زوجي كان يملك محلًا لبيع اللحوم البلدية فهل ينبغي عليه أن يخرج زكاة سنوية؟
الجواب :
ليست الزكاة على من يملك محلًا، الزكاة على من ملك النصاب وحال عليه الحول، فحينئذ الواجب عليه الزكاة.
من كان له محل وما دخل عليه مبلغ، وهذا المبلغ لم يصل للنصاب، وإنما الذي يدخل عليه ينفقه على نفسه وأهله وما صار عنده نصاب ولا حال عليه الحول ليس عليه زكاة.
مثلًا: واحد جزار (لحام ) يبيع ويشتري، وموفق في بيعه وشرائه وينفق على أهله والذي يدخل من المحل ينفقه على البيت، ما عنده لا نصاب ولا حولان للحول، هل عليه زكاة؟
السؤال الرابع عشر :
ما هي أوجه النفقة في سبيل الله في أيامنا هذه؟ لو تذكر لنا نماذجاً.
الجواب :
الصدقة في سبيل الله على ضروب وألوان.
وأهل العلم يقولون: الصدقة كلما سدت حاجة كانت أقرب إلى الله تعالى.
ناس تشكوا الجوع ولا تشبع، والفقر مدقع: فإطعام الجائع خير من بناء المسجد.
ناس ميسورون، والمسجد في بعض المناطق غير موجود: فبناء المساجد أفضل.
الشاهد أن أهل العلم يقولون: الصدقة كلما سدت حاجة كانت أقرب إلى الله عزوجل.
ولذا أُمرنا بالشرع ان نطعم الأسير، {ويطعمون الطعام على حبه} [الإنسان: ٨].
الهاء تعود على الطعام؟ هذا الظاهر، وفي القواعد العربية الضمير يعود إلى أقرب مذكور، وغير واحد من السلف قال : يطعمون الطعام على حبه، الهاء تعود على الله، مع أن الله غير مذكور في الآية.
والعرب في الشواهد الشعرية يعيدون الضمير على شيء غير مذكور، وهذا معروف عند العرب.
لكن يطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا؛ فتطعم الأسير الذي جاء يقاتلك؛ لأنه في حاجة، الأسير لن يجد من يطعمه فإذا أنت لم تطعمه ما يطعمه أحد.
بل دابة – أجلكم الله- كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “بينما رجل يمشي فاشتد عليه العطش فنزل بئراً فشرب منه ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي فملأ خفه ثم أمسكه بفيه، ثم رقى فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجراً؟ قال: في كل كبد رطبة أجر “. [صحيح البخاري: 2190].
امرأة من بغايا بني اسرائيل أدخل الله الرحمة في قلبها على كلب عند بئر؛ يرى الماء لكن لا يستطيع أن يشرب، فأخذت خفها – أي نعلها- تغرف في خفها فتسقيه فغفر الله لها.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها به).
صحيح البخاري ٣٢٨٠.
فوجود الشفقة في قلبك على المحتاج والفقير، وأن تطعمه مما تحب؛ هذه من ألوان النفقات.
والنفقة أيضا لسد الحاجات، فالنفقة كلما سدت حاجة كانت أقرب إلى الله تعالى.
السؤال السابع عشر:
هل من كلمة للآباء والأمهات الذين تركوا أولادهم مع صحبة السوء؟
وهل من كلمة للقائمين في منزل المسؤولية في المدارس الخاصّة والعامّة، فالأمر جلل يا شيخ، فهناك بعض الطلبة في أعمار متفاوتة؛ في الصف الثامن والتاسع وغير ذلك يحملون الجوّالات وفيها ما فيها من سوء، وينشرون الفساد بين زملائهم، أرجو مخاطبة المعلمين والإداريين في المدارس ماذا يصنعون في هذه الظاهرة ؟
الجواب:
أولاً: الواجب على المدرس أن يعامل الطلبة كحبّه لمعاملة أولاده، والأولاد أمانة في أعناق الآباء وفي أعناق المدرَّسين، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: *” كُلُّكُمْ راعٍ وَ كُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِه ِ”* .[البخاري ومسلم].
وتربية الشباب تحتاج إلى فن، ومن أهم الوسائل لتكون أباً مربياً أن تقدر هذا الشاب، وأن تتعامل معه على أنه بشر وليس بمشكلة.
ومن فقد هذا الأمر لا يستطيع ألبتةَ أن يربّي شابّاً.
ولذلك قال بعض السلف قديماً : “ولدك في السبعة الأولى ريحانةٌ تُشَمّ، وفي السبعة التي تليها خادم مطيع، وفي السبعة التي تليها إمّا صديقٌ وإما عدو”.
يعني من واحد إلى سبعة يكون ريحانة تلاعِبه، ومن سبعة إلى أربعة عشر خادم ترسله في حاجاتك، ومن أربعة عشر فما فوق إما صديق وإما عدو.
ولذا من العبارات الجميلة التي يردّدُها الناس في مجالسهم اليوم: “ابنك لما يَكبُر تخاويه”.
يعني بعد الأربعة عشر يصبح أخاً لك، وأخوك ما يمكن إلا أن تُلاطفه وإلا أن تسايره.
فولدك لمّا يبدأ يفهم ليس بمشكلة، لكن ولدك ينبغي أن تربيه وينبغي للمربي أن يعامل المتربي بحاجته هو وليس بحاجتك أنت.
أنت ما شاء الله كبُرت وفهمت وعلمت وأصبحت تدرك الأمور على وجه فيه معرفة لحقائق الأشياء، وأنت مرتاح وعندك زوجة وولدك ليس كذلك.
وكان الله عزوجل في عون الشباب، والله الذي لا إله إلا هو إني أدعو للشباب وأُسمي بعض الشباب من أحفادي، و بعض من أحب ممن أرى في المسجد من الصغار وأسأل الله عزوجل لهم الثبات.
الأمور صعبة وصعبة للغاية وليست بسهلة، والمربي ينبغي أن يرعى، ومن رعيتَ في التربية فزلَّ فاغفر له زلته ولا تُعيّره بها وخذ بيده لتوقظه ولتقيمه ولا يبقى منبطحاً على وجهه.
فالمربي ينبغي أن يضع خطة وأن يفهم بأنه يجب عليه أن يحفظ أسرته، وأن يحفظ من يربيهم، سواء أكان مدرساً أم مديراً أن يحفظهم من كل آفة ومن كل سوء ومن كل شر ومن كل ضر فهذا واجبٌ على المدرس.
الأمر الأهم في هذا الموضوع أن تعامل الولد على أنه بشر وليس بمشكلة، إذا عاملته على أنه مشكلة وأصبحت تعيره، وتتكلم معه بكلام ولا تقيم له وزناً.
فحينئذ يحمل لك السيجارة بطريقة ويقول لك يا أبت أنا موجود، أو يضع في يديه أساور ويقول لك أنا موجود أنا بشر.
فأنت قبل ما ولدك يسلك مسالك ليست سديدة أَشعِره بوجوده وأَشعِره أنه حاضر وأنك تحبه وأنه وأنه…. إلخ.
فإذا سلكت هذا الأمر بدأت بطريقة صحيحة في التربية؛ وهي أن تُشعر الشاب أنه موجود وحاضر، وهذا من المواضيع المهمّة جداً في مواضيع التربية.
فابنك لما يبدأ يفهم أَشعره أنه رجل، وأَشعِره أنه حاضر ولا تهمله ولا تعنفه ولا تشتمه.
كثير من الأباء اليوم- للأسف- يقول لك : أنا أربّي وابني لا يستجيب!.
حبيبنا أنت لما تربي ابنك كيف تربّيه؟ كيف يُربي الأباء الآن أبناءَهُم؟ بالبهدلة !
هل هذه تربية؟!! هذه ليست تربية.
يعني تبقى تشتم ولدك، وتبقى تعنّف ولدك، وتبقى تُسمِعه كلاماً سيئاً.
وللأسف آثار التربية – أنا أحب كل الحضور – ولكني والله عَتِبٌ وفي قلبي عَتبٌ على كثير من الحضور، وفي قلبي عَتَبٌ على أهل مسجدنا هذا، أنا لا أخصُّ أحداً فأنا أحب الجميع، ولكن في قلبي عتب.
والله نحن الذين نصلي في هذا المسجد لو أحضرنا أولادنا إلى المسجد، والله لكنا على أقل تقدير ضعفين، أو ثلاثة أضعاف من حيث العدد.
كثير من الناس يصلي كل صلوات اليوم في المسجد، ولكن أين أبناؤك؟ لا يأتون للمسجد! يأتي الأب لوحده، ولماذا تأتي وحدك؟
أنت لماذا تأتي من بيتك إلى المسجد وحدك أين أولادك؟ لماذا لا تأتي بهم إلى المسجد؟
إذا كنت تُعظِم وتُكبِر وترى صلاحاً وتوفيقاً من الله عزوجل لما ترى رجلاً يدخل المسجد
ووراءه ولدين أو ثلاثة أو أربعة يحضرون معه الجماعة.
أنت تقدره وأنت تحترمه وترى أن هذا الأب موفق، وهذا الأب قد أعانه الله جل في علاه على هذه التربية.
تربية الولد أن تأتي به إلى المسجد، ما تُبقي أولادك في الدار نائمين، وأن تأتي إلى المسجد وحدك فقط.
أنت قصرت في قول الله عزوجل:{قُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِیكُمۡ نَارࣰا} [التحريم: ٦].
طيب أين التهذيب وأين التعليم وأين الأمر وأين النهي وأين التواصي بالحق وأين التواصي بالصبر؟!.
فهذا واجبٌ على كل مسلم، وأكثر ما يجب على من يتولَّ التربية وهم الآباء والمعلمون.
وأمّا الجوال فماذا تصنع في الجوال الذي في يد الولد؟
هل من السُنّة صلاة ركعتين قبل الدخول بالزوجة؟ ومتى تصلى إذا كان؟ وهل يشتَرَط أن يكون الدخول بالزوجة مباشرة؟
الجواب:
من السُنّة إذا اجتمع الذكر والأنثى في الخلوة أن يبدءا حياتهما بصلاة ركعتين، وصح هذا عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالرجُل لما يبني بأهله قبل أن يعاشرها يبدأ بصلاة الركعتين.
ومَن الإمام الآن؟
اليوم في واقع الحياة الزوجة هي الإمام، في واقع حياة الناس الزوجة هي التي تقود الرجل.
ما يغرّك كثير من الرجال، كثير من الرجال هذه الأيام أبواق لرغبات النساء، الرجولة ماتت- إلا من رحم الله عز وجل-.
وإن أردت أن تعرف حال الزوج مع الزوجة انظر إلى علاقات الأسرة مع الأقارب:
– إذا العلاقات متذبذبة: القائد الزوجة.
– إذا العلاقات ثابتة وراسخة: القائد الزوج.
المرأة تغلب عليها العاطفة.
فالشاهد: يُسنّ صلاة ركعتين، ويقرأ الزوج وهو الذي يكون إماماً.
والدخول لا يلزم مباشرة، قد تزفّ لرجل عروساً وهي حائض؛ هذا ممكن ولا غير ممكن؟ فلا يجوز له أن يمسّها، فيحرم على الرجل أن يطأ أهله وهي حائض فلا يلزم هذا، لكن الواجب أن يعفّ الرجل المرأة.
السؤال الحادي عشر: ما الفرق بين استغفار الولد لوالديه والدعاء لهما؟
الجواب:
الاستغفار نوع دعاء والدعاء أشمل من الاستغفار.
الاستغفار أن تقول اللهم اغفر لوالدي.
الدعاء أن يغفر الله لهما وزيادة.
ماذا تعني الزيادة؟: اللهم إن كانا محسنين فزد في إحسانهما اللهم إن كانا مسيئين فتجاوز عنهما اللهم أدخلهما جنتك فهذا دعاء.
الاستغفار دعاء بمغفرة الذنب وأما الدعاء فهو عام.
ومن العقوق عقوق الأبناء للآباء أن يترك الولد الدعاء لأبويه بعد وفاتهما هذا من العقوق، وكم من إنسان عاق نسأل الله عز وجل العفو والعافية.
بر الوالدين لا ينتهي وبر الوالدين يكون في الحياة ويكون بعد الوفاة.
كيف تكون باراً بأبويك بعد الوفاة؟ أقل شيء الدعاء، وثبت في صحيح مسلم (١٥١٠) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لا يَجْزِي ولَدٌ والِدًا، إلّا أنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فيُعْتِقَهُ).
الولد إن أراد أن يجازي أباه بما صنع له، فقد علَّق النبي صلى الله عليه وسلم ذلك على أمر مستحيل وهو أن تجد أباك مملوكاً فتشتري أباك فتعتقه.
والولد إن كان حراً فالوالد يكون حراً، فقال أهل العلم شراح الحديث معنى هذا القول أن النبي صلى الله عليه وسلم علَّق هذا الأمر على مستحيل وهو أن يجد الرجل أباه مملوكاً فيشتريه فيعتقه.
يعني: إذا أردت أن تجازي أباك فهذا الأمر الذي تفعله أن تجده عبداً مملوكاً فتشتريه فتعتقه هذا أمر مستحيل.
وتعليق الشرع الأمر على المستحيلات مذكور في كتاب الله وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
أما في قول الله عز وجل فهو في قوله (قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ) [الزخرف: 81].
وأما في الحديث؛ فقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم (٥٣٧) قال: (كانَ نَبِيٌّ مِنَ الأنْبِياءِ يَخُطُّ،فمَن وافَقَ خَطَّهُ فَذاكَ).
وهو إدريس عليه السلام على أرجح الأقوال يَخُطّ.
يأتيه الغيب من الخط يأخذ شيئاً ويخط في الأرض خطوطاً ، وهو يخط الله يلهمه ويبين له الغيب الذي أطلع الله من شاء من أنبيائه عليه.
فمن وافق خَطُّه خطَّ ذاك النبي فذاك: أي: فهو يعرف الغيب.
وهذا دليل من الأدلة أن الغيب لا يعرفه إلا الله وأنه من الغيب الذي أطلع الله أنبياءه عليه كما قال سبحانه وتعالى: ﴿عالِمُ الغَيبِ فَلا يُظهِرُ عَلى غَيبِهِ أَحَدًاإِلّا مَنِ ارتَضى مِن رَسولٍ فَإِنَّهُ يَسلُكُ مِن بَينِ يَدَيهِ وَمِن خَلفِهِ رَصَدًا﴾ [الجن: ٢٦-٢٧]، في كلام طويل وكثير.
السؤال العاشر: هل يجوز للرجل الذي يريد أن يتزوج أن يُقسط المهر على دفعتين؟
الجواب : يجوز أن تتزوج دون أن تدفع مهرا مُعجلا وأن يكون المهر في ذمتك كُلُّه مؤجلا.
تقول لولي أمر المرأة: أنا الآن لا أستطيع أن أدفع مالا لكن أرجوا الله جل في عُلاه أن أستطيع الدفع، فلا حرج.
فليس الزواج فقط للغني، بل لمن يستطيع أن يجعل الزوجة تعيش دون أن تسأل الناس ويستطيع النفقة عليها، فهذا الذي يُزوج.
لذا علماؤنا الكبار وعلى رأسهم سعيد بن المسيب في قصه تزويجه لفاطمة، وقد طلبها والي زمانه لتكون زوجه لولده فأبى. خاف إذا زوجها له أن تُفتن خاف على دينها وكانت إمرأة فقيهة.
فانقطع عن درسه بعض طلبته فذهب إليه فزاره، فأخبره بأنه انشغل بزوجه (وقد ماتت)، وأن له أولادا منها، فقال له: هل تتزوج من ابنتي؟
لأنه رأه طالب علم ورجلا على صلاح، وعفيفا ولكنه ليس بمليء، وهل يلزم لمن يريد للزواج أن يكون مليئا؟
الجواب: لا، لكن أن يستطيع النفقة فهذا واجب.
وهذا المراد بقول النبي ﷺ (بالبَاءَة) في حديث عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: « قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ! مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
فما معنى الْبَاءَة؟
الغنى؟ لا.
الباءَة: هي أن تستطيع النفقة.
فشخص يستطيع النفقة، و لكن لا يوجد عنده مهر كبير، ولكن لا يسأل الناس ويدفع المهر مع الوقت، هل يجوز أن يتزوج؟
قولا واحدا عند أهل العلم يجوز له أن يتزوج.
فالزواج ليس للغني فقط، ويجوز الزواج دون أن تدفع مهرا حالا، ويكون المهر كله في ذمتك بعد حين.
فزوّج سعيد ابنته لهذا التلميذ الفقير، ثم لما رجع خشي أن يبيت التلميذ ليلة وله زوجة، وأبوها قد حبسها عنه، فقال لابنته: إلبسي والحقي بزوجك.
فالشاهد في موضوع الزواج هو أن الزواج عِفة.
والزواج كلما كان المهر قليلا كانت البركة شديدة.
والزواج ليس حاجة للرجل فقط، وإنما هو حاجة للرجل والمرأة وأرجو الله أن يُفهِّم الآباء هذا الأمر .
فالذي يُحِب الستر لموليّاته لبناته وأخواته فهذا يتعجل في الزواج وهذا يختار الرجل الصالح.
لما جاء موسى عليه السلام لشعيب (قالوا: جاء لشعيب وقالوا لرجل صالح والراجح أنه لرجل صالح وليس شعيبا)، قالت البنت لأبيها:{ يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: ٢٦]
لما إلتقى بموسى عليه السلام ماذا قال له؟
قال له : {َ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْن…}ِ[القصص: ٢٧].
فالأب العاقل يفهم، لما البنت تقول لأبيها ( يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِين) فهِم الأب أنها ترغب به زوجا.
فماذا قال له وحتى يستر على البنت؟
لم يقل إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَك فُلانة فسمّاها بل قال ( إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْن).
من البنت التي يريد أن يُنكِحَه إياها؟
التي قالت ( يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ).
هكذا الأب يفهم الأمور (كما يقولون: وهي طايرة) يفهم ماذا تريد البنت.
فوالله الذي لا إله إلا هو إن بعض البنات وهي في الطريق وهي تمشي تقول لكل من ينظر إليها: (أنا أُريد زوجا)، وهي تمشي في الطريق دون كلام.
فإذا كان الأب يفهم يعرف هذا الأمر .
هذه حاجة، الزواج حاجة، فكما أن للرجل حاجة بالمرأة فإن المرأة لها حاجة بالرجل.
فالأب الذي يمنع زواج ابنته من أجل دنيا، ومن أجل الراتب، ومن أجل وظيفة هو مجرم من المجرمين.
والله الذي لا إله إلا هو تتصل بي بنت تقول: أبي مات ومنعني من الزواج من أجل راتبي، ولا أجد قلبا لي أن أرفع يدي وأدعوا له، بل نفسي تحدثني بأن أدعوا عليه، فسأبقى خادمة لزوجات إخواني إلى يوم الدين،
هذه إمرأة مظلومة.
وهذه جريمة تسمى عند العلماء (جريمة العضل) والله يقول: {ولا تَعْضُلُوهُنَّ} [النساء: ١٩].
متى يكون الرجل عاضلا لمُولّيته أو إبنته؟
إذا جاء كُفؤ لابنته ولا يلزم أن يكون غنيا، ودفع مهر المثل؛ فإن دفع مهر مثيلاتها من النساء وكان كُفؤا فامتنع الأب فهذا عَضْل، وفي الشرع العلماء يقولون: تنتقل الولاية منه إلى الولي الذي هو بعده.
يُزوجها عمها أو أخوها إن كان كبيرا بالغا ويحرُم شرعا مايسمى عضْل المرأة.
خطبة الجمعة يُسن أن تكون قصيرة ويُسن أن يقرأ الخطيب في الصلاة الأعلى والغاشية كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فقد روى الإمام مسلم (٨٧٨) عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية).
فمن تعبد الله تعالى بغير الأعلى والغاشية واختار آيات تناسب الخطبة على وجه الدوام فقد خالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة ويقرأ هاتين السورتين.