط) مثل أحد.
و جبل أحد ممتد من شرقي المدينة إلى غربيها من جهة الشمال ، والآن العمران توسع ، وأصبح أقرب شيء على أُحد حي الشهيد ، وسمي حي الشهيد نسبه إلى حمزة عم النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ابن عمر استغرب فزار عائشة وسألها عما يحدث به أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- ، فقالت له إيه صدق أبي هريرة ، فقال -رضي الله تعالى عنه- كما في الصحيح :
لقد فرطنا في قراريط كثيرة.
من لم يعرف هذا الحديث ؛ فرط في قراريط كثيرة.
احرص يا عبد الله على أن تصلي على الجنازة ، واحرص على أن تتبعها ، حتى يحصل لك القيراطان.
الإنسان ليس دائماً نشيطا في قيام الليل والصيام وتلاوة القرآن ، فهذا يعوض ، فلو عندك شيئ من كسل ؛ تذكر الآخرة واذهب للقبر ، واتبع ، وازجر هذه النفس ، وقل لها يا نفس ستدفنين مثل هذا الميت ، اثبتي على ما أنت عليه من خير من عبادة.
لذا قال العلماء كلاماً عجيباً في هذا الحديث ، قالوا اتباع الجنازة على ثلاثة ضروب ، الضرب الأول :
يتبعها من أين؟
اليوم اتباع من أين؟
الجواب: من المسجد ، وثبت معنا في الدرس الماضي أن الصلاة في المسجد لم تكن هي الأصل كانوا يصلون عليها في المصليات.
طيب كيف تتبع جنازة ومن أين؟
الجواب: من بيتها ، اتباع الجنازة حتى تحصل على القيراط تكون من بيتها ، من المكان الذي تخرج منه ، وفي أغلب الصور هذه الأيام قد يكون من المستشفى.
من المكان الذي تخرج منه للصلاة عليها ، وليس من المسجد ، من صلى على الجنازة في المسجد له أجر ، لكن أجر القيراط يكون من حيث تخرج ، هذا الأمر الأول الأمر.
الثاني:
أن يتبعها إلى القبر والأحسن من هذين الأمرين ؛ الأمر الثالث ، وهو أن يبقى قائماً عندها يدعو بمقدار ذبح جزور ، وأن يشارك في الدفن ، أن يشارك الناس في الدفن هذا الأمر الثالث.
إذا عندنا المرحلة الأولى الصلاة وله قيراط ، الاتباع له قيراطان ، أمر زائد أن تشارك في الدفن ، وأن تبقى بعد الدفن.
فهذه ثلاثة مراحل ولكل مرحلة أجر أكثر من الأجر الذي قبلها.
في رواية في البخاري وهي مهمة جداً ، وكثير من الناس يغفل عنها ، وسيأتينا نوع من توسيع بهذا الشرط ، يأتينا إن شاء الله بعد قليل.
قال صلى الله عليه وسلم:
من تبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا.
تخرج للجنازة من أجل حق الميت ، لا من أجل الجاه والمال والغنى للأحياء ، تخرج للصلاة على الجنازة من أجل الميت أم من أجل الأحياء؟
خروج الجنازة من حق المسلم ، فالمسلم مات فله حق عليك أن تخرج في جنازته ، والناس اليوم يخرجون للجنازة ولا يستحضرون الإيمان والاحتساب والنية الصالحة.
لذا قال الفقهاء من دعي إلى وليمة عرس ، فرأى منكراً ؛ فالواجب عليه أن يغادر العرس والوليمة ، بسبب المنكر ، وقالوا من تبع جنازة فرأى منكراً ؛ لا يشرع له أن يرجع لأن المنكَر من فعل الأحياء ، وهو يؤدي حق الميت ، وهو لا يلتفت للأحياء.
الناس اليوم في جنائزهم يخرجون مبتسمين يضحكون يمزحون لا ينزل الهاتف عنهم ، وبعضهم يدخن في الجنازة ، فيؤذي كل الأرواح ، وأوصى عمرو بن العاص صحيح مسلم ألا يتبعه نار ، فالنار تؤذي الأرواح كلها ، فالذي يدخن في المقبرة هذا يؤذي جميع الأرواح ، والناس تأتي إلى الجنائز وكأنها من متاع الدنيا ، وكأنها ليست من الآخرة.
كانوا إذا ذهبوا للجنازة لا ينتفع بهم أحد مدة شهر ، سادهم الحزن ، ولذا أمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثروا من ذكر هادم من اللذات.
المصدر:
المحاضرة الثالثة لفضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله ، من كتاب بلوغ المرام من أدلة الأحكام ت الزهيري ، لابن حجر العسقلاني رحمه الله.
الموافق :
هجري 10 محرم 1447 –
ميلادي 05 يوليو 2025.✍️✍️
الجواب:
الأهازيج لا حرج فيها، وكان الصحابة يفعلونها، وثبت في البخاري في الأدب المفرد أن عائشة أحضرت منشدًا لختان ابن أختها، فجاء فأنشد، فكان يحرك رأسه، فقالت عائشة رضي الله عنها : “أخرجوه، إنه شيطان”.
أما الكلام الذي فيه شِـعرٌ حَسنٌ ورَجز، فكان يفعله كثيراً البراء بن عازب، كان مجاهدًا، البراء كان يستلقي على ظهره ويرفع رجله فوق رجله ويرتجز.
وفي الأسفار كان أنجشة يقول الشعر، فكان الهودج يسرع في السير، ويركب الهودج النساء، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأنجشة: “يا أنجشة رويدك بالقوارير، رويدك بالقوارير”.
إيش القوارير؟ النساء.
سمى النبي صلى الله عليه وسلم النساء قوارير حتى نرفق بهن.
امرأة في مدرج جامعة دمشق (بعثية) قامت وكان المدرس مصطفى السباعي، فقالت هذه المرأة -وكانت سمينة وهي طالبة (بنت):
“نبيكم يسمي المرأة قارورة، وهذا اسم ليس بحسن”.
كان مصطفى السباعي صاحب بديهة، فقال لها: “اسكتي واجلسي يا برميل”؛ يعني إذا أنتم ما أعجبكم أنها قارورة، فأنتِ برميل ، “اجلسي يا برميل”.
فالنبي ﷺ كان رفيقًا بالنساء وقال لأنجشة:
“يا أنجشة رويدك بالقوارير”.
فإلقاء الشعر حَسنٌ ولا سيما في الأعراس، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لبعض أصحابه: “إن الأنصار يعجبهم اللهو، يعجبهم الشعر، فهل قلتم: أتيناكم أتيناكم ولولا الحبة السمراء ما سمنت عذاريكم”.
النبي ﷺ يعلم النساء ماذا يَقلنَ في الأعراس، فقول الكبيرات في السن في مدح العروس ومدح العريس ، ومدح النسب بكلام مؤدب ، وليس فيه آلات موسيقى، هذا سنة ولا حرج في هذا.
المصدر:
الدورة الشرعية الثالثة للدعاة في اندونيسيا – منهج السلف في التعامل مع الفتن – المحاضرة الثالثة.
تاريخ:
29 جمادى الآخرة 1446 هـ
30 ديسمبر 2024 م✍️✍️
قال فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله:
الأصل في الجنازة أن تحمل على الأكتاف ، وأن يمشي الناس أمامها ، وأن تكون تكون الجنازة من الخلف ، يحملها قوم على الأكتاف ، والناس يمشون أمامها ، وأما الراكب وطبعاً -قديما دابة والآن السيارة وما شابه- فالذين يركبون يمشون خلف الجنازة ، لا أمامها.
الذي يركب يمشي خلف الجنازة -والدليل على ذلك- ما أخرجه الإمام الترمذي وصححه عن المغيرة بن شعبه -رضي الله تعالى عنه- قال:
الراكب خلف الجنازة.
الراكب خلف الجنازة ، وأما الماشي فابن عمر يقول رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ورأى أبا بكر ورأى عمر يمشون أمام الجنازة ، ولا حرج أن يكونوا عن يمينها قليلاً أو عن يسارها قليلاً ، كالركاب يمشون وراءها ولو كانوا على اليمين قليلا على اليسار قليل ؛ لا حرج.
أما أن يخرج الإنسان عن متابعة الجنازة ، ويلتمس الطرق الخفية ويريد الهروب عن الازدحام ؛ فهذا ليس اتباعا للجنازة سواء في المشي أو في الركوب ، وهذا يقع فيه كثير من الناس ، تسأله أين أنت ؟
قال والله نحن ابتعدنا لكي نسبق ، نبتعد عن الازدحام!
هذا ما تبع الجنازة ، فأن تتبع الجنازة تكون الجنازة أمامك ، وأنت راكب.
وتكون خلفك وأنت تمشي ، والعلماء يقولون لا حرج يمين قليل ، الشمال قليل ، لكن أنت معروف أنك في هذا المشي أنك تتبع هذه الجنازة ، وسبب هذا الخلل للأسف الجهل ولا سيما دور الدفن الموتى التي تريد الدنيا ، تريد العجلة ، -خصوصا- لما تحصل الأمراض والآفات والأوبئة.
سمعت واحداً يعمل دعاية وهو صاحب دار دفن يقول في الكورونا كنا نأخذ 100 دينار ، الواحد الآن بنقول على الثلاث 200 دينار!
على الثلاث أموات 200 دينار!
صار هناك تنافس.
دور الدفن تجار ، والذي يقود سيارة الجنازة (حافلة صغيرة) يريد العجلة ، فيتوارى ، فلا يسمح لمن خلفه أن يتبعوه ، فالخلل في الاتباع تكون أحياناً من المتابع وأحيانا من السائق.
هذا خلل ، وهذا خلل ، الأصل أنوالناس تمشي في وفد فيه شفاعة لهذا الميت يشفعون فيه عند الله -عز وجل-.
لو ركب وكان أمام الجنازة؟
قال استدل بهذا حديث استدل بحديث عبد الله بن عمر أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمر يمشون أمام الجنازة ، فإن ركب وهو أمام الجنازة أخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي ، قال كانوا يكرهون ذلك.
ما معنى كانوا يكرهون ذلك؟
يكرهون الركوب ، ويمشي الراكب للأمام ، والعكس بالعكس ، ما معنى العكس بالعكس؟
الجواب : الماشي يسير خلف الجنازة.
الأصل في الراكب خلف الجنازة ، والأصل في الماشي أمام الجنازة.
فإبراهيم النخعي قال يكره كما عند سعيد بن منصور يكره أن تركب وتسير أمام.
أنا أقول لإلغاء الفارق أقول كذلك الماشي يمشي خلفها لا أمامها ، فبإلغاء الفارق الحكم واحد والله تعالى أعلم.
المصدر:
المحاضرة الثالثة لفضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله ، من كتاب بلوغ المرام من أدلة الأحكام ت الزهيري ، لابن حجر العسقلاني رحمه الله.
الموافق :
10 محرم 1447 هـ
05 يوليو 2025 م✍️✍️
وبهذه المناسبة، أذكر اسم كتاب أنا أحببته، بل طلبتهُ من صاحبه أن أنشره ونشرته، الكتاب الذي ألفه بعض إخواننا من السودان، أخونا الدكتور خالد عبد اللطيف، له كتاب اسمه:
“مسائل أصول الدين المبحوثة في كتب علم أصول الفقه”.
وذكرَ هذه المسائل وبين الدَّخَن في بعضها، وهذا الدَّخَن سببه العقيدة غير الصحيحة التي قال بها بعض الأصوليين.
ولذا الذي أوصي به دائمًا طلبتي وإخواني وأحبائي أن لا يتخصصوا مبكرين، فالتخصص المبكر دلالة على عدم الإحاطة بالعلم. والمتخصص المبكر في علم قد تنطلي عليه خزعبلات وخرافات وضلالات موجودة عند غيره.
هذا أخونا خالد عبد اللطيف دَرَسَ علم مسائل الإيمان التي تتعلق بالعقيدة ودرسها من كتب أصول الفقه، وبيَّـن الزيف الذي فيها، وهي مذكورة في كتب الأصوليين، فلازم أن ينتبه طالب العلم لهذا الكتاب “مسائل أصول الدين المبحوثة في كتب علم أصول الفقه”.
المصدر:
الدرس الحادي عشر – شرح مبحث العام والخاص في أصول الفقه – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن
الموافق :
02 ربيع الآخر 1447 هـ
24 سبتمبر 2025 م✍️✍️
[ واجب تعلُّم أحكام التبعُّـض والتجزُّؤ في هذا الزمن ]
قال فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله:
بعض الناس لما يرى العلم ثقيلاً ؛ يطلق عبارات خطيرة، لكن للأسف، الناس الآن الكل يتكلم بما يريد!
بعض الناس يقول لك:
“الصحابة -طبعًا من باب أولى من بعدهم- ما كانوا يعرفوا أصول فقه، ولا كانوا يعرفوا لغة، ولا يعرفوا علوم تفسير، ولا يعلمون اللغة العربية،” هذا صحيح أم خطأ ؟
خطأ خطأ، طيب، نترك هذه بعد قليل، نرجع لها بعد أن نكمل الحديث.
يقول عبد الله بن مَعْقِل:
“جلست لكعب بن عُجْرَة فسألته عن الفدية فقال: “نزلت فيّ خاصة ولكم عامة”.
يعرفون أصول الفقه ؟!
كعب يعرف أصول الفقه ؟!
هذا هو كلامه ، لذا “العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب”، كانوا يعلمون ذلك، كانوا يعلمون ذلك سليقةً.
فقهاؤنا وعلماؤنا ومشايخنا السابقين ممن لم ندركهم، واللاحقين ممن أدركنا، ينطلقون من سجية، من شيء مطبوع -فيهم- ، فاصبح الفقه واستنباط الفقه جزءاً منهم كاليد والكبد والظاهر والباطن.
الفقه، مع الزمن تتكاثر المشاكل، فلما تتكاثر المشاكل تبدأ العلوم تتفرع، أبو الأسود الدؤلي كلفه علي رضي
الله عنه أن يكتب قواعد النحو لما سمع رجلًا يقرأ قول الله:
﴿ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ۙ وَرَسُولُهُ …﴾ (التوبة: 3)
قرأها :
( إِنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولِه) ، فغضب علي، فطلب من أبي الأسود الدؤلي التابعي الجليل، قال: “دَوِّنْ لي علم النحو”، لماذا دَوِّن علم النحو؟
لما وقع اللحن.
إذا اللحن غير واقع والسجايا صحيحة ما في حاجة لتدوين علم النحو.
الآن الفتن :
أنا الآن أوجب – على طالب العلم- بل على من تلبس بالفتن ودخل بها أن يعرف قواعد السلف في معرفة الفتن حتى يتجنبها، ما وجدت أحداً يقول بقولي هذا ، لماذا؟ كان الناس في عافية، وكان الناس الفتن قليلة، وكان الناس بعيدين عن الفتن.
أما إن لَم تنجو من الفتن (إلا أن تَعلمَ قواعدها)، فالواجب عليك أن تتعلم قواعدها ، لا لذات العلم وإنما لكي تنجو، هذا الأمر مختلف من وقت لوقت ومن عصر لعصر.
أحكام التبعُّـض والتجزُّؤ التي غابت عن الناس في الأحداث الجسام التي تحصل هذه الأيام، وجب الآن أن نعلم أحكام التبعُّـض والتجزُّؤ، هي في كلام فتاوى علمائنا ومشايخنا الذين أدركنا كانت سجية، يفرقون بين حال وحال، وبين صورة وصورة، وبين حرب وحرب إلى آخره، يأتيك واحد يطلق الكلام على عواهنه، هذه مشكلة !
الشاهد:
أن كعب بن عُجْرَة قال: “نزلَت فيَّ خاصة وهي لكم عامة”، هل يجوز لي -حتى أقرب ما أريد- وأسأل الله التوفيق، هل يجوز لي ولك أن نقول أن الصحابة الذين عاشوا في جزيرة العرب -جزيرة العرب حارة يغلب عليها الحرارة لا البرودة- هل يجوز لنا أن نقول أن الصحابة ليس عندهم معاطف يَرُدُّون بها البرد؟
الجواب :
لا، حتى ينزل المطر، فنفحص، فإن نزل المطر ننظر: الصحابة عندهم المعاطف ولا ما عندهم المعاطف ، ولكن إذا ما في داعي للمعاطف، وما في برد، وما في ثلج، مش لازم نبحث فنقول:
الصحابة ليس عندهم معاطف، فلما تقع الحاجة للمعطف يتبين لك أنهم كان عندهم، إذا نزلت الحاجة، لا أتكلم عن المعطف، أتكلم عن العلم، أتكلم عن قواعد العلم.
فكانت لما تنزل النوازل يُظهِرون العلم وما كانوا فضوليين ، أسأل الله أن يرحمنا، قال كعب:
إذاً خرجنا بأن الصحابة يعرفون النحو ، لكن يعرفونه سليقة، يعرفون أصول الفقه سليقة، يعرفون علوم القرآن سليقة، ثم هذه السليقة مع الزمن تطورت فوضعت في الكُـتب، فأصبحت موجودة في الكتب.
المسلمون يعيشون بين جمود وجحود، جامد وجاحد، جامد وجاحد، ومن نجا من الجمود أو من الجحود فهو بخير، وأي موقف تريد أن تتخذه ينبغي أن تتذكر آفة الجمود وآفة الجحود، وأن تفر من هاتين الآفتين، والسعيد من كان هذا حاله.
المصدر:
الدرس الحادي عشر – شرح مبحث العام والخاص في أصول الفقه – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن
الموافق :
02 ربيع الآخر 1447 هـ
24 سبتمبر 2025 م✍️✍️
جاء في الحديث:
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرٍ -حِينَ قُتِلَ- قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا، فَقَدْ أَتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ».
أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ، إِلَّا النَّسَائِيَّ.
الشرح للشيخ مشهور حسن:
أخرجه الخمسة (السنن ، وأحمد) ، إلا النسائي.
«لما جاء نعي جعفر»:
فيه جواز النعي ، ومعنى الجواز في النعي وذكرنا هذا سابقاً أي الإخبار ، لتكثير عدد المصلين ، على خلاف النعي المنهي عنه ، وهو نعي الجاهلية أن يطاف في الطرقات ، ويرفعون الأصوات مباهاة في حال الميت وبيان ما كان يصنع في حياته.
وهذا النعي لا حرج فيه ، فنعى النبي -صلى الله عليه وسلم- لما جاءه نعي جعفر حين قتل في مؤتة ؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم- اصنعوا لآل جعفر طعاماً.
من آل جعفراً ؟
زوجته أسماء بنت عميس ، امرأة فاضلة قرشية تعاقَب عليها عددا من الأصحاب ، فكان زوجها الأول جعفر ، وكان زوجها أيضاً أبو بكر بعد جعفر ، ثم تزوجها علي ، وكانت امرأة عاقلة لبيبة ، فزينة المرأة حسن إدارتها وحسن كلامها ، وهكذا كانت أسماء.
فلما مات جعفر قال النبي ﷺ :
اصنعوا لآل جعفر طعاماً.
الطعام المعهود ، وكل يطعم على قدر حاجته ، وعلل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال: فقد أتاهم ما يشغلهم.
الميت جاءته مصيبة الموت ، وتشغله عن أن يصنع طعاماً ، فمن القبح بمكان ، في الشرع وفي العقل وفي العادات الشرعية الصحيحة أن يصنع أهل الميت طعاماً للمعزين ، الأصل أن الناس تصنع طعاماً لهم.
وتأمل معي قول النبي صلى الله عليه وسلم اصنعوا لآل جعفر ، ما قال النبي ﷺ :
اصنعوا لآل طالب ، أو لآل المطلب ، أو اصنعوا مثلاً لقريش ، كما يفعل الناس اليوم!
اصنعوا لآل جعفر (زوجته واولاده) ، يصنعوا لآل جعفر الزوجة والأولاد.
هذا الطعام لا يكون لكل الناس ، اصنعوا لآل جعفر طعاماً ، فقد أتاهم ما يشغلهم ، وكانت وفاته في السنه الثامنة ، لما مات جعفر في مؤتة في الأردن.
وهذه سنة بدأت من جعفر ، ما عرف قبلها ، وتوارثها المسلمون إلى يوم الدين أن يقفو مع أهل الميت ، وأن يواسوهم في صنع الطعام لهم ، وهذا من محاسن الإسلام ، وفيه تكافل اجتماعي ، ولم تذكر الأحاديث المدة التي يُصنع لهم الطعام فيها ، هل يصنع لهم الطعاما في وجبة ؟ في يوم؟ في يومين؟ في ثلاثة ؟
ما دامت الحاجة تقتضي بالإطعام ؛ نطعم حتى يزول الحزن ، وتعود الحياة إلى أن يمارس الإنسان الأكل والشرب وما شابه ذلك.
والبدعة الشنيعة التي كانت مشهورة في الجاهلية وفيها سرف وفيها إنفاق ، وهي عكس السنة النبوية وقد يكون فيها اعتداء على الصغار بأن يؤخذ من مال الميت ، وله أولاد صغار ، ويُطعَم الأحياء ؛ فهذه عادة قبيح ، وهذه بدعة ، وهذه مجاراة لأهل الكتاب ، ولا سيما إذا تحمل أهل الميت الدين ، يستدينون.
يخبرني بعض إخواننا ولا سيما في مناطق جنوب الأردن الميمون ، أن بعض العزاء في بعض الحالات يكلف صاحبه أكثر من 10,000 عشرة آلاف دينار أردني!
وهذا مال يتحمله الصغار يسدون دين أبيهم.
هذه مصيبة من المصائب ، وهذه بدعة من البدع ، وهذه البدع ينبغي للحريصين من أهل الديانة والراحمين بالخَلق أن يتحركوا لإبعاد هذه البدعة ، وأن يحيوا صنع الطعام لأهل الميت والله تعالى أعلم.
المصدر:
المحاضرة الثالثة لفضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله ، من كتاب بلوغ المرام من أدلة الأحكام ت الزهيري ، لابن حجر العسقلاني رحمه الله.
الموافق :
10 محرم 1447 هـ
05 يوليو 2025 م✍️✍️