السؤال:
أُسافر كل أسبوع تقريبًا إلى الجنوب ويصادف بعض الأيام صيام النوافل فأيّهما أفضل أو أكثر اتباعًا للسُّنُّة في هذه الحال الصوم أم الفطر؟
الجواب:
الصائم إذا احتاج إلى خدمة غيره من المقيمين ففطره أحبُّ إلى الله تعالى من صومه لِمَا ثبت في البخاري أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ذَهَبَ المُفْطِرُونَ اليومَ بالأجْرِ» [البخاري 2890].
سافر النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه فكان السفر طويل ومتعب وصيف وحر فكان المفطرون يخدمون الصائمين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ذَهَبَ المُفْطِرُونَ اليومَ بالأجْرِ».
وأمّا الصائم إذا كان لا يحتاج إلى خدمة غيره من المفطرين ﴿وَأَن تَصُومُوا۟ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ﴾ [البقرة ١٨٤].
والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
١٧-جمادى الآخرة -١٤٤٤هـ
٣٠- ١٢ – ٢٠٢٢م
الجواب:
لا حرج فيه.
جميع الأحاديث التي فيها توقيت الختان في السابع ضعيفة، وألَّفَ الإمام ابن عساكر كتابًا جزءًا حديثيًّا مطبوعًا سمّاه ”تبيين الامتنان في الأمر بالاختتان“ وذكر فيه جميع الأحاديث الضعيفة.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
١٧-جمادى الآخرة -١٤٤٤هـ
٣٠- ١٢ – ٢٠٢٢م
السؤال:
إذا لم أُدرِك صلاة الظهر، ودخلتُ المسجد وكان هنالك صلاة جنازة، هل أُصلي الجنازة؟
الجواب:
نعم، صلِّ على الجنازة؛ دَخلتَ وهم ما صلوا على الجنازة وفرغوا من صلاة الظهر، إيّاك أن تظن أنّ الجنازة لا تُقبَل إلّا بعد أن تُصلّي الظهر؛ فلا صلة بين الصلوات وبين الجنازة.
إذا هَبَّت رياحك فاغتنمها، فدخلت والصلاة قائمة على الجنازة، صلّي على الجنازة ولا يلزم أن تتأخر.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
السؤال :
معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم اقرأهم لكتاب الله.
هل من يؤم الناس وفي القوم من هو أقرأ منه يخالف حديث النبي صلى الله عليه وسلم ؟
الجواب:
التفصيل.
والتفصيل نوجزه بالآتي والله تعالى الهادي .
الإمام الراتب لا يقدم غيره عليه.
الإمام الراتب والمؤذن الراتب يحرم مخالفتهما.
و تبوئا هذه المنزلة بتولية السلطان أو من ينوب عنه بالإمامة.
لو بقي الناس كما كانوا في العهد الأول يؤمون و يؤذنون احتساباً لما وجدنا اليوم من يؤم ومن يؤذن ، فأصبح اليوم عند الفقهاء من يفرغ وقته للاذان والإقامة فهذا مكلف و مخول بوكالة من السلطان الأكبر أو من ينوب عنه هو الذي يؤم وهو الذي يؤذن.
انتبه.
الإمام والمؤذن لا يأخذ مال مقابل أذانه ومقابل إمامته، والذي يريد الإمامة أو الأذان وليس له طمع إلا بالمال فهذا ممن لا خلاق له عند الله. انتبه.
سُِئل بعض أهل العلم هل يجوز لك أن تحج لتأخذ مال؟
قال أن تأخذ لتحج لا حرج فيه ، وأما أن تحج لتأخذ لا يصنع ذلك إلا من لا خلاق له.
من أمّ وإمامته من أجل الدنيا هذا لا خلاق له.
أما من فرغ وقته للصلاة والأذان فيعطى مقابل حبسه للوقت فهذا أمر لا حرج فيه.
والأصل في الإمام الذي فرغ وقته أن يحفظ القرآن، وأن يكون أحفظ الناس للقرآن ، كيف لا والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: إن الله يحب إذا عمل أحدكم عمل أن يتقنه .
هذا العمل في الدنيا ، فما بالك بعمل الآخرة!
ترى أخواني وأنا اعلم أن بعضكم أئمة مساجد واسأل الله لكم التوفيق والهدى والسداد والرشاد لي ولكم وللسامعين.
إذا الإنسان عوّد نفسه يأكل وينام ويستيقظ ويعيش بهذه الطريقة هذا لا خير فيه.
الإمام ينبغي أن يضبط وقته ، ويحرص عليه.
متى يحرص الإنسان على الوقت؟
النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحه والفراغ كما في صحيح البخاري.
ينبغي إن كان في وقتك فراغ أن تعلم أن هذه نعمة أنت مغبون فيها ، فاحرص على وقتك لا تكثر من النوم لا تكثر من الأكل، من أكل كثيراً شرب كثيراً ومن شرب كثيراً نام كثيراً ، وصاحب شهوة ، وبالراحة تثور الشهوة وتبقى مشغول بشهوتك وبزوجتك، وبعض الأئمة اسأل الله ان يبارك لهم لديه ثلاث زوجات وبعضهم لديه أربعة، ولا عمل لهم إلا أكل وشرب ونوم وبعال، ما عنده شيء غير هذا.
لا.
الإمام ينبغي له أن يحرص على حفظه للقرآن.
يؤم القوم اقرأهم؟
هذا حديث صحيح.
هذا قول النبي عليه الصلاة والسلام. انتبه.
في فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وسنة حجة، فالسنة هي ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل ، حتى نفهم قول النبي يؤم القوم اقرأهم لا بد أن نضع مع قوله صلى الله عليه وسلم فعله ، النبي صلى الله عليه وسلم عندما مرض من خلفه بإذنه وبأمره، قصة غريبة عجيبة لها أثر عظيم ورضي الله عن عائشة، عندما مرض النبي صلى الله عليه وسلم فقال لعائشة: مري أباكِ يؤم الناس ، طبعا هذا الكلام له مدلول.
من يكون خليفة للمسلمين بعد وفاته ؟
أبو بكر الصديق رضي الله عنه. فعائشة تعذرت وهذا من ذكائها وفطنتها فقالت يا رسول الله إن أبا بكر رجل اسيف.
ما معنى اسيف؟
إذا قرأ القرآن يبكي، أي إن قدمته للأمامة يصلي ويبكي ، فاجعل غيره يؤم ، وقالت كنت أخشى أن يتشائم الناس فيقولوا بعد رسول الله أبا بكر، يتشائموا من أبا بكر لأنه خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأبى الله ورسوله إلا أبا بكر .
الذي خلف النبي صلى الله عليه وسلم في الإمامة أبا بكر. هل يوجد من هو اقرأ من أبي بكر؟ نعم يوجد من هو أقرأ منه ، أبي بن كعب ، وما أدراك ما أُّبي؟
ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أم في الصلاة ، فقرأ سورة البينة فارتج عليه فيها ، فلما فرغ من الصلاة فقال النبي صلى الله عليه وسلم للناس أين أُبيّ ؟
لمَ لم تفتح علي ؟
أنا في سورة البينة ، قوله تعالى: [ لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب ] ارتج على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أين أُبيّ ؟
إن الله عز وجل أمرني أن أقرأ عليك. يقرأ عليه حتى النبي صلى الله عليه وسلم يعلمه و يفقهه.
فقال أُبيّ للنبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم قال يا رسول هل الله سماني ؟
الله سماني؟
قال نعم وسماك.
الله جل جلاله قال أقرأ على أُبيّ.
هل هناك أعظم من هذه المنزلة؟
ما من مجوّد أو مجوّدة في القرآن في هذا الزمان إلا وله إسناد إلى أُبيّ. كل أسانيد الخلق اليوم ، نحن نقرأ بالإسناد ، قرأنا على مشايخنا ومشايخنا قرأوا على مشايخهم ، وهكذا ومعنا إسناد إلى أُبيّ ، عن النبي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أُبيّ أقّرأ ، بل روي في الترمذي لكن إسناد فيه كلام وثبت عن عمر ، يقول واقرأؤنا أبي.
يؤم القوم اقرأوهم.
لكن عمل النبي، من الذي جعله يؤم؟ أبا بكر.
لذا قال أهل العلم:
المراد بالاقرأ الأفقه، والاقرأ والأفقه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يوجد تناكد بين الحفظ وبين الفهم ، كان هنالك تطابق ، كان الذي هو اقرأ هو الأفقه.
لو عندنا شخص حافظ ما يفقه شيء واخطأ في الصلاة لا يعرف كيف يتصرف، ولدينا شخص آخر دونه لو حصلت معه مشكلة في الصلاة يستطيع أن يتداركها، المطلوب من الآن؟
المطلوب الفقه.
الأقرأ أيضا يتضمن الفقه.
فالنبي صلى الله عليه وسلم جعل أبا بكر هو الإمام خلفه، فأفهمنا قوله صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقرأهم اي يراعي الفقه مع الحفظ.
والله تعالى أعلم .
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٢٢-جمادى الأولى -١٤٤٤هـ
١٦- ١٢ – ٢٠٢٢م
السؤال:
في حال أردت أن أُطيل الصلاة، فما هي الاذكار التي تقال بعد القيام من الركوع؟ وبين السجدتين إذا أردت مثلاً أن يكون قيامي وجلوسي قريباً من قراءتي لسورة من الطوال.
الجواب:
تكرر الذكر؛ (سمع الله لمن حمده) هذا ذكر الانتقال من الركوع إلى القيام، لما تقوم (ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملأ السماوات والأرض وما بينهما وملأ ما شئت من شيء بعد، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع الجد منك الجد)، تكررها، وكذلك أذكار السجود وأذكار الركوع، فتطيل وتكرر وتتأمل ماذا تقول، وتُنَوِّع.
وقلت لكم في هذا المجلس أكثر من مرة، تَنَوُّع الأذكار له أثر على القلب كَتَنَوِّعِ الطعام على البدن، الطعام إذا نوعته بقيت فيه لذة، تشعر بلذة، أطيب الطعام إن أكلت منه مرتين أو ثلاثة في أيام متوالية يذهب طعمه، فكثرة المَسَاس تفقِد الإحساس؛ فالذكر كذلك، تارة في الركوع تقول شيئاً (سبحان ربي العظيم)، أو(سبحان ربي العظيم وبحمده)، أو(سبوح قدوس رب الملائكة والروح)، أو(سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)، وهكذا.
فالركوع والسجود تكرر فتطول الصلاة، تطيل الصلاة بتكرار الأذكار .
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٢٢-جمادى الأولى -١٤٤٤هـ
١٦- ١٢ – ٢٠٢٢م
السؤال:
يقول: قال صلى الله عليه وسلم: «إنّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ»، «إنّما الأعْمالُ بالنِّيَّةِ».
في مسألة المُعجّل والمُؤجّل في المهر، المهر حق واجب للزوجة كامل في حال الدخول لكن وقر في نفسي وأزعم أنّه في نفس كثير مثلي أنّ المُؤجّل لا يحق للزوجة إلّا في حال طلاقها، وعليه يجعل كثير من أولياء المرأة المُؤخّر كبيرًا ليمنع الزوج أو يُصعّب عليه الطلاق، وفي حال الطلاق تكون المرأة قد اكتسبت مالًا فهل إن كانت هذه هي النية فهل يحق للزوجة المطالبة بالمُؤجّل دون طلاق وهل يجب على الزوج دفعه في حال كونه مقتدرًا أن يدفعه؟
الجواب:
أخواني في الشرع لا يوجد حتمٌ لازمٌ وأمرٌ لا مفرّ منه أن يكون المهر مُقدّمًا ومُؤخّرًا، يجوز أن يكون المهر كله مُقدّم.
كم المؤخّر؟
قال: صفر.
ما أريد شيء مُقدّم فقط.
يجوز في الشرع أن يكون المهر كله مؤجّلًا أيضًا.
كم المهر؟
مهري مُؤجّل وليس مُعجّل.
ويجوز أن يكون مُؤجّلًا ومُعجّلًا.
لكننا ننكر مسألة مهمة يغفل عنها كثير من الناس وهي أن تتساهل في أخلاق الرجل الذي تُزوِّجُهُ موليَّتك أو في دينه وتظن أنّك إن رفعت المُؤخر فإنّه يستقيم مع موليَّتك مع ابنتك مع أُختك وما شابه، هذا الأمر مُنكر، الواجب على كل مسلم قبل أن يُزوِّج أن يسأل عن خُلُقه وعن دينه، فإن استقام له الخُلُق والدِّين فعلى ما يتّفقون لا حرج، لكن أنت تظن أنّك إن رفعت المُؤجّل فموليَّتك تعيش حياة سعيدة لأنّ هذا الرجل عليه مُؤجّل كبير وهذا المُؤجّل يجعل هذه الموليّة تعيش بسعادة، والله الزوج لو أراد أن يتخلّص من زوجته مهما كان المُؤجّل مرتفعًا فإنّه يستطيع أن يتخلص، نحن الرجال ونعرف الوسائل والطرق.
فالأصل أن تسأل عن ماذا؟
ما تجعل المُؤجّل مرتفعًا وتظن أن المُؤجّل المرتفع هو الذي يُسعِد الزوجة وهو الذي يسعد الموليّة، هذا التفكير تفكير غير شرعي، تفكير فيه إثم ومآله تجاوزات في أحكام شرعيّة وعدم السؤال والتدقيق عن الدين والخلق فهذا ممنوع شرعًا.
ماذا عن الحكم؟
هذه عادة قديمة مذكورة من القرن السادس والسابع ومَثَّل في هذه المسألة (المُؤجّل والمُعجّل) ابن القيم في كتابه ”إعلام المُوقِّعين“ وقال: ”وهذه مسألة ما ينبغي أن تغيب عن بال طالب العلم“ قال: ”الأحكام الشرعية المتعلّقة بالعوائد [عادات الناس] تختلف أحكامها باختلاف الزمان والمكان“ ثمّ قال: ”مثل المُؤجّل هذه الأيام لا تأخذه الزوجة إلّا في أقرب الأجليْن: الوفاة أو الطلاق“.
الإنسان لمّا يموت ماذا نفعل معه؟
أولًا نُجَهِّزُه من ماله، نُجَهِّزُ كفنه ودفنه ثمّ نَسُدُّ دَيْنَه ثمّ نعمل بوصاياه على ألّا تزيد الوصية عن الثلث ، ثمّ نوزع الميراث فقبل توزيع الميراث نعطي الزوجة حقها من المُؤجّل، هذا دَيْن، أو إن طلّقها الزوج، وهذا مكتوب في كل عقد زواج.
راجع الآن عقد زواجك انظر في عقد زواجك، مذكور في كل عقد المقدِّم كذا والمُؤخّر كذا وتأخذ الزوجة المُؤخّر في أقرب الأجلين: الطلاق أو الوفاة، دون ذلك ليس لها مُؤجّل، هذه عادة وهذا الذي قام في الذّهن عند كتب الكتاب، لكن طالب علم قال أنا مطلوب مني أقدِّم المُقدّم والمُؤخّر قال لولي أمر الزوجة: أنا لست على عادات الناس، فالمتعارف عليه عُرفًا كالمشروط شرطًا، قال: هذا العرف أنا لا أريده أنا هذا مطلوب مني، فهذا وجب عليه أن يُقدِّم المُؤجّل والمُعجّل يجب عليه أن يقدم الأمرين؛ بمعنى أنّ المعروف عُرفًا كالمشروط شرطًا ما لم يُصرَّح بخلافه، وهذه قاعدة مفيدة وطالب العلم يحتاجها وهذه ليست في الزواج فقط هذه في كل المسائل المعروفة عُرفًا.
يعني واحد اشترى من آخر اسمنت، فالتحميل والتنزيل على من؟
في الأردن ممكن شيء في السودان ممكن شيء، العادات تختلف من بلد لبلد وكلٌّ ملزم بالعادة؛ لأنّه هو الذي قام في ذهنك عند عقد العقد، التوصيل على من الآن؟
أنا لا أعرف الاسمنت الآن الذي يشتري الإسمنت من الذي يدفع التوصيل البائع أم المشتري؟
المشتري الذي يدفع الآن؟
إذا على المشتري.
اتّفقوا على شيء آخر، قال التوصيل عليك وقبلوا انتهى الامر، فهنا العادة أصبحت لا وزن لها؛ لأنّ الشرط أقوى من العادة.
فالأصل في أي معاملة أن تكون على العادة ما لم يقع تنصيص على خلافها، فالمعروف عُرفًا كالمشروط شرطًا.
بعضهم تَجَوَّز فقال عبارة قال: المعروف عُرفًا كالمنصوص نصًّا.
كأنّه نُصّ عليه في الشرع، وهذه ليست فيها ما في ”كالمشروط شرطًا“، فالمشروط شرطًا أحسن.
والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٢٢-جمادى الأولى -١٤٤٤هـ
١٦- ١٢ – ٢٠٢٢م
السؤال:
بدأت بحفظ المتون وحفظت الأربعين النووية فماذا احفظ بعدها؟
الجواب:
اقرأ كتاب جامع العلوم والحِكم.
إخواني مَن العالِم؟
العالِم الذي يحفظ ثم يفهم ما يحفظ، تعبير شرعي دقيق: العلم مُناكحة بين الحفظ والفهم.
إذا عملنا زواج بين الحفظ والفهم يتولد عنه علم، ممكن عالِم غير حافظ؟
ممكن واحد يكون عبقري في الرياضيات مش حافط جداول الضرب؟
غير ممكن.
طب الرياضيات قائمة على فهم ولا على حفظ؟
على فهم وحفظ، الرياضيات فهم لكن قائمة على حفظ
قواعد والشرع كذلك، وأهم ما يُحفظ في الشرع كتاب الله أو آيات الأحكام من القرآن، ويُحفظ كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وأول ما يبدأ طالب العلم بالحفظ يبدأ بحفظ الأربعين النووية.
ما أدري ماذا فعل الإمام النووي في باطنه مع ربه حتى وضع الله له القبول لكتبه بعامة ولكتاب الأربعين النووية بخاصة. قرأت أنَّ أكثر كتاب طُبِع في السنوات الماضية في فرنسا كتاب الأربعين النووية باللغة الفرنسية هذا في فرنسا.
كتاب الأربعين النووية محفوظات كل طالب علم، يحفظ طالب العلم الأربعين النووية، فإن حفظ الأربعين النووية يحتاج أن يفهمها، وأحسن شرح للأربعين النووية شرح ابن رجب في كتابه جامع العلوم والحِكم.
احفظ الأربعين النووية ثم بعد أن تحفظ الأربعين النووية اقرأ جامع العلوم والحكم،
ثم ستجد أمامك جنات لن تستطيع أن تفارق العلم.
طب الآن بدك تحفظ، ماذا تحفظ؟
الحفظ عضلة، وهذه العضلة تنمو وتشتد، وكلما حفظت أكثر كانت حفظك أسرع.
ما هو تخصصك؟
إذا أردت الفقه احرص على حفظ موطأ مالك واحرص على حفظ سنن أبي داوود. كان علماؤنا السابقون وهم صغار يُحَفَظّون، ولما يكبروا يُفَهَمّون، فيفهم ما يحفظ فيكون في علم وعالم.
كان في مصانع في البيوت ومصانع في المساجد للعلماء، نحن نحتاج لمصانع للعلماء.
حاجات الناس اليوم أشد من حاجاتهم قديماً، النوازل كثيرة، الأشياء الجديدة التي لم ينصَّ عليها العلماء السابقون مسائل كثيرة تحتاج إلى علم، تحتاج إلى علم وعلم غزير.
ولا اكتُمُكم سِرّاً، سِرّ فساد الدنيا اليوم عدم وجود العلماء، كل الدنيا فسادها لعدم وجود العلماء.
الإسلام لم يقم ولم ينتشر لعجز العلماء – هذا عجز العلماء إن وجد علماء- أو لفقدان العلماء.
فقدان العلماء والعالم اليوم عمله عالم ويتكسب بشهادته، ويتكسب بمنصبه، والدين لا يقوم عليه علماء الإسلام كما يحبون.
أصل مشكلة المسلمين اليوم في العلم، والعلم لا يكون إلا بفهم وحفظ، فيا من وجدت في نفسك اندفاعاً وحماساً في طلب العلم أُثبت على هذا الحماس، أُثبت عليه وسرّع في أداء ما أوجب الله عليك من التعلم والتعليم والصبر على ما يجب أن تصبر عليه بعد أن تبث في الناس العلم الذي عندك.
كل من كان مُوَفَقاً وقام بالأمر والنهي لابُدَّ أن يُبتلى ولابُدَّ له من صبر.
والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٢٢-جمادى الأولى -١٤٤٤هـ
١٦- ١٢ – ٢٠٢٢م
حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية والتهنئة بذلك.
الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان -حفظه الله-
بالنسبة للاحتفال برأس السنة الميلادية والاحتفال بأعياد النصارى وتهنئة النصارى وأعيادهم فالكلام على هذا من وجوه أهمها أنه لم يثبت البتة لا عند علماء المسلمين ولا عند علماء النصارى أن ميلاد عيسى عليه السلام في خمسة وعشرين ديسمبر ، وأن هذه الاحتفالات التي تكون هي بمناسبة احتفالات أو بمناسبة ميلاد عيسى عليه السلام.
فمثلًا من الكتب الشهيرة في غير العربية وترجمت في أكثر من لغة كتاب لقسيس اسمه أرنست له كتاب اسمه نشأة النصرانية يقرر فيه أنه لا يمكن أن يكون عيسى عليه السلام قد ولد في وقت البرد .
بل الناظر في الموسوعة مثلًا البريطانية دائرة المعارف البريطانية وهي عالمية في المجلد الخامس منها كذلك يقولون أن ميلاد عيس عليه السلام لا يمكن أن يكون في هذا الوقت ولا يوجد أي دليل على ميلاد عيسى عليه السلام في الوقت الذي يحتفل فيه النصارى.
بل هنالك إشارات في إنجيل برنابا أن لما ولد عيسى عليه السلام كان الرعاة في الصحراء وكانوا يسمعون أصواتًا وفي هذا إشارة إلى أن الوقت ليس وقت ثلج ووقت برد وهذا البرد الشديد. وما لنا نذهب بعيدًا في كتاب ربنا جل في علاه بالدلالات المعتبرة عند علماء الأصول ثلاث إشارات واضحات بينات في أن ميلاد عيسى عليه السلام لا يمكن أن يكون في هذا الوقت
أولا : قول الله تعالى:(فَأَجَاۤءَهَا ٱلۡمَخَاضُ إِلَىٰ جِذۡعِ ٱلنَّخۡلَةِ) [سورة مريم 23] .
اجاءها المخاض أي الجأها .
المرأة لما تبدأ في المخاض قبل الولادة تضعف ولا تستطيع أن تبقى قائمة ، فاجاءها المخاض إلى جذع النخلة .
المرأة في وقت البرد في وقت الشدة لما تريد أن تلد ما تذهب لجذع النخلة، تذهب لمغارة تذهب لمكان يردها عن البرد .
فإشارة واضحة جدا أنها ولدت تحت نخلة في فضاء وهذا لا يكون في وقت برد ولا يمكن للمرأة في هذا الشهر أن تلد في فضاء.
ثانيًا : قول الله عز وجل: ((وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا)) سورة مريم.
لم يكن ولم يكون في يوم من الايام أن موسم الرطب موسم شهر (12) فهو برد ، والرطب لا يمكن أن تكون في شهر (12) فمن الاشارات الواضحات بأن ميلاد عيسى عليه السلام لم يكن في أخر السنة.
ثالثا: من باب الكرامة قال الله تعالى عن مريم عليه السلام : ((قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا))
و السريا جدول الماء ، وهذا من باب الكرامات أن جعل تحتها بعد ولادتها جدول ماء ، هذا ليس من الكرامة في البرد أن يوضع تحت المرأة الحامل.
المرأة الحامل متى تحتاج إلى مثل هذا الماء؟
في وقت الحر في وقت الشدة .
فقطعًا لم يكن ميلاد عيسى عليه السلام في هذا الوقت .
علماء النصارى يقولون أن الذي ثبّت هذا من التزوير الذي دخل في دين النصارى ولم يعرف إلى قبل ثلاث مئة سنة من ميلاد عيسى عليه السلام يعني هذا ثبتوه بعد مضي ثلاث مئة سنة من ميلاد عيسى عليه السلام.
رابعًا: ما شأن دين النصارى بالعهر والفجور الذي يجري في الاحتفالات المنسوبة لعيسى عليه السلام ظلما وزورا في الفنادق والليالي الحمراء وبعض من تاب من إخواننا اسأل الله الثبات يخبرون عن إطفاء الأنوار وعن اختلاط الرجال بالنساء وعن الفواحش، هم يذهبون بنية فعل الفاحشة.
أي دين يأمر بمثل هذا ؟
مريم عليها السلام الله عز وجل قال لها قومها فيما أخبر الله عز وجل قالوا لها : ((يا أخت هارون)) وهي قطعا ليست أخت هارون ، هارون أخو موسى ومريم أم عيسى عليهما السلام وبينهما مدة طويلة .
يا أخت هارون يعني يا من كنت مثله في العفاف والطهر فكان يُضرب المثل بعفتها وطهرها أي صلة لامرأة عفيفة طاهرة كمريم عليها وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام بمثل ما يجري من فحش وفجور .
خامسا : دين النصارى دين لا يسمح بمثل هذا ولا يمكن لأي مثل أو خلق أو دين يسمح للفجور الذي يحصل .
تعلمون أخواني في الانجيل أن المرأة لا يجوز لها أن تتكلم في محضر الرجال، هذا أمر منصوص عليه في الانجيل ، وأن المرأة التي تخرج حاسرة الرأس تعاقب بأن يُحلق شعرها ، هذا منصوص في الانجيل، المرأة النصرانية التي تخرج وشعرها مكشوف كفارتها عند الله عندهم في دينهم أن تحلق شعرها ، هذا دينهم وهذا منصوص في كتبهم.
فكيف مثل هذا الدين أن يُجوز مثل هذه الاحتفالات؟
ثم أنت لما تهنئ النصارى هم ماذا يعتقدون في هذا اليوم؟ هم ماذا يعتقدون؟ يعتقدون أن الرب ولد حاشاه سبحانه عما يقول الكافرون وتعالى علوا عظيما .
فأنت لما تهنئ النصراني فكأنك ماذا تقول؟
لما تقول له مبروك العيد أو مبارك العيد ماذا تقول؟
كأنك تقول مبارك ميلاد الرب .
هل يجوز أن تهنئ رجلا لأنه شرب خمرا أو لأنه زنا أو لأنه سرق فو الله تهنئة هؤلاء بمثل هذه أهون عند الله عز وجل من أن تهنئ نصرانيا يعتقد أن الله قد ولد في هذا الوقت .
فالذين يتكلمون ويبحثون عن رُخص للجواز هؤلاء منبطحون على وجوههم هؤلاء تحت الأعاصير واعاصير الاعلام الحديثة وحرية الرأي المزعومة هؤلاء ضعاف الإيمان هؤلاء ، هؤلاء قد اختلت عندهم أصول عقائدهم .
فتهنئة النصارى بأعيادهم تهنئة باطلة زور ظلم .
انظر مثلا في كتاب الله عز وجل ((وَٱلَّذِینَ لَا یَشۡهَدُونَ ٱلزُّورَ))
أنظر مثلا في التفاسير الجامعة الدر المنثور لما بدأت تنبز ظهور بعض الطقوس التي فيها أعياد المجوس وأعياد النصارى والأعياد التي يفعلها أهل الأديان الباطلة وظهر هذا في العراق وعراق العرب وعراق العجم ما وراء النهر كل ما وراء النهر كان يسمى عراقا وكانت الأديان هناك أديان من المجوس فكان غير واحد من التابعين لما بدأوا يظهرون أعياد النيروز والمهرجان وهما عيدان مشهوران عند المجوس فلما بدأ بعض البقايا لما اتسعت رقعة الاسلام فبقت بقايا من المجوس بين الناس فقال غير واحد من التابعين والذين لا يشهدون الزور قالوا النيروز المهرجان وأعياد المشركين .
طبعا ليس الزور فقط هذا لكن يقينا هذا من الزور فالنص القرآني دائما عام وشامل ويشمل كل جديد يقع في الأمة مما له اعتبار لطرق معتبرة عند علماء الأصول في الاستنباط.
في طرق معتبرة وطالب العلم ينبغي أن يعرف الدلالات وكيفية التعامل مع الدلالات التي تؤخذ من النصوص .
فالزور ألف ولام مفرد محلى بالألف واللام التي هي للاستغراق وهذا يفيد العموم وهذا يشمل جميع صور الزور وأنواع الزور .
فكل شيء باطل سواء في نسبته في الدين أو سواء الدين إن حُرف هذا زور .
فتهنئة النصارى واليهود بأعيادهم حكى علماؤنا الاجماع على حرمتها ومن بين من حكى الإمام ابن القيم رحمه الله في أحكام أهل الذمة .
وما بقي من زعانف الصغار والمهزومين أن يتكلموا هؤلاء ليس لهم وزن ليست لهم قيمة عند أهل العلم لو أن الله عز وجل ما خلقهم ما أحد سمع بهم لو أن الله عز وجل ما خلقهم ما لهم أثر في دين الله جل في علاه فبعض الناس يريدون إرضاء النصارى وارضاء اليهود .
نعم النصارى أهل ذمة ولهم ما لنا ما علينا وفق الأحكام المقررة في شرع الله عز وجل ما لم يكونوا محاربين لكن ليس لنا أن نهنئهم بميلاد ربهم الذي هو ظلم وزور وكذب ودجل وهو أعظم ذنب يرتكبه العبد وهو سُبة لله جل في علاه الذي يقول إن الله له ولد ويسب الله جل في علا لأنه من الذي يحتاج للولد؟
الذي يموت.
أنت لماذا تحتاج الولد؟
الولد يحفظ اسمك ويحفظ رسمك الولد لأنك ناقص تحتاج للولد الولد لأنك لك شهوة تفرغ شهوتك في امرأة.
الرب عز وجل سبحانه وتعالى منزه عن هذا فهذا قطعًا من الزور هذا قطعا من الزور .
فبالتالي الاحتفالات بأعياد النصارى ومشاركتهم هو تكثير لسوادهم وهذا خلل في الولاء من جهة، والتهنئة ضعف بتعظيم الرب جل في علاه، الواجب الذي ينبغي يكون في قلب كل مؤمن هذا ضعف في حق المؤمن ويشير إلى ضعف الايمان وأنه ليس العبد عارفا ربه المعرفة الواجبة الحقيقية التي لا يمكن أن تقوم شبهة على أن تهنئ رجلا كافرا يزعم أن الله عز وجل له ولد وله شهوة وله زوجة وما شابه .
فالمسألة عقدية من أصول العقيدة والمسألة لا تحتاج إلى قيل وقال ولا تحتاج إلى خلاف وقد كفانا المؤنة كما قلت غير واحد من علمائنا السابقين إذ حكوا الاجماع على الحرمة.
حكم تهنئة النصارى بأعيادهم
الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان –حفظه الله-
نتحدث عن حكم تهنئة النصارى في أعيادهم ربطاً بهذا الحكم بالوقت الذي يَلزم وهذا جزء من فقه الواقع المحمود ، أن نفهم ما يلزمنا من أحكام واقعنا وما يلزمنا وفي أوقاتنا التي نعيش.
فأقول وبه سبحانه وتعالى أصول وأجول :
دلّ الكتاب والسنه وآثار السلف وأقوال الأئمة المحرِرين المحققين من أئمه الهدى والمعقول والنظر الصحيح على حُرمة تهنئه المسلمين النصارى بأعيادهم ، ذلك أن من مقاصد الشريعة الأصلية ألّا يتشبه المسلم بالكافر ، و ألّا يتشبه المسلم بأهل الكتاب، و ألّا يتشبه المتقي بالفاجر ، و ألّا يتشبه الإنسان بالدواب أجلكم الله ، و ألّا يتشبه الذكر بالأنثى، وألّا تتشبه الانثى بالذكر.
جاءت الشريعة في كثير من أحكامها لتحقيق هذه المقاصد الكلية ، والعيد له صلة بالعقيدة ، والعيد سمي عيدًا لعوده، يعود دومًا.
ولذا قال غيرُ واحدٍ من التابعين في تفسير قول الله جل وعلا ((وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ)) سورة الفرقان: (72) أي أعياد المشركين.
صح ذلك فيما أسنده الخَلال في جامعه وأبو الشيخ في شروط أهل الذمة عن مجاهد والضحّاك والربيع ابن أنس ، كلهم قالوا في تفسير ((وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ)): أعياد المشركين.
أخرج الخَلّال في جامعه عن محمد ابن سيرين -رحمه الله- أنه قال عن الزور هو الشعانين؛ والشعانين كما هو معلوم عيد من أعياد النصارى.
وثبت في سنن أبي داوود وغيره بسنده إلى ثابت ابن ضحّاك قال: أنه نذرَ رجلٌ على عهدِ النبيِّ ﷺ أن يَنْحَرَ بِبُوانَةَ فأَتى رسولَ اللهِ ﷺ فقال إني نذرتُ أن أَنْحَرَ بِبُوانَةَ فقال لهُ رسولُ اللهِ ﷺ هل كان فيها وَثَنٌ من أوثانِ الجاهليةِ يُعبدُ قال لا قال فهل كان فيها عيدٌ من أعيادِهم قال لا فقال رسولُ اللهِ ﷺ أَوْفِ لِنَذْرِكَ فإنهُ لا وفاءَ بنذْرٍ في معصيةِ اللهِ ولا في قطيعةِ رَحِمٍ ولا فيما لا يَملكُ ابنُ آدمَ.
الألباني (١٤٢٠ هـ)، السلسلة الصحيحة ٦/٨٧٤ ، إسناده صحيح رجاله رجال الشيخين، أخرجه أبو داود (٣٣١٣)، والطبراني (٢/٧٦) (١٣٤١)، والبيهقي (٢٠٦٣٤) باختلاف يسير.
فبمجرد أن يقع نذر في مكان كان المشركون في جاهليتهم يجتمعون فيه للعيد جعله النبي صلى الله عليه وسلم معصيه وقرَنه بالمكان الذي فيه الصنم الذي يُعبد من دون الله سبحانه وتعالى.
ولذا لما صالح عمر أهل الكتاب اشترط عليهم ألا يُظهروا أعيادهم بين المسلمين وأن يجعلوا ذلك في دورهم ولا يبرزون بها .
وقد صَحَ عنه فيما أخرجه البيهقي بسننه الكبرى أنه كان يقول : لا تعلَّموا رطانةَ الأعاجِمِ ، ولا تدخلوا على المشركينَ في كنائِسِهم يومَ عيدِهم ، فإنَّ السُّخطةَ تنزِلُ عليهِم.
الراوي : عطاء بن دينار | المحدث : ابن تيمية | المصدر : اقتضاء الصراط المستقيم، الصفحة أو الرقم : 1/511 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح.
فسخط الله ينزل عليهم في حق من ذهب للفرجة، فما بالكم فيمن ذهب ليحتفل أو ليهنئ أو ليسهر في كنيسة من الكنائس ، فلا يصنع ذلك إلا من كان في قلبه مرض شديد ويُخشى على مآله، بل يُخشى على دينه في حاله .
وثبت عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو قال : من بنَى ببلادِ الأعاجمِ ، فصنع نَيروزَهم ومهرجانَهم ، وتشبَّهَ بهم حتَّى يموتَ وهو كذلك ، حُشِرَ معهم يومَ القيامةِ.
الراوي : أبو المغيرة | المحدث : ابن تيمية | المصدر : اقتضاء الصراط المستقيم
الصفحة أو الرقم : 1/513 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح. والنيروز والمهرجان عيدان من أعياد الفرس.
كيف لا وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلـم قال: ((يُحشر المرء مع من أحب)).
بل ثبت عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنـه قال : لو ان أحدكم عبد الله أربعين سنه بين الركن والمقام – بين الركن اليماني ومقام إبراهيم ولا يكون بينهم إلا الحجر الأسود – ما حُشر إلا مع من احب .
وقد ثبت عند أحمد بالمسند وعند أبي داوود في السنن من حديت عبد الله ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال قال رسول صلى الله عليه وسلم : من تَشبه بقوم فهو منهم.
الألباني (١٤٢٠ هـ)، إرواء الغليل ١٢٦٩.صحيح. أخرجه أبو داود (٤٠٣١) .
وفي بعض روايات الحديث ليس منا من تشبه بغيرنا؛ ليس على سَنَنا ولا على منهجنا ولا على طريقتنا من تشبه بغيرنا .
وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بأن نُخالف المشركين فقال: خالفوا المشركين. عن عبدالله بن خالِفُوا المشْركينَ وفِّرُوا اللِّحى وأحْفُوا الشوارِبَ. الألباني (١٤٢٠ هـ)، غاية المرام ١٠٨ .صحيح . أخرجه البخاري (٥٨٩٢) واللفظ له، ومسلم (٢٥٩).
فمن مقاصد الشريعة أن يُخالف المسلمين المشركين ، وأن يُخالف المسلمين أهل الكتاب بل من مقاصد الشريعة أنها لا تُسوي بين المؤمن والفاجر وبين المصلح والمفسد.
ولذا علمائنا -رحمهم الله تعالى- يقررون بناء على هذه النصوص من كلام ربهم وحديث نبينا صلى الله عليه وسلم وأقوال التابعيين أن الاحتفال بأعياد المشركين عامة وبأعياد أهل الكتاب خاصة، بأعياد اليهود والنصارى خاصة حرام بل هو كبيرةٌ من الكبائر .
النصارى يعتقدون أن عيسى ابن الله، وأن هذا ميلاد عيسى- بزعمهم- وأن الله قد وَلد الرب وهذا يستلزم أن يلحقوا النقص بربهم، فإن لربهم شهوة وهو عاجز ويحتاج إلى ولد ؛؛ فالولد إنما يحبه الإنسان ليحفظ اسمه ورسمه ويبقى من بعده.
فلما تهنئوا النصارى بعيد ميلاد ربهم فكأنك تقرِّهم بمعتقدهم الفاسد والنجس الذي في قلوبهم، ومن صنع ذلك فقد ارتكب اكبر الكبائر .
ورحم الله ابن القيم فإنه قال في الجزء الأول من كتابه أحكام أهل الذمة وهو يتكلم عن حكم تهنئه الكفار وأهل الكتاب بأعيادهم:
((وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرامٌ بالاتفاق، مثل أن يهنِّئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيدٌ مباركٌ عليك، أو تَهنأ بهذا العيد، ونحوه، فهذا إن سَلِم قائلُه من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يُهنِّئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثمًا عند الله وأشدُّ مقتًا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثيرٌ ممن لا قدْرَ للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قُبحَ ما فعل.
فمن هنَّأ عبدًا بمعصيةٍ أو بدعةٍ أو كفرٍ فقد تعرَّض لمقتِ الله وسخطه، وقد كان أهل الورع من أهل العلم يتجنَّبون تهنئةَ الظَّلمَة بالولايات، وتهنئةَ الجهَّال بمنصب القضاء والتدريس والإفتاء، تجنبًا لمقت الله وسقوطهم من عينه.
حرام باتفاق أهل العلم : أي أهل العلم المعتبرين، وأما من شذّ فناكد ، فدجّل و مارى و ميّع فهذا ليس له لا في العير ولا في النفير ، ليس له ذكر ، وسنجد بين من هو محسوب لا أقول على المسلمين إنما أقول من هو محسوب على المفكرين -زعموا- أو على أصحاب الفكر المستنير أو من هو محسوب على العلم والعلماء سنجد منهم من يقول بالجواز، و ما هذا والعياذ بالله إلا مظهر من مظاهر الانهزام النفسي الموجود عند بعض الناس ، همهم أن يسوّغوا الحرام ليماروا غيرهم.
إذا لا يجوز أن نهنئ النصارى بعيدهم ، ولا يفعل ذلك إلا من لا قدر للدين عنده ، إلا جريء على باطل ، إلا من لا يعظم أوامر الله عز وجل .
هنالك مظاهر للاحتفال بمشابهة النصارى في احتفالاتهم من هذه المظاهر ما يوجد عند فقراء المسلمين، فضلا عن أغنيائهم فيما يســــــــــــــــمى بخميس البيض -صَبغ البيض- هذا للأسف يُفعل الآن من قبل المسلمين .
يقول شيخ الإسلام في مختصر الفتاوى المصرية:
((وليس لأهلِ الذمةِ إظهارُ شيءٍ من شعائرِ دينِهم في ديارِ المسلمِينَ، لا في أوقاتِ الاستسقاءِ، ولا في وقتِ مجيءِ النوائبِ، وإظهارِ التوراةِ، ولا يرفعونَ أصواتَهم بالقراءةِ، وعلى وليِّ الأمرِ منعُهم من ذلك.
وليس الخميسُ من أعيادِ المسلمِينَ؛ بل من أعيادِ النصارى، كعيدِ الميلادِ، وعيدِ الغِطاسِ؛ لكلِّ أُمَّةٍ عيد كما لكل أُمَّةٍ قِبْلةٌ.
وليس لأهلِ الذمةِ أن يُظهروا أعيادَهم في بلادِ المسلمِينَ، وليس للمسلمِينَ أن يُعينوهم على أعيادِهم، لا ببيعِ ما يستعينونَ به على عيدِهم، ولا بإجارةِ دوابِّهم ليركبوها في عيدِهم؛ لأن أعيادَهم مما حرَّمَه اللهُ ورسولُه؛ لما فيها من الكفرِ والفسوقِ والعصيانِ.
وأما إذا فعَل المسلمونَ معهم أعيادَهم؛ مثلُ: صنعِ بيضٍ، وتحميرِ دوابِّهم بِمَغَرةٍ وبخورٍ، وإنفاقٍ وعملِ طعامٍ؛ فهذا أظهرُ من أن يحتاجَ إلى سؤالٍ؛ بل قد نصَّ طائفةٌ من العُلَماءِ من أصحابِ أبي حنيفةَ ومالكٍ على كفرِ مَن يفعلُ ذلك، وقال بعضُهم: من ذبَح بطيخةً في عيدِهم؛ كأنما ذبَح خنزيرًا.
ولو تشَبَّه الرجلُ منهم في العادات المختصةِ بهم لنُهِي عن ذلك باتِّفاقِ العلماءِ، وإن كان ذلك جائزًا إذا لم يكُنْ من شعائرِهم؛ مثلُ: لباسِ الأصفرِ ونحوِه، فإن هذا جائزٌ في الأصلِ؛ لكن لما صار مِن شعائرِ الكفرِ؛ لم يجُزْ لأحدٍ أن يلبَسَ عمامةً صفراءَ أو زرقاءَ؛ مع كونِ ذلك من لباسِهم الذي يمتازونَ به، فكيفَ بمَن يشارِكُهم في عاداتِهم وشعائرِ دينِهم؟!بل ليس لأحدٍ من المسلمِينَ أن يخُصَّ مواسِمَهم بشيءٍ مما يخُصُّونَها به، فليس للمسلمِ أن يخصَّ خميسَهم الحقيرَ لا بتجديدِ طعامٍ؛ كالرزِّ، والعَدَسِ، والبيضِ المصبوغِ، وغيرِ ذلك، ولا بتجمُّلٍ بالثيابِ، ولا بصبغِ دوابَّ، ولا بنشرِ ثيابٍ، ولا غيرِ ذلك، ومن فعل ذلك على وجهِ التبركِ به واعتقادِ التبررِ به؛ فإنه يُعرَّفُ دينَ الإسلامِ، وأن هذا ليس منه؛ ويُسْتتابُ منه، فإن تابَ وإلا قُتِل.
وليس لأحدٍ أن يجيبَ دعوةَ مسلمٍ يحدِّد في أعيادِهم مثلَ هذه الأطعمةِ، ولا يأكلَ من ذلك؛ بل لو ذبحوا هم في أعيادِهم شيئًا لأنفُسِهم؛ ففي جوازِ أكلِ المسلمِ لذلك نزاعٌ بينَ العلماءِ؛ لكونِهم على وجهِ القربات، فصار من جنسِ ما ذُبِح على النُّصُبِ وما أُهِلَّ به لغيرِ اللهِ.
وأما ذبحُ المسلمِ لنفْسِه في أعيادِهم على وجهِ)).
إذا لا يجوز مشاركة النصارى بأعيادهم باي طريقة من الطرق .
السؤال:
سؤال من الجزائر ، تقول: ذكرتم أن العالم إذا كان له قولان في المسألة فلا يقال أن العالم تراجع عن قوله المتقدم ونُسخ قوله المتأخر لقول المتقدم ما لم يصرح بالتراجع ، لأن كلام العالم مبين وليس منشيء بخلاف الشرع فإن الشرع منشيء ، أرجو البسط والتوضيح وهل هو مذكور في كتب أصول الفقه في مبحث النسخ ؟
الجواب:
فأقول والهداية بالله هذا الدين كما قال الله عز وجل : {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا} فالذي شرع هو الله .
ما هو دور العالم ؟
دور العالم يُبين ما ورد في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بيان العالم يعتريه ما يعري كلام البشر، فالعالم قد يتكلم بكلمة ثم يظهر له خلاف ما قال.
فهل العالم قوله المتأخر ينسخ قوله المتقدم ؟
الجواب: لا.
حتى لو صرح العالم بالتراجع ؟
لو صرح بالتراجع يبقى القول القديم قولاً منسوبا إليه ، يقال لفلان مذهبان مذهب جديد ومذهب قديم ، ولذا هذا معروف جدا عند العلماء ولا سيما عند الشافعية ، بل هنالك عدة مسائل بينها أهل العلم وذكروها ببسط ومنهم مثلا الإمام النووي في مقدمة كتابه المجموع ، ونظمها غير واحد من العلماء على اختلاف الامصار والأعصار في رجحان مذهب الشافعي القديم لا الجديد ، ففي عدة مسائل المفتى بها في مذهب الشافعية المذهب القديم لا المذهب الجديد .
الشاهد:
العالم ليس له حق أن ينشئ حكما ، العالم حقه أن يُبين الحكم ، فإن اخطأ بيانه فلا يقال في كلامه كما في الشرع ، الشرع هو الذي ينشئ ، فالشرع لما أنزل الله تعالى الأحكام أنزلها الله تعالى ليُربينا، فكان في بدايات العهد في العصر الأول الأنور كانت الأحكام تناسب ذاك الوقت، ثم الله عز وجل نسخ بعضها ، مثل التوجه للقبلة، كما ثبت في حديث البراء بن عازب في صحيح البخاري مكث النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ثم نسخ الله عز وجل القبلة إلى الكعبة المشرفة ، فهذا الحكم للشرع.
الآن السؤال أيهما أفضل التوجه للقبلة لبيت المقدس أم للكعبة ؟
في وقت توجهنا لبيت المقدس كان الحكم في توجهنا إلى بيت المقدس أفضل ، ولما حولنا الله إلى الكعبة فكان التوجه إلى الكعبة أفضل. فالشرع له من الحِكم ما تعجز العقول عن إدراكه وفهمه وبالتالي العالم له البيان ، فإن اخطأ العالم فيبقى له قول حتى لو قال تراجعت المعتمد من أقوال أي عالم القول الأخير وليس القول الأول ، لكن قوله الأخير ليس بناسخ لقوله الأول ذلك أن العالم هو مبين وليس بمنشئ ، أما الشرع هو الذي ينشئ والشرع سبحانه وتعالى حتى يربي الخلق الله جل في علاه يعني قد ينشئ شيئا ثم ينسخه بحكمة له سبحانه .
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٢٢-جمادى الأولى -١٤٤٤هـ
١٦- ١٢ – ٢٠٢٢م