السؤال:
أحد الإخوة يقول أيهما أفضل، صلاة التراويح في المسجد أم في البيت؟
الجواب:
المقرر عند أهل العلم -على خلاف- أن جميع صلوات النوافل في البيت أفضل إلا نوعين:
1 – النوع الأول: صلاة التراويح.
2 – النوع الثاني: التطوع قبل أن يصعد الإمام المنبر يوم الجمعة.
فالتطوع قبل الجمعة في المسجد أفضل، والتطوع في التراويح في المسجد أفضل، وما عدا ذلك، فصلوات النوافل الأصل فيها أن تكون في البيت.
الجواب:
قطعاً.
الصيام هو ترك، صحيح؟
نعم صحيح.
ماذا يعني ترك؟
أن تترك شهوتك وطعامك و شرابك.
هل الترك عمل؟
الخبيئة التي بين الرجل وبين الله فيما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم، -طبعا هذه الخبيئة ليست فقط في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، الخبيئة في كل الأمم-.
فالنبي صلى الله عليه وسلم قص علينا قصة من كان قبلنا، فقال: ” خَرَجَ ثَلَاثَةٌ يَمْشُونَ فَأَصَابَهُمُ الْمَطَرُ، فَدَخَلُوا فِي غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ”.
(أي: لا يوجد خروج، ومعنى لا يوجد خروج، معناه أن هناك هلاك، وهذه حقائق كانت معروفة عند من كان من قبلنا، فقالوا: لن ينجيكم إلا عملكم، كل منكم يسأل الله بخبيئته.)
هذا الرجل ماذا عَمِل؟
الجواب: تَرَكَ، ولكن تَرَكَ بإخلاص.
الطالب بالجامعة اليوم الذي يقول:
يا رب أنا أغض بصري من أجلك، فإذا سأل ربه بهذه الخبيئة -كان بينه وبين ربه خبيئة- يقول: يا رب لي خبيئة بيني وبينك أن لا أنظر لعورة، -طبعا هذه خبيئة صعبة-، أن لا أنظر لعورة فإذا رفع يديه وقال: يا رب؛ فإن الله سيستجيب له.
لذا علماؤنا علّمونا أصْلاً، وهذا الأصل مهم: أن الترك عبادة.
قال الله تعالى: ﴿وَقالَ الرَّسولُ يا رَبِّ إِنَّ قَومِي اتَّخَذوا هذَا القُرآنَ مَهجورًا﴾[الفرقان: ٣٠].
هجران القرآن، الله تعالى قال عنه: اتخاذ.
فلما كان ترك قراءة القرآن والعمل بالقرآن وتدبر القرآن، الله تعالى جعل التركَ عملاً، فالترك يحتاج لنية.
والتركُ اللهُ يعاقب عليه.
علماؤنا يقولون:
لو عندنا طبيب وشخص ينزف، والطبيب يستطيع أن يعالجه، ولم يصنع له شيئا، يقف وينظر إلى المريض ولم يعالجه وترك مداواته.
فعلماؤنا يقولون: هذا الطبيب قاتل، الطبيب لم يعمل شيئا، الطبيب ترك الإسعاف.
فالترك في شرعنا عمل.
فترك الطعام والشراب عمل، وهذا العمل يحتاج لنية، والنبي صلى الله عليه وسلم عبر عن هذا بقوله: “من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له” المجتبى من السنن ٢٣٣١ وصححه الألباني.
فلا صيام لمن لم يبيت النية من الليل.
طبعاً النية في شرعنا عمل قلبي.
الإخلاص هو النية الصادقة التي يحبها الله.
ما هو الإخلاص؟
أن يتجه قلبك إلى ربك، أن يَخْلُصَ اتجاه القلب للرب جل في علاه.
فأنت إذا نمت تأخرت قليلاً وشربت، أو وضعت كوب ماء على جنبك هذا نية.
لا يلزم من النية النطق بها، أنا وإياكم وكلنا إن شاء الله ننوي أن نصوم إلى العيد.
فمتى رفض العبد النية كأن يكون مثلاً مريض، طرأ على العبد مرض فقطع نية الصوم فأكل، فلا بد من استحضار النية من جديد، فإذا كانت النية موجودة من قديم فيكفي فيها عمل القلب، ولا يلزم نطق اللسان.
فلا صلة بين النية واللسان.
فأنت مجرد أن تتناول العشاء قبل أن تنام، تستيقظ على السحور تشرب لك كأساً من الماء، لا أريد أن أقول تشرب سيجارة، لأنه بعض الناس يعني نيته في الصوم يشرب سيجارة بعض الناس هكذا.
فأي عمل تنويه بأن تأكل في الوقت الذي يُؤذَن لك بالأكل فهذه نية، وهذه النية تُجزئ.
والله تعالى أعلم.
مداخلة من أحد الحضور:
هل هذا أيضاً في صيام النافلة؟
الجواب:
الكلام عن الفريضة.
أما النافلة فأمرها سهل، فثبت عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ: “يَا عَائِشَةُ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟”. قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ. قَالَ : “فَإِنِّي صَائِمٌ”. مسلم ١١٥٤.
قال جماهير أهل العلم:
يشترط أن يكون هذا قبل الزوال يعني قبل أذان الظهر، صيام النافلة ينبغي أن تَنْويَهُ قبل أذان الظهر، هذا في النافلة.
جوابي على سؤال الأخ في النية في صيام الفريضة، لا بد أن يكون من الليل، أما النافلة فبلا شك يجوز قبل أذان الظهر أن ينوي العبد الصيام.
السؤال:
لدي سؤال في رمضان عن صلاة القيام. بعض المساجد لدينا هنا بجدة تصلي صلاة القيام وفي كل مكان، لكن أنا من سنوات ما أصلي في المسجد الا صلاة الفرض وقيامي اجعله في بيتي، وذلك لسببين:
السبب الأول لأني اقرأ وردي.
والسبب الثاني لأنه ائمة المساجد في الفترة الأخيرة اصبحوا يستعجلون في قيام الليل، فإذا قام أحدهم بالناس صلى مستعجل، نص صفحة وأحيانا يقرأ بالحدر، فما تجد خشوع في الصلاة فكنت أنا لفترة أصلي لوحدي في بيتي القيام. فهل هذا من الصواب أم أنا خالفت في هذا ؟
الجواب:
صلاة القيام سنة بالاتفاق.
فمن لم يقم لم يقع في مخالفة ولم يقع في حرمة.
واختلف أهل العلم في أيهما الأفضل: الأداء في جماعة أم يصليها منفردا؟
وهذا الخلاف معتبر، وهو قديم.
وكان الحسن البصري رحمه الله لما يُسأل عن ذلك يقول: يصلي المصلي صلاة التراويح حيث يجد قلبه.
أينما يجد المصلي قلبه.
فإن وجدها في جماعة صلى في جماعة، وإن وجدها في الانفراد صلى منفردا.
الآن في بعض البلاد لا يوجد فيها تراويح، فتصلى في البيت.
ولو صُليت جماعة في البيت حسن، ولا سيما أن فضل صلاة الجماعة أنها قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:
أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ ) رواه الترمذي (806) وصححه وأبو داود (1375) والنسائي (1605) وابن ماجه (1327) . وصححه الألباني
وهذا جبر للقصورالذي يقع فيه كثير من المسلمين، وكرم من الله جل في علاه أنه يُكتب قيام ليلة لمن صلى مع الإمام حتى ينصرف.
لكن من كانت همته عالية وهو يصلي صلاة فيها صلة وتعميق الصلة بالله مع طول المناجاة وكثرت السؤال في بيته فهذا أمر لا حرج فيه.
الذي يظهر من صنيع عمر لما كان يمر بالناس وهم يصلون فكان يقول: نعمة البدعة هذه.
فالذي يظهر أنه ما كان يصلي معهم.
وعمر كما هو معلوم كان يوتر آخر الليل، وكان من أهل الليل وكان من أهل قيام الليل.
وبالتالي الإنسان إذا وجد عزيمة وليس أمرا متوهماً، فبعض الناس يترك الصلاة كسلاً، ويقول أصلي وأطيل الصلاة في البيت، ثم يفحص نفسه مرة ومرة ومرة فلا يفعل، كالذي يؤخر الوتر ويقول سأقوم آخر الليل ولا يصلي.
نقول لمثل هذا: ليس هذا عشك فادرجي. لست أنت من أهل قيام الليل، ولست أنت من أهل الوتر آخر الليل، أنت صل قبل أن تنام.
أوتر قبل أن تنام.
لكن من من الله عليه بذلك، فهذا أمر حسن.
فإذا وجد الإنسان قلبه في طول المناجاة والقرب من الله. إن فاته قيام ليلة بمعنى ثواب قيام الليلة بالتمام والكمال، والفوات لا دليل عندي فيه.
لكن النبي صلى الله عليه وسلم علق قيام الليلة بالصلاة حتى ينصرف الإمام.
فأقول إن فاته شيء من ذلك فإن التلذذ بالمناجاة وطول القيام وطول السجود فهذا بلا شك هذا فيه فضل وفيه خير عظيم.
فالذي تصنعه يا أخي بارك الله فيك أمر حسن وأمر طيب ولا حرج في ذلك.
لا تنكر على الناس القيام، لا تنكر على الناس صلاة الجماعة.
والناس متفاوتون في همهم، ومتفاوتون في تقاديرهم.
فمن الله عليك بذلك وعرفت هذه المناجاة ولذتها وانشراح الصدر بها فالزمها.
وأرجو من الله أن يتقبل منا ومنكم.✍️✍️
السؤال:
أخ يسال ويقول شيخنا أريد أن اعمل إفطار صائم لبعض العائلات لكي احصل على الأجر.
ولكن كما تعلم في ظل هذه الظروف (جائحة كورونا) فنوعا ما هناك صعوبة في الأمر نتيجة الحظر المطبق.
السؤال: لو أحضرت لهذه العائلات دجاج وأرز وزيت، وقلت لهم هذا إفطار صائم لكم في رمضان، هل احصل على أجر إفطار صائم الوارد في الحديث ” مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا “. الترمذي ٨٠٦، وصححه الشيخ الألباني.
الجواب:
طبعًا، لك أجر تفطير الصَّائم، إلا إذا كان الذي تعطيه عاجزاً عن الطبخ كالشيخ الْمُسن أو المرأة الكبيرة التي لا تستطيع أن تطبخ، فهذه تحتاج إلى شيء مطبوخ، تحتاج لشيء يؤكل مباشرة .
أما إذا كانوا يستطيعون صنع الطعام؛ فهذا حسن.
ولو سألتهم أيضًا هل عندهم شيء يطبخون به، بعض العوائل فقيرة جدًّا قد لا تملك، لكن غالب الناس تملك -لله الحمد-، تملك غاز، تملك شيء يطبخون به من آنية وأدوات، فإن كانوا كذلك وطبخوا، فلك الأجر، وأنت تطعم صائم أيضًا.
شيخنا كما تعلمون الآن المساجد في صلاة الفجر لا يسمح لنا البقاء إلى الشروق.
فلو أنني أصلي الفجر وأرجع أمكث في بيتي في مكان معين ما اتحرك فيه أذكر الله فيه حتى تشرق الشمس ثم أصلي الركعتين فهل لي أجر الحج والعمرة الواردة في الحديث؟
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
عند تَعذّر الجلوس، بارك الله فيك في المسجد إلى طلوع الشمس، فلو تحوّل الإنسان إلى بيته وجلس ذاكراً ربّه سبحانه وتعالى مُقتدياً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وثبت في صحيح مسلم عن جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس متربعاً بعد الفجر حتى تطلع الشمس.
فعَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، قَالَ : قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ : أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ : نَعَمْ كَثِيرًا، كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ أَوِ الْغَدَاةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ، وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ، فَيَأْخُذُونَ فِي أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَيَضْحَكُونَ، وَيَتَبَسَّمُ.
(صحيح مسلم) ٦٧٠
وعند أبي داود عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ تَرَبَّعَ فِي مَجْلِسِهِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسْنَاءَ.(سنن آبي داود ٤٨٥٠)
هو بقي جالساً ذاكراً ربّه ثم صلّى ركعتين فالركعتان هي سبحة الضحى كما في بعض الروايات.
والمرجو من الله تعالى أن ينال الأجر وأن يُكتب له الأجر.
هذا والله تعالى أعلم.✍️✍️
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شيخنا -بارك الله فيكم-: بعض النساء تسأل: في هذه الأيام خرجت حبوب لرفع الدورة الشهرية؛ ففي منتصف رمضان مثلاً، إذا أتت للمرأة الدورة الشهرية، يوجد حبوب في الصيدلية ترفع الدورة الشهرية إلى ما بعد رمضان.
فما حكم هذه الحبوب -بارك الله فيكم-؟ هل هي جائزة؟
وسألت إحدى طبيبات النسائية عن هذه الحبوب فقالت:
– من أخذتها فوق الأربعين: فيصبح عندها اضطرابات.
– ومن أخذتها وعندها المانع الذي هو اللولب: يصبح عندها اضطرابات.
– أما من كانت لا تضع لولب أو فوق الأربعين: فلا حرج.
فما حكمها -بارك الله فيك-؟
وهل إذا حكمت طبيبة مسلمة في هذه المسألة، يكون حكما شرعيا؟
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
حيّاكم الله أخي.
الاضطرابات هي الغالِبة -بارك الله فيك- على من أخذت مثل هذه الحبوب.
لو كانت مرّة في العمر كالحج، ولاتستطيع أن تَرْجِع إلّا أنْ تَطوف طواف الإفاضة، أو تَعود العام القادم، ويَستحيل أو يَصعب أن تعود، فَيُرخّص لها أهل العلم بأخذ هذا النوع من الحبوب أو بالإبرة.
وكان عطاء قديماً كما في مُصنّف عبد الرزاق، كان يقول: لِتَشْرب نقيع الآراك.
فَنَقيع الآراك يَحبِس الدّم، ثُمّ بعد أنْ تطوف يَعود.
وبِلا شَكْ أنّ الإِبرة أشدّ من الحبوب.
والحبوب مُركّزة أكثر من نقيع الآراك، ويوجد -والله أعلم- صِلة في محتويات هذه الحبوب بنقيع الآراك.
كَيفما كان، الله جلّ في عُلاه رخّص للنساء أن يَفْطرن بسبب هذه العادة الشهرية.
وأفطرت نساء المؤمنين، وأمهات المؤمنين، ومن هو خير من نسائنا.
فالأصل ألّا يَفْعلنَ.
فَإِن فَعَلْنَ، أنا أرى أنّهنّ قَد أَسأْن.
والإساءة تكون بمِقدار مَنع الحَمْل.
طبعاً الاضطرابات تُسبب مَنْع الحَمْل.
ولكن الصيام صحيح.
السؤال:
أخٌ يسأل فيقول: نريد نصيحة بماذا نشغل أوقاتنا في شهر رمضان؟
الجواب:
أولاً: توضيح الهدف منذ البداية من الأسباب المعينة جداً على الوصول إلى المطلوب.
والناظر في أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحَثِّ على الصيام والقيام في رمضان، والحث على قيام ليلةُ القدر على وجه الخصوص يجد بينهما قاسماً مشتركاً.
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- ثبت عنه في الصحيح أنه قال:
– “من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ لهُ ما تقدم من ذنبه”. البخاري ٣٧، مسلم ٧٥٩.
– “من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه”. البخاري ٣٨، مسلم٧٦٠.
– “من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه”. البخاري ١٩٠١، مسلم ٧٦٠.
فالواجب على كل مكلف أن يخرج من مدرسة رمضان وقد غُفِرَت ذنوبه.
هذا واجب عيني على كل ذكر وأنثى، على الإنس والجن إن دخلوا هذه المدرسة أن ينالوا شهادة غُفران الذنب.
ولذا دعا جبريل -عليه السلام- على من أدرك رمضان ولم يغفر له وأمَّن على دعائه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وورد ذلك في عدة أحاديث عن عدة من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- “صعد المنبر؛ فقال: آمين آمين آمين؛ قيل: يا رسول الله، إنك صعدت المنبر فقلت: آمين آمين آمين؟.
فقال: إن جبريل -عليه السلام- أتاني فقال: من أدرك شهر رمضان؛ فلم يغفر له؛ فدخل النار فأبعده الله. قل: آمين؛ فقلت آمين.
ومن أدرك أبويه، أو أحدهما فلم يبرهما؛ فمات؛ فدخل النار فأبعده الله. قل: آمين؛ فقلت: آمين.
ومن ذكرتَ عنده؛ فلم يصل عليك؛ فمات، فدخل النار فأبعده الله. قل: آمين، فقلت: آمين”.
رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحه واللفظ له، صحيح الترغيب والترهيب ١٦٧٩ وقال الألباني: حسن صحيح.
رمضان من الرمض، والرمض: هو الحر أو أثر الحر.
ورمضان ينبغي أن يكون شهر عمل لا كسل، وشهر نشاط لا عجز، وينبغي أن يفيض في هذا الشهر الخير على الغير.
وقد أوجب الشرع قبل الدخول في هذا الشهر أن تقع المحبة بين الناس.
فإنَّ الله يغفر لكل أحد في ليلة النصف من شعبان إلا لمشرك أو مشاحن؛ فعن أبي موسى الأشعري -رضي الله- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إنَّ اللَّهَ ليطَّلعُ في ليلةِ النِّصفِ من شعبانَ فيغفرُ لجميعِ خلقِه إلّا لمشرِك أو مشاحنٍ”. صحيح ابن ماجه ١١٤٨ وحسنه الألباني.
فمن بينَهُم شحناء لا يغفر لهم.
فقبل أن يدخل العبد في هذا الشهر وهذه المدرسة، ويتجَّمل ويتزين بالصيام والقيام وبالذكر وتلاوة القرآن، الواجب عليه أن تكون علاقته مع إخوانه حسنة طيبة، وأن يخرج من الشحناء، فحينئذ ينعم برضا الله -عز وجل-، فإنَّ الله -جل في علاه- يغفر فيما علَّمنا نبيُنا -صلى الله عليه وسلم- التبعات التي تكون في التقصير في حقه، أما التقصير في حق العباد فلا بد من المسامحة، ولا بد من أداء الحقوق إلى أهلها.
ولذا هذا الشهر لا يقتصر على لون معين من الخير.
المهم أن يُغفر للإنسان ذنوبه، وأن يكون الإنسان نشيطاً لا عاجزاً لا متكاسلاً، نعوذ بالله من العجز والكسل.
فالناظر في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقوم، وكان أشد ما يكون في العشر الأواخر، فإذا دخل العشر الأواخر أحيا ليله وأيقظ أهله وشدَّ مئزره.
– فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ وَأَحْيَا لَيْلَهُ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ”البخاري ٢٠٢٤.
“شَدَّ مِئْزَرَهُ”: كناية عن أنه كان يعتزل النساء.
فالشهر ليس شهر شهوات، وليس شهر تبقر في الطعام والشراب والملذات، الشهر فيه إخبات، وفيه قرب من ربّ البريّات -سبحانه وتعالى-، فهذا الشهر فيه مجال لكل خير، ولا سيما إن فاض على الغير.
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- كريماً، وكان كالريح المرسلة في رمضان؛ كان جواداً -صلى الله عليه وسلم-؛
فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ.” البخاري ٦، مسلم ٢٣٠٨
الصحابة كعثمان -رضي الله عنه- كما في موطأ مالك بإسناده إلى السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ -رضي الله عنه- كَانَ يَقُولُ: هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ؛ فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ؛ فَلْيُؤَدِّه حَتَّى تُخْرِجوا أَمْوَالُكُمْ” الموطأ ٦٨٥، إرواء الغليل ٧٨٩ وصححه الألباني.
فأن تزكي في هذا الشهر أمرٌ حسن، -أن تكون زكاة مالك في هذا الشهر-.
تفقد الواجبات؛ فأحب الأعمال عند الله ما فرضها، المفروضات.
إياك أن تقصر في المفروضات: تُمسك القرآن، وتهز رأسك، وتشرذم وتهذرم، وتقرأ بسرعة، وأنت لست متفقدا لواجباتك، والفرائض التي عليك، وأنت تارك للزكاة، وأنت قاطع للرحم، وأنت عاق لوالديك!!، هذا خذلان من الله -جل في علاه-.
العاقل يحسن، تلاوة القرآن أمرها حسن، وتلاوة القرآن ينبغي أن تكون مؤثرة، وأن يكون لها أثر في الحياة، وأن تقرأ القرآن القليل بتدبر أحسن من الكثير بلا تدبر.
الأصل في شهر رمضان: أن يكون شهر عطاء، وشهر خير، ويترسخ الخير في النفس، وأن يصبح للإنسان مقدرة وهمة على اتساع الخير، هذه النفس تتسع في حمل الخير، وتبقى ثابتة عليه إلى أن تلقى الله، وكل ما جاء رمضان ازداد تحمل النفس للون آخر من ألوان الخير.
الناظر في حياة العلماء: كان العلماء في شهر شعبان، ورمضان (كانوا يسمونها في المدارس السلطانية والمدارس النظامية) كان يسمون شهر شعبان ورمضان: البطالة: يعني تعطيل المدارس.
تعطل المدارس الشرعية والمدارس النظامية والسلطانية: التي كان يتلقى فيها الناس العلم عن المشايخ والعلماء، لكن مع هذا: الناظر في ترجمة الحافظ ابن حجر فيما ذكر السخاوي في (الجواهر والدُرر): كان جُل قراءاته للأجزاء الحديثية في رمضان وكان وقته معموراً في الإقراء .
فرمضان لسائر دروب الخير ولسائر أنواع الخير .
المجاهدون الذين رزقهم الله قوة الأبدان: كان الجهاد في رمضان من لدن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى ما بعد ذلك.
شهر رمضان ليس شهر كسل، يقل فيه الطعام وينبغي أن يقل النوم، فمن أكل كثيراً نام كثيراً؛ فإذا قلَّ الطعام ينبغي أن يقل النوم فإذا قلَّ النوم ينبغي أن يكثر الخير.
فالشرع في رمضان منعك في النهار من الملذات: من الطعام والشراب وإتيان الأهل، وأشغل وقتك بالليل بالقيام.
فهو يربِّيك على أن تزدحم الخيرات على النفس حتى تستفيد في سائر أيام السنة، أن يبقى الخير يتوارد على القلب وعلى النفس، وأن تبقى مائلاً إلى الملائكية لا إلى البهيمية، لا إلى قضاء الوطر وقضاء الشهوة وما شابه.
فرمضان فيه توسعة للنفس يوسعها لتتحمل الخير.
فكيف تشغل وقتك في رمضان ؟
هذا الشعار، وهذا هو الهدف، وهذه هي الطريقة، وهذا المراد.
فينبغي للعبد أن يكون على تذكر قبل البدء .
السؤال:
– كيف يثبت الصيام في شهر رمضان؟
-هل يكفي شهادة واحد، أم لا بد من شهادة اثنين؟
– هل يُعتمد على الرؤية العينيةأم يجوز بالحسابات الفلكية؟
– من رأى الهلال وتيقن على ثبوته، فلم يُعلَن أن اليوم التالي هو رمضان، هل يصوم أم يفطر؟
الجواب:
بعض الأحكام الفقهية المهمة في استقبال شهر رمضان المبارك وهو على الأبواب.
نسأل الله رب العرش العظيم أن يعيننا على الصيام والقيام، وأن يجعل ذلك متقبلًا مباركًا في حياتنا، وأن يجعلنا ممن ينال من صيامه وقيامه شهادة التقوى، وأن نخرج من هذا الشهر وقد غُفرت ذنوبنا.
رمضان يجب على الأمة وجوبًا كفائيًا أن يتحروا هلاله؛ فمتى رؤي الهلال وجب الصوم.
وقد تراء الناس الهلال في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلـم-، فرآه رجل واحد، وفي رواية أنه أعرابي؛ فأخبر النبي -صلى الله عليه وسلـم-، فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- الناس بالصيام.
وحديث تراءي الناس لهلال رمضان أفرده الإمام الخطيب البغدادي بكتاب مطبوع ذكر طرق هذا الحديث، والحديث صحيح.
ويكفي لثبوت الصيام رؤية رجل واحد، إن رأى الهلال وأخبر به، فحينئذ يجب على الأمة أن تصوم لرؤيته.
وقد وقع خلاف بين العلماء في رؤية هلال رمضان، هل هو تابع للرواية، أم هو شهادة محضة خالصة؟
فمن قال أن رؤية الهلال يتبع الشهادة:
فأوجب في الشهود العدد، والصفة والجنس، أوجب أن يكون حرًا، وعدلًا، وأن يكون ذكرًا.
ومن قال أن الرؤية تتبع الرواية:
فلم يوجب الحرية، والثقة لا بد منها؛ أن يكون المُخبر ثقة، ولم يوجب العدد، فالواحد يكفي.
وكيفما نظرنا، فإن الواحد كفى المسلمين في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلـم-.
ورؤية الهلال هي أَلْحَقُ منها بالرواية، من كونها شهادة.
والفرق بين الرواية والشهادة، مسألة تعب فيها (( الإمام القَرافي))، ولما علم جوابها بعد ثمان سنين من البحث أودعها كتابه ((الفروق))، وصدرَ كتابه الفروق بها، فجعل أول فرق في كتابه الفروق، الفرق بين الرواية والشهادة.
يقول: كنت أسأل العلماء والفقهاء، ومكثت ثمان سنوات وأنا أسأل: ما الفرق بين الرواية والشهادة؟
فكانوا يقولون لي: إذا اشتُرط في الراوي عدد أو صفة فهذه شهادة، وإن لم يُشترط فهي رواية.
قال: فكنت أقول لهم: هذا معروف، لكن: حتى أشترِط أو لا أشترط ما هو السبيل لمعرفة أن هذا الأمر هو الشهادة أو الرواية؟
يقول: حتى نظرت في كتاب: “إيضاح المحصول من برهان الأصول” للإمام المازري (ويقال: أن نسخة مخطوطة منه ما زالت محفوظة في فرنسا)، يقول: فنظرت في شرح البرهان للمازري؛ فوجدته يقول: إذا كان الأمر يخص حقًا معينًا في حق شخص معين فهذه شهادة، وإذا كان الأمر لا يخص شخصًا معينًا، وإنما يخص الأمة كلها فهذه رواية.
الآن:
رؤية هلال رمضان هو أقرب منه للشهادة أم للرواية؟
هل هو يخص شخصًا معينًا؟، أم أنه يخص المسلمين جميعًا؟
فلما كان أقرب للرواية لم يشترط أهل العلم في رؤية هلال رمضان عددًا.
بل لو قلت: أن العبد إن شهد هلال رمضان تُقبل شهادته، ويجب على الأمة أن يصوموا لشهادته لما أبعدت النجعة؛ لأن الشهادة على إثبات رمضان ليس حقاً خاصاً في ذمة خاصة بوصف خاص، وإنما هي تلحق بالرواية، فتكون هذه الشهادة خاصة عامة للأمة كُلها.
والنبي -صلى الله عليه وسلـم- يقول: (فيما ثبت عنه في الصحيحين): صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ. البخاري١٩٠٩، مسلم١٠٨١.
ومعنى صوموا لرؤيته:
أي الخطاب للأمة بأسرها، فيجب على الأمة أن تصوم لرؤية هلال رمضان، وأن تفطر لرؤية هلال شوال.
هل رؤية الهلال عينية أم أن الحسابات الفلكية تجزئ؟
في بعض البلاد، وبعض مجالس الفتوى في أوروبا في بعض البلاد يعطيك متى ستصوم لمدة مئة سنة للأمام، بناء على الحسابات الفلكية.
إذاً: حديث “صوموا لرؤيته” ملغي عند هؤلاء.
إذا كان يجوز الصيام وفق الحسابات الفلكية، والأمة لا تتراءى الهلال، لا تتداعى لرؤية الهلال، فهذا إلغاء لهذا الحديث.
بل في بعض روايات الحديث عند النسائي فيها قوله -صلى الله عليه وسلـم- زيادة مهمة جداً يقول فيها النبي-صلى الله عليه وسلم-: “لا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه” .
سنن النسائي ٢١٢٢ وصححه الألباني.
والرواية الثانية أبلغ من الرواية الأولى، والرواية الثانية فيها حصر أن الصيام لا يكون إلا من خلال الرؤية العينية.
فإلغاء الرؤية العينية والاعتماد على الحسابات الفلكية ليست طريقة مرضية، وليست من الأمور الشرعية.
إذًا الحسابات الفلكية هل تهدر؟
لا؛ ما تهدر، يُستأنس بها، لكن لا يعتمد عليها.
كانت بعض الدول تعطي أول من يأتي بخبر رؤية الهلال عباءة، و خمسمئة ريال، فكان بعض الجُرّاء يتجرؤون ويجعلون عيونهم ترى الهلال (والهلال لم يُرَ) طمعاً بالجائزة، فألغوا الجائزة.
فبعض الناس جريء.
معنى حديث: “صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته”: أي: صاحب الرؤية والنظر الثاقب.
أعجبني بعض ملوك الدولة العلوية السلفية في المغرب كان يأمر باصطحاب طبيب معه، فمن رأى منهم الهلال فحص نظره، ليتأكد هل نظره صحيح أم غير صحيح؟
فالاعتماد على الحسابات الفلكية اعتماداً كُلياً، وإلغاء الرؤية العينية هذا خطأ.
لكن رجل قال: أنا رأيت، والعلم اليوم يقول يستحيل اليوم أن يُرى الهلال، هذا الأمر المستحيل لا يُعمل به.
الجواب: الرؤية الحقيقية، فالأمر المزعوم، الأمر الذي على خلاف العادة فيما جرت فيه سنة الله لا يعتمد ولا يعتد به.
حتى أن الفقهاء يقولون: الشهادة التي هي على خلاف العادة القاضي لا يلتفت إليها.
فلو جاء شخص عامي يبيع الخضار في السوق، وذهب للقاضي، وقال للقاضي: والله يا سيدي القاضي أتاني جلالة الملك اليوم، وأشترى مني كيلوين بندورة وبقي لي عنده خمسة فلوس، وما أعطاني إياهم، أريد أرفع عليه قضية، ماذا يعمل معه القاضي؟
الجواب: لا يرد عليه، لأن هذا خلاف العادة، هذا خلاف ما جرت به عادة الناس.
فكل ما هو خلاف المعتاد، خلاف العقل، شيء لا يوافق قواعد العلم اليقينية لا يلتفت إليه.
لذا الرؤية العينية واجبة وجوبًا كفائيًا، ويجب على الأمة أن تتراءى هلال رمضان، وأنَّ ترائي هلال رمضان واجبٌ كفائي.
ومتى رؤي الهلال يجب على المسلمين جميعاً أن يصوموا، لقول النبي -صلى الله عليه وسلـم-: “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته” متفق عليه.
فالحسابات الفلكية لا يعتمد عليها.
فالهلال قد يُرى بالآلات، وقد يقال بالحسابات الفلكية: أنه يمكن رؤيته، ولم يكن قد تولد بعد.
فالعبرة بما يُرى بالعين، وليست العبرة بما يُحسب بالحسابات الفلكية.
لذا الحسابات الفلكية تقول: انتبهوا، دققوا، الليلة في رؤية، فنحن ندقق، وإن رأينا استأنسنا بالحسابات الفلكية، فإن رأينا فحينئذ وجب الصيام في ذمة الأمة.
من رأى الهلال وتيقن عليه، وأخبر ولكن لم يرد أحدٌ عليه يصوم أم يفطر؟
الجواب: يصوم، إذا أنا تيقنت من الهلال ورأيت الهلال، وتيقنت أن الهلال قد رؤي فثبت الصيام.
فإذا الناس غيروا وبدلوا فأنا يجب علي أن أصوم، ولكني أتكتم، حتى لا أصنع فتنة في الأمة.
السؤال: أخ يقول كيف تصفد الشياطين، وما المقصود بتسلسلها وقد نرى كثيرًا من الناس يصرع عند القراءة عليه في رمضان ؟
الجواب: سُئل الإمام أحمد كيف يُصرع الإنسان والشياطين مصفدة؟
قال : الوسوسة هذه ، وسوسة الشيطان وهذه من استجابة المحل.
المعاصي تكون من النفس، وسيئات العمل ، ومن الشيطان.
وكان النبي ﷺ في كل مجلس قبل أن يبدأ بالكلام يقول: ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
أنت تفعل المعصية إما من شرور نفسك ، وإما من سيئات عملك.
السيئة لها أخوات والحسنة لها أخوات، والسيئة تجر إلى سيئة أكبر منها، والطاعة تجر إلى طاعة أكبر منها ، فإياك أن يسول لك الشيطان أن هذه معصية قليلة ، هي بريد لمعصية كبيرة.
لذا العلماء يقولون: التبقر في المباحات والتوسع فيها بريد للوقوع في المكروهات ، و المكروهات بريد للوقوع في المحرمات ، والمحرمات بريد للوقوع في البدع ، والبدع بريد للوقوع في الكفر ، والعياذ بالله تعالى.
فأنت الجم نفسك منذ البداية ، فالشيطان هو سبب من أسباب، وبعض الناس يعصي ربنا في رمضان والشياطين مسلسلة فهو أصبح شيطان والعياذ بالله.
الشيطان من فعل شطنَ، وفعل شطنَ أي بَعُدَ فكل من كان بعيدا عن طاعة الله فهو شيطان سواءا كان جنياً أو إنسياً ، الله يقول: (شياطين الإنس والجن) ، والله يقول : ((وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا)) سورة الجن ( 6 ) .
لذا يجوز أن نقول عن الجني رجل ، ويجوز أن نقول عن الإنسي شيطان.
بعض الناس يقول لك: هذا شيطانه مصفد لماذا هذا يعمل معاصي ؟
يعمل المعاصي لأنه هو شيطان والعياذ بالله ، هو ما يحتاج إلى وسوسة الشيطان ، الشيطان برمجه وسار على دربه واتبع طريقته فقبّح ما حسن الشرع، وعظم ما حقر الشرع ، وحقر ما عظم الشرع ، بعض الناس يحقر الشيء الذي عظمه الله ، وبعض الناس يعظم الذي حقره الله ، وهذا والعياذ بالله أشقى الخلق ، فبعض الناس على المعصية من هذا الباب .