السؤال:
أخٌ يسأل والظاهر أنه تاجر، أحد التّجار اشترى بضاعةً عَينِيَّةً لِأَجَل، بمبلغٍ، لِنَقُل -مثلاً-: دينار، وباعها بمبلغِ ثمانينَ قرشًا، هل هذا رِبَا؟ و المُشتري مِنهُ هَل عَليهِ ذَنب؟
الجواب:
إِن بَاعها بِثمانين قرشًا نَقدًا، لِنفسِ مَن بَاعَهُ، فهذا بيعُ العِينَة، تَشتَرِي مِن رَجُلٍ سلعةً بدينار نسيئةً -أَي: لِأَجَل-، ثُمَّ بَعدَ قَليل تَقولُ لَه: هذه السِّلعةُ لِي، هل تَشتَرِيها منِّي؟ (أنا ما اشتريتُها إلّا لأَبيعَها له)، فأَبيعه السِّلعة بثمانين قرشًا، ثُمّ أَعودُ إِلى بيتي و معي ثمانون قرشًا نقدًا، و ذمتي مشغولةٌ بدينار؛ هذا سمّاهُ النَّبِيُ -صلَّى اللهُ عَليهِ و سَلَّم-: “بيعَ العِينَة”.
و قال النَّبِيُّ -صَلّى اللهُ عَلَيهِ و سَلَّم-: (( إذا تبايعتُم بالعينةِ وأخذتم أذنابَ البقرِ، ورضيتُم بالزَّرعِ وترَكتمُ الجِهادَ سلَّطَ اللَّهُ عليْكم ذلاًّ لاَ ينزعُهُ حتّى ترجعوا إلى دينِكُم)).
الألباني (ت ١٤٢٠)، صحيح أبي داود ٣٤٦٢ • صحيح • أخرجه أبو داود (٣٤٦٢)، والبزار (٥٨٨٧)، والطبراني في «مسند الشاميين» (٢٤١٧) •
السؤال: حتّى تَرجِعُوا إِلى مَاذا؟
الجواب: إلى دينكم.
هُناك مَذهَبَان:
– المذهبُ الأول: (مذهبٌ تَكفِيرِي)، يقول: حتى تَرجِعُوا إِلى جِهادِكُم.
– المذهب الثّاني: (مذهبٌ سلفي)،
يقول: حتى تَرجِعُوا إِلى دِينِكُم.
السَلَفيُّون يقولون: هذا كَلامُ النَّبِي -صَلَّى اللهُ عَليهِ و سَلَّم-، الّذينَ يَقتَنِعُون أَنَّ الذُّلَ لا يُنزَعُ عَنَّا حتّى نَرجِع إِلى دِينِنَا، هُم مَن انشَرَحَت عُقُولُهُم و قُلُوبُهُم إِلى قَولِ الرّسول -صلَّى اللهُ عَليهِ و سَلَّم-، فلم يقل: (حتّى ترجعوا إلى جهادكم) بل قال: “حتّى تَرجِعُوا إِلى دِينِكُم”.
نعود لاستكمال جواب السؤال:
الصورةُ الثّانيةُ للمسألة:
أَن أَبِيعَ السِّلعةَ بثمانين قرشًا لِغَيرِ البائع الأَصلي الذي باعني، هذا بيعٌ حَلال، و الذي اشترى يَشترِي حَلالًا؛ لِأَنَّ الأَصلَ في البيعِ و الشِّراءِ الحِل، و في حديثِ سَعد بنَ أَبي وَقَّاص في صحيح البُخاري، و هو حديثٌ خطيرٌ مُجَلجِلٌ مُزَلزِلٌ يَغفَلُ عَنهُ كَثيرٌ من النَّاس، ولا سِيَما السَّائِلين؛ قولهُ -صَلَّى اللهُ عَليهِ و سَلَّم-: “إِنَّ أَعْظَمَ المُسْلِمِينَ جُرْمًا، مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ، فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ* رواه البخاري (7289)، ومسلم (2358).
هل من المُمكن أن يكون صاحب السؤال آثِمًا؟
هذا رجل قال: أنا أُريد أن أَشتري شيئًا بِدينار، ثمّ أبِيعه نقدًا بثمانين قرشًا، نقولُ له: ما هدفك؟
قال: لكي يصبح معي مال، ليس معي مال -الآن-.
نقول له: قال: النَّبِيُ -صلَّى اللهُ عَليهِ و سَلَّم-: “لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَار” صحيح ابن ماجه، الصفحة أو الرقم: (1909).
ما الفرق بين لا ضَرَر و لا ضِرَار؟ الجَواب:
أي: لا ضَرَرَ تُلحِقُهُ بِنَفسِك، و لا ضِرَارَ تُلحِقُهُ بِغَيرِك.
هذا الذي اشترى السلعة بدينار، و باعها بثمانين قرشًا، أَلْحَقَ الضَرَرَ بِنفسِه، و النَّبِيُ -صلَّى اللهُ عَليهِ و سَلَّم- يقول: “لاَ ضَرَرَ”، لكن المَظاهِر الدُنيَوِيَّة الكَذَّابة الخَّداعة هذه الأَيام (فلان تاجر)، تاجر و هو يُتاجر بأموال النَّاس، تاجر ولا يَملِكُ شَيئًا، يَتَشَبَّعُ بِما لَم يُعطَ! قُل: لا أَملِك.
فَأن تَشتَري بِكَثير و تَبِيع بِقَليل و تُلْحِق ضرَرًَا بِنَفسِك، فالنَّبِيُ صلَّى اللهُ عَليهِ و سَلَّم يقول: “لاَ ضَرَرَ”، لا يَجوزُ لَكَ أَن تُلحِقَ الضَّرَرَ بِنَفسِك.
والله تعالى أَعلَم.✍️✍️
السؤال :
اذهب إلى العمرة هذه الأيام فهل يجوز أن اتمتع بها إلى الحج مع أني أريد أن ارجع إلى الأردن بعد عشرة أيام؟
الجواب:
أخ يسأل يقول نحن في شهر شوال وأريد أن أذهب إلى الحج أخذ عمرة وأنوي في عمرتي أني متمتع الى الحج ، ارجع إلى الأردن وبعد رجوعي إلى الأردن سارجع إلى الحج وارجع بملابسي دون أن البس ملابس الإحرام واجعل عمرتي هي تمتع للحج.
أفتى بذلك الحسن البصري، وكان يفتي به شيخنا الألباني رحمه الله بناء على حديث جابر الطويل في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم.
الصحابه عندما حجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم ساق القليل منهم الهدي والكثير لم يسق هدي، فالنبي عليه الصلاة والسلام على المروة بعد أن فرغوا من طواف العمرة أمرهم أن يتحللوا، أمر من لم يسق الهدي أن يتحلل .
ماذا يعني أن يتحلل؟
يرجع يحلق شعره ثم يرجع إلى ملابسه ويتطيب إلى آخره .
فسأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم أي الحل يا رسول الله؟
فاجاب عليه الصلاة والسلام : الحل كله، أي ترجع كل الحل حلال.
يقول جابر في صحيح مسلم ونحن رجال يقول فتمتعنا بالنساء وذهبنا إلى منى في اليوم الثامن وأذكارنا تقطر مني أي تمتعنا تمتع حقيقي بالنساء، ذهبنا إلى منى ونحن حديثوا عهد بجماع النساء .
فكان شيخنا الألباني يقول هذا يؤكد مذهب الحسن البصري الحل كله، كل شيء .
ومن هذا كله لو كنت في بلد فلك أن ترجع ، لكن هناك آثار كثيرة للسلف أوردها أبن أبي شيبة وعبد الرزاق قالوا : الحل كله المراد النساء أي عندما قال عليه الصلاة والسلام الحل كله كان يقصد النساء، لذا قال جابر ذهبنا إلى منى وأذكارنا تقطر منيًا .
كثير من السلف قالوا له أن يرجع إلى اي بلد شاء شريطة أن لا يرجع إلى بلده وعلى هذا اعتمد الأئمة الاربعة ، قالوا الحل كله إلا أن ترجع إلى بلدك فأن رجعت إلى بلدك فلا يجوز لك أن ترجع وتتمتع بالعمرة.
لكن أحد أخذ العمرة ذهب إلى إبنه أو ابنته أو صديقه مقيم في جدة مثلا أو مقيم في أي مكان فذهب إليه وزاره وجلس عنده فله أن يرجع إلى مكة متمتع بالعمرة الأولى.
فجماهير الصحابة حملوا الرجوع إلى البلد قاطع للتمتع، وإنما والمراد بقوله عليه الصلاة والسلام الحل كله إنما هو التمتع بالنساء لا غير.
السؤال:
ما هي أهم التفاسير التي يجب أن يهتم بها طالب القرآن؟
الجواب:
لا أقول طالب القرآن فقط، بل كل مسلم الواجب عليه أن يفهم كتاب الله فهما جمليا، غير تفصيليا.
حتى لا تهجر القرآن تمرر القرآن مرة على قلبك، لك ختمة كل شهر، اقرأ تفسير موجز.
ومن أحسن التفاسير الموجزة تفسير شيخنا محمد نسيب الرفاعي، والذي مات قبل أن يراه، وطُبِع قريبًا من أسابيع، ووزعنا على إخواننا الحفظة، ولم أجد عندي إلا أربع نسخ، وأرجو الله أن يمن على من رزقه الله مالًا أن يطبع هذا التفسير، والطبع بأن يوزع بالمجان، ويوزع حيث يريد الطابع، ولكن أحب أن يقرأ هذا التفسير كل مسلم، وأن يكون في بيت كل مسلم، واسمه (التفسير الواضح على نهج السلف الصالح)، أصَّلَ فيه مذهب السلف في الأسماء والصفات، وصاغه بأسلوب بديع عجيب، وكان شيخنا محمد نسيب الرفاعي -رحمه الله- يحبه كثيرًا، فطالب العلم ينبغي أن يبدأ به، ثم يقرأ بعده (تفسير ابن كثير)، أو مختصر من مختصرات التفسير، وأحب أن يقرأ تفسير ابن كثير، ثم ينشغل بعده بتفسير له تعلق بتخصصه:
الفقيه: يقرأ تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن)، وقد امتن الله عليّ فقرأته قراءة دقيقة، ووضعت له فهرسة فقهية وهي منشورة.
والمحدث: يقرأ تفسير الطبري.
واللغوي: يقرأ تفسير البحر المحيط.
فأنت الآن أي تفسير تقرأ؟
تقرأ التفسير الذي يخص تخصصك، بعد أن تلمّ بالمعاني الإجمالية، فتقرأ ثلاثة أنواع من التفاسير:
1_ الموجز تلاوة؛ أي تقرأه مع التلاوة، فإذا كنت تقرأ الجزء في ثلث ساعة، فاقرأه في ساعة مع التفسير الموجز، في كل يوم اقرأ ساعة.
2_ المتوسط: يحتاج جلسة مذاكرة.
3_ المطوّل: يحتاج جلسة مذاكرة.
أحبائي كلنا طلبة علم وطلبة نجاة عند الله تعالى، ليست النجاة عند الله بحضور الدروس فقط، يوجد هناك مجال آخر في طلب العلم، غير الإملاء وغير الدرس، وهو المذاكرة؛ بأن يجتمع كل أربعة أو خمسة أشخاص يجتمعوا على تفسير ابن كثير ويقرأوا نصيبًا من هذا التفسير كل يوم، لختموه بسنة.
يقول غير واحد عن الشيخ محمد الإبراهيم بأنه قرأ تفسير الطبري في مجلس المذاكرة بعد الفجر، كل يوم بعد الفجر يقرأ شيئا منه، خلال عدة سنوات ختم تفسير الطبري.
فيا طلبة العلم احرصوا على مجالس المذاكرة فيما بينكم، يكن بينكم كتاب وتدارسونه فيما بينكم، وأحسن ما تبدؤون به تفسير كتاب الله، وأحسن التفاسير تفسير ابن كثير أو تفسير البغوي، تفسير متوسط نافع مبارك مفيد.
والله أعلم.✍️✍🏻
السؤال : ماحكم الجمع والقصر للصلاة لمن يسافر إلى بلد ويمكث فيها أسبوعاً أو أكثر؟
الجواب: القاعدة عند أهل العلم أن كلَّ ما علّقه النص كتاباً وسنّة على أمرٍ وهذا الأمر ليس معروفاً في الشرع ولا في اللغة إنما أمره إلى العُرف ، كل نص ورد في كتاب الله وفي سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم والشرع علّقه على أمر وهذا الأمر ليس له حد في نصوص الشرع وليس له حد في اللغة العربية فمرده إلى العرف ، يعني مثلاً روايتان في صحيح مسلم النبي صلى الله عليه وسلم يقول : من غشّ فليس منّا ويقول : من غشّنا فليس منّا ، ما هو الغشّ؟ ما فيه غش يبحث بكل معاجم اللغة ماتعرف حدّاً ضابطاً هل هذا غش أم ليس بغش ولايوجد آية أو حديث يُبين لنا ما هو الغش ، إذن ما هو الغش؟ الكلمة فيه إلى أعراف التجار ، فأي مسألة تسأل عنها غش أم ليس غش اعرضها على التجار ،هل هذا في أعرافكم غش ؟ إن كان غشاً حرام وإن كان مأذوناً به في الأعراف فهذا حلال.
وانتبه وهذا أصل مهم،كل مسألة معلّقة على العوائد والأعراف فهذا النوع من المسائل يختلف باختلاف الأزمان والأمكنة.
يقول لك هل الأحكام الشرعية ثابتة أم غير ثابتة؟ هل تتغير الأحكام الفقهية بتغير الأزمان والأماكن أم لا تتغير ؟
الجواب – انتبه- كل ماعلّقه الشرع على الأعراف والعادات فإنها تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة ، ممكن في زماننا شيء أهل الخبرة مايعتبروه غشا ويكون حلالاً لكنه لو كان عند من قبلنا لكان غشاً ، فكان قديماً حراماً والآن حلال فالحكم يختلف باختلاف الأعراف والعوائد وهذا أمر معروف،فهذا فقط النوع من الأحكام تختلف أحكامه باختلاف الزمان والمكان، وفصّل في هذا وطوّل فيه ابن القيم في كتابه البديع “إعلان الموقعين”.✍️✍️
↩️ الرابط:
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
السؤال : كيف يوفِّقُ طالب العلم الشرعي بين العلم الأُخروي والاستزادة من طلب الرزق؟
الجواب: هذا توفيق من الله، الله إذا أحبّ رجلًا كفاه، شيخنا الألباني مثلا كان له محل ساعات (تصليح ساعات) يترزق منها، سمعت الشيخ يقول: فمتى كُفيت ذلك اليوم من رزقي غلّقت المحل وذهبت للظاهرية وبدأت أُحقق الأحاديث في المكتبة، فإذا رزقت يومين مكثت يومين في المكتبة، وإذا ما رزقت أرجع للبقالة (للدكان)، فمتى رزقت المقدار الكافي لي فأذهب للمكتبة وهكذا، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «اللّٰهُمَّ اجعل قوت آل محمدٍ كِفافًا»، ما تحتاج أن تكون ذليلًا فتطلب من أحد، ولا أن تكون غنيًّا؛ فالغنى يبعدك عن الطلب ويبعدك عن الآخرة، فالسَّعيد من كان رزقه كفافًا، يعيش حياة فيها كفاف، مسرورًا، ولا ينسى طلب العلم والإقبال على الآخرة.✍️✍️
السائل: ما توجيه القول شيخنا : أربعةٌ لا تأنس منهم خير وذكر منهم ابن المحدث ؟
الشيخ: لا يلزم من أن لا يكون ابن المحدث محدثاً أن لا يكون صالحاً ، فالسؤال في شيء واعتراضك في شيء.
العلم ثقيل ، العلم ثقيل والناس لا يستطيعون إلا من آتاهم الله تعالى ، الله جل في علاه اختار المحدثين وخلقهم طوالاً ، وأوجد فيهم استعدادات لم توجد في غيرهم ، ولا يلزم إن كان الأب محدثاً أن يكون ولده كذلك ، ولكن لا يلزم من عدم كونه محدثاً أن لا يكون صالحاً ، فالإشكال في الصلاح ، وقلَّ من جمع الله له حُسن تصنيف وتأليف وكثرة طلبة مع أولاد من أهل العلم لا أقول من أهل الصلاح ، فأولاد العلماء في ما علمنا أنهم أهل ديانة وأهل صلاح وأهل تقوى لكن ليسوا أهل علم إلا بتوفيق من الله عز وجل .
وهذا يؤكد ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم وهذا أمر ينبغي أن ننتبه إليه قال ” من يُرد الله به خيراً يفقهه في الدين ” وقال ” العلماء ورثة الأنبياء “.
هل النبوة مكتسبة أم أن النبوة هبة من الله؟
هبة من الله ، وورَّاثُهم كذلك ، العلم هبة من الله وليس بمكتسبة.
الآن أتكلم عن الولد والاكتساب.
والعلم ورثة النبي صلى الله عليه وسلم والنبوة أصلها هبة وليست مكتسبة ، فكذلك وارثوا النبي صلى الله عليه وسلم وارث النبي صلى الله عليه وسلم كذلك هو هبة من الله وليست هي مكتسبة ، لكن الصلاح مكتسب ، الصلاح مكتسب يُورَث بالتعليم ، فإن ابتلي الإنسان بولد غير صالح فيصبر ويتقي لكن لا ليس هذا هو الأصل والله تعالى أعلم.
السائل: طيب كيف تفسرون نوح عليه السلام ابنه ما وافق أباه نوح عليه السلام؟
الشيخ: هذا خلل في ابنه ، ابن نوح عليه السلام ضلَّ لأي سبب؟
الله بينه في القرآن ” قال يا بني اركب معنا” فأبى وقال ” سآوي إلى جبل يعصمني من الماء ” ، ابن نوح قدَّم العقل على النقل ، فرأى في عقله أنه إن أوى إلى الجبل عُصِم ، وترك أمر أبيه وهو نقل وحيٌ من الله جل في علاه ، فتقديم العقل على النقل من أوسع أبواب الضلال.
هذا ابن نوح ، هذا أمر نادر ، قال علماء الأصول وعلماء القواعد الفقهية قالوا : النادر لا حكم له ، انظُرْ إلى الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ، من هو؟ من هو الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم أربع مرات؟ يوسف ، يوسف ابن من؟ ابن يعقوب ، يعقوب ابن من؟ ابن اسحق ، اسحق ابن من ؟ ابن إبراهيم ، عليهم وعلى نبينا أفضل الصلوات والتسليم ، و انظُرْ إلى يحيى وزكريا ، و انظُرْ إلى عيسى ويحيى ابني الخالة كما في حديث الإسراء ، فالشاهد أن الأنبياء من سلالة طيبة وإذا وقع فيهم ما قال الأخ وما أشار إليه فهذا نادر والنادر لا حكم له ، لكنه يُصبِّر إذا وقع يُصبِّر نفسه ، وكذلك موسى وهارون إخوة ومثل إبراهيم ولوط وهكذا .
السائل: يعني هل هي قاعدة متطردة أو هناك استثناء يعني خللهُ قلت أن هذا الخلل في الداعية؟
الشيخ: إذا كان بلاء ، فرق إخواني وهذه مسألة تحتاج لبسط وتدليل و تطويل وفهم
وفهم باستقراء للنصوص وللأسف الكبير الكبير الكبير ، أن كثيراً من الدعاة لا يفرقون بين أمرين:
بين العقوبة والابتلاء ، بين العقوبة والابتلاء ، فأحياناً يكون ولدك فاسداً عقوبة لك ، وأحياناً يكون ولدك فاسداً ابتلاء لك ، فالابتلاء بارك الله فيك حتى يرى الله عز وجل كيف أنت وكيف تتعامل مع هذه النازلة كما حصل مع نوح عليه السلام ، أما أن يكون ولدك قد قصر و ابتعد عقوبة لك أو أنك قصرت في تربية أولادك أو لأنك تريد المباهاة والمفاخرة بأنك من أعلم الناس فحينئذ الله يبتليك بولدك فهناك فرق بين الابتلاء والعقوبة ، فبعض الناس أولادهم فاسدين عقوبة لهم وبعض الناس أولادهم فاسدين من باب الابتلاء لهم ، الكلام طويل عن البلاء والعقوبة لكن أُوجِز و أختصِرُ بخبر بل بحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في فتنة أيوب عليه السلام يقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبو هريرة الذي أخرجه ابن حبان في صحيحه يقول ” مكث أيوب في بلائه ست عشرة سنة حتى قذره الناس حتى بقي له رجلان من أصحابه كان يخدمانه في الصباح والمساء فقال أحدهما للآخر : لقد عصى الله أيوب معصية فانظُرْ أنّه في بلائه ست عشرة سنة و بقي في بلائه ولم يرفع البلاء عنه. هذا الرجل ما عرف الفرق بين البلاء وبين العقوبة فقال لأيوب : هذا يقول أنك أذنبت ذنباً يقول عن صاحبه فلم يرفع الله عنك هذا البلاء بسبب الذنب الذي أذنبته ، فقال أيوب عليه السلام : أما هذا فوالله إني لا أعرفه فوالله إني كنت أمُرُّ بالرجلين يحلف أحدهما بالله تعالى فأنقلِبُ إلى بيتي فأُكفِّر عن يمينه مخافة أن يُذكَر الله إلا بحق ، فرفع الله البلاء عن أيوب وأرجع له صحته وقوته وماله وكان يغتسل كما في صحيح البخاري وهو عُريان ، يتساقط عليه الفَراشُ من الذهب فيقول يا رب إني لا أنقطع عن فضلك وكرمك وعطائك وأحيا له أولاده وتمتع بأهله وكَثُر ماله
فعاقبةُ الابتلاء لمن صبر: الحُسنى .
فإذا كان هذا الولد قد وقع بسبب بلاء فعاقبتهُ الحسنى ، إلا أن يقضي الله أمرًا ، ففوق إرادته .
هذا خلاف بمن فرط بتربية أولاده ، ففرق بين تربية الأولاد وقيام الحق بهم ، أنا أؤدي الذي علي وأطلب الذي باستطاعتي وما يجريه الله عز وجل أصبر عليه.✍️✍️
السؤال:
ما هو أفضل كتاب في معرفة منهج الفقهاء في استنباط الأحكام؟
الجواب:
أولاً : علم الوصول يحتاج إلى أستاذ، ومن المباحث الجليلة والمهمّة والماتعة والنافعة والتي ترسِّخ ملكة طالب العلم مبحث استنباط الأحكام المسمى عند العلماء منهج الدَلالات، كتب فيه جمعٌ كبير، ومِنْ أبدع ما كُتِب في هذا الباب منهج تحليلي للدلالات وصاحبه (صاحب الكتاب) أُستاذنا فتحي الدريني، له كتاب “المناهج الأصولية في الاجتهاد بالرأي في التشريع الإسلامي”، كتاب فيه تدقيق وتحليل بديع، أينما قرأت في مبحث الدلالات في علم أصول الفقه بإذن الله تعالى تستفيد، درّست مبحث الدلالات في كثير من المساجد، وكثير من اللقاءات، وأنصح باستماع دروس الدلالات، فهي تعين وتفيد شديدًا في الرسوخ في هذا العلم.✍️✍️
الجواب:
لا.
ليس كذلك.
زيارات الناس فيما بينهم عادة وليست عبادة، والعادات لا توصف بالبدعية وإنما التي توصف بالبدعية العبادات، أما العادات فليست كذلك.
لكن لو قيل هذا لم يؤثر عن السابقين، أقول اذهب إلى المدينة، فقد دخلت بعض أزقّة المدينة النبوية فقالوا لي هذا حي يسكنه بني فلان قبيلة فلان، وبين الدور مجلس يجتمع فيه أهل العشيرة، مجلس مفتوح يجلسون فيه.
ففي العيد كيف كانوا يجتمعون؟يخرج من بيته ويجلس في مجلس عام ويلتقي بأقاربه.
أما اليوم بعد ما أصاب كثير من بلاد المسلمين تشتت وضياع بلاد صار الواحد له الأخت في العقبة أو في الرمثا ولا يستطيع أن يراها إلا أن يذهب إليها في العيد، فماكانوا كما كانوا قديماً.
وبالتالي نحن لسنا مطالبين أن نبرز من كان يذهب بالعيد لأن المقتضى استجد، والمستجدات تلزم أن لايكون هذا المقتضى حاصل.
والكلام في هذا طويل.✍️✍️
السؤال :
كيف نُعلي الهمة في مجال طلب العلم وفي العبادة ؟
الجواب:
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
العلم من طلبه فهو مرحوم ومن تركه فهو محروم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول فيما أخرج البخاري : (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) وهذا الحديث له مفهوم خطير، ومفهومة غير منطوقه ، ومفهومة أن الله الذي لا يرد به خيراً لا يفقهه في الدين.
كيف نتفقه في الدين؟
تحتاج إلى أستاذ يعلمك ممن هو اعلم منك، و وجدت في هذه الديار -كوسوفا- إخوة أفاضل مباركون أصحاب علم وأصحاب سمت وأصحاب حرص ويُعلمون الناس دين الله، فكن واحد منهم .
وبالنسبة للهمة عليك بالبيئة، ليكن لك صاحب من طلبة العلم وأشغل أهلك بالعلم أشغل أولادك وزوجتك بالقرآن اعقد مجلس علم في البيت تعلمهم الصلاة، كيف يصلون ، ثم تتدرج معهم شيئاً فشيئاً تحت إشراف أستاذك الذي تتعلم عنده.
وإذا خفت الهمة إقرأ تراجم العلماء الكبار ائمتنا الكبار أمثال الإمام أبو حنيفة والإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد والمحدثون الكبار أمثال البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه وانصح بمطالعة كتاب سير إعلام النبلاء، أنا بالنسبة لي هذا الكتاب فاكهة ، كلما نزلت همتي قرأت فيه فارتفعت همتي إلى السماء، فيه ذكر أخبار هؤلاء الكبار وطوّل في تراجم الفضلاء من العلماء و أوجزا وأختصر في تراجم الطلاب ممن كتب لهم أنهم عُرفوا كأبن الراوندي والحجاج وغيرهم .
ثم أسأل ربك وتضرع اليه أن يعلمك، لأن الطالب يحرم من طلب العلم بسبب معاصيه كما ذكر الإمام الشافعي، فشكى الى وكيعٍ أنه يتعلم ولا يحفظ، فقال الإمام الشافعي :
وَأَخبَرَني بِأَنَّ العِلمَ نورٌ
وَنورُ اللَهِ لا يُهدى لِعاصي
فبعض الناس يُحرم العلم بسبب المعاصي .
العلماء يقولون: التخلية قبل التحلية. من أراد أن يتحلى بالعلم يجب عليه أن يتخلى من المعاصي، من أراد أن يضع الطيب الواجب عليه أن يتخلص من النجاسة .
شخص على يده نجاسة وعلى بدنه نجاسة ثم يريد أن يضع الطيب فوق النجاسة ما يصلح .
ماذا ينبغي أن يصنع أولاً ؟
التخلية قبل التحلية، يتخلى عن النجاسة، فبعد أن يتخلى عن النجاسة حينئذ يضع الطيب.
فطالب العلم ينبغي أن يُعرف بقربه إلى الله، وطالب العلم كلما أزداد علماً أزداد هُدىً و ازداد تُقاً و ازداد قربًا من الله عز وجل، فأن لم يفعل لا يثبت في الطلب، الله عز وجل يحرمه من الطلب ، فطالب العلم يحتاج إلى طاعات وعبادات وإخلاص وصدق وتضرع وسؤال وبحث عمن هو أعلم منه يلازمه ثم ينقل هذا الخير الذي عنده إليه ثم الخير لما يفيض على الإنسان يشير ويفيض بهىعلى الغير فيصبح هو الذي يعلم الناس .
والله الموفق،✍️✍️
السؤال :
هناك من يُعيب على مدرسة الشيخ الألباني بأخذه بالدليل وفقه الدليل وترك التمذهب على مذهب معين، فما توجيهكم؟
الجواب:
التفقه على مذهب مُهم، ومن أراد أن يتخصص في الفقه لا بد أن يضبط المذاهب.
والدِّين قال الله، قال رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الصحابة.
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عابوا عليه أنه كان يُدرِّس في مدرسة للحنابلة ، ويأخذ معلومه (راتبه)، لأنه كان يدرس في هذه المدرسة، وكانوا يقولون له: أنت تُدرس في المدرسة ولا تفتي بمذهب أحمد، وهذه مدرسة وقف على الحنابلة.
فكان شيخ الإسلام يقول:
أنا آخذ معلومي (راتبي) على حِذقي لمذهبِ أحمد ولا أُفتي إلا وُفق الدليل، أنا أُفتي وفق الدليل، لكن آخذ الراتب لأني أنا من فُقهاء الحنابلة،
لذا الحنابلة آل تيمية لهم منزلة كبيرة في المذهب، وبيَّنَ هذا فضيلة الشيخ (حمزة المجالي) -حفظه الله- في رسالة للدكتوراة تحت الطبع الآن.
فالذي يريد التكلم عن شيخ الإسلام يجب أن يعرف أن شيخ الإسلام له جُذور في المذهب، له والد وله جد وله أعمام وله جدة، كُلُّهم من أئمةِ المذهب.
فالذين يتكثَّرون بالمذاهب ويُشوِّشُون على مشايخنا، شيخنا الألباني والده من كبار فقهاء الحنفية، وشيخنا الألباني في كتابه “أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم” المطبوع في ثلاث مجلدات، يقول فيه: وأما مذهبنا (مذهب أبي حنيفة الذي أخذه عن أبيه)، فشيخنا ضبطَ المذهب ودرسهُ على أبيه، لكن شيخنا الألباني أي شيء يُوافق الدليل كان شديداً،
الشيخ الألباني يقول أول ما أصبحت أفهم المسائل حصلت معركة بيني وبين أبي، أبي متعصب للحنفية، قال فكان أبي يُفتي بأن من حشا ضرسا لا يُسقط الجنابة، كل ما أصبحت جنب وتتغسل بدك تزيل الحشوة، هذا الكلام غير معقول ولا مقبول، قال فأكثرت من مناقشة أبي وأنا صغير، تعصب شديد.
الحنفية كما تعلمون المضمضة رُكن من أركانِ الغُسل، وعليه فرَّعوا أن الذي يتمضمض وضرسه محشو لا تسقط الجنابة حتى ينزع الحشوة، فتعبت حتى أقنعتُ أبي بأن الجنابة تسقط للمعروف عند العلماء أن المتصل والمنفصل.
في شيء يُسمى عند الفقهاء المتصل والمنفصل.
تعرفون المتصل والمنفصل؟
العلماء يُمثلون بمثل ظاهر، رجلٌ قال لزوجته ثَوبُك طالق، قالوا لا تطلُق، قالوا لِما، قالوا لأن الثوب منفصلٌ عن البدن.
آخرٌ قال لزوجته رأسك طالق، فقالوا تطلُق ، لأن رأسها متصلٌ وليس بمنفصلٍ عن الجسد.
شخص لحيته كثَّة طويلة، عنده خرق يكشف العورة، فستر عورته بالخرق الكبير بلحيته، هل هذا يُجزئ؟
لا يُجزئ.
لكن لو أتى بقطعة قماش ولفها على بدنه وستر العورة بهذه القطعة يُجزئ، لأن اللحية متصلةٌ، وقطعة القماش منفصلةٌ.
شخص قدم صدقة فطر فزاد عليها، هل هو مُبتدع؟
شخص قال أنا اريد اعمل صدقة الفطر خمسة كيلو على الشخص.
شخص يصلي العصر خمس ركعات، بدل أربع ركعات ما صلاته؟
مُبتدع.
الذي يصلي العصر خمس ركعات مُبتدع.
وقد نقول إذا أصرَّ عليه قد يصل إلى -نسأل الله العفو والعافية-إلى الرِّدة.
شخص زاد في زكاة ماله، شخص زاد في صدقة فطره، تردد كم اثنان كيلو اثنان كيلو ونص، قال أنا ادفع خمسة كيلو أربعة كيلو، ثلاث كيلو، مشروع؟
مشروع.
لماذا مشروع؟
لأن هذه زكاة والباقي صدقة، وهذا الزائد صدقة.
هذا المتصل والمنفصل.
أما الركعة الخامسة مُتَّصِلَة أو منفصلة؟
متصلة ليست منفصلة، وهذه بدعة.
وعليه فقِس.✍️✍️