[ ما رأيتُهُ في رحلة اندونيسيا العلمية / الإسلام انتشر بالسلم./ والجهل أكبر الآفات / المذهبُ الشافعيُّ وهممُ الطلبة / القضيةُ الفلسطينيةُ والداءُ الأصيلُ ]

[ ما رأيتُهُ في رحلة اندونيسيا العلمية / الإسلام انتشر بالسلم./
والجهل أكبر الآفات /

المذهبُ الشافعيُّ وهممُ الطلبة / القضيةُ الفلسطينيةُ والداءُ الأصيلُ ]

قال فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله:
إنَّ الحمدَ للهِ، نحمدُهُ ونستعينُهُ ونستغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِهِ اللهُ فلا مُضلَّ لهُ ومن يُضلِلْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ، أما بعد:

الحمدُ للهِ الذي جمعَنا بعدَ فِراق، وكان الفِراق بسببِ السفرِ في دورة شرعية علمية إلى البلاد الإندونيسية، وجديرٌ بنا أن نعرفَ شيئاً يسيراً قبلَ أن نبدأَ بالدرسِ عن إندونيسيا.

إندونيسيا هي أكبر عددٍ للمسلمينَ فيها، فعددُ سكانِ إندونيسيا 280 مليوناً، وفيها من المسلمينَ قرابةُ ربعِ مليارٍ، فيها 250 مليوناً، نسبةُ المسلمينَ في إندونيسيا 87%.

والباقي أديانُهم تتوزعُ بينَ النصرانيةِ، ولا يوجدُ حملةٌ شديدةٌ في التنصُّر والتبشير في العالم مثل إندونيسيا، فباقي الأديانِ تتوزعُ بينَ النصرانيةِ والبوذيةِ والهندوسيةِ وأديانٍ أخرى قليلةٍ.

الذي فتحَ إندونيسيا أسلافُنا التجارُ بأخلاقِهم وحُسنِ معاملتِهم مع هؤلاء القومِ، وأهلُ إندونيسيا أهلُ أخلاقٍ وسكينةٍ وفيهم بُرودة، يعسُرُ أن يثوروا وأن يقوموا، حتى لما احتلتْهم هولندا ومكثتْ فترةً في ديارِهم ما قامَ على المستعمِرِ إلا الحضارمة ممن سكنوا إندونيسيا، والحضارمة اليمنيون لهم وجودٌ وحضورٌ قويٌّ ويتولونَ في كثيرٍ من الأحيان بعضَ المناصبِ المرموقةِ والوزاراتِ المعروفةِ، وفيهم عددٌ كبيرٌ من أصحابِ الأموالِ، وكثيرٌ منهم جزاهم ربي خيراً ممن يعملونَ على نشرِ دينِ اللهِ عز وجل هناكَ.

وإندونيسيا مثالٌ حيٌّ قائمٌ يَرُدُّ تلكَ الخُرافةَ التي رددَها الإسبانُ أولَ ما رددُوها وكتبوا في ذلكَ وطُبِعَ كتابُهم سنةَ 1550 للميلاد، من أوائلِ ما كُتبَ حولَ تلكَ الفِرْية التي لا يزالُ بعضُ الناسِ يرددُها ويكررُها بأنَّ الإسلامَ انتشرَ بالسيفِ، وكلُّ عاقلٍ يعلمُ أنَّ الإسلامَ ينجحُ بالسلمِ أكثرَ من نجاحِهِ بالحربِ، فإذا وُجِدتِ النفوسُ الهادئةُ والظروفُ العاديةُ، كما شهدناهُ في فترةٍ طويلةٍ مضتْ في أوروبا وأمريكا والأحداثُ السياسيةُ هادئةٌ، فالناسُ يلجؤونَ للإسلامِ لا مَحالةَ.

فالإنسانُ يبحثُ عن الحقِّ والحقيقةِ وليسَ أمامَهُ إلا الدخولُ في الإسلامِ، ولذا الإسلامُ دخلَ إندونيسيا بسببِ الأخلاقِ الطيبةِ التي وصلتْهم من خلالِ المعاملةِ مع التجارِ المسلمينَ الذين جاؤُوهم من أجلِ التجارةِ.

إندونيسيا بلادٌ كبيرةٌ جداً، يعني جاكرتا عاصمةُ إندونيسيا حجمُها يُقاربُ العشرةَ أضعافِ حجمِ الأردنِ، لا ليسَ عمَّانَ، إنما حجمُ الأردنِ، هذه “جاكرتا”.

فالناسُ هناكَ يعيشونَ بسكينةٍ ووداعةٍ وفيها أمنٌ كبيرٌ في تلكَ الديارِ، والمجتمعُ جُلُّهُ شبابٌ، والآفةُ العامةُ هي آفةُ المسلمينَ بالجملةِ، وهذه الآفةُ ينبغي أن تكونَ راسخةً وعليها أدلةٌ، وينبغي أن تكونَ بعضُ هذه الأدلةِ محسوسةً ملموسةً لأمثالِكم طلبةَ العلمِ، حتى تعلموا أنَّ مشكلةَ المسلمينَ الأولى إنما هي الجهلُ، والواجبُ على من علَّمَهُ اللهُ أن يرتقيَ بنفسِهِ وأن يُحصِّلَ ما استطاعَ وأن يعملَ على الأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكرِ بعامةٍ، وإن استطاعَ أن يتفرغَ لأن يُعلِّمَ الناسَ ويُفقِّهَهم في حدودِ ما تعلَّمَ بيقينٍ، فهذا واجبٌ وقد يصلُ إلى الوجوبِ العينيِّ في حقِّ بعضِ النابهينَ، ولا سيَّما إن اعتراهُم داءُ الكسلِ أو داءُ الخمولِ، فالذي يستطيعُ أن يَنْهضَ بنفسِهِ حتى يُشارك في رفعِ الإثمِ عن سائرِ المسلمينَ في دعوتِهم إلى دينِ اللهِ القويمِ فهذا أمرٌ واجبٌ.

وأكثرُ ما يظهرُ الجهلُ كما شاهدتُهُ ورأيتُهُ في “كوسوفو” بوضوحٍ في رحلةٍ سابقةٍ في حقِّ النساء، فالمُراةُ في الشارعِ تراها مُتبرجةً جداً شبهَ عاريةٍ، ولما ياتي وقتُ الصلاةِ تُصلي، ولما تُذكِّرُها بأنَّ هذا ليسَ اللباسَ الشرعيَّ تستغرب!

لأنها تعتقدُ أنَّ اللباسَ الذي أوجبَهُ الشرعُ إنما هو للصلاةِ وليسَ لأنها امرأةٌ، فهي لها أن تلبسَ ما شاءتْ، ولكن إن صلَّتْ فيجبُ عليها أن تتقيدَ بالقيودِ المذكورةِ من خلالِ النصوصِ الشرعيةِ وبيَّنها الفقهاءُ والعلماءُ، فالمُراةُ جاهلةٌ، بل الناسُ بالجملةِ جُهَّالٌ، وإن كانَ الغالبُ فيهم أنهم فقهاءُ شافعيةٌ، المشيخةُ والذين يُديرونَ المسائلَ الشرعيةَ يُفتونَ الناسَ على مذهبِ الشافعيةِ، لكن قَلَّ من طلبةِ العلمِ من يعتني بالحديثِ.

ووجدنا وللهِ الحمدُ والمِنَّةُ في رحلتِنا هذه التي ذهبنا إليها هِمَماً كالجبالِ الرواسخِ، وهنالكَ أناسٌ حريصونَ كلَّ الحرصِ على أن يتعلموا دينَ اللهِ عز وجل، رأيتُ واحتككتُ ببعضِ من حضرَ الدورةَ الشرعيةَ التي عقدناها في “جاكرتا” في معهدِ ابنِ حجرٍ العسقلانيِّ “خاتمة أمراء المؤمنين” صاحبِ فتحِ الباري، له معهد ، أعلنوا عن الدورةِ الشرعيةِ، فقالَ لي المسؤولُ عن المعهدِ:
“الإعلانُ استمرَّ يومينِ ثم قطعنا الإعلانَ”.
قلت : لِم؟ قالَ: “لأنهُ في اليومينِ سجَّلَ 1500 طالبٍ، ولا سَعةَ عندنا في المعهدِ لهذا العددِ للمبيتِ والطعامِ والشرابِ”.

فالمعهدُ تُعقدُ فيه الدورةُ من بعدِ صلاةِ الفجرِ إلى الساعةِ العاشرةِ فما بعدُ، ويأخذونَ راحةَ القيلولةِ ما بينَ الظهرِ والعصرِ، وقِسْمٌ من أصحابِ الهممِ يُحبونَ أن يُراجعوا المذاكراتِ في الدرسِ السابقِ فيُعيدُ النظرَ إلى التسجيلِ الصوتيِّ والمرئيِّ في صالةٍ خاصةٍ والبقيةُ يرتاحونَ.

كان معي في الدورةِ أخوانِ شيخانِ عالمانِ فاضلانِ: أخونا الشيخُ عوايشةُ وأخونا الشيخُ باسمُ الجوابرةِ حفظهم اللهُ تعالى، فكانَ الشيخ باسم يبتدئُ من الفجرِ إلى قرابةِ الظهرِ، والشيخُ حسين يبدأُ من بعدِ العصرِ إلى المغربِ، وأنَا العبدُ الضعيفُ أُواصلُ إلى الساعةِ العاشرةِ إلى ما بعد ، حسبَ الحاجةِ والسؤالِ والجوابِ.

التقيتُ ببعضِ الطلبةِ وتعرَّفتُ على أحوالِ بعضِهم، تبيَّنَ لي أنَّ الطلبةَ جاؤُوا لحضورِ الدورةِ من أماكنَ بعيدةٍ وبعيدةٍ جداً، والذي سمعتُهُ فرَّحَني وذكَّرَني بهِمَمِ ونَهَمِ السلفِ في طلبِهم للعلمِ، فقالَ لي واحدٌ منهم:
“ركبتُ الطائرةَ أربعَ ساعاتٍ لما وصلتُ إلى جاكرتا”.

إندونيسيا واسعةٌ، إندونيسيا فيها 16 ألفَ جزيرةٍ ، بلادٌ واسعةٌ جداً، فلما وصلَ، ركبَ أربعَ ساعاتٍ، يعني الأربعُ ساعاتُ لما تركبُها من عمَّانَ تكادُ تصلُ لندنَ!
الأربعُ ساعاتِ من هنا إلى لندنَ!

هناكَ من مدينةٍ إلى مدينةٍ تصلُ أربعَ ساعاتٍ، وقالَ لي آخرُ: “ركبتُ في السفينةِ خمسةَ أيامٍ حتى وصلتُ لها”، وقالَ لي ثالثٌ: “ركبتُ أنا وزوجي على الدراجةِ دراجةٍ ناريةٍ لمدةِ أربعةِ أيامٍ بلياليها”، فقلتُ لهُ: “كيفَ كنتَ تنامُ؟” قالَ: “سهلٌ، متى حلَّ الليلُ أخذتُ مكاناً ونِمْتُ فيه”.

فالبلادُ بلادُ أمانٍ، وأرجو اللهَ أن يُديمَ الأمانَ على بلادِ المسلمينَ.

الله يَعلم كم فرحنا لما حصل ما حصل في سوريا بسبب الأمان الذي حَل بهم ، وبسبب أن الله خلصهم من ذاك الطاغية الكافر ، وانسلخ أولئك عن حكم الشام ، وعادت إن شاء الله إلى ما أخبرَ عنه نبينا ﷺ لتعود لتأخذَ مجدها ، وتأخذَ عِـزها ، وتأخذ مكانتها اللائقة بها ، الواردة في أحاديث رسول الله ﷺ .

فأهلُ إندونيسيا من الطلبةِ منهم أن يتقنَ العربيةَ، وكانتِ الدورةُ متخصصةً لمن يُتقنُ العربيةَ، فالمحاضراتُ كانت مع وجود مترجِم ، وهي قليلة ، وأما الدورةُ الشرعيةُ فكانتْ بالعربيةِ الخالصةِ، فكانتْ معقودةً لِرؤساءِ الجامعاتِ والمدرسينَ فيها ولأئمةِ المساجدِ والمُتقنينَ للغةِ العربيةِ.

ويتكلمُ باللغةِ العربيةِ بلغةٍ فصيحةٍ، فيتكلمُ كلمةً بالرفعِ ثم يقولُ لكَ: “معذرةً”، فيُعيدُها بالنصبِ على حالِها الصحيحِ، فتقولُ: “سبحانَ اللهِ!
ما سمعنا بهذا من الطلبةِ عندنا في الأردن !

فيتكلم فإن زلَّ فرفعَ منصوباً أو عكسَ، فيقولُ لكَ: “معذرةً”، فينطقُ الكلمةَ على الوجهِ النحويِّ الصوابِ، فهم يتكلمونَ العربيةَ تعلُّمًا وتحصيلاً ، لا سليقة فلا يعرفونَ العاميةَ ولا يعرفونَ الدارجةَ التي نعرفُها نحنُ الآنَ في خطابِنا.

فلا يحضرُ هذه الدوراتِ إلا أولئك الطلبةُ الذين تعبوا على أنفسِهم شديداً فأتقنوا العربيةَ، وأما المحاضراتُ العامةُ فكنتُ أُراقبُ المترجمَ فيقولُ كما أقولُ.

والذي رأيتُهُ وفرحتُ بهِ أنَّ شروطَ الطلبِ وشروطَ الدرسِ مُتمثلةٌ عندَهُم، شروطُ الدرسِ أربعةٌ مُتمثلةٌ عندَهم، أنا لا أراها في درسي هذا، لا أرى الشروطَ مُجتمِعةً، شروطُ الدرسِ:
① المُدرِّسُ.
② والطالبُ .
③ والمادةُ التي يدرسُها .
④ والقلمُ والورقةُ.

فما تكلمتُ كلمةً إلا وهي في الأوراقِ، فالكبيرُ يكتبُ والصغيرُ يكتبُ، وفي المحاضراتِ العامةِ النساءُ تكتبُ، وترجعُ وأنتَ مطمئنٌ إلى أنَّ هؤلاءِ قد أحكموا هذه الآثار العمليةُ الدينية التي يحبها اللهُ تعالى ويرضى.

هذه الآثارُ كما تعلمونَ بهذه الشروطِ تحصيلاً ثم تعليماً لا توجدُ بيننا نحنُ، كثيرٌ منا يسمعُ، يسمع (فقط دون كتابة).

بعضُ إخواننا، احتاج بعضُ الناسِ فترة من الفترات للخطباء، تتكلمُ مع بعضِ الإخوةِ ؛ يقول لك أنا لا أَخطُب!
أنتَ لك 40 سنةً تسمعُ، 30 سنةً تسمعُ، أنتَ هذا الدرسَ تسمعُ 20 سنةً، هذه السنواتُ ما لها زكاةٌ؟!

أليسَ واجباً عليكَ أن تؤديَ زكاةَ الذي سمعتَ وأن تتعلمَهُ وتُعلِّمَهُ؟
هذا كسلٌ، وهذه قلةُ دِيانةٍ، قلةُ سلوكِ سُبلِ النجاةِ عندَ اللهِ عز وجل.

النجاةُ عندَ اللهِ:
أن تتعلمَ وأن تُعلِّمَ وأن تصبرَ على ما تسمعُ جرَّاءَ كلامِكَ وجرَّاءَ تدريسِكَ.

فأسبابُ النجاةِ متوفرةٌ عندَهم، لكن للأسفِ الحياةُ شاغلةٌ لهم، يعني يخرجونَ من العملِ من الساعةِ الثامنةِ ويرجعونَ الساعةَ العاشرةَ ليلاً، طعامُهم غالباً خارجَ البيتِ، وهم في سِترٍ وليسوا في غِنىً إلا القلةُ القليلةُ.

القلةُ القليلةُ الأغنياءُ في البلادِ الكبيرةِ العددِ ثراؤُها فاحشٌ ولا يُتصوَّرُ، ولكن الغالبُ على الناسِ السِترُ، فهم ليسوا أهلَ حاجةٍ، وهم أهلُ نظامٍ، يسلُكُونَ النظامَ، الشارعُ إذا وجدتَ فيه أزمةً في بعضِ الأماكنِ أو جاءتْ أزمةٌ مباشرةً ؛ واحدٌ من الناسِ يقومُ فينظمُ السيرَ، فلما ينتهي من تنظيمُ السيرِ يعودُ ويركبُ السيارةَ ويمشي، فلا يوجدُ عندَهم مراقبُ سيرٍ رسميٌّ من الدولةِ، إنما هم الذين يراقبونَ الطريقَ وهم الذين يَعملونَ على تنظيمِ هذا الأمرِ، فهو شعبٌ مثاليٌّ في التنظيمِ وفي السكينةِ والهدوءِ.

هذه الأعدادُ لما تنتقلُ من مكانٍ لمكانٍ تحتاجُ أوقاتاً، فهم صابرونَ، أصحابُ صبرٍ.

فهذه نُبذةٌ يسيرةٌ عن إندونيسيا، لنعلمَ أنَّ غيرَنا من إخوانِنا المسلمينَ يحتاجوننا ، هذه الأعدادُ الكبيرةُ قرابةُ 250 مليوناً، ربعُ مليارٍ من المسلمينَ لا يوجدُ له مثيلٌ في هذا العددِ، هذا العددُ مُؤَمَّلٌ، هذا ما يُسمُّونَهُ في علمِ العسكريةِ:
البعدَ الاستراتيجيَّ للمسلمينَ.

أفلحوا بأن يشغلوهُ، وليسَ لهُ دورٌ في أيِّ مَسْألةٍ من مسائلِ القضايا التي تخصُّ بلادَ المسلمينَ ، والسببُ حرصنا على عروبتِنا ، فأسقَطَنا الإسلامَ، نحنُ قومٌ عَربٌ، ونأبى أن نقولَ نحنُ مسلمونَ!

وبعد قضيةُ العربِ -وهي القضيةُ النابضةُ الحيةُ التي يجبُ أن تكونَ في عروقِ كلِّ مسلمٍ-:
قضيةُ فلسطينَ.

حصرُوها في منظمة التحرير الفلسطينية ، وأبعدوا سائرَ الشعوبِ العربيةِ، ولا يوجدُ مؤامرةٌ أكبرُ من مؤامرةِ حصر قضيةِ فلسطينَ في العربِ أو حصرِها في الشعبِ الفلسطينيِّ.

كلُّ مسلمٍ يقولُ:
“لا إلهَ إلا اللهُ محمدٌ رسولُ اللهِ” لهُ حقٌّ في الأقصى ولهُ حقٌّ في فلسطينَ، وفُتِحتْ فلسطينُ بدماءِ الصحابةِ رضوانُ اللهِ تعالى عليهم، وشاركتْ في محاربةِ اليهودِ الجيوشُ العربيةُ وإخوانُنا من الأردنِ ومن العراقِ ومن سوريا ومن مصرَ، كلُّها مجبولٌ دماؤها، من استُشهِدَ إن شاءَ اللهُ يكونُ في سبيلِ اللهِ في تلكَ الديارِ وقتَ النكسةِ وقتَ النكبةِ سنةَ 48 وسنةَ 67، الدماءُ الأرضُ مجبولةٌ بدماءِ هؤلاءِ.

فهي ليستْ خاصةً بفلسطينَ، فلسطينُ لكلِّ مسلمٍ بما حباها اللهُ تعالى من ميزةٍ:
من وجودِ الأقصى فيها، ومن فرَّطَ في الأقصى فرَّطَ في مسجدِ رسولِ اللهِ وفرَّطَ في الحرمِ المكيِّ الشريفِ، فيبدأُ التفريطُ بالبعيدِ ثم ينتقلُ إلى القريبِ.

فهؤلاءِ الشعبُ شعبٌ كبيرٌ يحتاجُ أن نرفعَ عنهُ الآفةَ الأمَّ والأصلَ وهي الجهلُ.

الطبيبُ لما يأتيهِ مريضٌ يوصي دائماً الأطباءُ بفحصِ الدمِ، ليشَ فحصُ الدمِ؟
لأنهُ الدمُ ممتدٌ مِنْ على الرأسِ لأسفلِ القدمينِ، فيعرِفُ الطبيبُ الآفةَ من خلالِ الدمِ.

الفحصُ النموذجيُّ الشرعيُّ الصحيحُ لحالِ أمةِ الإسلامِ يُعرَفُ إما من المواسمِ العامةِ كالحجِّ والعمرةِ، ولا سيَّما في رمضانَ، أو من خلالِ هذه الشعوبِ الكبيرةِ العددِ، فلو أنَّكَ عملتَ لهم فحصاً وأردتَ أن تعرفَ الداءَ الذي فيهم لوجدتَ بطريقةٍ محسوسةٍ ملموسةٍ أنَّ الداءَ الأصيلَ إنما هو الجهلُ.

كنا في إندونيسيا في أيامِ عيدِ الميلادِ، في أواخرِ شهرِ ديسمبرَ الميلاديِّ، والناسُ يحتفلونَ بعيدِ الميلادِ على أنهُ عيدٌ وطنيٌّ ولا يعرفونَ أنهُ عيدٌ شرعيٌّ للنصارى وأنَّ هذا الاحتفالَ ممنوعٌ في الشرعِ، إنما يعني يُجارونَ الاحتفالَ الوطنيَّ بهِ فلا يعلمونَ حُرمتَهُ، فالجهلُ كبيرٌ للأسفِ في تلكَ البلادِ، وإخوانُنا بدأوا بفضلِ اللهِ تعالى يُعلِّمونَ الناسَ، فأسألُ اللهَ جلَّ في علاهُ أن يجعلَنا وإياكم مِفتاحَ خيرٍ مِغلاقَ شرٍّ، ونسألُهُ سبحانَهُ أن يستخدمَنا لنُصرةِ دينِهِ ونشرِ سُنةِ نبيِّهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ.

المصدر:
البث المباشر – لدرس شيخنا شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
تاريخ:
9 رجب 1446 هـ
09 يناير 2025 م✍️✍️

◀️ الرابط في الموقع الرسمي :

[ ما رأيتُهُ في رحلة اندونيسيا العلمية / الإسلام انتشر بالسلم./ والجهل أكبر الآفات / المذهبُ الشافعيُّ وهممُ الطلبة / القضيةُ الفلسطينيةُ والداءُ الأصيلُ ]

[ متى يخرج الإنسان من دائرة أهل السنة والجماعة إلى دائرة المبتدعة ؟ ]

AUD-20251122-WA0004

[ متى يخرج الإنسان من دائرة أهل السنة والجماعة إلى دائرة المبتدعة ؟ ]

قال فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان -حفظه الله-:

فالإسلام له وجهتان، مبدأ عظيم: الواجهة الأمامية: لا يمكن لك أن تدخل الإسلام إلا بقولك: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ » [ جزء من حديث «بني الإسلام على خمس» متفق عليه].

وأما الواجهة الخلفية :
فالمكفرات كثيرة، تخرج منها بأشياء كثيرة، فعلى هذا القول بالتكفير يكون هذا خروجاً سريعاً جداً، خروجاً سريعاً من الإسلام إن كان المراد التكفير، وإن لم يكن، فالخروج عن الجادة بأصل يخالف أصلاً من أصول أهل السنة فهذا يخرجه.

ولذا هذه المسألة يحتاجها الطلبة، ينبغي أن تكون واضحة في أذهانهم، وفصّلها الشاطبي شديداً في كتابه «الاعتصام».

احفظ عني هذه المسألة، دوّنها واحفظها ورددها في مجالسِك: متى يخرج الإنسان من دائرة أهل السنة والجماعة في المفهوم الخاص إلى دائرة المبتدعة؟

قال الشاطبي: يخرج بثلاثة أمور.
① الأمر الأول: أن يعتقد أصلاً يخالف أصل أهل السنة والجماعة، كالخوارج يعتقد التكفير، الخروج، استحلال الدم، فهذا خرج كونه من أهل السنة والجماعة إلى أهل البدع، إلى دائرة أهل البدع، هذا الأصل الأول.

② الأصل الثاني:
أن تَـكثُر الفروع التي يفتي فيها كَـثرة شديدة، تتنوع في أمور كثيرة، تدل على فساد أصل، ولا محالة.

تَـكثُـر الفروع ، لَـما تجمع بينها ترى أن الجامع المشترك بينها هو فساد أصل، هذا الصنف الثاني يقع فيه اشتباه.

ولذا العلماء الكبار قد يتحرجون، فيقولون فيه عرق كذا، لأن الأصل لَم يظهر، وإنما عُرف الأصل من خلال كثرة الأخطاء في الفروع التي تدل على فساد الأصل، هذا المسألة الثانية.

الأول أقوى من الثاني، وأوضح في الدلالة.

③ وأما الأمر الثالث كما يقول الإمام الشاطبي:
أن توافق أهل البدع في مسألة أصبحت علامة عليهم.

فإن وافقتهم فحينئذ أنت مبتدع -والعياذ بالله تعالى-.

أهل البدع لهم مسائل معروفة، فإذا أصبحت هناك مسألة وهذه المسألة هي علامة على أهل البدع، فوافقتَ أهل البدع فيها، فأنت خرجت من مسمى أهل السنة والجماعة بالمفهوم الخاص إلى مفهوم المبتدعة.

هذه الإمارات والعلامات كثيرة.

يعني واحد قال:
أنا على مذهب أهل السنة والجماعة وأعتقد كل ما يعتقده فلان، كما كان يقول أبو الحسن الأشعري -رحمه الله تعالى- عن الإمام أحمد، وفرح أهل السنة بقول الإمام أبي الحسن الأشعري في كتابه «الإبانة».

قال:
إلا مسألة خَـلق القرآن فقط، أخالف أهل السنة في مسألة القرآن ، خَـلْق القرآن علامة على أهل البدع.

فمن وافق أهل البدع في هذه المسألة -وإن حصرها فيهم- فهو يلحق بهم .

ولهذا فمن وافق أهل البدع في مسألة هي علامة عليهم فهو يَلحق به، كمن يتحزب ويقول بما يقوله الحزبيون وما شابه، فهذا يلحق به وهكذا.

المصدر:
شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حفظه الله.
22 جمادى أول 1447 هـ
13 نوفمبر 2025 م✍️✍️

◀️ الرابط في الموقع الرسمي :

[ متى يخرج الإنسان من دائرة أهل السنة والجماعة إلى دائرة المبتدعة ؟ ]

[ فرق بين زماننا وبين زمان عمر وخالد في الدفاع عن رسول الله ﷺ ]

[ فرق بين زماننا وبين زمان عمر وخالد في الدفاع عن رسول الله ﷺ ]

قال فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حفظه الله:
فالذي قام يستأذن رسول الله ﷺ في قتل ذاك الخارجي هما الاثنان، هما خالد أولًا ثم بعد خالد قام عمر، فلا شك في الموضوع ما تقول والله من الذي قام خالد أم عمر، هنا قال بعد أن ذكر ذاك خالد، وهنا قال فقام إليه عمر أيضًا، فقام الاثنان، كل منهما استأذن رسول الله ﷺ.

من يعتدي على رسول الله ﷺ وعلى حكم رسول الله ﷺ هذا لا خير فيه، في ذاك الحين، في هذا الزمان تكثر المعاذير، تكثر التأويلات، والتأويلات في من خالف أمر رسول الله ﷺ، في هذا الزمان ، في ذاك الزمان سمعوا رسول الله ﷺ ثم يقوم إليه رجل فيقول له: “اعدل إنك لم تعدل”، هذا لا خير فيه، “إإذن لي أن أقتله، أن أضرب عنقه”، قال: “لا”.
قال أبو سعيد: ثم أدبر، فقام خالد، جمع بين الروايتين، رواية عمر ورواية خالد، قام عمر قبل خالد، فقام إليه خالد سيف الله، هذه مهمة سيف الله، يعرف أبو سعيد الخدري أن خالدًا يلقب بسيف الله، إذا هذا اللقب لقب سيف الله لقب قديم.

وهنا لفتة وهي مفيدة وطربت لها لما قرأتها طربت، وصاحبها أحمد الغماري، لماذا خالد سمي سيف الله، سماه النبي ﷺ سيف الله، نسأل الآن لماذا مات خالد في فراشه؟
لأن سيف الله يبقى سيفًا لا يغمد، فـخالد سيف الله فلا يموت إلا على فراشه، لأنه إن سُل لا يستطيع أحد أن يغمده، فـخالد لما مات قال: “لقد خضت كذا وجرحت كذا”، فهاأنا ذا أموت على الفراش.

ما كان يحب أن يموت خالد على الفراش، موت الفراش موت ليس بمحمود، موت الفراش ليس للرجال، الرجال لهم ساحات الوغى، وكان خالد هو أشهر من كان مجاهدًا في سبيل الله سبحانه وتعالى، فمات على الفراش.
لماذا مات على الفراش؟
لأنه سيف الله، إذا سُل لا يقدر عليه أحد فيغمده، فلم يبق له إلا الفراش.
فقول أبي سعيد أعجبني هنا في هذا الحديث قال: “فقام إليه خالد سيف الله” (الحديث رواه البخاري [3344] ومسلم [1064]).

في إشارة من أبي سعيد في وصف خالد سيف الله أن هذا الرجل يستحق القتل، فيه إشارة واضحة، ما قال فقام خالد، ربط بين اللقب الذي سماه النبي ﷺ له سيف الله وبين هذه الحادثة الذي يريد أن يقتل هذا الرجل الخارجي، إنما هو سيف من سيوف الله، هذه تتضمن مدحًا لصنيع خالد، “فقام إليه خالد سيف الله فقال خالد: يا رسول الله ألا أضرب عنقه قال لا” (الحديث رواه البخاري [3344] ومسلم [1064]).

هذا ليس وقت خروجه هذا وقت خروجه وقت خروج الدجال.
إن كان الدجال هو ابن صياد، استأذن عمر أن يقتله، وكان ابن صياد يهوديًا خرج في المدينة وادعى الإسلام وقامت الدنيا وما قعدت هل هو الدجال الأكبر أم هو دجال من الدجالين، والقصة مذكورة في صحيح مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة.
وتأتينا مفصلة مطولة بديعة، وياريتكم ترجعون إلى قصة ابن صياد في صحيح مسلم في أشراط الساعة، كان عمر يحلف بالله أن هذا الرجل ابن صياد هو الدجال وقال: “نضرب عنقه ونرتاح”، فقال له النبي ﷺ: “إن كان هو فلن تسلَّط عليه، وإن لم يكن هو فلا خير لك في قتله” (جزء من حديث رواه مسلم [2930])، إن كان هذا هو الدجال فلن تسلَّط عليه، لست أنت يا عمر الذي تقتله.

الدجال داء ودواؤه عيسى بن مريم عليه السلام.
لذا أعجبني جدًا كلام الحافظ ابن كثير في تفسير أواخر سورة النساء، لما ذكر نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان قال: “نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان هو دواء للدجال”، الدجال داء، “وما أنزل الله من داء إلا جعل له دواء” (الحديث رواه البخاري [5678])، “ما أنزل الله من داء إلا جعل له دواء” (الحديث رواه البخاري [5678])، إن كان هذا الذي تظن فلا أنت يا عمر ولا أنت يا خالد تقدرون أن تقتلوه ، لن تسلطوا عليه، الذي يسلَّط عليه هو علي رضي الله تعالى عنه.

والنبي ﷺ في بعض طرق حديث أبي سعيد وهي الآتية إما في هذا الدرس أو الدرس القادم ذكر أوصافًا مفصلة لبعض أتباعه، “فأنت يا خالد وأنت يا عمر لن تسلَّط عليه قال لا فقال خالد يا رسول الله قال لا فقال صلى الله عليه وسلم” (الحديث رواه البخاري [3344] ومسلم [1064])، “إنه سيخرج من يخرج من ضِئْضِئِ هذا” (الحديث رواه البخاري [3344] ومسلم [1064]).

قلنا من ضِئْضِئ إما المنهج والطريقة وإما النسل ورجحنا النسل، ضِئْضِئِ هذا قوم يتلون كتاب الله ليِّنًا رطبًا بيِّنًا سهلًا كما أنزل، مجرد تلاوة القرآن وتجويد قراءة القرآن لايمدح الإنسان عليه، فإن استقام حاله واستقام مشربه واستقامت عقيدته فحينئذ يصلح المدح، أما أن يقرأ الإنسان القرآن أو أن يكثر من الطاعات والعبادات وهو على منهج ضال و طريقة عقدية ومشرب فاسد فهذا لا ينفع.

المصدر:
درس شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
تاريخ:
17 ربيع الآخر 1447 هـ
09 أكتوبر 2025 م✍️✍️

◀️ الرابط في الموقع الرسمي :

[ فرق بين زماننا وبين زمان عمر وخالد في الدفاع عن رسول الله ﷺ ]

[ للذنوب أثر خطير على القلوب والشعوب ]

AUD-20251122-WA0002

[ للذنوب أثر خطير على القلوب والشعوب ]

قال فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حفظه الله:
إن من سنن الله التي لا تَتخلف عن أمة من الأمم أن الأمة المغلوبة تجاري الأمة الغالبة، وأن هويتها تكاد تضيع ولا تبين، فكما أن الضعيف يجاري القوي، والجاهل يجاري العالِم، والولد الصغير يجاري أبويه، فالذكر يجاري الأب، والأنثى تجاري الأم، فإن هذه سنة ليست خاصة بالأفراد وإنما تشمل الأمم، فالأمة المغلوبة تجاري الأمة الغالبة.

ولحكمة عظيمة استنبط أهل العلم من مجمل ما ورد من نصوص في كتاب الله، وسنن رسول الله ﷺ، استنبطوا مقاصد كلية للشريعة، فقالوا:
① من المقاصد الكلية للشريعة أن لا يتشبه المسلم بالكتابي.
② وأن لا يتشبه المسلم بالكفار.
③ وأن لا يتشبه المسلم بالحيوانات.
④ وأن لا تتشبه النساء بالرجال.
⑤ وأن لا يتشبه الرجال بالنساء.

فهذه مقاصد كلية جاءت بها الشريعة.

ولأنها مفقودة عند غيرنا، وقد أخبرنا ﷺ أننا سنتبع سَـننَ مَن كان قبلنا، فـ باتباعنا لسَـنَنِهم قالوا: اليهود والنصارى؟
فقال ﷺ: من، أي من غيرهم ،ففي الحديث (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ. قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: فَمَنْ؟) [رواه البخاري ومسلم].

فإننا بِتنا للأسف من شدة ما نشاهد، باتت مشاعرنا جامدة، وكادت لعموم البلوى ألا تنكر كثير من القلوب كثيراً من المنكر، لأنه أصبح مألوفاً، بل للأسف عند بعض الناس بمجرد الإعلان عن حُكمه في الشريعة، وقد تكون بعض الأحكام مأخوذة من نص بدلالة صريحة، فالدليل صحيح والدلالة صريحة، ومع هذا فبعض القلوب منكوسة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

استجدت في حياة المسلمين بحكم أن الدنيا قرية، منذ احتكاك الغربي بهم إلى هذه الأيام التي يجهد فيها الكفار تضييع هوية المسلمين حتى في ألعاب أطفالهم، أرادوا العولمة المزعومة، واللعب له أثر في نفسية الإنسان، ولَما ذهب فريق من الباحثين من اليهود في دراسة حياة صلاح الدين : لماذا ظهر؟ وينبغي أن نجفف أسباب ظهوره مرة أخرى، مما درسوا في حياته الألعاب الشائعة في ذاك الزمن، والأمثال العامية التي كانت تروى على الألسنة، ودرسوا نداءات الباعة في الأسواق، ودرسوا كل شيء يخص الإنسان.

والناظر في حياة الغربي يجد أن الشياطين يلعبون بهم على وجه ظاهر.

تجد أن كثيراً ممن يُـدرَج تحت الموضة :
إنما أُخِـذ من مصادمة نص، ومن تحذير بليغ ثابت في عدة أحاديث على لسان رسول الله ﷺ، ولا ندري هل الشياطين الذين يروجون هذه المخالفات يعلمون، أم أن بينهم – أعني شياطين الإنس وشياطين الجن – ائتلاف واتحاد ومؤامرة خفية على أحكام الله عز وجل ؟!

هذا يؤثر على موقع الأمة بين سائر الأمم.

فنحن قوم، كما قالها عمر رضي الله عنه: (أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله) [أخرجه الحاكم في المستدرك وغيره].

نحن قوم إن كان الله معنا لا نبالي، فمن وجد الله ماذا فقد!!
ومن فقد الله ماذا وجد ؟!

والسلاح الفتاك في هذه الأمة الذي يبطش بها ويطمع عدوها بمقدراتها وخيراتها إنما هو عدم صلتها بالله بالذنوب والمعاصي.

فالذنوب لها أثر خطير، لا أقول على القلوب فحسب، بل أقول على القلوب والشعوب.

المصدر:
درس أحكام التجميل وبيان بعض مخالفات النساء فيه – الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حفظه الله.
بتاريخ :
17 ربيع الأول 1435 هـ
18 يناير 2014 م✍️✍️

◀️ الرابط في الموقع الرسمي :

[ للذنوب أثر خطير على القلوب والشعوب ]

[ الرد على شبهة “أن الخروج على الحكام هو الطريق الوحيد لرجوع الأمة إلى ربها” ]

[ الرد على شبهة “أن الخروج على الحكام هو الطريق الوحيد لرجوع الأمة إلى ربها” ]

السؤال:
ما هو الرد على من يقول إن الخروج هو الطريق الوحيد لرجوع الأمة إلى ربها وتحرير المستضعفين من المسلمين ؟

الجواب :
هذا القول يعارض من كل وجه قول الله تعالى في سورة الرعد: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} (سورة الرعد: 11).

وقلنا ما في الآيتين من ألفاظ العموم، وفي الآيتين فاعلان، {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ} ، فالمُغيِّر في الأول هو الله، و {حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} ، المُغيِّر في الثاني هم المسلمون، حتى يغيروا ما بأنفسهم،.

فالله يقول: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ} (سورة الرعد: 11)، والتغيير الرباني الذي سلكه الأنبياء تغيير مأمون لا سفك للدماء فيه، بطيء، بطء السلحفاة، ولكنه هنيء مريء، ويكفي أن الأنبياء سلكوه.

نعم، هناك طريق آخر للتغيير وهو الموجود في علم السياسة، وهو سريع وفيه سفك دماء، كالانقلابات العسكرية، والثورات، والمظاهرات، والعصيان المدني، ومُاشابهها، لكن هذه كلها ليست مما سلكها الأنبياء.

فقولك تغيير، نعم التغيير حاصل، لكن ليس تغييراً شرعياً، وثماره يقيناً أنها ليست مأمونة وفيها دماء، والشرع ما يأتي بهذا، فالشرع أتى ( إن الله لا يغير ما بقوم) تغييراً يحبه سبحانه، وأنت غير مؤاخَـذ إذا ما أدركت هذا التغيير فيكون حالك كحال الصحابة ، الذين ماتوا والتحقوا بالله عز وجل ، وتوفوا قبل أن تقوم دولة الإسلام ، ما عليك شيء.

{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا .. } (سورة الرعد: 11)، يعني تغيير إن جاز التعبير في الاتجاه، نكون بعيدين ثم نغير في اتجاه صحيح نحو الشرع، لأننا لا نُكفِّر الذين يحكمون بغير ما أنزل الله.

الحكم بغير ما أنزل الله :
الحكم سياسي، والحكم الشرعي عند العارفين بدأ من القرن السابع، وابن القيم ذَكر التغيير وِفق السياسة الشرعية، وفق السياسة وسياسة الحكم، وذكر هذا بتفصيل، وأكثر من فصَّل فيه ابن السُّبكي في كتابه “مُعيد النِّعَم ومُبيد النِّقَم”، اسم الكتاب كتاب صغير جميل يُقرأ.

وبقي حتى جرى ما جرى، احتكاك الاستعمار بنا ثم جرى موضوع مهم، وهو البِعثات العلمية، فلما بدأت مصر وهي الرأس والأم للدول العربية، لما بدأت تبتعد عن أحكام الشريعة في أواخر الدولة العثمانية بدأوا بالبعثات العلمية، وألَّف رجل مُطَّلِع اطلاعاً واسعاً وكان أميراً من أقارب فاروق في مصر اسمه “عمر طوسون”، له كتاب مطبوع استفدت منه كثيراً، استفدت منه في فهمي، في تعديل فهمي، في كتاب له اسمه “البعثات العلمية”.

وعلَّقت في كتاب حققته لـ “أعلام الشرقية في أعيان 114 هجرية”، وذكر فيها أسماء القضاة، وكيف أنهم بدأوا ينحرفون من الحكم بالشريعة أيام العثمانيين إلى القوانين، وبدأ التقنين شيئاً فشيئاً.

فأمام من قال بالتكفير يحتاج أمامه عقبات لا يستطيع أن يتجاوزها.

فموضوع التكفير كأنهم يتكلمون في الانتقال كأن الأمر وقع دفعة واحدة، الأمر قديم، وهذا يُعمِّق نظرة الإنسان في الإصلاح، وأن موضوع الإصلاح موضوع طويل ليس سهلاً، كُن لَبِنة من اللبنات في الإصلاح، ولو بالدعاء، ولو أن تدعوا لولاة الأمور أن الله عز وجل يشرح صدورهم لأن يحكموا شرع الله، أما أن ترى أن الناس على خلاف ، وأن الناس يطعنوا بعضهم ببعض، فهذه مشكلة، إذا كانت عناصر القوة في الأمة متنابدة لم يقع تطور لها وإصلاح لها.

عناصر القوة في الأمة من ناحية شرعية:
علماء ومساعدوهم، وهم الخطباء والوعاظ (من جهة) ، والسلاطين والأمراء (من جهة).

فالأصل أن تكون العلاقة بينهما علاقة تكامل.

المصدر:
البث المباشر – لدرس شيخنا شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
التاريخ
1 جمادى أول 1447 هـ
23 أكتوبر 2025 م✍️✍️

◀️ الرابط في الموقع الرسمي :

[ الرد على شبهة “أن الخروج على الحكام هو الطريق الوحيد لرجوع الأمة إلى ربها” ]

السؤال: أنا مقصر في ختم القرآن الكريم، ولا أختمه كل شهر، ولكني أكثر من تلاوة القرآن، وأقرؤه كيفما وقع لي، وأقرؤه بتدبر وحفظ ؟

AUD-20251119-WA0001

السؤال:
أنا مقصر في ختم القرآن الكريم، ولا أختمه كل شهر، ولكني أكثر من تلاوة القرآن، وأقرؤه كيفما وقع لي، وأقرؤه بتدبر وحفظ ؟

الجواب :
ابدأ مع القرآن، بأن تختم على أبعد حد بأربعين يوماً، لذا قال أهل العلم: في رمضان العبرة بالكثرة، العبرة في رمضان أن تُـكثِر من القراءة، وإن كانت من غير تدبر،
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ }
(سورة البقرة: الآية 185) .

وأما غير رمضان فبتدبر، اقرأ القرآن بالتدبر، هذا والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ﷺ وعلى آله وصحبه أجمعين.

المصدر:
شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حفظه الله.
22 جمادى أول 1447 هـ
13 نوفمبر 2025 م✍️✍️

◀️ الرابط في الموقع الرسمي :

السؤال: أنا مقصر في ختم القرآن الكريم، ولا أختمه كل شهر، ولكني أكثر من تلاوة القرآن، وأقرؤه كيفما وقع لي، وأقرؤه بتدبر وحفظ ؟

[ السَّلفية التي دعا إليها شيخُنا الألباني -رحمه الله- هي ما كان عليه الصَّحابة والتابعون وتابعوهم ]

[ السَّلفية التي دعا إليها شيخُنا الألباني -رحمه الله- هي ما كان عليه الصَّحابة والتابعون وتابعوهم ]

قال فضيلة الشيخ بن مشهور حسن آل سلمان حفظه الله:

فالسَّلفية التي دعا إليها شيخُنا الألباني -رحمه الله- سلفيَّة حقيقيَّة.

السَّلفية التي دعا إليها شيخُنا الألباني -رحمه الله- هي ما كان عليه الصَّحابة والتابعون وتابعوهم ، فلسنا بحاجة لتنظيم، ولسنا بحاجة لحزب.

وإذا أردنا أن نتنزَّل مع هؤلاء المبطلين فنقول: حزبُنا له هيئة تأسيسيَّة، والهيئة التأسيسيَّة للسَّلفية هم: (أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والصحابة رضي الله عنهم)، ولا نَقبل بهم بديلًا.

ومِن الظلم للسلفية ، والظلم اللاحق بها كثير ومنتشر وشديد، وبعضه -نسأل الله عز وجل العفو والعافية- يدل على جهل مركب-الجهل المركب أن يكون صاحبُه جاهلًا ويجهل أنه جاهل-، كصاحب هذه الدعوة ، هذه الدعوة الباطلة الدَّالة على جهل بالدَّعوة السَّلفية، والدَّالة على الجهل بشيخنا الإمام الألباني -رحمه الله-، هي مفضوحة ومكشوفة؛ لأن شيخنا الألباني -رحمه الله- كان أشد الناس لا أقول قسوة إنما رحمة، كان يرفع الآصار عن الشباب المتحمسين التي يدعو إليها هؤلاء الحزبيون، ولا سيما ممن نهج منهج التكفير فضل السبيل.

المصدر:
سلسلة دفاع الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان عن شيخه محدث العصر ومجدده محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله -6- .
26 ذو القعدة 1442 هـ
6 يوليو 2021 م✍️✍️

◀️ الرابط في الموقع الرسمي :

[ السَّلفية التي دعا إليها شيخُنا الألباني -رحمه الله- هي ما كان عليه الصَّحابة والتابعون وتابعوهم ]

السؤال: شيخنا بارك الله فيك، قرأنا في سير بعض السلف من القرون المفضلة أنهم كانوا ينكرون على الأمراء ويغلظون عليهم صحيح؟

AUD-20251115-WA0024

السؤال: شيخنا بارك الله فيك، قرأنا في سير بعض السلف من القرون المفضلة أنهم كانوا ينكرون على الأمراء ويغلظون عليهم صحيح؟

الجواب: بارك الله لي ولكم، وهذا الذي أدركنا عليه مشايخ أهل السنة أنهم عند الحُكَّام للناس، وعند الناس هم للحُكَّام.
العالم أمام الناس يحث الناس على طاعة أولياء الأمور و عدم الفوضى وعدم الخروج عليهم، ولا يصنع ذلك تأكُّلاً، لا من أجل الدنيا ولا من أجل المنصب، وإنما يصنع ذلك من أجل الله.
ولما يلتقي العالم الرباني بالحاكم فهو يذكره ويخوفه ويأمره بالعدل ويأمره بأن يضع الأشياء في نصابها.

فالعالم عند الناس للحاكم، والعالم عند الحاكم للناس، وهذا من إخلاصه وذاك من إخلاصه، والأول من حكمته والثاني من جُرأته، فيضع الجُرأة في محِلها وفي مكانها، ولا يسألون عن الدنيا.
كان المشايخ وما زالوا مشايخ أهل السنة، بيَّض الله وجوههم، والذي وضع الله لهم القبول بسبب زهدهم في الدنيا وإنشغال قلوبهم وتعلقها بالآخرة.
الشيخ الفوزان اليوم يسكن في بيت متواضع، الشيخ إبن عثيمين كان يسكن في بيت طين، ولا ينتبهون للدنيا.
الشيخ محمد أمين الشنقيطي لما كان يذهب ليشتري الغرض يحمل ما في جيبه ويضعه بين يدي البائع ويقول له: خذ نصيبك، ما كان يعرف الفئات النقدية، كل فئة ما قيمتها، يخرج ما في جيبه يعطيها للبائع ويقول خذ ما تريد.
ما كانوا ينشغلون في الدنيا أبداً.
ترك بعض الأمراء عند الشيخ إبن باز مبلغ ضخم جداً، كذا مليون، يقول الشيخ إبن باز: ما نمت، ما إستطعت أن أنام حتى رددته إليه.
فالعالم عند الناس للحاكم وللحاكم من أجل أن يقيموا الصلاة وأن يذكروا الله وأن يقطعوا دابر الفوضى، وأن يعيشوا بأمن وأمان، وهو عند الحاكم للناس، ولذا ما في داعي لأعضاء مجلس أمة يطلبون لك حقك، لست بحاجة لهذا الصنف، وعاش الناس دهوراً وقروناً على هذا الخير.

الحكام من بعد الخلفاء الراشدين الأربعة، ولما إنتقل الحكم و نستثني بعض الصحابة مثل معاوية رضي الله تعالى عنه، ثم بعد ذلك إنغمسوا في الدنيا، وقرون طويلة إمتدت والعلماء مع الحكام وليس مرادهم إلا الله وليس مرادهم الخروج عليهم والطعن فيهم والكلام عليهم.

المصدر:
شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حفظه الله.
15 جمادى أول 1447 هـ
06 نوفمبر 2025 م✍️✍️

◀️ الرابط في الموقع الرسمي :

السؤال: شيخنا بارك الله فيك، قرأنا في سير بعض السلف من القرون المفضلة أنهم كانوا ينكرون على الأمراء ويغلظون عليهم صحيح؟

[ من علامات الخوارج يقتلون أهل الإسلام، ويَدَعُـون أهل الأوثان! ]

AUD-20251118-WA0000

[ من علامات الخوارج يقتلون أهل الإسلام، ويَدَعُـون أهل الأوثان! ]

قال فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حفظه الله:
قال: فسألاه عن الحرورية، قال: هم الخوارج.

الخوارج من حيث المَـحِل :
الحرورية قرية كسائر القرى، لا فرق بين الحرورية، حاروراء، أو أي مكان، لكن هم الخوارج المُراد الذين خرجوا منها، فهذا بالتضمُّن.

قال: سُمّوا حرورية لأنهم نزلوا حروراء وتعاقدوا عندها على قتال أهل العدل، قتال أهل السنة.

سبحان الله!
قلت لكم كما أخبرنا النبي ﷺ من أماراتهم: يقتلون أهل الإسلام، ويدَعون أهل الأوثان!

يسألون الإنسان يقول:
أنا يهودي؟ أنا نصراني؟ أنا كتابي؟
يقولون: أنت لك الأمان.

فإن قال أنا مسلم :
يستحلون دمه!

عقل عجيب!
قال ابن كثير كما قلت لكم:
الخوارج من مخلوقات الله الغريبة، غريب عجيب، يسكت عن الكافر ويقتل هذا المسلم.

المصدر:
شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حفظه الله.
22 جمادى أول 1447 هـ
13 نوفمبر 2025 م✍️✍️

◀️ الرابط في الموقع الرسمي :

[ من علامات الخوارج يقتلون أهل الإسلام، ويَدَعُـون أهل الأوثان! ]

كيف يكون طالب العلم مع القرآن

AUD-20251116-WA0001

كيف يكون طالب العلم مع القرآن

قال فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حفظه الله:

فقد سبقت فقرة تحتاج إلى تعليق ووقفنا عندها في الدرس الماضي، وهي كلام الإمام النووي شارحاً ما في الحديث: (إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله رطباً لا يجاوز حناجرهم) [ صحيح مسلم 1064]، يتلون كتاب الله تعالى ليناً رطباً، فقال الإمام النووي: “هكذا هو في جميع أكثر النسخ ليناً بالنون، أي سهلاً”.

فكتاب الله سهل، يسَّره الله تعالى للذكر، وهو مُيَسَّر على مَن يسَّره الله تعالى له.

قال: “هكذا هو في أكثر النسخ ليناً بالنون، أي سهلاً”، وهذا هو سر كثرة حِفظ الناس لكتاب الله عز وجل، فإن سنة الله في بقاء الخَلق ؛ بقاء كتاب الله تعالى بينهم ، ولا تقوم الساعة حتى يُرفع كلام الله تعالى، فيصبح الناس لا يقرأون شيئاً من كتاب الله سبحانه وتعالى.

قال:
أي سهلاً، ليناً سهلاً، ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 17، 22، 32، 40].

وقلت لكم: إن كثيراً من الأعاجم يحفظون كتاب الله مع أنهم لا يفهمون منه كلمة، بعض الناس لا يُحسن أن يقرأ إلا كتاب الله، لا يعرف العربية، فقط يُحسن قراءة كتاب الله، لين، سهل، سهل على مَن سهَّله الله عليه.

واعلم ما أقبح ذاك طالب العلم، وحاشاكم أن تكونوا منهم، لا ينظرون في كتاب الله ولا يقرأون كتاب الله، وعندهم مكتبات ضخمة، ويتجولون في أفيائها، ويقرأون لفلان وعلان، ولكنهم للأسف مقصرون مع كتاب الله عز وجل!

والأصل في العبد أن يبدأ نهاره بكتاب الله، وأن يكون له ورداً من كتاب الله عز وجل، امتثالاً لأمر النبي ﷺ.

«عن عبدِ اللَّهِ بنِ عمرٍو أنَّهُ سألَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم في كم يقرأُ القرآنَ قالَ: في أربعينَ يومًا. ثمَّ قالَ: في شَهرٍ. ثمَّ قالَ: في عشرينَ. ثمَّ قالَ: في خمسَ عشرةَ. ثمَّ قالَ: في عشرٍ. ثمَّ قالَ: في سبعٍ. لم ينزل من سبعٍ.
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 1395

«ولم يفقه كتاب الله من قرأه في أقل من ثلاث».
[ صحيح البخاري 5052، صحيح مسلم 1159].

فالأصل في طالب العلم على أسوأ أحواله أن يقرأ كتاب الله كل أربعين يوماً.

واستنبط الإمام أبو حنيفة رحمه الله من مدارسة جبريل للنبي ﷺ القرآن كل عام، إلا في العام الذي توفي فيه فقد تدارسه معه مرتين، أنه يجب على المسلم أن يقرأ القرآن مرة في كل عام قراءة تدبر، أن تمر على تفسير، ابدأ حياتك أن تمر على تفسير موجَز، ثم انتقل إلى تفسير متوسط، ثم انتقل إلى تفسير مُطوَّل، وليكن التفسير المُطوَّل الذي يساعدك في تخصصك، فإن اشتغلت في الحديث فاقرأ تفسير ابن جرير، وإن انشغلت بالفقه فاقرأ تفسير الإمام القرطبي، وإن اشتغلت في علوم العربية فاقرأ تفسير البحر المحيط، وهكذا أن تتوائم في تقدمك في الطلب مع كتاب الله عز وجل، فحينئذ تكون راسخاً في العلم.

لا يمكن أن يكون طالب العلم راسخاً في العلم وهو بمعزل عن كلام الله عز وجل.

لذا قال الإمام الشاطبي في كتابه الموافقات رحمه الله: “الراسخ في العلم الذي إن سُئل عن مسألة بدأ جوابه بـ (قال الله) .

يبدأ بـ (قال الله)، ثم بعد ذلك ينطلق ، فالقرآن الكريم مُـجمَّعٌ للعلوم كلها، ومَن قرأه أو درَّسه بتؤدة، وبفهم وإحاطة بأقوال السلف، وجد رسوخاً في العلم وثباتاً في الحق.

شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله شرح سورة نوح في 13 عاماً، 13 عاماً وهو يشرح سورة نوح، وكان يندم على الوقت الذي قضاه في غير القرآن وخدمة القرآن، فالقرآن كما قال النبي ﷺ سهل لين.

قال ﷺ في الحديث:
ليناً رطباً.

ليِّن سهل.

منهم مَن قال بدل لياً ، بإسقاط النون، قال: قال الشارح:
“وفي كثير من النسخ لياً بحذف النون، وأشار القاضي إلى أنه رواية أكثر شيوخهم”.

هذا النقل غلط عند القاضي عياض، الكلام عند القاضي عياض في الجزء الثالث من إكمال المُعلِم صفحة 609، قال بالضبط: “رواه بعض شيوخنا”، وفرق بين قول القاضي عياض: “رواه بعض شيوخنا”.

وفرق بين قول القاضي عياض :
“رواه بعض شيوخنا” ، وبين نقل الإمام النووي:
“قال رواية أكثر شيوخهم”.

ورواية البعض وليست رواية الأكثر، وهي رواية مرجوحة وليست براجحة، لأن النبي ﷺ قَرَن اللين بالرطب، ولا يقبل الاقتران بين الرطب ، وهو الذي نزل في تلك الساعة، إذ أن هذا الحديث كان قاله النبي ﷺ في غزوة حنين والقرآن ينزل عليه، وكان بينه وبين خروج الخوارج وقت قصير ويسير وليس بوقت طويل.

فلا يقال “لي” رطب و “لي”، وإنما يقال رطب ولَيّن ، لا يقال هذا.

الرَّطب هو اللين، كان ليناً، الناس فيما بعد أصبح القرآن عسراً عليهم في حياتهم، وبسبب معاصيهم، فلو بقوا على الفطرة، وبقوا يضبطون ضبط صدر وليس ضبط سطر، فكان العرب مشهورين بضبط الصدر بالحفظ، إذ البيئة التي كانوا يعيشون فيها كانت تساعدهم على ذلك، وكذلك طعامهم وشرابهم، وعدم إسرافهم في الطعام، فكانت حياتهم تُـيسِّر لهم حفظ كتاب الله عز وجل، فهو لين عليهم.

انظروا الآن إلى اللي ، أسقط بعض الشيوخ وليس كل الشيوخ النون فقال: رطباً ليناً، وهما لا يتجانسان الرطب مع اللي ، وإنما الذي يتجانس الرطب مع اللين، مع اللين.

قال: “وفي كثير من النسخ لين بحذف النون، وأشار القاضي أي القاضي عياض إلى أنه رواية أكثر شيوخهم”، قال: “ومعناه سهلاً لكثرة حفظهم”، هذا اللين صحيح، سهل، سهل لكثرة الحفظ.

لما كثرت المعاصي أصبح الحفظ صعباً، ولذا الشافعي لما وجد صعوبة في الحفظ شكى لشيخه وكيع فقال رحمه الله في بيتيه المشهورين:
شكوتُ إلى وكيعٍ سوءَ حفظي
فأرشدني إلى تركِ المعاصي
وأخبرني بأنَّ العلمَ نورٌ
ونورُ اللهِ لا يُهدَى لعاصي
[ ديوان الإمام الشافعي (منسوب)]

العلم نور، وعلى رأس العلم وتاج العلم القرآن، والقرآن يعسر حفظه على صاحب المعاصي، وأخبرني بأن العلم نور، ونور الله لا يُهدى لعاصي.

لذا قالوا لبعض السلف: “أشكو من صعوبة الحفظ”، قال: “استعن بذلك على ترك المعاصي”، اترك المعاصي تحفظ، اترك المعاصي تحفظ كلام الله عز وجل.

المصدر:
شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حفظه الله.
22 جمادى أول 1447 هـ
13 نوفمبر 2025 م✍️✍️

◀️ الرابط في الموقع الرسمي :

كيف يكون طالب العلم مع القرآن