أحسنَ اللهُ إليكم، ما حُكُمُ تقبيلِ يدِ الوالد، وغيره، ووضعِهَا على الجبهة؟
الجواب:
التّقبيلُ لهُ أحكام، وألّفَ غيرُ واحدٍ من المحدّثين السّابقين ومن المعُاصِرين فِي أحكامِ التّقبيل، وأوجزُ هذهِ الأحكامَ بالآتي:
تقبيلُ الفَمِ لا يكونُ إلّا للزّوجة؛ فالتّقبيلُ من الفمِ يُثير الشّهوة، ولا يُشرعُ إلّا للزّوجة.
والتّقبيل ما بعد ذلك، إمّا أن يكون احترامًا لأصحاب الفضل، كالأبوين، والعُلماء، والعادلين، وَبَاذِلِي جَاههم في صُنع المعروف للنّاس، والفضلاءِ والكبراءِ في الأمّة.
فهذا التّقبيل لا حرج فيه.
و ثبتَ أنّ النّبيّ -صلّى اللهُ عليه وسلّم- قَبلَهُ الأصحابُ من ركبته،
فالتّقبيل لا حرج فيه.
وسُئلَ سفيان الثّوري عن تقبيل اليد؛ فقال: لا حرج فيه، ولا تَضع اليد على الجبهة، ووضعُ اليد على على الجبهة (السُجودُ الأصغر).
تُقبّل يد الأب، لكن لا تضعها على جبهتك.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
١٣ – صفر – ١٤٤٤هـ
٩ – ٩ – ٢٠٢٢م
السؤال:
ما هي أكثر مزالق الشباب بالوقوع في وحل الانحراف الفكري والعقدي؟
الجواب:
كل الانحرافات عن الشرع تدور على أمرين لا ثالث لهما، وكل الخير والفضل في أمرين لا ثالث لهما. فالانحراف شهوة وشبهة، شهوة محرمة وشبهة تخصُّ الدين ولا سيما تخصُّ أصول الدين.
والخير كله ما يدفع الشهوة وهو العمل صالح.
كيف يُحصِّن الإنسان نفسه من الشهوات المحرمات؟
بالتزكية والعمل الصالح.
وكيف يحصن الإنسان نفسه من الشبهات؟
بالعلم النافع.
الخيرُ كلهُ في العلم النافع والعمل صالح.
والشرُّ كُلهُ في الشهوة والشبهة.
و اعلمْ علمني الله وإياك أن الشهوة المحرمة إذا وجدت مُسوغًا فيطفأ واعظ الله الذي في القلب ويصبح الإنسان يهجمُ عليها بعد أن يطفأَ واعظ الله في قلبه فحينئذ هذا الإنسان تعسرُ عليه العافية .
إذا صاحب شبهة هي شبهة تردت في النفس تتلجج بالصدر فإذا وجدت هذه الشبهة شهوة محرمة فهذه الشهوة المحرمة وتد وهذا الوتد يُثبت الشبهة ولا يمكن أن تخرج من قلبك والسببُ: الشهوات، فالشهوات والشبهات مندمجات لهما صلة ببعضهم بعضًا.
يقول لك:
هذا ملحد وهذا عنده إلحاد وهذا كفر هذا مغموس في الشهوات، فبسبب انغماسه للشهوات فزع إلى ما يطفئُ واعظ الله الذي وضعه الله في القلب بخلقته فيريد أن يبقى على شبهته والدافع الرئيس لها إنما هو شهوات محرمات.
جاءني بعض إخواننا الفضلاء قال الحق الناس كلهم في الإلحاد.
قلت: لا لا لا الناس بخير وليس كل الناس ملحدين، هذا موديل وسبب هذا الموديل في حقيقة الأمر إنما هو شهوات محرمات نسأل الله عز وجل العفو والعافية.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٦ – صفر – ١٤٤٤هـ
٢ – ٩ – ٢٠٢٢م
السؤال:
كيف نجمع بين مقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه «علِّموا أولادكم السِّباحة والرِّماية وركوب الخيل» والآن يوجد سيارات ويوجد أسلحة حديثة؟
الجواب:
ما هي الرماية؟ ما هو معنى الرماية؟ نقف عند قول عمر «علِّموا أولادكم السباحة…»
الغوص بالغواصات الحربية تدخل في السباحة؟
تدخل في السباحة.
ماذا عن الرماية؟
علماء اللغة يقولوا الرماية مصدر، والمصدر مُحلّى بالألف واللام، والألف واللام في قوله “الرماية” للجنس.
المفرد المُحلّى بالألف واللام في العربية ماذا يفيد؟ العموم؛ فكل ما يسمى رماية يدخل فيه.
فقصد عمر -رضي الله عنه-: الرماية بالبندقية، الرماية بالنشّاب، الرماية بالدّبّابة، الرماية بالطائرة…
نذهب لآية في قول الله تعالى في سورة الأنفال {وَأَعِدُّوا۟ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةࣲ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَیۡلِ…}.
كل كتب التفسير تفسّر قول الله “مِّن قُوَّةࣲ” وقوّة منكَّرة (نكرة) يذكرون ما أخرجه مسلم في صحيحه عن عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه، قال صلى الله عليه وسلم: «ألا إنَّ القوةَ الرَّمْيُ».
يذكرون في تفسير قول الله {وَأَعِدُّوا۟ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةࣲ…} قول النبي صلّى الله عليه وسلم «ألا إنَّ القوةَ الرَّمْيُ» أي رمي؟ الرمي الذي يرمي به عدوّك.
{وَأَعِدُّوا۟ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةࣲ…} فيجب علينا أن نتسلّح بالسلاح الذي يحققُ الغايةَ المذكورة في الآية {… تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ…} حتى يثير الله حماس المؤمنين؛ قبل أن يقول عدوّكم قال عدوّ الله، قال أهل العلم هذه القوّة ينبغي أن تحقق الغاية، وتحقيق الغاية أن يقع الرَّهبة من قِبَل أعداء الله وأعدائكم، فقالوا ينبغي أن تكون القوّة من جنس قوة الرمي عند أعدائنا.
لا يجوز نقابل الطيارات والدّبّابات والمدافع ونقابلها بالسيف، هذا جنون… هذا غباء… هذا جمود! وليس لهذا محل لا من عقل ولا من فهم ولا من تدبّر ولا من إعمال المقاصد والغايات.
فقول الله تعالى {وَأَعِدُّوا۟ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةࣲ…} وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- «ألا إنَّ القوةَ الرَّمْيُ» وقول عمر -رضي الله عنه- “علموا أولادكم الرماية…” على مهْيَعٍ واحد وعلى طريقٍ واحد، وهي من نفس جنس الرَّمْي المعروف في عصرنا، فلكلِّ عصرٍ قوّة ولكلِّ عصرٍ ذخيرة وما شابه.✍️✍️
الجواب:
والله أنّ هَذا السّؤال من أهمّ الأسئِلة،
والجَوابُ يحتاجُ إلى تَوفيقٍ من الله -عزّ وجلّ-، ولسِرٍّ عجيبٍ جعلَ الله -عزّ وجلّ- دعاءَ الوالدِ لولده مُستجابًا.
فَيا أيّها الأب، لا تَحرم أولادكَ ولا تَحرم نَفسكَ من صَلاحِ أولادكِ؛ فاستخدم الدّعاء، لاتنسَ الدّعاء، وأَحوَجُ الأولادِ للدّعاءِ أبعدُهم عن الله -عزّ وجل-، أكثرُهُم بُعدًا سواءٌ كانوا ذُكُورًا أم إناثًا.
هَذا الأمرُ الأوّل..
المُؤامرة تبدأ على الصّبية، ومُؤامرةُ الكفّارِ على المُسلمين طَويلة، نحنُ غافلون، وقلّ -منّا- مَن أدركَ منها شيئًا، ونحنُ نخوضُ فِيها ونحنُ لا نشعُر.
وأذكرُ لكُم شيئًا، وهذا الشّيءُ قَليلٌ مِن كثيرٍ؛ حتّى تُدركوا شيئًا مِن المُؤامرة عَلى الأُمّة.
الكُفّار ليسُوا غَافلين، والكفّارُ يعملُونَ بطريقةٍ عِلميّةٍ دقَيقة، والمُسلمُونَ -للأسف- غَافلون، يظهرُ هَذا فِي ما يُسمّى -اليومَ-: (عِلمَ الاجتِماع)، وأخصّ من علمِ الاجتِماعِ “نَمَطَ الأُسرَة”.
إخَوَانُنُا الكَبار فِي هَذا المَجلس يُدركونَ ما أقول، ولمسُوا هَذا فِي أُسرِهم، والصّغارُ ما لمسُوا هذا، ولعلّهُم وقعوا في هَذهِ المُؤامرة، وهُم فِيها وهُم لا يشعرون.
فِي عِلم الاجتِماع يذكُرونَ أنّ الأُسرةَ قِسمان:
_ أُسرةٌ لا يُوجد فِيها شخصٌ مَسؤولٌ عنها.
_ أُسرةٌ يُوجدُ فيها شخصٌ واحدٌ مَسؤولٌ عَنها.
يُسمّونها في عِلم الاجتماع بأسماء، منها:
(الأسرةُ العَنقُوديّة)، (والأسرةُ السّهلةُ البسيطة)…
ولا تَحضُرني -الآن- الأَسماء المَذكُورة فِي عِلم الاجتِماع.
وليست العِبرةُ بالاسم، وإنّما العبرةُ بالحقيقة.
أدركنا -إن لَم أقلِ الآباء أقُول الأجداد- إذا مات الأب؛ فالعمّ أب، والخال أب، وإذا ماتت الأمّ؛ فالخالةُ أمّ والعمّة أمّ، والأَولاد (ذكور أو إناث) إذا كانوا أيتامًا لا يَضِيعون، ثمّ أرادَ الغربُ أن يَصبغُونا بصِبغتهم، وعَلموا -بيقين- أنّهم لا يستِطيعُون أن يُمرّروا ما يُريدون إلّا بعدَ تغيير نَمَط الأُسرة، فَنمطُ الأُسرة اليومَ غير نَمطِ الأُسرةِ الأُولى، اليوم إذا مات الأبُ وعندهُ أولادٌ صغار؛ يعيشونَ في جحيم، بِخلافِ الأُسرة على النّمط الأَوّل، الأُسرةُ على النّمط الأوّل يوجدُ قيّم لها، وإذا ماتَ واحدٌ فهناك بديل، وإذا مات آخر فهناك بديل، والنّاس فيهم شهامة، وفيهم خير.
اليوم إذا تكلمت مع ابن أخيك، ورأيتَ منه خطأً جسيمًا، وتكلمت معه كلامًا شديدًا؛ أبوه يقول لك: يا أخي، ابني حسّاس، وإذا أردتَ أن تتكلّمَ معه، تكلّم معي، وأنا أُوَجِّهُهُ، هذا المُؤدّب، وأمّا غير المُؤدّب يُقِيمُ الدّنيا ولا يُقعدها.
الولد صارَ حسّاسًا، لا ينبغي أن تُوَجّهَ له شيئًا.
الآن الغرب غيّر نمطَ الأُسرة في الحياة.
و تغييرُ نمطِ الأُسرة تمّ بعد طرحِ هذا الموضوع في رسائل الماجستير، و في رسائل الدّكتوراة، وفي وسائل الإعلام، وإيجاد أفلام كرتون، وأُنفقَ عليه مئات الملايين حتّى غيّروا النّمط.
بعد تغيير هذا النّمط تبدأ خطوة ثانية وخطوة ثالثة.
الكفّار لايصنعون معنا ما يريدون مرّةً واحدةً وبحماس، (لا).
بل يصنعون بدراسة، ولمّا وصل الكفّار إلى ما وصلوا إليه -اليوم- في قانون الأُسرة الموجود، وكيف تُنزَع -الآن- صَلاحِياتك عن أولادك، ويُؤخذ أولادك منك على النّمط الغربيّ؛ لأنك أزعجته -يعني: ولدك-، لأنّك سألتَ البنت لمَاذا تحملين جهازًا خلويًّا وماشابه.
في النّّمسا -وهي من البلدان المعروفة- يتّصل بي أخٌ حريص، يقول: للآن أُخذَ -حسبَ وسائل الإعلام النّمساوية- خمسةٌ وثلاثونَ ألفَ طفلٍ من آبائهم، وترعاهم مؤسّسات اجتماعية ترعاها الدّولة، وهؤلاء الخمسةُ وثلاثونَ ألفَ طفل، ليسوا الآن مسلمين، أُخذوا من مُسلمين، لايُؤخذُ إلّا الطفل المُسلم، وترعاهم وسائلُ رعايةٍ اجتماعية، ومؤسّساتٌ اجتماعية، والآن ليسوا مسلمين، هؤلاء الأولاد أُخذوا صغارًا، أُخذَ لأنّ أباهُ سألهُ عن كذا، لأنّهُ لطمهُ على وجهه، فيؤخذ -يعني: الولد- تحت رعايةٍ كافرةٍ لأُسرة مُعيّنة، هذا القانون الّذي يُراد أن يُمرّر في هذه الأيام.
الغرب يمشي معكَ واحدةً واحدةً..
ولذا إخواني، رعاية الأب لأبنائه هذا أمرٌ واجب -أصلًا-، وهذا مذكورٌ في كتاب الله -عزّ وجل-، قال الله -سبحانه وتعالى-:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}. [التّحريم:٦].
قال علي بن أبي طالب: (علّموهم وأدّبوهم)..
والنّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يقول:
“كُلُّكُم رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسؤول عَن رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَن رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهلِهِ وَهُوَ مَسؤولٌ عَن رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيتِ زَوْجِهَا وَمَسؤولَةٌ عَن رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ ومَسؤولٌ عَن رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسؤولٌ عَن رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكم رَاعٍ وَمَسؤولٌ عَن رَعِيَّتِهِ”.
رواه البخاري (٨٩٣)، ومسلم (١٨٢٩)، وأبو داود (٢٩٢٨)، والتّرمذي (١٧٠٥) وأحمد (٤٤٩٥) من حديث عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-.
حتّى الخادم راعٍ وسَيُسأل يوم القيامة عن مال سيده، فما بالك بولدك الّذي هو فِلذّةُ كبدك، والّذي هو قِطعةٌ منك، والِذي هو الشّهوةُ المُتجسّدةُ أمامك.
منِ ابنُكَ؟ شَهوَتُكَ.
ما أتى الولدُ إلّا بعدما جامعتَ أُمّه، فالولدُ شهوةٌ لك، شهوتكَ المُتجسّدة أمامك، ولدك شهوتك، فِلذَةُ كبدك. فالواجبُ عليك أن تعمل وأن تمتثلَ قوله -تعالى-:
{…قُووا أنفُسكُم وأهليكُم نارًا…}.
فالولدُ يحتاجُ إلى توفيقٍ في التّربية، ويحتاجُ إلى أبٍ نبيه وأبٍ حريص، وأدُلُّكم على مفتاح التّربية، يقول بعضُ السّلف كما أسندَ ابن قتيبة في “عيون الأخبار”، قال: (الولدُ في السّبع الأُوَل ريحانةٌ تُشم، الولد من السّنة الأولى إلى السّنة السّابعة ريحانةٌ تَشمُّها، وفي السّبع الّتي بعدها(من ثمانٍ إلى أربعَةَ عشَر) خادمٌ مُطيع، تعال يا ولد، أحضِر يا ولد، ويبدأُ الأبُ يفرح لمّا يصِير خادمًا -يعني: ولده-، ولذا ابتلى الله إبراهيم -عليه السّلام- بذبح ابنهِ إسماعيل في المرحلة الثانية، لمّا صار الولد يخدم ويذهب ويجيء؛ ابتلاه، فكان البلاءُ شديدًا على إبراهيم -عليه السّلام-.
الشّاهد: في تربية الولد لجواب السؤال تتمة الكلام لبعض السّلف فيما أسند ابن قتيبة قال: وفي السبع الّتي بعدها (من خمسة عشر فما بعد)، إمّا صديقٌ وإمّا عدوّ، إذا وصل ابنك خمس عشر سنة الآن أنت صاحبه، عاملهُ معاملة الصّاحب، لا تُعامله معاملة الأب، لاتعامله معاملة القسوة، معاملة الأمر، وتصير تأمر وتنهى، وأنا أعرف بعض النّاس يأتي للمسجد، والله كان معنا و لا أُريد أن أسمّي أحدًا، يقول: والله أنا أُصلي جنبًا؛ لأنّ والدي يريد ذلك، فابنك بعد أربعة عشر صاحبه، وإذا عنده خطأ دعه يخطئ، لا تقسو عليه، حذّره من الخطأ، برّئ ذمّتك عند الله من الخطأ، أخطأَ تدارك الخطأ، لا تجعلهُ يسترسل، لكن لا تشعره أن لك سطوةً على وجهٍ فيه قَسوة، بل سطوة على وجهٍ فيه رحمة، وليست سطوة على وجهٍ فيه قسوة، كُن رحيمًا به، وتعامل معه على أنّه صديق وعلى أنّه صاحب، وعجّل في رُجولته.
عندك ابن عمره أربع عشر سنة، خمس عشر سنة، وعندك بناتٌ كبيرات، وجاء عريسٌ لبنت -منهنّ-، قل له: تعال يا ولد، ما رأيك نزوّج أم لا؟ أنفذ الّذي تُريده، لكن أشعره أنّه رجل، دعه يأخذ باله من أخواته بعد ما تموت، قل له: يا ولدي، نزوّج فلان أم لا نزوّج، القرارُ بيدك، افعل الّذي تراه، القرار الخطير في الأسرة أشعره به.
لذا إخواني نحن -الآن- نقول: هو صغير، إذًا زوّج ابنك وهو صغير؛ يصبحُ كبيرًا، لمّا فقدنا الزواج المبكّر صار عندنا آفات، صار عندنا طامّات، وصار عندنا عُقد في الحياة، وعُقد في الممارسات، وعُقد في النّفس.
رجل مُرتاح، مالذي يمنعه أن يُزوّج ابنه؟
قال: صغير!
لماذا صغير؟
زوجوه وكبّروه.
إذا زوجته كبُر.
فصارت حياتنا وتفكيرنا غربي، لا شرعي.
فالآن ليس لنا سبيلٌ لتربية أبنائنا إلّا أن تُصاحبَ ولدك، وإلّا أن تتحبّب إليه، وإلّا أن ترعاه، وأن لّا تغفل عن رعايته، لا تغفل عنه، إذا غفلت عن ابنك تكون هنالك طامّات.
كُنتُ في مجلس شيخنا الألباني -رحمه الله-، وكان هنالك رجلٌ صالحٌ تُوفي -رحمه الله-، فَشكى لَهٌ ولَدَه، ثمّ قال طردته من البيت؛ مرّة يصلي ومرّة لا يصلي، فقسا عليه الشيخ -رحمه الله- على الأب، قسا عليه قسوةً شديدة، قال: لِمن تركته؟ طردته، من الّذي سيربيه؟ لعلّه يرجع لك وهو مُدخّن، لعلّه يرجع لك وهو مُتعاطٍ للمخدرات، ولعلّ ولعلّ…فإذا أخطأ ولدك؛ فلا تريه القسوة التي فيها سطوة بقسوة، يعني: تَبقى مُهاب الجانب، وأن تُخوّفَ زوجتُك أولادَهَا بِك (مَقصَد).
الزّوجة الموفّقة تخوف بالأب، والأب يستخدم الرحمة مع وجود المَهابة المزروعة في نفس الولد من الأم، الأم تزرع المهابة، والأب يرحم، فإذا أنت -الآن- ما رحمت أولادك ومارَعيتهم ودقّقت في توجهاتهم وعرفت أصحابهم، اصنع صاحبًا لابنك، واحمدوا الله -عزّ وجل- ..
والله اتصل بي أخٌ من لبنان، يقول: أنا إيطالي أسلمت، وكانت لي زوجة كافرة، كُنت كافرًا ولي زوجة كافرة، وليَ بنتٌ جميلة، والبنت بدأت تعرف الشهوة، فسأل سؤالًا من أعجب الأسئلة الّتي مرت علي، يقول: سائق الباص الذي يُوصلها للمدرسة صالح، يَدرسون في مدرسة شرعية، قال: أُريدُ أن أهمِس في أذن السائق: صاحب ابنتي؛ وأنتَ زوجٌ لها دونَ أن تعلم، قال: أشعر أنّها تذكره، فأقول له: صاحبها وأصبح عشيقًا لها؛ وتزوجها، اطلبها منّي للزّواج، هكذا يفكّر حتّى يحفظ ابنته.
فالأب ينبغي أن يدرك وأن يفهم وأن لا يكون مُتعنّتًا.
أخت تتصل بي، تقول لي: أنا كنت أشتغل سكرتيرة عند رجل، أُشهد الله أن الرجل صاحب ديانة وصاحب خُلق، ومع وجوده عندي مِلتُ إليه ومال إلي، فجاء يطلبني فرفض والدي، وبعد فترة رفض والدي.
يا أيّها الوالد، رفضته زوجًا؛ فلا تبقيها سكرتيرة عنده، خذها من عنده على الأقل، ثمّ تقول -يعني: البنت-: عَقَد عليّ دون إذن والدي، وأنا حاملٌ منه دون أن يعلم الوالد، يظنّون أنّي أذهب للعمل وأنا في بيته، وأبي يريد أن يزوجني لقريب لي؛ لأن عنده مال، وجاء هذا القريب، تسأل هذه الأخت تقول: ماذا أفعل، وأنا زوجة وحامل؟
يوجد مصائب في المجتمع…
دكتور اسمه: الدكتور عدنان -ذكره الله بخير-، له مختبر في الوحدات، يقول لي: ياشيخ، أدركوا النّاس، أدّوا حق الله -عزّ وجل-، فيما أمركم به، يقول: الطّلاب في آخر النّهار يأتون يعملون فحوصات، هل يوجد حمل أم لا يوجد حمل، طلاب المعاهد والجامعات، آخر النّهار يأتون للعيادة، يعملون اختبار حمل، والأب غائب والأم غائبة، الأولاد في باب والآباء في باب.
وبالتّالي إخواني، الأولاد كما قال الشّاعر:
_ وينشأُ ناشئُ الفتيان فنّا…على ما كان عوّده أبوه.
– وما دان الفتى بحجًى…ولكن يعلّمه التّدينَ أقربوه
الإنسان ينشأ على ما تعوّد عليه في الشّباب، عوّد ابنك وراقب ولدك، ولتكن بينك وبينه الرّحمة، وأشعره أنّك لا ترغب منه إلّا أن يكون على استقامة، هذا توفيق من الله -سبحانه وتعالى-، وتضرّع إلى الله في أوقات الاستجابة أن يرزقك الله ذريةً صالحة، فأحسن ما يُرزق العبد في هذه الحياة ولدٌ صالح يدعو له، وأن يُكثر من العمل الصّالح حتى يُكتب في صحيفة أبيه.
هذا والله أعلم..✍️✍️
السؤال :
أخ يسال ويقول : شخص يعمل مشاكل ويؤذي الناس ويشتمهم ، وفي شهر شعبان يطلب المسامحة عملا بحديث المتشاحنان ، علما بأنه يعيد نفس المشاكل بعد رمضان، فهل تركه توبيخا له أفضل أم المسامحة ؟
الجواب :
العلماء اختلفوا بارك الله فيك أيهما الافضل المسامحة ام لا، وفضل المسامحة ( وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا) ، (هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) ﴿ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ﴾ ( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) رجحوا هذا .
ومنهم من استدل بقول الله (جَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ) .
ومنهم من قال هذا فضل وهذا عدل .
والذي أراه أنا العبد الضعيف أن المسامحة إذا نجعت ونفعت فهي بلا شك أفضل، وأما إذا اذا لم تنفع ولم تكن ناجعة فيُجزى سيئة بسئية هذا هو الدواء الرباني في بعض الحالات دون بعض .
مجرد المطالبة بالمسامحة على أشياء مجهولة أو مسامحة غير حقيقة وليس هناك نية للإقلاع والندم وإعادة الحقوق إلى اصحابها فهذه مسامحة قانونية وغير شرعية وهذه لا تجزىء ولا تنفع صاحبها عند الله عز وجل .
لا أرى مناعا من أن يزجر هذا النوع من الناس بعد اعطائه المهلة اللازمة ، والمهلة الدارجة في الشريعة ثلاثة مرات ، ومن ثم بعد ذلك يقال له في نفسه قولا بليغا ، والله أعلم.
اسال الله أن يجعلنا وإياك مفاتيح خير مغاليق شر✍️✍️
الجواب:
نصيحتي له ولغيره أن لا يصاحب إلا مؤمناً.
فربنا عز وجل يخبرنا عن أهل النار أول ما يقذف بهم في النار فإن الواحد منهم يبحث عن صاحبه ، لأنه لا يصل إلى النار إلا من خلال الصاحب السيء.
قال تعالى:
(( وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ رَبَّنَاۤ أَرِنَا ٱلَّذَیۡنِ أَضَلَّانَا مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ نَجۡعَلۡهُمَا تَحۡتَ أَقۡدَامِنَا لِیَكُونَا مِنَ ٱلۡأَسۡفَلِینَ )). سورة فصلت(٢٩).
وهم القرناء ، ولذا القرين لا ينفع صاحبه يوم القيامة إلا إن كان مؤمناً ، قال تعالى { ٱلۡأَخِلَّاۤءُ یَوۡمَىِٕذِۭ بَعۡضُهُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوٌّ إِلَّا ٱلۡمُتَّقِینَ} الزخرف ٦٧ . فالأصحاب بعضهم لبعض عدو يوم القيامة إلا المتقين ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تصاحبْ إلا مؤمنًا ، ولا يأكلْ طعامَك إلا تقيٌّ”. صحيح أبي داود، حديث حسن برقم 4832.
ويقول الإمام الأوزاعي :
“صاحبك رقعتك فيك”.
فالصاحب يرقع والصاحب التقي يجر صاحبه إلى الخير.
وقد قالت العرب:
الصاحب ساحب.
وقال بعض الفلاسفة :
قل لي من صاحبك أقل لك من أنت.
وقد قال الشاعر :
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه
ففيه دليلٌ عنه بالطبع تهتدي
وصاحب أولي التقوى تنل من تقاهم
ولا تصحب الأردى فتردى مع الردى
ويقول الخوارزمي:
لا تصحب الكسلان في حاجاته
كم صالح بفساد آخر يفسدُ
عدوى البليد إلى الجليد سريعة
والجمر يوضع في الرماد فيخمدُ
وكان سفيان بن عيينه -رحمه الله- يتمثل قول الشاعر :
لكل امرئ شكل يقر بعينه
وقرة عين الفسل أن يصحب الفسلا
فالعاقل في هذه الحياة يصحب إنساناً ينفعه يوم الدين.
فقد ثبت في الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم أن إنساناً يؤمر به في النار ويكون له أخ في الدنيا ، فيذهب إلى الله عز وجل ويبقى يطلب من الله ويلح على الله في الدعاء والسؤال ، ويقول : يا رب ؛ إن فلاناً أخي ، كنا نصلي معاً، ونصوم معاً ، ونفطر معاً ، وأدخلتني الجنة وأدخلته النار ، فيقول الله له : اذهب وخذ أخاك وأدخله الجنة ، فقد يدخل الإنسان الجنة بأخ يصاحبه في الدنيا ، فاحرص على أن لا تصاحب إلا من هو أعلى منك ديانة وعلماً ، فإن قصرت فلعل الله ينفعك به .
الحديث:
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً لِلَّهِ فِي اسْتِقْصَاءِ الْحَقِّ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِإِخْوَانِهِمْ الَّذِينَ فِي النَّارِ يَقُولُونَ رَبَّنَا كَانُوا يَصُومُونَ مَعَنَا وَيُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ فَيُقَالُ لَهُمْ أَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ فَتُحَرَّمُ صُوَرُهُمْ عَلَى النَّارِ فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا قَدْ أَخَذَتْ النَّارُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ وَإِلَى رُكْبَتَيْهِ ” رواه مسلم (269) .
✍️✍️
السؤال:
ما رأيكم بمن يهدي زوجته أو أمه وردة حمراء في عيد يسمى “عيد الحب” ، وهل هذا مشروع؟
الجواب:
اتكلم عن العيد كتأصيل ليشمل حكم عيد الأم، وعيد الحب، وعيد العمال، وما أدري ما هو قادم من أعياد.
العيد لماذا سمي عيدًا؟
العيد مأخوذ من العود، فكل ما يعود ويكون موسمًا وهذا العود يكون في زمان أو في مكان .
هنالك أعياد زمانية مشروعة، وهنالك أعياد زمانية ممنوعة، وهنالك أعياد مكانية مشروعة، وهنالك أعياد مكانية ممنوعة.
فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه لما رأى اليهود يحتفلون بعيد لهم:
إن الله قد ابدلكم بعيدين خير من هذا الفطر والأضحى.
[عن أنس بن مالك:] كانَ لأهْلِ الجاهليَّةِ يومانِ في كلِّ سنَةٍ يلعَبونَ فيها فلَمّا قدمَ النَّبيُّ ﷺ المدينةَ قالَ كانَ لَكُم يومانِ تلعَبونَ فيهِما وقد أبدلَكُمُ اللَّهُ بِهِما خيرًا منهُما يومَ الفطرِ، ويومَ الأضحى.
الألباني (ت ١٤٢٠)، صحيح النسائي ١٥٥٥.صحيح. أخرجه النسائي (١٥٥٦) واللفظ له.
فالنبي صلى الله عليه وسلم نص أن لا نشارك غيرنا بالأعياد.
وأعيادنا بعد طاعات:
فعيد الفطر بعد طاعة صيام رمضان.
وعيد الأضحى في طاعة الحج.
وشعارنا في العيد التكبير والذبح، وقبله الصدقات.
هذا عيدنا، نفرح بما يسر الله لنا من خير.
فالعيد من العود.
العيد المكاني النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا تجعلوا قبري عيدا.
[عن أبي هريرة:] لا تتَّخِذوا قبري عيدًا، ولا تجعَلوا بيوتَكم قبورًا، وحيثُما كنتُم فصلُّوا علىَّ، فإنَّ صلاتَكم تبلُغُني. الألباني أحكام الجنائز ٢٨٠. إسناده حسن
كيف يكون القبر عيد؟
بالمعاودة.
أنت لا يجوز لك أن تشد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، لكن إذا كنت في المدينة فمن السنة أن تزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم. لكن وأنت في بيتك تريد أن تزور قبرا في موسم ما من المواسم، قبر ولي ، أو قبر نبي، أو قبرعبد صالح على وجه فيه مداومة، ويتخذ مرة تلو المرة، هذا عيد مكاني نهينا عنه. والزيارات التي يجوز لنا أن نعاودها لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومسجد الأقصى “. صحيح البخاري ( 1197).
فهذه أماكن لنا أن نعاودها مرة تلو الأخرى، وفي رواية عند أحمد لا تعمل المطي إلا في ثلاث بيت الله الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى.
فهذا الذي يجوز أن يعاود وأن يكون عيدا مكانيا.
أما العيد الزماني إنما هو الفطر والأضحى.
فكل من أراد أن يوسع في الأعياد الزمانية فلا فرق بين الأعياد الزمانية والمكانية، فكما أنه لا يجوز أن تتوسع في الأعياد المكانية، وأن الأعياد المكانية محصورة معلومة، فإن الأعياد الزمانية محصورة معلومة.
واحد منها محصور معلوم في الزمان وآخر منها محصور معلوم بالمكان.
ولذا كل عيد من هذه الأعياد إنما هو طريقة مخترعة تضاهي الطريقة الشرعية.
ولما وقع الجفاف العاطفي بين الأزواج احدث الكفار هذا العيد.
الرجل كيف يحتفل بعلاقة بينه وبين زوجه وهذه العلاقة متجددة ويومية.
فالأصل بين الأزواج أن تكون علاقة محبة ومودة، وعلاقة فيها عواطف، وهذه العواطف تكون ظاهرة، وهذا أمر منقبة وليس بمذمة.
اليوم بعض الناس يظن أنه إن أظهر حبه لزوجته يعتبر أن هذا فيه خدش للرجولة، ونقص، وهذا ليس بصحيح. القاصي والداني يعلم أن محمد صلى الله عليه وسلم يحب عائشة رضي الله عنها، وهذه سنة، أن يعرف خواصك وأقاربك أنك تود زوجتك وأنك تحبها وهي تحبك، هذا أمر حسن وليس بسيء، وهذا لا يخدش الرجولة أبدا، وهذا هو هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
فلما وقع الجفاف بين الأزواج أصبح يعالج بقضايا تافهة، وقضايا ساقطة وجعلوه عيدا، وهذا كله إشارات لجوانب سلبية.
وكذلك الأم لما ابعدت وأصبحت توضع في مكان خاص لكبار السن فأصبح الواحد يذكر أمه في ذاك الزمان.
من كانت أمه عنده فلماذا يخصها بعيد؟
وكل ما يلتقي بها الواجب عليه أن يبرها وأن لا يقول لها أف، وأن يدخل السرور على قلبها.
الموفق في سجوده يدعو الله أن يرزقه بر أمه وبر أبيه وفي مواطن الإجابة يرفع يديه ويدعو الله أن يرزقه برهما واسعادهما.
أما أن نجاري الكفار في مثل هذه الأعياد فلا.
فهذه كلمة مهمة في الأعياد نحتاجها، ونحتاج أن نفهم أن ديننا شامل كامل وافي، ومن أراد شيئا خارجه فهو المحروم.
والله كنت استغرب من الإمام البخاري وأنا اقرأ بسيرته.
فالإمام البخاري من عفة لسانه أو من خُلقه أو من طبعه لشيء ما تستطيع تُنزِله على أنه من صنيع أهل الدنيا، لو هناك راوي كذاب ماذا يقول عنه البخاري؟
يقول: فيه نظر، فلا يعرف أن يقول كذاب، هو لا يعرف أن يقول كذاب وهذا خُلق رفيع وعالي جداً.
تأمل صنيع أهل النار نسأل الله أن يبعد عنا أهل النار، في هذه الساعة اسأل الله جل في علاه أن يجعلنا من المقبولين.
يقول تعالى:
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ} هذا صنيع أهل النار، هم في النار ويقولون نجعلهما تحت أقدامنا.
الله ماذا يقول عن المؤمنين؟
يقول تعالى:
{ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ}.
المؤمن لا يعرف إلا الكلام الطيب في المُحب والمُبغض، فيقول الكلام الطيب وعنده عفة في اللسان ويسع الناس بالأخلاق ، كان شيخنا الألباني -رحمه الله- يقول كلمات، كان يقول: كنت في فترة أعتقد أن مصيبتنا في المعتقد -العقيدة- ثم تبيّن لي أن مشكلتنا في أخلاقنا، وأردء خُلُق على الإطلاق هو البغي، ولذا من حكمة الله كما ثبتت في الحديث الصحيح أسرع ما يُعاقِب الله بخُلُقين “البغي وقطيعة الرحم”
فالبغي.
قطيعة الرحم الله يُعاقِب عليهما نسأل الله أن لا نكون من المُعَاقَبين.
في بغي، والواجب علينا العدل، في بغي بيننا، مثلا الأخ فلان خالفني في مسألة والخلاف فيها واسع واختلف فيها من قبلنا فيصبح أنا الآن همي أسقط فلان وهو يسقطني وأنا أتكلم وهو يتكلم، أنا أزيد فتر وهو يزيد شبر، الشبر أزيده أنا باع وهو يزيد ذراع وهكذا وتبدأ كما يقولون بشرارة، ومشكلة كل الدعوات الحزبية هذه الأيام تكمُن في أن أصحابها غيرُ مؤصلين علمياً، الذي ليس عنده تأصيل علمي سيتعبك شديدا.
لذا نصيحتي لإخواني أن يحرصوا على العلم الشرعي وأن يمتثلوا ما دلَّ عليه العلم الشرعي الوارد في نصوص الكتاب والسنة ويُمّتَثَل ، وعلى أن يكون خُلق، وهذا الخُلق يكون منطبعاً في النفس ولا يكون هذا الخُلق خُلقاً يتفلت صاحبه منه.
الأخلاق قسمان:
الله عز وجل خَلَقَ الناس عليها، وهذه الأخلاق سجية لصاحبها فيكون طبعه هكذا وهذا النوع الأول.
والأدلة عليه كثيرة ومن أشهرها قول النبي صلى الله عليه وسلم في ذاك الرجل الذي جاءه يوماً كان رجل شاب لمّا دخل الوفد المدينة ومع هذا قال النبي صلى الله عليه وسلم خير أهل المشرق -وافد الأشجّ عبد قيس- فهذا الأشجّ عبد قيس كان رئيس الوفد وكان مسؤولاً عن الوفد كان فيه شجّة -ضربة ظاهرة في الرأس، فالناس لما وصلوا المدينة تفلّتوا وذهبوا للنبي صلى الله عليه وسلم وهم في شوق كبير من البحرين إلى المدينة أن يروه، فالنبي صلى الله عليه وسلم فرح به فقال له صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ : الْحِلْمُ، وَالْأَنَاةُ”.
في رواية قال كتب الله لي ذلك؟ قال نعم.
ولذا في الحديث المرفوع والدارقطني يقول عنه موقوف عن ابن مسعود في العلل قال: ” إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ، كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ”.
فهناك أخلاق كتبها الله تعالى وجُبُل الناس عليها فهذه السجية.
من أطهر السجايا؟
محمد صلى الله عليه وسلم، محمد جعله الله قدوة للأمة، ومحمد صلى الله عليه وسلم سماه الله بمحمد وأحمد، وقالوا أن محمد هو مجمع الخصال الحميدة، وأحمد الذي بلغ الغاية في كل خصلة من هذه الخصال.
الناس بخصالهم يتفاوتون، بعض الناس قد يكون مجبول على الكرم، ممكن يكون أكرم من شيخ الإسلام لأنه هو مجبول عليه، وآخر مجبول على الشجاعة.
تأمل معي الآية الآن قول الله عز وجل:
{ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.
تأمل التركيل البلاغي، للآية.
لو كانت الآية هكذا لقد كان لكم رسول الله أُسوة حسنة.
ما الفرق بين التركيبين؟
قدوتنا ليس أبا بكر ولا عمر وإن كان الذي يقرأ ويفلي شخصية أبو بكر وعمر خاصة يجد أن الشخصيتين مجموعتين أشبه ما تكون بالنبي صلى الله عليه وسلم، مجموعتين ليست واحدة فقط ليس أبو بكر فقط ولا عمر فقط بل الشخصيتين مجموعتين أشبه الناس بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم.
لقد كان لكم رسول الله أُسوة حسنة، ولقد كان لكم في رسول الله أُسوة حسنة، قالوا “في رسول الله” دلالة على الحصر.
وأنا أدعو إخواني واحبائي إلى أن نكون أصحاب خُلق حسن ولاسيما مع مخالفينا وكذلك المطلوب منهم شرعاً وليس مني، بل من الله عز وجل أن يُمسكوا وأن يقلعوا وأن يتوبوا إلى الله عز وجل من جمع علماء الإسلام مع اليهود هذا ظلم وحرام، وهذا لا يقوله منصف ولا يقوله عاقل، الواجب علينا أن نعترف بالإنصاف والخلاف كما قلت بين هذه المدارس العقدية والمشارب الفقهية خلاف أصيل وعميق خلاف ممتد وله جذور ولا يستطيع أحد أن يوقفه لكن يستطيع كل أحد أن يكون منصفاً وأن يكون مع الله عز وجل وأن يتقي الله عز وجل في كلامه، فإن تكلم فيتقي الله جل في علاه في كلامه.
مداخلة الأخ السائل:
شيخنا ممكن أن نستشف من كلامك هذا أن ما أصابنا اليوم ما أوتينا الا من قبل ذنوبنا؟
الشيخ مشهور:
بلا شك.
قال تعالى:
{ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}.
لو أصابنا بذنوبنا من غير فضل من الله وعفو قال: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ}.
وحقيقة هذا فرق بين المُتَّبِع للكتاب والسنة وبين ذاك الصنف الطائش، المُتَّبِع للكتاب والسنة والدارس لحياة الأنبياء إذا وقع في مشكلة كما وقع يونس عليه السلام لمّا وقع يونس عليه السلام وبلعه الحوت ماذا قال؟
قال: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، ردَّ المشكلة والأمر لنفسه.
فالمُتّبع للكتاب والسنة يعلم هذا ومتيقن من هذا، لكن الغير مُتَّبِع للكتاب والسنة يبدء بالتفتيش عن أخلاق وعن مساوء الآخرين ولا يُعلق الغلط به، والفرق كبير بين هذا وذاك.✍️✍️
السؤال:
هل صحيح ان ترك باب الخلاء أثناء الاستخدام مفتوحا مكروه، هل هناك دليل على ذلك، خصوصا إذا كان عندي أطفال واضطر تركه مفتوحا؟
الجواب:
أما ترك باب الخلاء أثناء الاستخدام مفتوحاً ولا سيما إن كان هنالك أطفال والأم تخشى عليهم ، فلا حرج في ذلك.
كان الأمر في العهد الأول الأنور لما يقضوا الحاجة يذهبون إلى الخلاء ، ما كانت هنالك مراحيض.
المهم أن لا يرى الرجال ، وألا يقع المحظور ، البنت لها عورة على أبيها وعلى أمها ، إلا إن كانت قاصرة ، فإذا كانت قاصرة و تكون تحت رعاية الأم والأم تبقي الباب مفتوحاً قليلاً حتى لا يقع ما لا يحمد عقباه أو يقع شيء لا ترضاه وتبقى هذه البنت الصغيرة بحكم صغرها تحت المراقبة ، لا حرج في ذلك.
مع التنويه والتنبيه أن علمائنا رحمهم الله تعالى يتساهلون في حق النساء مع الأولاد أكثر من تساهلهم في حق الآباء مع الأولاد ويظهر هذا في الجنازة ، فيذكرون أن البنت التي لم تبلغ إن ماتت فلأمها أن تغسلها ولكن ليس للوالد أن يرى العورة من البنت التي قاربت على البلوغ وإن لم تبلغ ، فيتساهلون في موضوع كشف العورة على الأمهات أكثر من تساهلهم مع الآباء ومربط الفرس في هذا الباب كله الحفظ والصون والعفة.
والله تعالى أعلم.✍️✍️
السؤال الأول يقول:كيف نوفق بين طلب العلم وتزكية النفس؟
الجواب:
لا تعارض البتة بين تزكية النفس وبين طلب العلم ، بل قال غير واحد من السلف : ” طلبنا العلم لغير الله ؛ فأبى الله إلا أن يكون له “.
فاطلب العلم واثبت عليه ، واسأل ربك جل في علاه الإخلاص فيه ، وجاهد نفسك على الإخلاص ، فالعلم من حسناته وكله حسنات، أن من طلبه لغير الله، فإن صدق في الطلب؛ فإن النية تتحول إلى أن تكون لله عز وجل، طلبنا العلم لغير الله فأبى الله إلا أن يكون له.
لكن هنالك مزالق في طلب العلم ينبغي أن يبتعد عنها الطالب، والطالب كلما كان ضعيفاً أحتاج إلى أستاذ يعلمه ويرشده، ولا سيما في بدايات الطلب، فإذا الإنسان بدأ يجرد وبدأ يقرأ دون فهم ، فيحفظ أشياء من هنا ومن هناك و دون قواعد ودون فهم ، خصوصاً إذا بدأ يمتحن من يعلمه من المشايخ في جزئيات يسيرة حفظها من هنا وهناك ، فيصيبه داء التعالم ، فيصبح لسانه يقول : لو أن العلماء اجتمعوا بين يديّ في صعيد واحد ثم نفخت عليهم نفخة واحدة لأصبحوا هباءا منثورا، بعض الناس هذا حالهم نسأل الله العفو والعافية.
ولذا طالب العلم في البدايات يحتاج أن يعرف علوم الآلة وأن يحفظ شيئاً من كتاب الله وأحاديث النبي ﷺ ، ثم يؤخِّر مرحلة جرد المطولات والكتب الطويلة إلى آخر حياته.
طالب العلم ينبغي أن يجد ويجتهد ، وينبغي أن يستفيد من وقته ، طالب العلم يبز أقرانُـه إن استفاد من وقته ، طالب العلم ما يَعرِفُ فراغاً، طالب العلم متى عمل في عمل فبعدها يرجع طالب علم .
بعض الناس كيف يقرأ ؟
يقول : أنا أقرأ على المزاج !
لا ، طالب العلم لا يُعرَف عنه إلا القراءة ( إما أنه يُحضر وإما يحفظ وإما أنه يَجرُد) ، وكما قلتُ: جَرد المطولات يكون في المرحلة الأخيرة.
طالب العلم يحافظ على كل دقيقة من وقته، وهذا الأمر من أجل الطاعات، قال الإمام أبو حيان في البحر المحيط في تفسير قول الله تعالى : {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة : 97].
قال : الأعرابي هو الذي لَم يَـسُسه سائس، ولَم يجثو على الرُّكَـب بين يدي العلماء ؛ فهذا أجدر أن لا يَـعلَم حدود ما أنزل الله.
طالب العلم ينبغي أن يُساس -هيِّن ليِّن- ، وينبغي أن يجثو على الركب بين يدي العلماء، حتى يبتعد عن كونه أعرابياً.
لَـمَّا تَترك رعونات النفس ، لَـمَّا تُزكِّي نفسك، فمعنى أنك أقبلتَ على العلم ، ومعنى أنك جثوتَ على الركب بين يدي العلماء ؛ أنت زكَّـيتَ نفسكَ ، هذه بداية التزكية، فلا تعارُض بين التزكية وبين العلم.
⬅️ ندوة *الفتن وسبل النجاة منها* لشيخنا مشهور بن حسن أل سلمان والتي ألقاها في الدار البيضاء بالمغرب يوم الخميس ١٨ جمادى الآخرة ١٤٤١ هجري.