[ هل “أولياء الله” هم طبقة خاصة ]

[ هل “أولياء الله” هم طبقة خاصة ]

قال تعالى:
{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}
[يونس : 62]

انتبه!
هل ولي الله يخطئ؟
نعم، يخطئ.

ألم يقل النبي ﷺ:
“كل ابن آدم خطّاء”؟ الأولياء من البشر، صحيح؟
والنبي صلى الله عليه وسلم ماذا قال عن البشر؟ قال: “كل ابن آدم خطاء”، الولي يخطئ، ولأن عندنا عرقًا صوفيًا يتوقع أن الولي لا يفعل شيئًا فيه خلل أو فيه زلل، أو أنه لا يخطئ وهو معصوم، هذا التصور الصوفي باطل يخالف النصوص الشرعية.

أنا وإياك قد نكون أولياء لله عز وجل، إذا عظّمت أمر الله، أنت ولي لله عز وجل ، إذا قمت بالفرائض أنت ولي لله سبحانه وتعالى، فلما تقرأ قول الله: “ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم،،،”، ؛ مباشرة تستثني نفسك بل تستثني كل من تعرف من المؤمنين، تقول: “هؤلاء الأولياء، هذه أولياء الله طبقة خاصة، وهؤلاء يعني كأنهم ليسوا بيننا، كأنك ما رأيت وليًا لله”.
ليس هكذا ولي الله، أقول لكم شيئًا زائدًا:
ولي الله قد يقع في المعصية، وولي الله قد يقع في الحد ، ويُقام عليه الحد وهو ولي ؟!
نعم ، لأنَّ الولاية تتجزأ، ففيما أخطأ فيه هو ليس وليًا لله، وفيما كان فيه من عبادة وقربة وتلاوة وذكر وصلاة، فهذا من أولياء الله عز وجل.

قال تعالى:
{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}
[يونس : 62]

فولي الله عز وجل الذي انقطع لعبادته وجاهد نفسه، فإن سرق منه الشيطان شيئًا فحينئذ تتجزأ الولاية، هذا ليس وليًا فيما فعل، لكن لا تستطيع أن تقول إنه ليس وليًا لله بما فعل من الطاعات، فالولاية تتجزأ ، وفكرة التجزؤ تجعلك منصِفًا وتجعل الأشياء في أماكنها وتضعها في موضعها ولا تبقى خياليًا.

وأختم مرة أخرى بشيء مهم، أن النصوص الشرعية من صفتها أنها عملية، النصوص الشرعية من سمتها أنها عملية، أسأل الله أن يعلّمنا وإياكم، لماذا جاءت الرخص في الشريعة؟ مثل “الرخص جاءت في المحظورات”، “وإذا ضاق الأمر اتسع” وما شابه.
حتى تبقى الصفات، حتى تبقى سمة العملية في النص الشرعي.

كل الرخص جاءت حتى لا نَسلب النص الشرعي صفة العملية، فالنص عملي، ولذا علماؤنا رحمهم الله يفرّقون بين العلم وبين الفتوى، أنا قد يسألني سائل فأجيز له في فتوى شيئًا لا أستطيع ولا أجرؤ أن أقرره في مجالس العلم، يعني أنا قد يسألني سائل فيضيق عليّ، أنه أمامي خيارين: إما كذا أو كذا، فهو يريد أن يعرف حكم الله، فأنا أرشده إلى أخف الضررين، لكن وأنا أدرّس مثلًا في البيوع، ما أستطيع أن أقول للناس:
“أنا أقرره في الدرس”، لأنه هذا ممنوع، أنا أقرر منعه، لكن لما يسألني رجل وأنا لما يقع بين خيارين أنا أقرر له الأخف ضرراً ، فالفتوى شيء، والفقه شيء.

ولذا مسألة الرخص والعملية فيها قد يضطر الإنسان لأن يفعل شيئًا وهو معظِّـم لأمر الله، وهو ولي من أولياء الله عز وجل.

هل تستطيع أن تنفي الولاية عن كل من يتعامل مع البنوك؟
ما تستطيع، ما تستطيع.

هذا مدرس صالح وله صلة بالبنك براتب بكذا، تقول هذا ليس وليًا لله عز وجل، ما تستطيع.

فالشاهد الذي أريد أن أقوله:
{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس : 62]

هم موجودون والولاية تتفاوت مقدارها من شخص لشخص، يعني الولاية ليست على درجة واحدة، فالولاية في هذا الزمان ليست كالولاية في القرن الماضي، وفي القرن الماضي ليس كالقرن الذي قبله، أما أن تجعل نفسك مجتهدًا تقول: “الولاية تعطلت في القرن الرابع” أو “في القرن الخامس”، هذا افتئات على الله، تقول: “الأولياء ما قبل القرن الثالث، ما بعد الثالث ليسوا أولياء”، هذا غلط.

ولذا لما نقرأ قول الله عز وجل الآيات، ينبغي أن نستحضر أن هذه الآيات تشمل جميع الخلق، طيب، لما أخونا قال: “أولياء الله”، تشمل جميع الولي، تشمل جميع الأمكنة، جميع الأزمنة، ممكن ولي يكون عايش في أوروبا؟ ممكن، عايش في أمريكا أو في كندا؟ ممكن ولي يكون وزير ومسؤول؟
ممكن.

موسى عليه السلام أين عاش؟
موسى عليه السلام نبي ليس ولي، نبي، أين عاش موسى عليه السلام؟
في بيت فرعون.

فأنت تنظر للولاية بالمنظور الضيق وتبدأ تجتهد في موضوع الولاية!

الولاية حفظ الله لك، الولاية كما قال الشافعي قال: “الولاية هي الاستقامة”.

وأختم بعبارة جميلة، تقرير بديع للغاية، للبُلقيني، سِراج الدين البلقيني، هو اسمه بُـلقَيني (بفتح القاف) ، يقول:
“فتوحات الله تعالى على العلماء أظهرُ في الولاية من خرق العادات لهم”.
أي أن يفتح الله عليك، بأن تستنبط وأن تفهم من النصوص قضايا بطريقة العلماء السابقين ؛ هذه ولاية أظهَر من أن يخرق الله لك عادة، أو أن ينطق جماد أو أن تفعل أي شيء من خرق العادات.

أن الله يفتح عليك فتفهم الدين، وكم يفرح طالب العلم بعد جهد جهيد وبعد رحلة طويلة وهو يقرأ فينقدح في نفسه شيء من آية أو حديث، ثم ينظر في الكتب فيجد ما انقدح في نفسه سبقه فلان وفلان وفلان، يقول:
“الحمد لله”، آه والله، الحمد لله، هذا فهم صحيح.

هذا دلالة على الفهم الصحيح، أما كل ما انقَدَحَ في بالك، ترجع تعرضه على العلماء، تكون أنت في واد وهم في واد، اتهم نفسك، ما تجعل نفسك حاكمًا على العلماء، اتهم نفسك.

فالذي يفتحه الله على العلماء بالفعل هذه كرامة أحسن من كرامة خرق العادة، وهذا صحيح، هذا كلام صحيح، هذا والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

المصدر:
الدرس السابع – شرح مبحث العام والخاص في أصول الفقه – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن.
تاريخ:
3 ربيع أول 1447 هـ
26 أغسطس 2025 م✍️✍️

◀️ رابط الفتوى:

[ هل “أولياء الله” هم طبقة خاصة ]

[ فتنة الدجال والخوارج / كتبت كتاباً في مجلدين سميته “العراق في أحاديث وآثار الفتن” ]

[ فتنة الدجال والخوارج / كتبت كتاباً في مجلدين سميته “العراق في أحاديث وآثار الفتن” ]

قال فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله:
هذه الفتن التي فيها سفك دماء، وهذا السفك ينتشر وينتشر في أنحاء، وله ألوان وضروب، إنما وُجدت مقدمات لفتنة الدجال، ففتنة الدجال هي الفتنة العظمى، وهي أكبر الفتن، قال صلى الله عليه وسلم:
«لفتنةُ بعضِكم أخوفُ عندي من فتنةِ الدجالِ، ولن ينجو أحدٌ مما قبلها إلا نجا منها، وما صنعت فتنةٌ منذُ كانت الدنيا صغيرةً ولا كبيرةً إلا لفتنةِ الدجالِ»

صحيح
المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة
الصفحة أو الرقم : 3082

«لفتنة بعضكم أخوف عندي من فتنة الدجال» :
أن يُـفتَنَ المسلمون وأن يُـقتِّـل المسلمون بعضهم بعضًا.

قال صلى الله عليه وسلم مُبينًا سُنة ثابتة في شأن الدجال فقال صلى الله عليه وسلم:
«وما صُنعت فتنة منذ كانت الدنيا، صغيرة ولا كبيرة، إلا لفتنة الدجال».

فكل الفتن صُنعت لتصل إلى فتنة الدجال ، فالفتن حلقات يأخذ بعضها بحلقة بعض ، فتبدأ بالاختلاف ثم القتل حتى تصل إلى الدجال.

فالفتنة تظهر في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من جهة المشرق، وجهة المشرق مراد بها مشرق المدينة، والمراد بها العراق، والعراق عِـراقان ( عراق العرب ، وعراق العجم).

فما بعد العراق عند العرب يسمى عراقاً ، وذكر هذا مفصلًا ياقوت الحموي في كتابه “معجم البلدان”، ويسر الله للعبد الضعيف أن كتبت كتاباً في مجلدين سميته “العراق في أحاديث وآثار الفتن”، وهذا الكتاب يفيد في الفتنة العراقية، والفتنة العراقية لها سُنة، وسُنتها أن الفتنة التي تقع في العراق تقبل التصدير إلى غيرها من البلدان.

ومن أهم الفتن التي وقعت في العراق فتنة الخوارج، ولذا فتنة الخوارج ليست خاصة بالعراق، وإنما هي فتنة عامة للمسلمين في كل مكان، ولا أستطيع أن أفصل في فتنة الخوارج، لأن أخانا فضيلة الشيخ باسم حفظه الله وبارك فيه خص فتنة الخوارج لكم بدرس في هذه الدورة المباركة.

ففتنة العراق من سُنة الله تعالى فيها أنها ليست خاصة بالعراق، لذا نرى الخوارج أين؟ تراهم في روسيا وفي أمريكا وفي أوروبا، وتراهم في ماليزيا وفي إندونيسيا.

من هم الخوارج؟
الذين يكفرون بالمعصية، والذين يكفرون الحكام بمجرد حكمهم بغير ما أنزل الله، فكل من كفر المسلمين بمعصية فهذا خارجي، وهم أصناف وأشكال وأنواع.

واللطائف والدقائق لمن نبش وبحث وغاص فيما جرى في فتنة الخوارج، يراها ممتدة ويراها أنها موجودة بيننا، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولكن لا يمنع أن أمر مرور الكرام، مُنوهًا على بعض الأشياء، ومرور الكرام على اللغو؛ لقول الله عز وجل:
{ .. وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان : 72]

أي الذي يسمع اللغو لا يغوص فيه، وإنما إذا مروا، مروا، يعني ثبت في البخاري عن عبد الله بن عمر، ثبت عن عبد الله بن عمر في صحيح البخاري قال:
«قَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَطِيبًا، فأشَارَ نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَةَ، فَقالَ: هُنَا الفِتْنَةُ – ثَلَاثًا – مِن حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ».

صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 3104

الشمس أين تطلع؟
الشرق، انتبه لا تكن مُغفلًا، واحد عراقي شيعي ذكر هذا الحديث في كتاب له سماه “تراجعات “.

قال:
في البخاري ، أنتم يا أهل السُنة، البخاري يقول قال قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبًا فأشار إلى مسكن عائشة فقال: “من هنا تطلع الفتن”، عائشة الفتن!

وإيش حديث البخاري ؟
قال: “فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى نحو بيت عائشة”، أسقط “نحو”، ما قال: “أشار إلى نحو بيت عائشة” !

ما معنى أشار إلى نحو بيت عائشة؟
طيب النبي صلى الله عليه وسلم كم عدد زوجاته؟
أسألكم سؤالًا بعبارة أخرى: أمهاتنا كم عددهن؟
زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أمهاتنا كم عددهن؟

النبي صلى الله عليه وسلم عقد على ثلاثة عشر امرأة، وفارق اثنتين قبل أن يدخل بهن، ومن فارقهن قبل الدخول ليست أمهاتنا؛ لأنهن تزوجن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

عقد النبي صلى الله عليه وسلم على ثلاثة عشر ودخل بإحدى عشر، ومات عن تسع من النسوة، فأمهاتنا إحدى عشر من نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وكُن تسعًا منهن لهن حُجرات متلاصقات، وكانت صفية وأخرى في بيتين مستقلين.

فكانت حُجرة عائشة وكانت جارتها أم سلمة كما في سُنن أبي داود، جهة المشرق، أشار النبي ﷺ ، يقول ابن عمر كلام ابن عمر، يقول: “أشار النبي إلى نحو بيت عائشة”، ماذا يريد يقول عبد الله بن عمر؟
أشار إلى نحو المشرق.

فالشيعة يقولون أشار إلى بيت عائشة !
أسقطوا “نحو”.

أنت يا سُني إذا سمعت كلام مبتدع، فأردت أن ترد عليه، يجب عليك أول شيء أن تتثبت من حُجته، وأن تعرف الألفاظ التي استدل بها، وأن تدقق في كلامه، فالكلام واضح، فمن سُنن الله في الفتن أن الفتن تظهر في جهة المشرق، وهناك قرن الشيطان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

ومن علامات الخوارج السابقة والباقية واللاحقة ما ثبت في صحيح البخاري وصحيح مسلم، فقال صلى الله عليه وسلم عن الخوارج: “يقتلون أهل الإسلام، ويدَعون أهل الأوثان”.

يدَعون الكفار ويقتلون أهل الإسلام، يتربصون، يتربصون متى استطاعوا أن يقتلوا هجموا وقتلوا، تدبر الحديث، النبي ﷺ ما قال يقاتلون، قال: “يُـقتِّـلون”، يتربصون بأهل الإسلام، فما سَنَحت لهم الفرصة بدأوا بالتقتيل، ولم يقل يقاتلون، هذه ميزة ليست سهلة ، وينبغي أن نتثبت منها، وكذلك من علامات الخوارج ما ثبت في سنن ابن ماجه:
“أن النبي صلى الله عليه وسلم ينشأ نشأ يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، كلما خرج قرن منهم قُطع”، من الذي يقطعهم؟ النبي قال: “قُطع”، الفعل المبني للمجهول، من الذي يقطع الخوارج؟

هذه سُنة لله، سُنة الله في الخوارج الباقية إلى يوم الدين، أولًا يقرؤون القرآن لا يفقهونه، لا يتجاوز حناجرهم أو تراقيهم، وآخر من يقاتل مع الدجال قسم من الخوارج ، كما صح في الأحاديث.

ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“كلما ظهر قوم منهم قُطع”، قطعه العلماء بالحُجة والبرهان كما فعل عبد الله بن عباس بالخوارج.
جهال الخوارج، فناظرهم عبد الله بن عباس، وبعد المناظرة رجع منهم أربعون ألفًا.

وكذلك من ناظر الخوارج في الجزائر، الفتنة الحديثة التي حصلت في أواخر السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين، مجموعة من الطلبة في الأردن، وكذلك ناظرهم شيخنا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، ورجع ألوف منهم بعد المناظرة.

يدل على أنهم يريدون الحق لكنهم جُهال، ولذا الخوارج لا ينفع معهم الضغط ولا السجن ولا القوة ولا الضرب، لا ينفع مع الخوارج إلا العلم، وإلا الحُجة، وإلا البرهان، وإلا الدليل، وهكذا قضى علماؤنا السابقون واللاحقون على الخوارج، فتنة الخوارج فتنة عمياء صماء.

المصدر:
الدورة الشرعية الثالثة للدعاة في اندونيسيا – منهج السلف في التعامل مع الفتن – المحاضرة الأولى.
تاريخ:
29 جمادى الآخرة 1446 هـ
30 ديسمبر 2024 م✍️✍️

◀️ رابط الفتوى:

[ فتنة الدجال والخوارج / كتبت كتاباً في مجلدين سميته “العراق في أحاديث وآثار الفتن” ]

[الذين يعملون على إقامة المجتمعات وهدم المجتمعات وتحطيم الأمم ونشر الفتن ، هم علماء الاجتماع ]

[الذين يعملون على إقامة المجتمعات وهدم المجتمعات وتحطيم الأمم ونشر الفتن ، هم علماء الاجتماع ]

[ لقد كُـتِب عن ابن خلدون باللغة الفرنسية ما لا يسعه هذا المركز من الكتب ]

قال فضيلة الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله:
لا بد لطالب العلم، ولا سيما إن أراد أن يكون داعية وأن يكون على بصيرة من أمره، أن يكون ذا إلمام بعلم الاجتماع ، كيف تبنى المجتمعات؟ كيف تقوم؟ كيف تنهض؟ كيف تهدم؟ هذا من اختصاص علم الاجتماع.

والمـبرِّزون في علم الاجتماع ولهم صلة بالفتن، المبرزون اليوم في علم الاجتماع هم المدرسة الفرنسية، وعلى رأس الفرنسيين ومن أشهرِهم ممن هو منشغل بعلم الاجتماع “لوبون”، وهؤلاء أطفال صغار أمام العلَم الكبير من علماء الاجتماع، الإمام ابن خلدون.

في كتابه “المقدمة” في فصل “علامات احتضار الدول وعلامات قوة الأمم”، ويدرسون هذا العلم بقواعد.

هذا المسجد بارك الله فيه، ما شاء الله، أول ما دخلت نظرت فقلت: ما شاء الله، لايوجد عمود في المسجد، ما في عمود، صالة ما شاء الله منفتحة، صحيح؟ هذا من الذي صممه؟ المهندس الذي يعرف كيف يقوم المسجد وكيف نصلي فيه، وما نحن آمنون لا نخاف ونحن جلوس أن يسقط علينا السقف، بسبب المهندس العارف ماذا يفعل.

الذين يعملون على إقامة المجتمعات وهدم المجتمعات وتحطيم الأمم ونشر الفتن وكيف تنشر الفتن، هم علماء الاجتماع.

ولذا علم الاجتماع مهم في دراسة الفتن، لكن الأصل في دراسة الفتن كلام النبي صلى الله عليه وسلم وكلام الأصحاب رضوان الله تعالى عليهم؛ أن نفهم هذه المسائل كما فهمها الأصحاب، ثم نستنير بكلام علمائنا.

ولا بد للمتخصص في علم الفتن أن يقرأ مقدمة ابن خلدون مرة ومرة ومرة، لقد كُتب عن ابن خلدون باللغة الفرنسية ما لا يسعه هذا المركز من الكتب التي كتبت بالفرنسية عن ابن خلدون، شيء مهول، لا يمكن أن يعد ولا يوصَف، والمسلمون أحفاد ابن خلدون لو سألتهم:
من قرأ مقدمة ابن خلدون؟ لما وجدت جوابًا.

المصدر:
الدورة الشرعية الثالثة للدعاة في اندونيسيا – منهج السلف في التعامل مع الفتن – المحاضرة الأولى.
تاريخ:
29 جمادى الآخرة 1446 هـ
30 ديسمبر 2024 م✍️✍️

◀️ رابط الفتوى:

[الذين يعملون على إقامة المجتمعات وهدم المجتمعات وتحطيم الأمم ونشر الفتن ، هم علماء الاجتماع ]

[عندما يكثر الجهل وينشغل الناس بالدنيا، تقع المصيبة الكبرى في الأمة ]

[عندما يكثر الجهل وينشغل الناس بالدنيا، تقع المصيبة الكبرى في الأمة ]

فالفتن تظهر لَما تذهب البركة، “يتقارب الزمان”، ولما يَرتع الجهل ويكثر الجهل.

وفي الصحيحين، حديث أبو هريرة :
لَما يكثر الجهل.

ولذلك، فإن من أسباب النجاة من الفتنة: العلم.

العالم الذي يعرف المسائل وأصولها وطرق الاستنباط منها، يُحسِن متى يُعذر غيره، ويحسن أن يُقدِّر المسائل المستساغة وغير المستساغة.

والخلاف المستساغ وغير المستساغ يُعرف بطريقتين، الطريقة الأولى هي معرفة ماهية الخلاف، ولا يَقدر على هذا إلا العلماء الكبار، وهم قلة في هذا الزمان، والنوع الآخر من معرفة الخلاف المستساغ من غير المستساغ يُعرف من خلال الثمرة، فإذا بقي الخلاف ممتدًا من زمن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذا الزمان، فالعلماء المحررون المدققون المحققون إذا بقي الخلاف بينهم مبتدئًا من الصحابة إلى هذا الزمان، فهذا خلاف مستساغ، والخلاف المستساغ لا يجوز الإنكار فيه، أما على الجاهل، فليس فقط يُنكر عليه، بل يُضرب على يده.

فطالب العلم ينبغي أن يُميز بين الخلاف المستساغ وغير المستساغ، والخلاف المستساغ يُنظر فيه، وأنت يا طالب العلم، إذا أردت أن تنجو من الجهل، وما أكثر الجهال هذه الأيام، والذين يرددون الجهل في وسائل الإعلام، أعطيك سؤالًا احفظه حتى تنجو من الجهل: فمن قرر باطلًا، سله: “من سبقك بهذا القول؟”.

أي واحد يتكلم بباطل، وما أكثر المتكلمين بالباطل، تسأله:
“من سبقك بهذا القول؟” فأنا جريء على تخطئتك إن لم يسبقك أحد، ولا أجرؤ أن أخطئ علماء الأمة كلهم، فأخطئك أحب إلي حتى تبقى في سلامة وتبقى في أمان.

فلو أخذنا عينة من الفتن وأردنا أن نفحصها، لوجدنا البركة منزوعة، نُزعت البركة منذ قديم، وبقيت البركة في أحد من الناس، الله يرزقنا البركة ويرزق البركة من نحب وذرياتنا وأهلينا.

ثم الجهل، العالم الحريص الذي يعرف الفتن ودقيق فيها ويعرفها، يبتعد عن الفتن، ولذلك، أكثر الناس بعدًا عن الفتن في وقت الفتنة هو الذي يُقبل على أحاديث الفتن ويدرسها، وطالب العلم الذي يريد أن يبتعد عن الفتن لا بد أن يقرأ “كتاب الفتن” من صحيح البخاري وصحيح مسلم، وهذان مهمان.

ثم من أسباب النجاة أن يقلّ العمل ، فيصبح الجدل والقيل والقال الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.

ولذا في وقت الفتنة، ينبغي أن نُقبل على العبادة، وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “العبادة في الهرج كهجرة إلي”، ما هو الهرج؟
القتل.

عندما تكثر الفتن، والفتنة تتربع على شكل القتل، أعلى درجات الفتن أن يَظهَـر القتل، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول في صحيح مسلم: “العبادة في الهرج كهجرة إلي”، ثوابها ثواب الهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، “بادروا بالأعمال الصالحة، فتنًا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا.

وهذا الكلام تسمعه في طرق وسبل النجاة من الفتنة، وكذلك يُلقى الشح، فالناس تنشغل بالدنيا ولا تنشغل بالآخرة، وإذا انشغل الناس بالدنيا، وقعت المصيبة الكبرى في الأمة، وورد هذا في رواية في “موطأ مالك”، قال النبي صلى الله عليه وسلم والحديث صحيح:
«إذا تبايعتُم بالعينةِ وأخذتم أذنابَ البقرِ ، ورضيتُم بالزَّرعِ وترَكتمُ الجِهادَ سلَّطَ اللَّهُ عليْكم ذلاًّ لاَ ينزعُهُ حتَّى ترجعوا إلى دينِكُم».
المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 3462 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

“إذا ضن الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، وأخذوا بأذناب البقر، وتمسكوا بالأرض، إلا سلط الله عليهم ذلًا لا ينزعه عنهم حتى يرجعوا إلى دينهم”.

نحن السلفيون نقول: “إلى دينهم”، وغيرنا من التكفيريين والذين يزعمون أنهم أهل جهاد ومجاهدون يقولون:
“حتى يرجعوا إلى جهادهم،” نحن نقول: “حتى يرجعوا إلى دينهم”.

الرجوع إلى الدين، ولا بد أن يكون الرجوع إلى الدين قائمًا على أصول صحيحة، وليس على حماسات وعواطف تعصف بهم.

فهذا سبب من أسباب ظهور الفتنة، والأمة التي فيها علماء ويقومون بمهامهم، وفيها طلبة يتعلمون ويعملون، وتكثر العبادة في الأمة، لا تظهر الفتنة، الفتنة لا تظهر فجأة، تظهر الفتنة مع طول الزمان وتراكم الظلمات بعضها فوق بعض، ولذلك، النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“إنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا،” هذه الفتنة أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم، هل حصل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فتنة أخرى؟
نعم، حصل في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم فتنة كبيرة وكبيرة جدًا، هي فتنة ابن صياد، سمعتم بفتنة ابن صياد؟
فتنة ابن صياد ثابتة في الصحيحين.

المصدر:
الدورة الشرعية الثالثة للدعاة في اندونيسيا – منهج السلف في التعامل مع الفتن – المحاضرة الثانية.
تاريخ:
29 جمادى الآخرة 1446 هـ
30 ديسمبر 2024 م

◀️ رابط الفتوى:

[عندما يكثر الجهل وينشغل الناس بالدنيا، تقع المصيبة الكبرى في الأمة ]

[ترك المأمور أشد من فعل المحظور]

[ترك المأمور أشد من فعل المحظور]

أيّهما أفضل: الصبر على الطاعة أم الصبر على المعصية؟ أيّهما أحبّ إلى الله عز وجل؟

الصبر على الطاعة أحسن من الصبر على المعصية.

صبرك على الطاعة، وصبرك على طلب العلم، وصبرك على الاستقامة.

سؤال آخر:
الصبر على فعل الواجبات أم الصبر على ترك المنكرات؟
انظر إلى آدم وانظر إلى إبليس.

إبليس ترك أمراً؛ فقد أمره الله بالسجود، فتركه ، وآدم فعل محظوراً؛ فقد أكل من الشجرة.

فالذي ترك أمراً أشد من الذي فعل محظوراً.

إذا كان إنسان ما ، لا يزني ولا يسرق ولا يفعل المنكرات ، ولكن لا يصلي ، وهناك إنسان آخر يصلي ويفعل المنكرات، فأيهما أحسن؟
الذي يفعل المأمورات.

فترك المأمور أشد من فعل المحظور.

وهذه قاعدة ذكرها شيخ الإسلام، وبرهن عليها من بضعة عشر وجهاً، وذكر تلميذه ابن القيم أربعة أو خمسة منها في كتابه “إعلام الموقّعين”.

المصدر:
الدورة الشرعية الثالثة للدعاة في اندونيسيا – منهج السلف في التعامل مع الفتن – المحاضرة الثالثة.
تاريخ:
29 جمادى الآخرة 1446 هـ
30 ديسمبر 2024 م✍️✍️

◀️ رابط الفتوى:

[ترك المأمور أشد من فعل المحظور]

[ النبي ﷺ أخبرنا عن اشتداد الفتن ] إذاً الفتن التي

[ النبي ﷺ أخبرنا عن اشتداد الفتن ]

إذاً الفتن التي ندرسها هي الفتن التي تموج موج البحر، وإن سألت عن موج البحر في الفتن فانظر إلى بلاد المسلمين، ولا سيما في وقت الثورات، وقت الاضطرابات، الوقت الذي تلعب فيه هذه الأمواج بهذه الأمة.

اسمع إلى حذيفة ماذا يقول فيما رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما أخرجه مسلم في صحيحه، قال:
« قالَ حُذَيْفَةُ بنُ اليَمَانِ: وَاللَّهِ إنِّي لأَعْلَمُ النَّاسِ بكُلِّ فِتْنَةٍ هي كَائِنَةٌ، فِيما بَيْنِي وبيْنَ السَّاعَةِ، وَما بي إلَّا أَنْ يَكونَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَسَرَّ إلَيَّ في ذلكَ شيئًا، لَمْ يُحَدِّثْهُ غيرِي، وَلَكِنْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قالَ وَهو يُحَدِّثُ مَجْلِسًا أَنَا فيه عَنِ الفِتَنِ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَهو يَعُدُّ الفِتَنَ: منهنَّ ثَلَاثٌ لا يَكَدْنَ يَذَرْنَ شيئًا، وَمِنْهُنَّ فِتَنٌ كَرِيَاحِ الصَّيْفِ، منها صِغَارٌ وَمنها كِبَارٌ. قال حُذَيفةُ: فذَهَب أولئكَ الرَّهطُ كلُّهم غَيْري ».

الراوي : حذيفة بن اليمان | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم : 2891
| التخريج : أخرجه البخاري (6604)

«إني لأعلم الناس بكل فتنة هي قائمة بيني وبين قيام الساعة»، أي أعلم خلق الله.

« منهنَّ ثَلَاثٌ لا يَكَدْنَ يَذَرْنَ شيئًا، وَمِنْهُنَّ فِتَنٌ كَرِيَاحِ الصَّيْفِ» ريح الصيف عارض.

فقال حذيفة رضي الله تعالى عنه:
«فذهب أولئك الرهط غيري».
كان معي مجموعة من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ماتوا قبلي فبقيت أنا أذكر هذا الحديث، الشاهد: أراد الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم شبّه الفتن بالأمواج، شبَّهها برياح الصيف، وقسَّم الرياح إلى قسمين: قسم كبار وقسم صغار.

فالفتنة تموج بالأمة ، وتشبيه النبي ﷺ بعضها برياح الصيف دلالة على سرعة مجيئها ، وسرعة انقضائها ، وبيان ضعف أثرها.

الفتن التي وقعت في أمة الإسلام كثيرة ، ومن أكبر الفتن التي وقعت في بلاد المسلمين فتنة التتار، قتلوا فيها أعدادًا كبيرة جدًّا.

والنبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن اشتداد الفتن، وهنا لفتة لا بد أن أربط بها الحديث الأول مع الحديث الثاني: كيف تبدأ الفتنة؟

تبدأ بالاختلاف ، والخلاف يشتد ونترك التحاكم إلى: “عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ”، نأخذ الداء ونترك الدواء.

فتبدأ الفتنة بالاختلاف، وتتربع ويظهر أثرها القوي في القتال، وأول فتنة ظهرت في الأمة:
مقتل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه.

فالفتن تبدأ بالاختلاف، تشتد حتى تصل إلى سفك الدماء.

وهناك حديث جليل فيه كثير من الفوائد التي تخص الفتنة، سأذكره لكم وسأكرر ذكره في كل مناسبة يأتي ذكرها للفائدة التي فيه، وهي تخالف ما قبلها وما بعدها، حديث أخرجه مسلم في الصحيح قال :

«عن عبد الله بن عمرو -رضى الله عنهما- قال: كنا مع رسول الله ﷺ في سفر، فنزلنا منزلا فمنا من يُصلح خباءه، ومنا من ينتضل، ومنا من هو في جَشَره، إذ نادى منادي رسول الله ﷺ: الصلاةَ جامعة، فاجتمعنا إلى رسول الله ﷺ فقال: إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقًّا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جُعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرَها بلاءٌ وأمور تنكرونها، وتجيء فتنة يُرقِّق بعضها بعضًا، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مُهلكتي، ثم تنكشف، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأتِ إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه، ومن بايع إمامًا فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر»
أخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب الأمر بالوفاء ببيعة الخلفاء، الأول فالأول، برقم (1844).

قال عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة ـ تابعي الحديث ـ قال لعبد الله بن عمر وهو صحابي الحديث:
آلله سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فأهوى عبد الله بن عمرو بيديه إلى أذنيه وقلبه فقال: سمعته أذناي ووعاه قلبي.

هذا حديث جليل، وفيه بيان أسباب النجاة من الفتنة، ولما ننتهي من أسبابه سنذكره مرة أخرى، ولكن شاهدي من إيرادي الحديث في هذا الموطن أن أقول:
إن الفتن ستعصف بالأمة وتأتي على شكل أمواج، وذلك من قوله صلى الله عليه وسلم: “حتى تجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف، ثم تجيء، فيقول المؤمن: هذه هذه”.

فدل هذا القسم من الحديث على أن الفتن تعصف وتهب على الأمة على شكل أمواج، تأتي ثم تنكشف، ثم تأتي، ثم تنكشف، المؤمن الذي يحافظ على ثوابته أخبر عنه نبينا صلى الله عليه وسلم بقوله: يقول المؤمن: هذه مهلكتي، لا يغير ولا يبدل، ثم تنكشف، ثم تجيء، فلما تجيء في الموجة الأخرى يقول المؤمن: هذه هذه، أي: هذه مهلكتي.

المؤمن في الفتن العُـمِّـيَّةِ يجب عليه أن يعتزلها، ولا يجوز له أن يشارك فيها، فالمؤمن في وقت الفتنة يخاف، ولا سيما يخاف من الدم، يخاف من القتل، وكان الإمام أحمد لما يُسأل عن القتل كان يقول:
أجبُن عن الإجابة فيه، فكان جبانًا، وهذا الجبن محمود وليس بمذموم.

المصدر:
الدورة الشرعية الثالثة للدعاة في اندونيسيا – منهج السلف في التعامل مع الفتن – المحاضرة الأولى.
تاريخ:
29 جمادى الآخرة 1446 هـ
30 ديسمبر 2024 م✍️✍️

◀️ رابط الفتوى:

[ النبي ﷺ أخبرنا عن اشتداد الفتن ] إذاً الفتن التي

[ قال تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ..} [البقرة : 31] ، تحتاج الآية لوقفة، بل وقفات، بل مجلدات، ولا سيما مع المعارف الموجودة اليوم، بانفتاح الحضارات واللغات على بعضها بعضًا]

[ قال تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ..} [البقرة : 31] ، تحتاج الآية لوقفة، بل وقفات، بل مجلدات، ولا سيما مع المعارف الموجودة اليوم، بانفتاح الحضارات واللغات على بعضها بعضًا]

الله المستعان، طيب، نأتي لآية أخرى، مثلاً، الآية الأخرى مهمة، ألفاظ العموم تعطيك دلالة واضحة، تعطيك ضوءًا، تنبّهك لأشياء، الله عز وجل يقول آيةً نحفظها كلنا، ولكننا نغفل عن دلالات مهمة جدًا فيها، قول الله عز وجل:
{وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ..} [البقرة : 31]

“وعلّم آدم الأسماء كلها،” ممكن أن يقول الله: “وعلّم آدم الأسماء،” لكن لا، ما قال الله عز وجل هكذا، “وعلّم آدم الأسماء،” الأسماء جمع، جمعٌ مُحلّى بالألف واللام، ماذا يفيد الجمع المُحلّى بالألف واللام؟
جميع الأسماء، جميع الأسماء وليس فقط.

أكد الله عز وجل على هذه الأسماء بـ”كلها”:
“وعلّم الله آدم الأسماء كلها”.

طيب، ما معنى الآية؟ تحتاج الآية لوقفة، بل وقفات، بل مجلدات، ولا سيما مع المعارف الموجودة اليوم، بانفتاح الحضارات واللغات على بعضها بعضًا.

يوجد اتجاه قوي كَـتب فيه جمعٌ من المعاصرين ومن أصحاب العلوم، وهذا الاتجاه أصبح اليوم قويًا، وكان قديمًا ضعيفًا، وقرره بقوة ابن حزم في كتاب “الإحكام” في أوائل كتاب “الإحكام”.

قرر أن العربية هي أصل اللغات، العربية أصل اللغات، كل اللغات الموجودة كلها أصلها العربية، قال لما؟
قال: هل العربية أصل اللغات أم ليست أصل اللغات؟
قائمة على أصل.

طالب العلم: كل مسألة يردها إلى أصلها، فإن ردّ المسألة إلى أصلها، تكلّم بعمق، قال: هل اللغة توقيفية أم اجتهادية؟

الآية تدل على إيش؟ “وعلّم آدم الأسماء كلها” ؟
اللغة توقيفية من الله، نزلت، أم أننا نحن البشر اصطلحنا على عبارات فيما بيننا، فلما توزعنا في أرجاء الأرض، فصار كل قوم لهم اصطلاح خاص بهم، وبالتالي ظهر لكل قوم لغة دون الأخرى؟

فإن قلنا الثاني، فحينئذٍ اللغة ليس لها أصل واحد، وإن قلنا الأول، إن اللغة هي توقيفية وليست اصطلاحية، إيش نقول؟ نقول: إن أصل اللغات واحد، علمًا أن من يقول إن أصل اللغات واحد يقول فيه: الأصل واحد، لكن لما افترق الناس، أصبح بينهم مواضَـعة، أصبح بينهم عبارات.

أنتم الآن انظروا، تعيش في بلد مثل الأردن أو فلسطين، مجرد ما ينطق كلمتين بتقول: هذا كركي، وهذا من الرمثا، لأن الذي من الرمثا يتكلم غير الذي يتكلم من الكرك، أهل الكرك، أول كلمة فيه بتقول: هذا كركي، أو هذا من الرمثا، أو هذا من فلسطين، اللغات الطويلة الكبيرة، القرى، كل قرية لها لهجة.

هذا فيه مواضَعة، ما أحد ينكر المواضعة، مواضعة كل قوم على كلمات معينة، لكن الأصل، أصل اللغة هل توقيفية من الله؟ “وعلّم آدم الأسماء كلها،” وقوله: “كلها” التأكيد بعد الأسماء، الجمع المُحلّى بالألف واللام، يفيد ماذا؟
يفيد أن اللغة توقيفية.

ولذا، الآن يوجد دراسات عميقة جدًا وعندي مجموعة منها، واعتنيت بهذا وكرّمني الله عز وجل بأن حققت كتابًا للشيخ تقي الدين الهلالي، وكان يتقن سبعةً من اللغات، ألّف كتابًا سماه “الفوائد السامية في اللغات السامية،” وهو مجلد كبير في أكثر من 600 صفحة، بَرهن فيه أن أصل اللغات كلها ؛ اللغة العربية ، أصل اللغات كلها، اللغة العربية.

وأعجبني كلام الإمام ابن القيم يقول: قرأت عليه من كتاب “الخصائص” لابن جني، كتاب “الخصائص في اللغة” وكتاب “الخصائص” يقارن بين اللغة العربية والعبرية، ويذكر الفروق بينها بقواعد محصورة، قال: فقرأت كلام “الخصائص” على شيخي شيخ الإسلام ابن تيمية، في الفرق بين العربية والعبرية، فبعد أن فرغت، قال لي: أعد، قال: أعدت مرة ثانية، فلما فرغت، قال لي: أعد، قال: فقرأت المرة الثالثة، يقول ابن القيم: فأصبح شيخ الإسلام ابن تيمية يتقن العبرية !
بهذه الاوراق التي قرأها، صار يتقن العبرية.

أنت الآن ما تعرف العبري، لو وجدنا واحدًا بيتكلم عبري نفهم شيئًا من الكلام؟ لأنه أقرب أخت للعربية، العبرية، العبرية أخت العربية، أقرب أخت، وهذا واضح، أي واحد بيعرف عربي سمع يهودي بيتكلم بتفهم منه، في كلمات تفهم منه، العبرية، وهكذا سائر اللغات.

عندي دراسة عميقة جدًا أن الانجليزية، أن الإنجليزية أصلها العربية، وأن الإسبانية أصلها العربية، فكل اللغات تابعة للآية، من أين أخذنا هذا؟ من أين أخذنا هذا؟ من “وعلّم آدم الأسماء كلها” أن الله قال: “كلها،” ما قال: “وعلّم آدم الأسماء،” لو أن الله قال: “وعلّم آدم الأسماء” فقط، قلنا: هذا خبر، “علّم الله آدم الأسماء” ، وعلّم غيره، واصطلح غيره على لغة أخرى، لكن ما قال الله هكذا، قال: “كلها،” إشارة إلى صحة مقولة أن الأصل في اللغات التوقيف.

طيب، أيضًا نسهب قليلاً قليلاً وهي مهمة جدًا، الآن، لله الحمد، هذا الكلام لا يفيد، لكن قديمًا كان يفيدنا، ولا سيما في البيئات الروسية، وما تبعها من انتشار الفكر الذي يسموه اليوم الماركسي، “وعلّم آدم الأسماء كلها،” الماركسية تقول: إن أصل التفكير المادة، والمسلم المتبع للكتاب والسنة يقول: أصل التفكير المعلومات السابقة، فإذا سمعت كلامًا لا تفهمه، يعني سمعت منطوقًا دون أن تقف على حقيقته وعلى معناه، لا تستطيع أن تفكر فيه.

الماركسي بيقول لك: أنت الآن سيارة، مثلاً، سيارة خربانة، قال: هي السيارة علّمتك وجعلتك تفكر أنه هذه السيارة خربانة ولا تستطيع أن تمشي عليها، وأن تسير عليها بناءً على العجل الموجود، فقالوا بناء على كلمات كثيرة، لكن أوجز، قالوا: أصل تفكير المادة، نحن لا نقول هذا، أصل التفكير قول الله عز وجل: “وعلّم آدم الأسماء كلها”.

ما معنى قول الله عز وجل: “وعلّم آدم الأسماء كلها”؟ علّم الله آدم الاسم والحقيقة، يعني ما علّم الله آدم أن هذه اسمها نار فقط، وما علّمه أن النار تحرق فقط، إنما علّمه أن هذه نار والنار تحرق، علّمه هذا الماء والماء يغرق، علّمه أن هذا سكين والسكين تقطع، فعلّم الله آدم الأسماء كلها، علّمه الاسم والحقيقة، ولو آدم يريد أن يعلم أن النار تحرق بعد أن مارس، لكان مات.

فالله عز وجل لما نزل آدم على الكون على الدنيا، وأخرجه عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام من الجنة، كان يعلم الأسماء كلها بأسمائها ومسمياتها وحقيقتها، فلما ماركسي يلعب عليك يقول لك: شوف السيارة خلت، السيارة هي أصل التفكير، قل: لا!

قل: أنا عندي علم مسبق، اللي مما علّم الله آدم به، إنه الأمر هذه السيارة ما تسير إلا أن كان العجل صالحًا، وليس هو العجل الذي علّمني، وإنما أنا عندي علم سابق إنه السيارة لا تسير، فأنا أصلاً انطلقت من: “وعلّم آدم الأسماء كلها،” علّمني علم الحقيقة والاسم وهكذا، فالآية مهمة، الآية “وعلّم آدم الأسماء كلها” من الآيات المهمة.

لكن مرادي من الاستدلال بقول الله عز وجل: “وعلّم آدم الأسماء كلها” أن “كلها،” طبعًا هي مضاف ومضاف إليه، الهاء والمضاف إليه تعود على الأسماء، كل الأسماء، “وعلّم آدم الأسماء كلها” أنها تفيد أن آدم عليه السلام تعلّم كل الأسماء، ثم هذه الأسماء تبعثرت في اللغات، اصطلح على بعضها في لغات أخرى، ولعل الاسم الواحد له أكثر من نطق وأكثر من تعريف، ومن هنا يأتي موضوع الترادف، هل هو ثابت في اللغة أم لا؟ وهذه مسألة طويلة وتحتاج منا إلى كلام طويل.

المصدر:
الدرس السابع – شرح مبحث العام والخاص في أصول الفقه – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن.
تاريخ:
3 ربيع أول 1447 هـ
26 أغسطس 2025 م✍️✍️

◀️ رابط الفتوى:

[ قال تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ..} [البقرة : 31] ، تحتاج الآية لوقفة، بل وقفات، بل مجلدات، ولا سيما مع المعارف الموجودة اليوم، بانفتاح الحضارات واللغات على بعضها بعضًا]

[الآن المسائل الكبيرة غاب عنها منهج العلماء في البحث، وهذه مصيبة كبيرة جداً، والأعداء تمكنوا من الأمة من خلال هؤلاء الناس]

[الآن المسائل الكبيرة غاب عنها منهج العلماء في البحث، وهذه مصيبة كبيرة جداً، والأعداء تمكنوا من الأمة من خلال هؤلاء الناس]

فالعلماء أقاموا بناء هذا الدين على النصوص الصحيحة وهذا يخص علم الحديث ، وعلى الدلالات الصريحة الواضحة البينة ، وعلى اللغة الصحيحة أيضاً.

تنتيف الدين مشكلة هذا الزمن ، أصبح ما فيه علماء، وصار العمل العلمي مثل البقالة والسوبر ماركت، دكتور فاتح سوبر ماركت، يُدرِّس مادة معينة، طيب، علِّمنا؟ قال:
لا أستطيع أن أعلمكم ، أنا حافظ المادة فقط، وأتكسَّـب.

أنت عندك وظيفة وأنت عندك بقالة، أنا أحفظ كلمات أقولها.

يحدثني إخواني الدكاترة، يقولون لما نوزع البرنامج السنوي للطلبة، تكون في مجازر مقاتلة بين المشايخ (هذه أعرفها ، أما هذه لا أعرفها ، هذا المبحث أنا أعرفه ، وهذا لا أعرف أن أُدرِّسه ، أنا لست متخصص في كل مادة التفسير أو الحديث، لا، بل في جزئية من هذه الجزئيات).

وحدثني الأستاذ عمر الأشقر رحمه الله، قال:
كنت أشهد هذه الوقائع الساخنة ، قال:
فكنت أتحسر وأتأسى،
وكنت أقول للأساتذة: أنتم وزعوا المواد التي تريدون فيما بينكم، وابقوا لي المادة التي لا تريدون تدريسها ، أنا طالب علم، فإذا وكلتم لي مادة أنا لا أعرفها، أعرف علماء أذهب إليهم يعلموني ثم أعلمكم.

هذا طالب العلم، هذا طالب العلم، الخلاصة، الأمر حقيقة القلب مليء أوجاع والسبب حال عوام الناس، وإنما حال الخواص.

تخيل لو الأطباء مرضى، ومرض مستشرٍ، ووصل المرض للأطباء، والطبيب يحتاج مَن يعالجه ، كيف يستطيع أن يعالِج المريض؟

الأطباء مرضى كيف يعالجون الناس؟!
فسيبقى المرض.
خذ هذا المثل واحفظه.

واعلم أنك يا طالب العلم ، ينبغي أن تشارك الأمة في رفع الجهل عنها، ولن تقوم للأمة قائمة وهي جاهلة، ولن تقوم للأمة قائمة وهي متنكبة عن طريقة العلماء في بحث المسائل، الآن المسائل الكبيرة غاب عنها منهج العلماء في البحث، وهذه مصيبة كبيرة جداً، والأعداء تمكنوا من الأمة من خلال هؤلاء الناس ، نسأل الله العفو والعافية.

المصدر:
الدرس السادس – شرح مبحث العام والخاص في أصول الفقه – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن.
التاريخ:
٢٥ صفر ١٤٤٧ هـ
١٩ أغسطس ٢٠٢٥ م✍️✍️

◀️ رابط الفتوى:

[الآن المسائل الكبيرة غاب عنها منهج العلماء في البحث، وهذه مصيبة كبيرة جداً، والأعداء تمكنوا من الأمة من خلال هؤلاء الناس]

[تقارب الزمان إشارة إلى نزع البركة عن هذه الأمة]

[تقارب الزمان إشارة إلى نزع البركة عن هذه الأمة]

فقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، قال:
يَتَقارَبُ الزَّمانُ، ويُقْبَضُ العِلْمُ، وتَظْهَرُ الفِتَنُ، ويُلْقَى الشُّحُّ، ويَكْثُرُ الهَرْجُ قالوا: وما الهَرْجُ؟ قالَ: القَتْلُ. وفي رواية: يَتَقارَبُ الزَّمانُ، ويَنْقُصُ العِلْمُ.. وفي رواية: لَمْ يَذْكُرُوا: ويُلْقَى الشُّحُّ.

التخريج : أخرجه البخاري (6037)، ومسلم (157).

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يتقارب الزمان، ويُقبض العلم، وتظهر الفتن”، وفي رواية: “ويقل العلم، ويقل العمل”، “يتقارب الزمان، ويُقبَض العلم، ويقل العمل، وتظهر الفتن، ويُلقى الشُّح، ويُلقَّى الشُّح، ويكثر الهَرْج”، قالوا: وما الهَرْج؟ قال صلى الله عليه وسلم: “القتل”.

بيئة الفتنة ما هي؟
الفتنة لا تكون في أقوام غلب عليهم العلم وكثر فيهم العمل الصالح.

النبي صلى الله عليه وسلم يذكر لنا متى تظهر الفتن، فقال: “يتقارب الزمان”.

وتقارب الزمان إشارة إلى نزع البركة عن هذه الأمة، ولا سيما في الوقت، فقال صلى الله عليه وسلم موضحًا ومفسرًا قوله: “يتقارب الزمان”، قال: “لا تقوم الساعة حتى تكون السنة كالشهر، وحتى يكون الشهر كالجمعة، وحتى تكون الجمعة كاليوم، وحتى يكون اليوم كالساعة”.

فالفتن لما تُرفَع البركة من الأمة، وتذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الجماعة بركة والافتراق عذاب”، ما دامت الأمة غير مفترقة ومجتمعة، وأفهامهم مجتمعة، الاجتماع انتبه، انتبه واحفظ وانشر:
“الجماعة”، قال الشافعي في “الرسالة”، كتابه “الرسالة”: “الجماعة جماعتان: جماعة أفهام، وجماعة أبدان”، فلم يكن للزوم جماعة أبدانهم معنى، إذ وَجدْنا أبدان قوم مسلمين بين أبدان قوم كافرين، فلم يكن للزوم جماعة أبدانهم معنى، وإنما الجماعة هي جماعة الفهم الذين يجتمعون بأفهامهم على دين الله عز وجل.

فالفُـرقة في الفهم في المسائل التي لا يُستساغ الخلاف فيها هي بداية الفتنة، فالأصل في أفهام المسلمين أنهم يجتمعون على “لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم”، والكلام على “لا إله إلا الله محمد رسول الله” كلام طويل، لكن بإيجاز، ما يجوز لطالب علم ألا يَعرِف هذا الكلام الذي سأقوله: معنى قولك “لا إله إلا الله” هو “لا معبود بحق إلا الله”، لا تقل: “لا معبود إلا الله”، لو قلت: “لا معبود إلا الله”، الناس تعبد الأصنام، وتعبد الأبقار، وتقول: “لا معبود إلا الله”، فهذا يقوله أصحاب وحدة الوجود، يقولون معنى “لا معبود إلا الله” يعني يعبدون الصنم ويعبدون البقر، ويقولون:
كل شيء معبود الله حَـلَّ فيه!
فهم يعبدون الله، هذا كفر.

وإنما الصواب أن تقول: “لا معبود بحق إلا الله”، فهنالك معبودات بباطل مع الله عز وجل، لذا لا بد للمسلم لَما يقول “لا إله إلا الله” أن يفهم “لا معبود بحق إلا الله”، ومعنى قول المسلم “محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم” هو “لا متبوع بحق إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم”، أنا لا أتبع أحدًا غير رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أحب العلماء وأعظمهم، وليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه؛ لأنهم يدلّون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، يدلّون المسلمين على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

لا تقل: “من لا شيخ له فالشيطان شيخه”، لا تقول هذا، فالمقدم عندنا الذي لا نقبل غيره ولا نعدل بقوله قول أحد سواه هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فجماعة المسلمين جماعة أفهام، فإن افترق المسلمون في أفهامهم وما اعتمدوا القاعدة المأخوذة من “لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم” وقعت الفرقة، فإن وقعت الفرقة تنتهي، تبدأ بالفرقة في الخلاف في الآراء، وتنتهي بالفِـرَق، وبعد الفرق والأحزاب تنتهي بإيش؟
تنتهي بالقتال واستحلال دماء بعضهم بعضًا، وهذه من المصائب، من المصائب الكبيرة، متى تظهر الفتنة؟
لما تزول البركة، البركة في الجماعة، والجماعة جماعة فهم، أفهام مجتمعة، كما قال سفيان الثوري ليوسف بن أسباط، تلميذه يوسف بن أسباط كان عالمًا زاهدًا.

يوسف كان أعمامه روافض وأخواله خوارج، فكان يقول: أعمامي روافض، أخوالي خوارج، ونجانا الله بسفيان، نجاني الله بسفيان، كان يقول:
“إذا سمعت بمسلم في أقصى المشرق وأنت في أقصى المغرب فابعث له بسلام، فما أقل أهل السنة هذه الأيام”.

فالمسلم في أقصى المشرق والمسلم في أقصى المغرب فهمهم لدين الله واحد، فهمهم لدين الله تعالى واحد، والخلاف عذاب، ولذا إياك أن تفهم قول الله سبحانه في أواخر سورة هود: “وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ” إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ”.

فمن رحم ربك متفقون وغير مختلفين، ولذلك خَـلَقََـهُم، انتبه لله سنتان:
سنة في شرعه وله فيها غاية، وسنة في كونه وله فيها غاية، وذكر الله الغاية من خلقه في شرعه وفي كونه، أما سنة الله تعالى في شرعه فعنوانها قول الله تعالى في سورة الذاريات: “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ”، لماذا قدم الله الجن على الإنس؟ لأن الله خلق الجن قبل الإنس، أو لأن العبادة الأصل فيها الخفاء، والجن سُمّوا جِنّاً لخفائهم، فالأرض سُمّيت جَـنة لأن أرضها مستورة بالخُضرة، والمجنّ سُمّي مجناً لأنه يحمي صدر صاحبه، يُـغيِّب صدر صاحبه، والجنين سُمّي جنيناً لأنه مستور، والمجنون سُمّي مجنوناً لأن عقله مستور، لا عقل عنده فهو مجنون.

ففِعل “جَـنّ” يدور على الخفاء ، والأصل في العبادة أن تكون في خفاء ، والأول أرجح وهو أن الله خلق الجن قبل أن يخلق الإنس كما هو مذكور في كثير من الآيات، هذه غاية الله تعالى في خلقه، هذه غاية الله تعالى من خلقه وهي السنة الشرعية، أما سنة الله في كونه فعنوان “وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ” إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ”.

فالبشر حتى يقع بينهم تمايز، خَـلَقَـهُم مختلفين، فإذا ما تسلحوا بالكتاب والسنة، فالعقول لا تَجتمع، إنما الذي يَجمع العقول سلطان الدين.

العقل عجيب!
العقل يعني المجنون الذي لا عقل له لو قال يقول في نفسه: يا سلام لو عقول الناس مثل عقلي لكانت الحياة أحسن شيء!

والعجيب في العقل كما ثبت في البخاري عن عمر كان يقول: “اتَّهِمِ الرَّأْيَ”، كلما اتهمت رأيك واتهمت عقلك، أنت سَموتَ وعَلوتَ، وكلما غرَّك عقلك هبطتَ ونزلتَ.

ولذا العلماء يقولون:
أيهما المقدم؟ العلم أم العقل؟

اسمعوا ماذا يقول الشاعر، قال الشاعر:
“علم العليم وعقل العاقل اختلفا ..
من ذا الذي قد أحرز السبقا ..
فالعقل قال أنا أحرزت غايته ..
والعلم قال أنا الرحمن بي اتصفا ..

هل الله وصف نفسه أنه عاقل أم عالِم ؟
عالم.

“فالعقل قال أنا أحرزت غايته ..
والعلم قال أنا الرحمن بي اتصفا ..
فأيقن العقل أن العلم سيده ..
فقبّل العقل رأس العلم وانصرفا .

إذا مَن الغالب؟
العلم، ولا يجمع الأمة إلا سلطان الدين، إلا قال الله، قال رسوله صلى الله عليه وسلم.

فالفتن تظهر لما تذهب البركة، “يتقارب الزمان”، ولما يرتفع الجهل ويكثر الجهل.

المصدر:
الدورة الشرعية الثالثة للدعاة في اندونيسيا – منهج السلف في التعامل مع الفتن – المحاضرة الثانية.
تاريخ:
29 جمادى الآخرة 1446 هـ
30 ديسمبر 2024 م✍️✍️

◀️ رابط الفتوى:

[تقارب الزمان إشارة إلى نزع البركة عن هذه الأمة]

[ قاتلَ اللهُ التقليدَ ما أسوأه ! ] {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ .. } [البقرة : 145]

[ قاتلَ اللهُ التقليدَ ما أسوأه ! ]

{وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ .. }
[البقرة : 145]

ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية، نكرة لو كانت “الآية”، لكن “الآية” بكل آية، فـ”بكل آية” دلّت على أن أي آية في حق الجاحد الذي أوتي الكتاب، الذي لا يريد أن يؤمن، لا تنفعه.

وهذا يفسر لك كثيرًا من الحقائق، ترى بعض النصارى متخصصًا في علم ويتكلم عن الله عز وجل، وأنه حق واحد، مثلاً، متخصص في علم البحار والمحيطات، وآخر في الأجنة، وثالث في الطب والأعصاب، الأطباء والعقلاء يرون الله في كل شيء، يرون قدرة الله عز وجل في كل شيء، فبعضهم عنده كل آية لكن غير (مسلم)، يعني واحد يتكلم لك بالإعجاز العلمي أو الإعجاز العددي، وهو كافر، هذا لا يؤمن، ما هو سر عدم إيمانه؟
الآية ، لأن عنده التعصب.

الشاطبي في “الموافقات” و “الاعتصام”، نعم في “الاعتصام” ينقل عن عالم قديمًا تعب وهو يقرأ في التوراة والإنجيل، ووقف على 70 خطأ، 70 تناقضًا، والذي فصّل في التناقضات هو ابن حزم في كتابه “الفصل”.

“الفصل” بدأ بنسب عيسى عليه السلام ، فتبين أن عيسى الذي يؤمن به النصارى على اختلاف مللهم، هذا غير ذاك وهذا غير هذا، وكل عيسى له نسب عندهم، بدأ بهذه البداية، بدأ بنسب عيسى عليه السلام.

فالشاطبي يذكر يقول: عالم جمع 70 خطأ في التوراة والإنجيل، قال فالتقى بقسيس كبير، قال فسرد عليه شيئًا من التناقضات، فقال هذا: “كم عندك؟” قال: “70” قال: “فقط؟” قال: “فقط”، فقال له القسيس: “أنا عندي 700، أنا جمعت تناقضًا في الإنجيل 700 خطأ”، فقال له العالم: “700 وما أسلمت؟!”
قال: من قبلي أفهم مني.

هذا تقليد ، قاتل الله التقليد ما أسوأه!
البلايا دخلت على المسلمين من تأجير عقولهم لغيرهم، أغلب المسلمين اليوم عقله لا يَعمل، لا يفكر بعقله، ولذا العلم ما ينتشر، والتقليد كما يقول الطحاوي: “لا يقلد إلا غبي”، الغبي يقلد، أما العاقل ما يقبل التقليد، العاقل يريد أن يفهم الحقيقة، ومن حق كل طالب علم أن يفهم الحقيقة، وما تجعلني أنا أسير في ظل الشيخ الفلاني والشيخ العلاني أو المذهب الفلاني والمذهب إلى آخره… كلهم يصيبون ويخطئون، وأنا أبتغي الحق، وأينما وجدت الحق قبلته.

ولذا أبو قلابة الجرمي التابعي الجليل، تلميذ أنس بن مالك، قال كما أسند الإمام الدارمي في مقدمة سننه، قال الإمام أبو قلابة الجرمي: “إذا أردتَ أن تعرف خطأ شيخك فجالِس غيره”.

كل شيخ يقول لك لا تأخذ إلا مني، لا تأخذ منه، كل شيخ يقول لك: “إياك أن تأخذ شيئًا من غيري”، فلا تأخذ منه، التابعون يقولون: “إذا أردت أن تعرف خطأ شيخك جالس غيره”.

لقِلة العلماء المتفننّين هذه الأيام، يحق لنا أن نقول: “إذا أردت أن تعرف الخير الذي عندي جالس غيري”، لأن القلة هم الذين يقفون على الأدلة، هم الذين يقفون على الأدلة، لكن قاعدة طالب العلم لا يَقلد شيخاً، وإذا قرأت لعلماؤنا، للعلماء الكبار، تجد له 400 شيخ وبعضهم له 1000 شيخ، 1000 شيخ استفاد من هذا شيئًا ومن هذا شيئًا ومن هذا شيئًا.

المصدر:
الدرس السابع – شرح مبحث العام والخاص في أصول الفقه – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن.
تاريخ:
3 ربيع أول 1447 هـ
26 أغسطس 2025 م✍️✍️

◀️ رابط الفتوى:

[ قاتلَ اللهُ التقليدَ ما أسوأه ! ] {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ .. } [البقرة : 145]