السؤال :
هل الواجب على الخطيب أن يبين للناس بدعة الاحتفال بالمولد النبوي؟ ونرجو من فضيلتكم الكلام ولو يسيراً عن هذه البدعة.
الشيخ : طيب أكتفي بهذا الجواب في هذا المجلس والباقي إن شاء الله الخميس القادم.
أنا بداية قبل أن أجيب عن السؤال أعلن عن جائزة أنا ملتزم بها ومقدارها مليون دينار، من يجيبني على هذا السؤال:
السؤال الأول:
أولاً : كم مرة احتفل النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمولد النبوي؟
ثانياً : كم مرة احتفل أبو بكر بالمولد النبوي؟
ثالثاً : كم مرة احتفل عمر بالمولد النبوي؟
رابعاً : كم مرة احتفل عثمان بالمولد النبوي؟
السؤال الثاني: ما هي الحلوى التي قدمت لما احتفل النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمولد النبوي؟
السؤال الثالث: ما هي الأناشيد، ومن هو المنشد الذي أنشد في احتفال النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمولد النبوي؟
من أتاني بأجوبة الأسئلة الثلاثة هذه، فله مني جائزة مليون دينار، أنا ضامن ضامن أن الجواب هذا خرافة ما أنزل الله بها من سلطان.
نحن في كل لحظة نشعر بمنّة ربنا علينا، بعض أهل العلم يقولون: الواجب على المسلم في كل مجلس يجلسه أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، في كل مجلس تجلسه تشعر أن -الله عز وجل- قد امتنّ علينا بهذا النبي العظيم الرحيم الرؤوف بهذه الأمة.
الواجب علينا أن نلتزم هديه وأن ندعو لسنته، احتفالنا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- أن نعلم سنته، وأن ننشر سنته، وأن نَهْنأَ بسنته: في مجلسنا، وفي طعامنا، وفي شرابنا. في قَومتنا، وفي نومتنا، هذا الاحتفال بالمولد النبوي.
أما أن يُجعَل للنبي -صلى الله عليه وسلم- احتفال كما يُجعل للأم احتفال يوم في السنة، وكما يُجعل للعمال احتفال: هذا مسخ لمعنى تعظيم النبي -صلى الله عليه وسلم-، هذا تعظيم أهل الدنيا لشأن الدنيا.
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- الاحتفال به: أن تلتزم سنته، وأن تؤدي حق أشهد أن محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أما أن نجتمع وأن نرقص وأن نأكل الحلوى وأن ننشد وأن نتغزل بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وبجمال بشرته وبجمال عيونه وبكحله وما شابه: هذا ليس صنيع الاتقياء، وهذا ليس صنيع أصحاب الاتباع، ليس هذا احتفالا للنبي -صلى الله عليه وسلم-، حبنا لنبينا -صلى الله عليه وسلم- حبٌ شرعي وحبنا لنبينا -صلى الله عليه وسلم- حبٌ يدعونا لأن نلتزم سنته.
فالاحتفال بالمولد النبوي أول من أحدثه الفاطميون العبيديون، الفاطميون أعداء الله وأعداء رسوله -صلى الله عليه وسلم-، صاحب إربل(٥٤٩هـ- ٦٣٠هـ) منهم في العراق، هو أول من أحدث الاحتفال ببدعة الاحتفال بالمولد النبوي وكان ذلك في سنة خمسمائة ونيف ، وفصل في ذلك تفصيلاً بديعاً أبو شامة المقدسي في (كتابه الباعث على إنكار البدع والحوادث).
ما قبل الفاطميين ما كان يُحتفل أبداً في المولد النبوي.
هل لنا أن نفرح بمولده -صلى الله عليه وسلم-؟
نحن نفرح ببعثته -صلى الله عليه وسلم-، بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الله -عز وجل- ما تركنا هملا وأرسل لنا رسلا، وأنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- ، بأبي وأمي هو -صلى الله عليه وسلم-، هذا هو حبنا لنبينا -صلى الله عليه وسلم-، أما أن نحتفل ونأكل الحلوى، ونرقص وننشد، ونتغزل بجمال نبينا -صلى الله عليه وسلم- وأن نكذب عليه وأن نذكر في الموالد، ما رأيت مولداً مطبوعاً من الموالد الموجودة إلّا وفيها كذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فهذا الأمر من البدع المحدثات التي أُمرنا أن نتجنبها.
“وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار” السلسلة الصحيحة (٢٧٣٥).
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.✍️✍️
السؤال:
حكم الاحتفال بمولد نبينا محمد -صلى الله عليه وسلــم-؟
الجواب: ما الفرق بين المصلحة المرسلة وبين البدعة؟
هل المقتضي قائم على فعله أم ليس بقائم؟
هل حبنا لنبينا -صلى الله عليه وسلم- يفوق حب من قبلنا؟ أم حبهم أشد؟
الجواب: حبهم أشد.
هل المقتضي قائم بالاحتفال بميلاده ؟
المقتضي قائم.
هل نُقل؟
يحرر هنا:
من الذي أحيا الموالد؟
الاحتفال بالمولد من الذي أحياه؟
العبيديون.
ذكر هذا أبو شامة المقدسي في كتابه الباعث وذكره جُل المترجمين.
العبيديون فالحاكم بأمر الله الذي زعم الألوهية، هو أول من أقام الاحتفالات، ومد الأسبطة التي فيها الطعام والشراب، وأقام احتفالاً رسمياً لميلاد النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ونحن لم نؤمر إلا باتباع السابقين، والسابقين احتفالهم بمولد نبيهم -صلى الله عليه وسلم- ما كان في لحظة ولا كان في يوم، وإنما كان في أن تحققوا هديه وساروا واقتفوا أثره، فاقتفاء الأثر وتحقيق الهدي هذا الذي يجب على المسلمين أن يصنعوه.
أما أن يصبح النبي -صلى الله عليه وسلم- في ساعة يذكر فيها شكله وجماله ولون بشرته، ويذكر جفونه، ويذكر فيها ما يخص بدنه وجسمه، وأن تثور العواطف تجاهه، ونحوه وأن ينسى هديه والتمسك بسنته؛ فهذا حال المخذولين المحرومين وليس حال المرحومين، فحال المرحوم: يتأسى ويقتدي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في وقته كله، في هديه كله.
ومعنى قول العبد: (أشهد أن لا إله إلا الله): أي لا معبود بحق إلا الله.
ومعنى قول العبد: (وأشهد أن محمداً رسول الله): أي لا متبوع بحقٍ إلا رسول الله.
فأن يتبع الإنسان غير رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فإن احتفاله به لا ينفعه.
فالذي ينفعك كما أنك توحد الله بالعبادة، فإنك توحد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالاتباع، وهذا معنى أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، فكما أنك لا تشرك مع الله في العبادة غيره؛ فإنك لا تشرك مع رسول الله في الاقتداء غيره.
واذا فهمنا هذا وانطلقنا من الشهادتين: أصبحت مسألة المولد والاحتفال بالمولد ظاهرة جلية، فإن السنة والبدعة كالثمن والسعة، لا يجتمعان في يد، فالتاجر إن أعطاك السلعة فلا تبقى في يده السلعة ويأخذ منك ثمنها، وأنت لا تدفع الثمن دون السلعة، فالسلعة والثمن يتبادلان، والسنة والبدعة هكذا.
فكل من يحتفل بالمولد النبوي بالرقص وما شابهه وما يلحق به من أكل الحلوى وما شابه، لو أنك سبرت وفحصت حاله لرأيته أبعد الناس عن السنة، بهديه الظاهر وبهديه الباطن.
فهذا الاحتفال لا ينفع صاحبه، وهذا الاحتفال ليس من شرع الله -عز وجل- في شيء. الاحتفال الحقيقي بمولد النبي صلى -الله عليه وسلـم- أن توحده بالاتباع، فلا تشرك معه غيره في الاتباع، فتجهد أن يكون باطنك كباطن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتقتدي به، وكذلك أن يكون ظاهرك كظاهره، فهنالك صلة وثيقة بين الظاهر والباطن.
المولد النبوي:
أنا إن كنتم تذكرون-السنة الماضية- أعلنت عن جائزة، والإعلان مازال قائماً.
1 – الاحتفال بميلاد النبي -صلى الله عليه وسلم- أين كان؟ ماهو المكان؟
2 – مَن هم المُنشدون؟
3 – ما هي الحلوى التي قُدّمت؟
4 – مَن هُم المُشتركون في هذا الاحتفال من الصحابة ومن التابعين؟
فيا من تقولون بالاحتفال ائتونا بجواب، والجائزة قائمة.
وفي السنة القادمة نقول لتابع التابعين، وبعد ذلك نأخذ ونَرُد.
أما نحن مُلزمون بالعصور التي فضّلها النبي -صلى الله عليه وسلم-.
فَكيف إذا علمنا أن أول من احتفل بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم صاحب أربيل، وكان من العُبَيْديين وكان ذلك في القرن السادس الهجري.
ما قبل القرن السادس الهجري لَم يُعرف قَط احتفال بميلاد النبي -صلى الله عليه وسلم-.
الذين أحدثوا هذه الاحتفالات إنما هم العُبيديين.
وفي صحيح مسلم لما سُئل عن سبب صيامه ليوم الاثنين فقال -صلى الله عليه وسلم-: “ذلك يوم وُلدتُ فيه” (مسلم ١١٦٢)
إذا أردت أن تحتفل بميلاد النبي -صلى الله عليه وسلم- صم يوم الاثنين.
فإذا كنت تعتقد أن الاحتفال مشروعٌ فلا بُد له من شروط شرعية، ولا بُد من عبادة شرعية.
الإمام الأوزاعي كان يقول:
كُلّ عبادة لم يتعبّدها أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- فَلا تَعَبّدوها.
فَنحن نُطالِب مَن يرى هذه الاحتفالات، ومشروعية هذه الاحتفالات، نُطالبه بمَن سلفك في هذا؟
وهل أنت أحسن من القرون الأولى؟
أم أن أصحاب القرون الأولى خيرٌ منك؟
وأيضاً المؤمن يقتدي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في كُلّ فِعلٍ وفي كُل قَولٍ، يُحب النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر من حبه لنفسه، فَهو ليس بحاجة ليوم يتذكر فيه نبيه -صلى الله عليه وسلم-، مثل الغرب لما احتفلوا بالأبَوين، لما صار الواحد -أجلّكم ربي- يحمل والده، يضعه في بيت العجزة ويحضر كلباً بدلاً منه، فَيُطعم الكلب، والوالد يُخرجه من البيت، فصار يحتاج إلى يوم يتذكّر فيه والده أو يتذكّر فيه أمه، أما البارّ الذي يُقبّل رأس ويدي أمه في الصباح والمساء هل هذا بحاجة ليوم يقال له هذا يوم الأم؟
هذا ليس بحاجة لهذا.
البارّ ليس بحاجة لمن يُذكره بيوم يُقال له يوم الأم.
من يتّبع النبي -صلى الله عليه وسلم- الاتباع الشرعي الصحيح، هذا ليس بحاجة لأن يحتفل بميلاد النبي -صلى الله عليه وسلم-.
لا يُعرف عن سُنّي أنه احتفل بميلاد النبي -صلى الله عليه وسلم- وإنما الذين يحتفلون بميلاد النبي -صلى الله عليه وسلم- مَن؟
أصحاب المطامع.
أصحاب البدع.
أصحاب الشره في الأكل وماشابه.
فميلاد عيسى -صلى الله عليه وسلم- تحوّل إلى زنا، -والعياذ بالله تعالى-، وميلاد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- تحوّل إلى أكل وشرب ورقص.
ولمّا قيل للإمام مالك:
هناك أقوام يأكلون ويشربون ويرقصون ويزعمون أن هذا من الدين؟
قال:
سبحان الله أَهؤلاء مسلمون؟!.
هل المسلم يصنع هذا؟!
فهذه كلها نسأل الله الرحمة لأن قلوبهم وعقولهم ما اتّسعت لما ورد في الوحي؛ فَبَحثوا عن أشياء أُخَر كشأن الشيعة.
الشيعة من باب ترويج البضائع قالوا: ما في صلاة إلا من القرص المعجون بدم الحسين، التربة هذه يُصلّوا عليها، وإذا ماصليت قال الصلاة باطلة.
أنتم عقلاء يامَن تسمعون، الحسين عليه السلام مات قبل النبي أم بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟
صلاة النبي صلى الله عليه وسلم مقبولة أم مردودة؟
أنتم تقولون كل صلاة ما فيها هذا القرص الذي عليه دم الحسين هي صلاة باطلة.
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- مات وصحابته جميعاً، ماصلّوا على الأقراص، لأنه الحسين مات بعد النبي عليه والسلام فَكيف كانت صلاتهم مقبولة؟.
ثُمّ من أين لكم بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، أيّ وحيٍ نزل إليكم وقال لكم هذه الصلاة باطلة؟
فَالمسألة تحتاج فقط لإعمال العقل قليلاً، المسألة تحتاج لتوفيق من الله -عز وجل-.
فَكُل هذه المواسم فيها أعراض وأغراض، وفيها مصالح لهؤلاء .
ولمّا يسمعون أن فلان قال حرام وفلان قال لايجوز، فَتتعطّل شهوات وتتعطّل مصالح، إذا صوته حلو كيف بده يقتنع ويُصدّر ويُصبح ما شاء الله، وتتبارى الفضائيات ووسائل الإعلام، والأيادي ثمينة لها ثمن، هذا كيف يقتنع أن هذا العمل ليس بمشروع ، إلا أن يتداركه الله تبارك وتعالى برحمته.
فدين الله -عز وجل- أدلة ونُقول، نحن ننظر للدلائل، ولا ننظر للقائل، والمسائل واضحة بدلائلها، واضحة بدين الله عز وجل العملي.
كل نص شرعي ينبغي أن يكون عملياً، وكل عمل ينبغي أن يكون النص مُهيمناً مُسيطراً عليه.
لذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد” البخاري ١٧١٨.
هذه (عليه): تُشير للعلو ليكون العمل دون النص، النص مُهيمِن ومُسيطر على العمل، فَكُل عمل يُنسب للشرع، أما أعمالكم الدنيوية فأنتم أدرى بها، أنتم في الدنيا أدرى بأعمالكم.
أمّا شيء يُنسب للشرع، يُنسب لدين الله جل في علاه فهذا لابُد أن يأتي الدليل مُهيمناً ومُسيطراً عليه حتى يكون عبادة، وإلا كل عبادة لم يتعبّدها أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فَهي من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان، وكل هذه المخالفات التي ذكرتها إنما هي على وِزان مخالفات الشيعة التي قالوا أن الذي يُصلّي وليس أمامه قرص صلاته باطلة، نفس الوِزان.
افحص القواعد التي تُردّ إليها هذه البواطيل، وهذه التُرّهات، فستجدها قائمة على سوق واحدة وعلى قاعدة واحدة، وهذا من الأشياء المردودة في شرع الله جل في علاه.
✍️✍️
السؤال:
بأي شيء يخرج العبد من مسمى أهل السنة والجماعة؟ وما الأصول التي من خالفها خرج من السلفية؟
الجواب:
هذا الصنف وقبل أن أجيب: من خرج من سنة الجماعة، ووقع في مثل هذه الأخطاء فهذا يرد عليه، يُناصح، ثم يرد عليه مع المناصحة.
ولا يلزم أن يرد عليه حتى يناصح.
لا. يناصح ويرد عليه، لأنه إذا رجعنا إلى موضوع مفاسد ومصالح، وهذه مفسدة عظيمة تخرج من مسمى أهل السنة والجماعة.
متى يخرج الإنسان من مسمى أهل السنة والجماعة؟
مبحث رائع رائق بحثه الشاطبي في أواخر كتابه الاعتصام، فقرر الإمام الشاطبي -رحمه الله- في أواخر كتابه الاعتصام: أنه يخرج الإنسان من مسمى أهل السنة والجماعة، إذا وقع في واحدة من ثلاثة، إذا وقع فيها فهذا لا يقال عنه من أهل السنة والجماعة.
١- الأمر الأول:
أن تكون أصوله غير أصول أهل السنة والجماعة.
والمراد هنا بالأصول، -والكلام مني-: أصول الاثبات، إثبات النص، طبعاً غير القرآن، إثبات النص من الحديث والأثر، أو أصول الاستدلال، كيف نستدل بالحديث.
هل أهل السنة والجماعة من الكبراء والعلماء والفضلاء متطابقون في أحكامهم؟
الجواب : لا.
لذا نحن نعتبر الأئمة الأربعة (أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد -رحمهم الله جميعا-) يقيناً هم من أهل السنة والجماعة، ويقيناً هم من أئمة السلف، وكما أن الله -جل في علاه- يسر لحفظ الحديث أئمة الكتب الستة، أصحاب الصحيحين والسنن الأربعة، فإن الله يسر لضبط الفقه الأئمة الأربعة، والخارج عن اختيارات الأئمة الأربعة هذا من مظنة الخطأ، كذلك الحديث الذي يخرج عن الكتب الستة، الحديث إذا خرج عن الكتب الستة ولم يروه واحد من الستة هذا مظنة الخطأ.
لكن هل يلزم الخطأ ؟ لا.
يوجد أحاديث كثيرة خارج الكتب الستة صحيحة وليست ضعيفة، ويوجد أقوال خارج المذاهب الأربعة صحيحة.
كم فرحت كثيراً لما حَقَّقتُ ثلاث رسائل في الكنائس لتقي الدين السبكي، تقي الدين السبكي شافعي متعصب، هذا يعرفه القاصي والداني، في رسائله الثلاث كتب مرة ثم نقضها فكتب ثانية ثم نقضها فكتب ثالثة، في الرسالة الثالثة بدأ يعمل جولات مع أصحاب الشافعي، وخص فصول لتوهيم الرافعي وفصول لتوهيم النووي، وبدأ يختار الأدلة ويدرس المسائل دراسة تفصيلية بالأدلة النقلية، وأصبحت الأدلة النقلية هي المعتمدة عنده، واختار مذهب ابن جرير الطبري، وتحفظ على بعض المسائل كما يصنع شيخ الإسلام ابن تيمية تماماً حذو القذة بالقذة في كثير من المسائل .
الشاهد مما أقول الإنسان متى يخرج عن السلفية؟
سأجيب مرة أخرى على سؤال يلزم كل سلفي في الدنيا.
مشايخ السلفيين مختلفين.
لماذ أنتم مختلفين وما تقبلوا خلاف غيركم ؟
سؤال وجيه.
الجواب: خلافنا خلاف تخريج فروع وأما الأصول -أصول الاثبات-.
ما معنى أصول الاثبات؟
يعني: أئمتنا ولا أقول المعاصرين أئمتنا من عصر الصحابة إلى اليوم: يعتبرون القواعد في موضوع إثبات النص.
ما واحد منا يقول والله نحن نثبت النص بمنام، أو واحد يقول: والله أنا اثبت النص لأني أرى النبي -صلى الله عليه وسلم- رؤية مكاشفة والنبي صلى الله عليه وسلم يأتيني وأسأله ويجيبني، فنقول له: طالما النبي يسألك ويأتيك فلم نروي عن فلان؟!، قل هذا العلم منسوخ ما لنا فيه، أو اعتماد على منام أو اعتماد على كشف، هذه كلها أصول فاسدة.
فمن أعتقد أن الحديث يصح ويضعف بناءاً على أنه يرى النبي يقظة، وبناء على أنه يكاشف النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا ليس من أهل الجماعة، هذا مبتدع، وهذه هي أصول الإثبات.
كذلك أصول الاستدلال.
ما معنى أصول الاستدلال ؟
كما فهم الصحابة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
الشاطبي لما ذكر أصول الاستدلال ، قال: ضبط فهم النص قائم على أمرين.
الأمر الأول: اللغة العربية.
الأمر الآخر: حال الأصحاب.
كيف فهم الصحابة فنفهم ، ولا يجوز لنا أن نتقدم عليهم في هذه الأصول، فأصول الاستدلال مهمة.
الآن أنا أصولي ثابتة، أصولي صحيحة، سواء إثباتاً أو استدلالاً؛ ولكن النتائج بناءاً على الأصول اختلفت: هذا خلاف يقال فيه صواب وخطأ، لا يقال فيه سنة وبدعة.
وقد يكون هو يحوم ولا يذكره أصالة فهذا أيضاً لا يقال أصول حتى نثبت أنه أصل، هذا الأمر الأول، أن الأصل اختلف.
٢- الأمر الثاني الذي نخرج به الإنسان من أهل السنة والجماعة:
أن تكثر الأخطاء في الفروع كثرةً نتيقن من خلالها أن الأصول فاسدة.
يعني: هو ما يصرح لكن هو في كل فروعه إذا سبرناها وأردنا أن نستخرج من هذه الفروع أصولاً: لم نجد أمامنا إلا أصول أهل البدعة فهذه الأصول تصبح تلحق بالأصل الأول.
٣- الأمر الثالث وهو المهم وهو مربط الفرس كما يقولون في هذا الزمان، وفيه تفصيل لبعض فروعه: أن توافق أهل البدع في مسألة هي علامة عليهم، هي شارة لهم.
يعني: لو واحد لا قدر الله، -نتكلم افتراض-، واحد موجود بينا الآن قال: أنا أحب الكتاب و أحب السنة واعتمد أصول أهل السنة واعتمد كلام أهل العلم والعلماء لكني أنا أقول القرآن مخلوق، هذا ماذا نقول عنه ؟
مبتدع و لا كرامة؛ لأنك وافقت أهل البدع في شيء هو علامة شارة.
هذه الجزئية مربط الفرس وتحتاج لتفصيل، والخلاف الشديد حول القدح والمدح لبعض الدعاة والغمز والنبز تقوم في هذه الجزئية، وهذه الجزئية لما تجد بعض الناس له انتماء لحزب، تعرف فلان من الناس إخوان مسلمين أو تبليغي أو كذا.
فبعض إخواننا ممن نحب ولا أقول إنهم غُلاة، يقول: كل من عُرف عنه أنه من هذه الجماعات؛ فهذا شارة له وهذا خارج من أصول أهل السنة، وهذا في نظري تضييق وليس بصحيح.
الذي علّمنا إياه شيخنا الألباني -رحمه الله تعالى- وعلّمنا إياه:
– بداية بلفت نظرنا من خلال مواقف عملية مع بعض المخالفين.
– ثم بالتصريح والبيان الواضح المبين في مسألة أخرى.
وهذه من المسائل المهمة.
ابدأ لكم بمواقف الشيخ الألباني العملية:
كان في الأسبوع الواحد في فترة من الفترات يأتي وفدين أو ثلاثة، يأتي وفد يمدح بفلان ثم يغيب الوفد ويأتي وفد آخر يقدح بعلان، وعلى هذا الحال استمر الأمر حوالي الثلاث أشهر كل أسبوع أو أسبوعين في مجلس أو مجلسين.
الذي لاحظته من الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى- قبل أن أسمع منه البيان أنه للغائب -الغائب هو الذي يتكلم بلسانه-، إذا كان الحاضر يتكلم ضد فلان فالشيخ الألباني يقف مع فلان يحاول أن يجد له سبباً.
علماؤنا -رحمهم الله تعالى- حُكماء إن بينوا وصنعوا فهم حكماء بأفعالهم، وإن قالوا فهم حُكماء بأقوالهم.
الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- دخل على الشيخ سفر وهو يُدرّس، الشيخ سفر كان يُدرّس شرح الطحاوية في مسجد الأمير متعب في جدة -مسجد ضخم- في شرح الطحاوية كان يقعد عند الشيخ ستين لسبعين شخص، وكان بعد العشاء يُجيب على الأسئلة أسئلة حارة في السياسة وأسئلة مُهيجة -أسئلة الشباب-، فكان يحضر خمس ست آلاف شخص في درس بعد العشاء.
بعض إخوانا للأسف وخصوصاً الذين يميلون للحزبية يقول: إذا أنت خطّأت شخص وصنفته ما يجوز لك أن تصنفه من كلام، لكن يجب عليك أن تسمع كل كلامه ويجب عليك أن تقرأ كل كلامه وهذا خطأ، مستحيل؛ فأنا إذا سمعت كلام مرة واحدة لشخص أخطأ فيه أحكم عليه بما سمعت، أما أن تقول لي يجب أن تسمع كل شيء، هذا كلام يقوله كثير من الإخوان المسلمين عن سيد قطب، له كلام أو لا هذا الكلام خطأ، وهذا كلام سيد قطب وسيد قطب أخطأ.
هذه مسألة مهمة: لا يلزمني حتى أحكم على شخص أن أقرأ كل شيء، لكن في مضايق من حق شخص معروف أنه من أهل السنة والقرائن قائمة على أنه من أهل السنة ألجأ لمثل هذا بالبيان، وهذا ليس أصلاً.
الشاهد من هذا الإيراد كله أن شيخنا الألباني -رحمه الله تعالى- في البدايات والأمور عُمّيّة غير واضحة كان الشيخ -رحمه الله- تعالى يكون مع الغائب يجد له عذرا.
والله الذي لا إله إلا هو أنني أدعو لكل مؤثر للمسلمين ممن له حضور في واقع المسلمين بالهداية والسداد والتوفيق، والله الدافع لي لهذا الدعاء حب الله، والدافع لي أن ينصر الله دينه، لست محسوبا لا على فلان ولا على فلان لكن الدين في غربة وفي شدة.
الشاهد هذا لا يمنعنا ان نقول الحق.
كان شيخنا الألباني-رحمه الله تعالى- لما يتكلم عن الاخوان المسلمين يقول: الإخوان المسلمين والتبليغ والجماعات جماعة أبدان وليسوا جماعة أفهام، أفهامهم مختلفة منهم القريب ومنهم البعيد.
والله الذي لا إله إلا هو أنني سمعت الشيخ الألباني يقول بعد لقاء مع الشيخ عمر الأشقر -رحمه الله- وقد غادر المجلس: والله أن عليه سمت أهل العلم.
فالشاهد: هؤلاء الجماعات أن نقول هم شارة، هذا صحيح إذا كان الوقت وقت عز الاسلام والمسلمين لكن اذا اجتهد فرأى تحزبا فكان الشيخ الألباني -رحمه الله- يقول: هؤلاء يقربون ويبعدون على حسب فهمهم مع أن أصل تحزبهم ممقوت مرفوض ووافقوا فيه أهل الضلال.
أصل التحزب مرفوض ومبغوض، ووافقوا فيه أهل الضلال، وهذا من العدل والإنصاف، لكن هم يعاملون معاملة كلٌ على حدا.
يعني معقول نقول راشد الغنوشي مثل عمر الأشقر؟
والله بعيد.
والله لما جاء راشد الغنوشي حاضَرَ في جمعية المركز في عمان، وهو يحاضر كان هناك أستاذ – توفي رحمه الله- درسني في الجامعة أستاذ محمد أبو فارس، محمد أبو فارس حنبلي عقيدته سلفية، متعصب جدا للإخوان غفر الله.
ولما جاءنا الشيخ بكر أبو زيد إلى الاردن قال لي: أوصيك خيرا بمحمد أبو فارس، -الله أكبر- أي والله، قال لي: دير بالك عليه، فسجلت مادة عنده.
محمد ابو فارس عندما كان راشد الغنوشي في جمعية المركز يحاضر ماذا عمل؟
قام وكان جالس في الكرسي الأول ولف عليه وهو يحاضر وجاءه من وراءه وصفعه على ظهره وقال له: قم امش، ما هذا الضلال؟.
نحن نقول كما يقول شيخنا -رحمه الله تعالى- وأرى أن هذا القول وسط: أنهم هم يتفاوتون على حسب أفهامهم، وعلى حسب قربهم وبعدهم من المنهج، وهم في أصول تحزبهم في هذه الأصول وافقوا أهل البدع وهم مبتدعة لكن لا نلحقهم بأهل البدع من كل جانب، وهذا صنيع الشيخ العملي، فالشيخ كان يستقبلهم ويدعوهم.
فالشاهد من هذا الكلام كله متى يخرج الإنسان عن أصول السنة؟
الأول: من وافق أهل البدعة في أصولهم، سواء في الاثبات أو في الاستدلال.
الثاني: إذا كثرت الفروع كثرة تنبئ على أصل فاسد.
الثالث: إذا وافقوا أهل البدع في شارة.
من بديع الكتب التي كنت أحبها ونظرتها ولكن كنت أحلم أن تكون خلاف ذلك: كتاب أبي أحمد الحاكم “شعار أهل الحديث”، وأريد أن أستفيد فائدة من شعار أهل الحديث في الموضوع الذي نتكلم فيه.
شعار أهل الحديث في زمن أبي أحمد الحاكم الذي نقرأه ليس شعار أهل الحديث، لكن في زمنه هو شعار أهل الحديث، ونحن الآن نحتاج إلى مُؤلَف في شعار أهل الحديث، بل نحتاج أيضاُ إلى التركيز على أهل البدع وأصولهم الآن.
ولذا: هذه المسائل كلها ينبغي أن يكون الحاكم فيها من يعيش في ذاك العصر.
فواحد الآن يتكلم، ويُسقط أقوال لبعض السلف كانوا يُسقطونها في واقع يُعايشونه فتُسقَط الآن!!.
مع أنّي أقول قول الصحابي في العقيدة غير قوله في الفقه، وقول الصحابي الواحد ليس كقول الصحابة كلهم، وقول الصحابي أبوبكر وعمر ليس كقول غيرهما، أُفرّق بين هذه المسائل لكن نستثني الصحابة -.
قول التابعي وتابع التابعي في موضوع يُلحقه به، وما شابه: أقوال تصلح في مكان دون مكان ولقوم دون قوم، وجعلُها كالحديث وكالآية، وإعطائُها حكم النص وتبقى شاملة ثابتة باقية إلى يوم الدين: هذا ليس بسديد، وليس بصحيح.✍️✍️
السؤال: شيخ
السؤال: شيخنا الحبيب: كيف ينفع الله بنا، ونحن فينا ما فينا من المعاصي والآثام؟
الجواب:
الحريصين على امتثال ما ورد في كتاب الله تعالى، وعلى لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
نسأل الله أن يجبر كسرنا، وأن يرحم ضعفنا، وأن يغفر لنا.
فمن أجلّ الطاعات والعبادات وهي قاعدة معروفة ولها مسميات كثيرة: أن العبادة المتعدية في النفع أقرب إلى الله تعالى من العبادة غير المتعدية، وبركتها ونفعها في الدنيا والآخرة من حيث اللزوم، والواجب على المسلم وإن استشعر بقصوره أن يكون نفّاعاً، وفي صحيح مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: قَالَ: “مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ”. مسلم ٢١٩٩.
في كل شيء.
لعل محافظتك على زِيِّك ومشيك في الطريق بهذا الزي تدعو بعض الناس، أو ترفع غربة عن السنة بمجرد لبسك السُنِّي.
ومتى وجب لله عليك مقال في أي مقام؛ فبين هذا الواجب الذي، عليك وادعُ إلى التي هي أقوم بالتي هي أحسن.
فالنجاة عند الله -عز وجل- إيمان وعمل صالح وتواصٍ بالحق وتواصٍ بالصبر.
طالب العلم طالب نجاة أولاً؛ فموضوع الإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر أمر يجري في دمه وما يغيب عنه لحظة، فهو طالب نجاة، فكيف يكون طالب علم وهو ليس طالب نجاة، والنجاة لا يمكن أن تحققها إلا بالأمور الأربعة، فمن داوم على التشبث والتمسك بأسباب النجاة نفع الله به.
وأولى الناس بالنفع: هم أقرب الناس إليك وأعرف الناس بك.
فمتى الخير يفيض على الغير؟ حتى تجد زوجتك وأولادك وبناتك قرة عين لك.
تأمل معي قول الله تعالى: ﴿وَالَّذينَ يَقولونَ رَبَّنا هَب لَنا مِن أَزواجِنا وَذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ أَعيُنٍ وَاجعَلنا لِلمُتَّقينَ إِمامًا﴾[الفرقان: ٧٤].
تكون للمتقين إماما عندما تكون قرير العين.
ومتى تكون قرير العين؟ بالتزامك في الشرع من غير كلفة، ما تتكلف.
أنا اليوم مستقيم وظاهري الاستقامة وباطني غير ذلك!!، ليس هكذا الاستقامة.
فلما تجد زوجتك وأولادك وذريتك قرة عين، فالخير يبدأ يفيض من النفس على الغير، وأول ما يصل الخير على من حولك.
ثم قال الله تعالى: ﴿وَاجعَلنا لِلمُتَّقينَ إِمامًا﴾؛ فالإنسان المبارك الله -عز وجل- ينفع به، وبأولاده وبذريته، وبمن هو قريب منه؛ ثم هذا النفع يتعدى ويبدأ يتسع شيئاً فشيئاً وتحصيل حاصلٍ بدون كُلفة.
ولذا من أكبر آفات جماعة التبليغ: أنه يكون داعٍ في وقت وفي وقت آخر ليس بداعٍ، يدعو شهرا، وأربعة أشهر وثلاثة أشهر وثلاث أيام… إلخ، وما أدري أيش قانونهم والباقي ليس بداعي، فهم يمارسون أشياء هم ليسو أهلاً لها، هم ليسو أهلاً لهذه الدعوة.
فالمقصد أن طالب العلم الخير الذي عنده مغروس فيه لا ينفك عنه، ولا يستكشف هذا الخير إلا بمن لازمه.
ولذا السعيد من لازم رجلاً تنتقل إليه أخلاق غيره ممن هو أفضل منه ويتطبع عليه، والويل كل الويل لمن يظهر أنه متطبع بأخلاق الصالحين، وهذه الأخلاق والعياذ بالله ليست أصيلة عنده، هذا الويل له.
فما نستقل بأنفسنا ونبذل جهدنا، ونسأل الله تعالى أن يجبر كسرنا ويرحم ضعفنا وأن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى.
✍️✍️
السؤال:
شيخنا الله يحفظك، أريد أن أقرأ عليكم كلام لبعض من اشتغل في صنعة التخريج في هذا الزمان .
وأريد تعليقكم عليه .
قال: إذا حكم الأئمة بإعلال خبر من طريق مشهورة أو أغفلو ذكر وروده من طرق أخرى فالغالب أنه لا يصح من غيرها فهم قد اطلعو على طرق الأخبار ومخارجها وعاينوا الأصول وتنوعها وقولهم هو العمدة في ذلك ، -طبعا هذا الكلام يرد فيه على ابن حزم- ، قال: وابن حزم عليه -رحمة الله- يخالف الأئمة في كثير من الأحيان ويُعمِل ظاهر الطرق في تقوية الأحاديث أو الأخبار أو ردها كما عليه كثير ممن تأخر من أهل العلم ، ثم قال: وقال ابن حزم في الإحكام لا فرق بين أن يروي الراوي العدل حديثاً فلا يرويه أحد غيره أو يرويه غيره مرسلاً أو يرويه ضعفاء وبين أن يروي الراوي العدل لفظة زائلة لم يروها غيره من رواة الحديث وكل ذلك سواء واجب قبوله ، ثم قال ابن حزم إذا روى العدل عن مثله خبراً حتى يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم فقد وجب الأخذ به فلزمت طاعته والقطع به سواء أرسله غيره أو أوقفه أو رواه كذاب من الناس وسواء روي من طريق أخرى أو لم يروى إلا من تلك الطريق.
فعلق صاحب الكلام الأول قال وهذا إغفال لباب العلل ومخالفة لمناهل النقاد .
الجواب:
أولاً المجلس أظن ما يحتمل أن نبسط الكلام بسطاً طويلاً لأن الكلام متخصص وكلام دقيق.
ابن حزم إمام من الأئمة وتحمد غيرته على السنة وعمله بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أما موضوع أن الحديث إن تعددت طرقه لا يقبل ، كلام غير صحيح وغير مقبول، والعلماء على خلاف هذا ، لكن هل هنالك علل خفية تخضع لابن حزم أو غيره ، ممكن ، لكن الذي ينبغي أن يركز عليه في هذا الصدد أن مصادر ابن حزم غير مصادر أهل المشرق ، مصادر ابن حزم مسند بقي بن مخلد كان عنده وجرده وذكر ما لكل واحد من الصحابة من أحاديث وهو مطبوع في آخر جوامع السيرة لابن حزم بتحقيق أحمد شاكر و ناصر الدين الأسد ، وعنده مصنف ابن أيمن ومصنف قاسم ابن الأصبغ وهذه المصنفات التي لا نعرف عنها شيئاً ، فأنت ليس عندك ما عندهم لأن مصنف ابن أيمن ومصنف قاسم ابن الأصبغ أشبه ما يكون اليوم بمصنف ابن أبي شيبة ومصنف عبد الرزاق ، فهي مليئة بالآثار ، فالقول بأن ابن حزم -رحمه الله تعالى- أراد أن يخالف وأن يشاكس ولا يلتفت لتصحيحه أو تضعيفه ليس بصحيح.
التصحيح والتضعيف يقبل على وفق قواعد؛ فمن سلك هذه القواعد قبل كلامه ومن لم يسلكها رد كلامه؛ وقد يقبل من العالم شيء ويرد شيء آخر وهنا نقطة وهذه عقدة عند ابن حزم -رحمه الله تعالى- نبهت إليها شديداً في الكتاب الذي هو في الطباعة الآن (مجالس حديثية) ، حصلت مجالس حديثية بين خمسة من علماء المغرب (الشيخ تقي الدين الهلالي) و ( أحمد الغماري) وثلاثة آخرون من علماء المغرب وكان لواحد منهم وهو (محمد ابن المنتصر الكتاني ، محمد ابن المنتصر الكتاني) وهو متخصص في ابن حزم هو الذي طبع (معجم فقه السلف) وهو الذي كتب كثيراً عن ابن حزم -رحمه الله تعالى- ، فكان هو يماحك وهذه نقطة تحتاج كما قلت إلى بيان شديد لكن نوجز بشدة:
ابن حزم عنده فلان إما ثقة وإما غير ثقة ، وهذا خطأ ، فأنا قد أقبل الراوي في روايته عن فلان وأرد الراوي في روايته عن علان ، وهذا أمر معروف عند المحدثين ولهم عليه أمثلة كثيرة ، يقولون فلان ثقة إن روى عن الشاميين وإن روى عن غير الشاميين ليس بثقة ، فلان في روايته عن فلان ضعف ، لأنه شيخ رآه في السفر وما لازمه ، مثل إعلال العلماء مثلاً لرواية حسين بن قيس عن الزهري ، حسين بن قيس ضعيف عن الزهري لكن عن غير الزهري صحيح وهكذا.
فابن حزم عنده فلان راوي ثقة فكل رواياته ثقة ، فلان ضعيف فكل روايته ضعيف ، هذه علة عند ابن حزم ينبغي أن يحذر منها المتكلم عن ابن حزم ، وأشار إليها إشارة واضحة قوية في معرض الذم (الإمام ابن القيم) -رحمه الله- في كتابه (الفروسية) ، فلما ذكر شروط الشيخين قال فمنهم من توسع ومنهم من ضيق ، وذكر ابن حزم، فكل من روى له البخاري ومسلم فهو على شرط البخاري ومسلم هذا غير صحيح.
فالشاهد بارك الله في الجميع أن ابن حزم إذا استثنيت هذه العقدة التي عنده فتبقى القواعد ، أن تقول الحديث معلول له علة خفية على العين والرأس هات العلة.
كثير من الأئمة المتقدمين من أمثال مثلاً البخاري وشيوخه كابن المديني وغيره يرون حديثاً.
خذ البخاري ومسلم حديث [خلق الله التربة يوم السبت ] عند مسلم مقبول وعند البخاري معلول ، وكذلك الأئمة الكبار فبعض الأحاديث، أنظر الآن إلى علل ابن أبي حاتم وابن أبي حاتم في كتابه العلل ذكر علل أبي حاتم- علل والده – وعلل أبي زرعة الرازي ، أنظر بعض الأحاديث هو عند أبي حاتم مقبول وعند أبي زرعة مردود والعكس ، وكذلك الإمام أحمد يعل أحاديث وأبو زرعة يقبلها ، فهكذا المتقدمين والمتأخرين هذه نظرة كما يقولون خيالية ، قالو ماذا متقدم ومتأخر ؟
يعني كل المتقدمين في صف وكل المتأخرين في صف وهذا غير موجود أصلاً هذا خيال وليس بصحيح فالمتقدمون أيضاً مختلفون ، كما أن المتأخرين مختلفون.
وماذ يعني المتقدم والمتأخر، استدرجكم فضعوا لنا حد للمتقدم والمتأخر قالو ثلاثمائة، طيب أئمة ثلاثمائة وواحد ما رأيكم ، متقدم ولا متأخر ؟
ثلاثمائة واثنين أوثلاث؟
نمشي معكم .
نستدرج.
العلوم قواعد، فمن زعم أن هذا الحديث معلول ينبغي أن يأتي بالدليل ، أما هكذا تعلل الحديث، نعم الحديث لا يعرف علله إلا بأن تجمع طرقه.
لذا ضروري جداً حتى لمعرفة الحديث الصحيح لا بد من جمع الطرق ، من بركات جمع الطرق أن تعرف العلة ، وإن كان ظاهر الإسناد الصحة ، فالكلام بالإجمال يقبل منه ويرد.
السؤال:
هل صحيح ان ترك باب الخلاء أثناء الاستخدام مفتوحا مكروه، هل هناك دليل على ذلك، خصوصا إذا كان عندي أطفال واضطر تركه مفتوحا؟
الجواب:
أما ترك باب الخلاء أثناء الاستخدام مفتوحاً ولا سيما إن كان هنالك أطفال والأم تخشى عليهم ، فلا حرج في ذلك.
كان الأمر في العهد الأول الأنور لما يقضوا الحاجة يذهبون إلى الخلاء ، ما كانت هنالك مراحيض.
المهم أن لا يرى الرجال ، وألا يقع المحظور ، البنت لها عورة على أبيها وعلى أمها ، إلا إن كانت قاصرة ، فإذا كانت قاصرة و تكون تحت رعاية الأم والأم تبقي الباب مفتوحاً قليلاً حتى لا يقع ما لا يحمد عقباه أو يقع شيء لا ترضاه وتبقى هذه البنت الصغيرة بحكم صغرها تحت المراقبة ، لا حرج في ذلك.
مع التنويه والتنبيه أن علمائنا رحمهم الله تعالى يتساهلون في حق النساء مع الأولاد أكثر من تساهلهم في حق الآباء مع الأولاد ويظهر هذا في الجنازة ، فيذكرون أن البنت التي لم تبلغ إن ماتت فلأمها أن تغسلها ولكن ليس للوالد أن يرى العورة من البنت التي قاربت على البلوغ وإن لم تبلغ ، فيتساهلون في موضوع كشف العورة على الأمهات أكثر من تساهلهم مع الآباء ومربط الفرس في هذا الباب كله الحفظ والصون والعفة.
والله تعالى أعلم.✍️✍️
السؤال:
أخينا يسأل يقول: في ظل جائحة كورونا، الحكومات أعلنت إغلاق المساجد، بعض الأخوة من أئمة المساجد يقول أنا أفتح المسجد على مسؤوليتي الخاصة، فهل يجوز أن نذهب نصلي عنده مع هذا المنع علما أن أعدادنا قليلة تقريباً خمسة عشر أو عشرين شخص.
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الأصل بارك الله فيكم أن حفظ النفس من مقاصد الشريعة ، فجاءت الشريعة لحفظ أشياء من بينها النفس ، فإن كان هنالك وباء وهذا الوباء يضر بالناس فحينئذ إلحاق الضرر بالناس أو الإذن فيه ممنوع.
لو قام في ذهن إنسان ما أن هذا ليس وباء مثلاً فنقول له مصيب أو مخطئ، أما إذا هو أقر واعترف أن هذا وباء ثم أذن للناس بما هو مقرر في الطب أن يلحق الضرر بهم ولو على الاحتمال فهذا العمل ليس بمقبول ، والمنع لوجوه:
الوجه الأول:
مخالفة أولياء الأمور إن أمرو بإغلاق المساجد في مثل هذه الصورة.
الوجه الثاني:
إلحاق الضرر بالناس ، فالحديث الصحيح الذي ثبت عن جمع من الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” لا ضرر ولا ضرار ”
ما معنى لا ضرر ولا ضرار ؟
لا ضرر تلحقه بنفسك ، ولا ضرار تلحقه بغيرك.
فأن تأذن الناس أن يُضرر بعضهم بعضاً فهذا ليس بمشروع وليس هذا من التوكل في شيء.
فالنبي صلى الله عليه وسلم أمرنا أن يبتعد المصح عن المريض ، لا يردن مصح على مريض الحديث…..
نعم الأمور بقدر الله جل في علاه والمطلوب منا أن نأخذ بالأسباب وعالم الأسباب ، فإن ابتلي الإنسان فلا حول ولا قوة إلا بالله.
فهذا العمل ليس بصحيح إلا إذا كان هذا الرجل يرى أنه لا يوجد مسوغ ، بعض الأحايين يذكرون أن والله الآن في وهذا للأسف الآن المرحلة التي نمر بها الآن وأنا أتكلم معكم الآن بعض الأئمة يأمرون الناس بالتباعد ، ولكنهم في ممارساتهم العملية يقربون من الناس ولا يجدون حرجاً في القرب.
نحن الآن جالسين كم نحن متباعدين بعضنا عن بعض ؟
متقاربين.
فهذا كل الحياة تكون فيها تقارب ، في الأسواق تقارب في المولات تقارب في المقاهي تقارب في الأندية الرياضية تقارب في كل شيء تقارب ولما تأتي المسجد تتباعد ، هذا ليس له وجه ، لكن لو كان في التباعد وجه ، وهذه مسألة طويلة وكثيرة أو كما يقولون تحتاج إلى كلمة أهل الاختصاص -الأطباء- ، و أهل الاختصاص من الأطباء للأسف في عالم المسلمين أموات غير أحياء ، أنا للآن أبحث عن طبيب يرشدني بعلم لما يكون الوباء ما هي المسافة التي ينبغي أن أبتعد عن أخي ، هذا ليس لي وليس للفقيه ولا للمفتي ، هذه لمن ؟
هذه للطبيب.
الآن منظمة الصحة العالمية قالت تباعدوا في الصلوات ، النصارى ما عندهم مشاكل ، النصارى في صلاتهم ما عندهم مشاكل ، النصراني ببعد عن النصراني وجالس على كرسي وصلاته عبارة عن موسيقى وإلى آخره ، صلاتهم غير صلاتنا.
أنا الآن كيف أتباعد؟
ثم هل البعد في كل الاحتمالات في كل الصور لازم لكل الجهات؟
أنا الذي يقع في قلبي وهذا الكلام حديث نفس مني حديث نفس لنفسي ويقوى عندي لكن نحتاج من يدعمه من أهل الاختصاص أن التقارب الذي يضر في الوباء أن يكون وجهاً لوجه أما أن نكون كلنا متجهين للقبلة لا أظن أن هذا يضر.
أظن أن الذي يؤثر تأثيراً سلبياً هو أن يواجه المريض المصاب ، أما لو كان بجانبك مريض وهو يتجه للقبلة وأنت تتجه إلى القبلة لا أظن أن في هذا ضرراً ، فإن وقع الضرر فعلى تقرير أهل الذكر كما قال الله عز وجل ” فاسألو أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ” .
من هم أهل الذكر ؟
في هذه المسألة من هم أهل الذكر ؟ الطبيب.
قالو عن واحد يدرّس ويقول للناس القرآن فيه كل شيء ، فقام له عامي وقال له هل ربنا علمنا في بالقرآن كيف نصنع الساندويش؟
قال له طبعاً.
قال أين الله ذكره ؟
قال” فاسألو أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون”
فإسأل الذي يصنع فإنك تتعلم.
فهذه فاسألوا أهل الذكر تتفاوت على حسب الأسئلة.
فالسؤال الآن على موضوع الوباء فالوباء الذي يقرره الأطباء ، لكن للأسف لا تجد كلمة علمية يطمئن لها القلب وينشرح لها الصدر وتكون فيها تقرير للفتاوى ، تبنى الفتاوى عليها ، ✍️✍️
الجواب:
الأصل النقل، لكن الله جل في علاه ما كلف بالنقل إلا صاحب العقل.
ووجود العقل والنقل على أنهما متقابلان هذا خطأ.
فالنقل الصريح والعقل الصحيح مجتمعان لا متناقضان.
ولذا شيخ الإسلام -رحمه الله- في كتابه البديع _درء تعارض العقل والنقل_، قرر بأنه لا مخالفة بين العقل والنقل ، وإذا وقعت المخالفة فإما أن يكون العقل غير صحيح وإما أن يكون النقل غير صريح ، ولكن إن بدا لك للوهلة الأولى مخالفة بين العقل والنقل ، من تقدم؟
تقدم النقل.
ولذا كان ابن سيرين يقول : أول البدع المقاييس.
المقاييس التي فيها معارضة للعقل. والمقرر عند العلماء الثقات أن الشريعة معللة ، مضطردة ، ولم يثبت شيء من قياس على خلاف المعقول ، فالشريعة كلها إنما تسير على مهيع واحد وعلى أنها معقولة ، لا يوجد شيء في الشرع غير معقول ، حتى العبادات معقولة ، لكن لها حِكم وحكمها تدهش العقول وتحير العقلاء ، فالشريعة معقولة المعنى.
ومن بديع استنباطات شيخ الإسلام ما جرى بين نوح عليه السلام وولده لما قال نوح عليه السلام لولده ((اركب معنا)) فهذا نقل ، ورد عليه ولده بقوله ((سآوي إلى جبل يعصمني من الماء))، هذا عقل ، قول الولد عقل وقول نوح عليه السلام إنما هو نقل ، قال ((ركب معنا)).
طيب ((ركب معنا)) لما؟
لما أوحى الله إليهم بالشريعة فهي نقل ، وماذا فعل ابن نوح ؟
احتج بعقله.
قال ((سآوي إلى جبل يعصمني من الماء)).
فكان المآل لمن ؟
كان المآل للنقل لا للعقل.
ولذا قال الشاعر :
عقل العاقل وعلم العليم اختلفا
من ذا الذي قد أحرز السبقا
فقال العقل أنا أحرزت غايته
وقال العلم أنا الرحمن بي اتصفا
الله وصف نفسه بأنه عالم ولم يصف نفسه بأنه عاقل.
فالعقل قال أنا أحرزت غايته
والعلم قال أنا الرحمن بي اتصفا
فأيقن العقل أن العلم سيده
فقبل العقل رأس العلم وانصرفا
فالعلم والنقل حاكم على العقل.
ولذا كثير من المسائل يقع فيها عند التمحيص والتحقيق ، العقل يغر والعقل يضر.
ولذا نسأل الله جل في علاه العفو والعافية ، كثير من العقلاء وكثير من النبهاء، وكثير من أصحاب آحاد العلم كما قال الإمام الذهبي في ترجمة ابن الراوندي الملحد ، نسأل الله العفو والعافية ، قال عن ابن الراوندي : كان من آحاد الناس في الذكاء ، ولكنه كان ملحداً ، ثم ختم الترجمة ، فقال قاتل الله العقل مع الإلحاد ورضي الله عن الغباء والبلادة مع الإيمان.
لذا كثير من العقلاء لا يعرفون الله ، كفار.
كثير من الناس تجده مثلاً متخصص في بعض العلوم ، سواء علم الأجنة ، علم البحار ، علم الفلك أي علم من العلوم ، يتكلم لك بكلام طويل ، ساعات طوال متواصلة ، تمكث ساعات طويلة ويتكلم أن الله حق ، لكنه كافر.
الله حق لكن هذا الرب ما حقه ؟
كيف تعرفه ؟
كافر.
وبعض الناس بليد وغبي ولكنه مؤمن .
فمن الأحسن ؟
رضي الله عن الغباء والبلادة مع الإيمان وقاتل الله العقل مع الكفر والعياذ بالله تعالى.✍️✍️