السؤال : أليس الصحيح أن نقول في صيام الرسول صلى الله عليه وسلم في شعبان أن الدافع لذلك قوله: ( هذا شهر يغفل عنه الناس)؟
الجواب: هذا صحيح وذاك صحيح، أين المشكلة ؟
عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسولَ الله، لم أرَك تصوم شهرًا مِن الشهور ما تصومُ مِن شعبان؟! قال: «ذلك شهرٌ يغفُل الناس عنه بين رجَب ورمضان، وهو شهرٌ تُرفَع فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالمين، فأحبُّ أن يُرفَع عمِلي وأنا صائِم». سُنن النسائي(٢٣٥٧) وحسنه الألباني.
النبي صلى الله عليه وسلم قال ( شهر يغفل عنه الناس)، (الأعمال ترفع إلى الله في شعبان )، (وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن ترفع أعماله وهو صائم)، وكذلك (كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث أزواجه على الصيام ويصوم معهم).
وعن أبي سلمة قال: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلَّا فِي شَعْبَانَ، الشُّغْلُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. صحيح مسلم(١١٤٦).
فهل من تعارض؟!
لا تعارض في هذا أبداً.✍️✍️
السؤال:
لقد أقبلنا على شهر شعبان وورد عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه كان يصوم اغلبه، كيف أصوم؟
الجواب :
صم أغلبه .
لماذا النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم ؟
سبحان الله شعبان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم « ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِم ٌ» [رواه أحمد والنسائي].
فهو شهر فيه خير عظيم، يغفل الناس عنه، والذي يظهر لي أن العمل يرفع على مرحلتين الاثنين والخميس ثم هنالك رفع لكل ما رفع يومي الاثنين والخميس يكون في هذا الشهر وهو شهر شعبان.
فشهر شعبان ترفع الاعمال فيه ، فهو بين الاشهر بمثابة يومي الاثنين والخميس بين الأيام ،ترفع فيه الأعمال إلى الله عز وجل ولا يرفع عمل المشرك أو عمل المشاحن.
ولذا الله عز وجل في علاه يطلع إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان ويغفر لكل أحد إلا لمشرك أو مشاحن، فهولاء لا يغفر لهم .
ففي شعبان تصفي علاقاتك مع الناس وتحسنها قبل أن تدخل مدرسة رمضان ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك .
رمضان العلاقة بين الناس ينبغي أن تكون حسنة وأن يتفقد الانسان علاقته مع إخوانه، وأن يجري الصلح بينه وبينهم، حتى يدخل رمضان والله عز وجل يغفر له .
ولذا النبي عليه الصلاة والسلام كان يكثر من الصيام في شعبان.
واختلف أهل العلم ما هو السر من اكثاره صلى الله عليه وسلم ؟
فبعضهم قال:
السر فضل الشهر، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال عنه ، يغفل عنه كثير من الناس والنبي علل ذلك بقوله تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى الله ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم الاثنين والخميس ويقول فيهما تُرْفَعُ الأَعْمَالُ إِلَى الله وإنى أُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ قالوا من هذا الباب .
ومنهم من قال:
حتى يتدرب على تحمل مشاق رمضان ، فإن صام رمضان فلا يشعر بمشقة وكلفة، حتى يسهل عليه صيام رمضان، كان يصوم من شعبان ، وهذا في حق آحاد الأمة، وإلا فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم ويواصل ويقول إِنِّي أَبِيتُ عند رَبِّي يُطْعِمُني ويَسْقِيني .
ومنهم من قال:
وصرحت بهذا عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم مع أزواجه فكانت أزواجه كما اخبرت عائشة تقول كنا نقضي ما فاتنا من رمضان في شعبان .
فالواجب على الزوج و الأب أن يذكر زوجته وبناته بالقضاء بسبب العذر الذي كتبه الله تعالى على حواء وبنات حواء.
خطر في بالي خاطر.
النبى عليه السلام قال كتبه الله على بنات حواء، وكأن الجنية لا تحيض، وكأن هذا ينفي وجود مخلوق بين الإنسي والجني، سواء كان الإنسي ذكرا أو الجنى ذكرا والطرف الآخر إنسي.
يخطر في بالي وهذا محتمل وقوي وليس الكلام ببعيد .
المرأة التى أفطرت بسبب الحيض فيجب عليها قبل أن تدخل رمضان أن تكون قد قضت، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم مع نسائه، ولذا كان يكثر من الصيام ، فالنبي صلى الله عليه وسلم عقد على إحدى عشر وكان له تسع من النسوة، فلو أن النبي صلى الله عليه وسلم صام مع كل واحدة منهن يومين أو ثلاثة صام أغلب الشهر ، وهذا من حسن عشرته لأهله ، فمن حسن العشرة للأهل أنه لما المراة تقضي صم معها ، هي تقضى وهو يصوم نافلة وهذا من حسن عشرة الرجل لزوجته، فمن أراد أن يصوم فهذه سنة وهذا شهر فضيل يسن فيه الصيام خاصة والأعمال الصالحة بعامة.
الواجب على العبد في هذه الأيام أن يعقد صُلحًا مع الله عز وجل، وأن يتفقد علاقاته مع الخلق، وأن يدخل هذه المدرسة التي يجب على المسلم وجوبًا عينيًا أن يخرج منها وقد غُفرت ذنوبه.
وقد دعا جبريلُ وأمنّ نبينا صلى الله عليه وسلـم على ثلاث من بينهم من أدركَ رمضانَ ولم يُغفر له، والحديث ثابت في الصحيح عن جمعٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلـم بألفاظ متقاربة.
أن النبي صلى الله عليه وسلـم رقى المنبر فقال آمين ثلاثًا، فلما سُئل ذكرَ من بينهم صلى الله عليه وسلـم من أدركَ رمضان ولم يُغفر له صححه الألباني في صحيح الأدب المفرد 646 .
وبعض الألفاظ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي.
ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له.
ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة.
صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 1680 .
رغم: أي مُرِّغَ أنفهُ بالتراب ذُلًا وصغارًا من شدة صنيعه الذي وقعَ فيه، وهو أنه أدركَ رمضان ولم يُغفر له.
والذي يتأمل الأحاديث الثابتة في الصحيحين التي تنوعت في الأسباب في عمل الصالحات في رمضان، واتحدت في النتيجة وهي ألفاظ عديدة ثابتة في الصحيحين، منها قوله صلى الله عليه وسلـم:
# عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا
غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. البخاري ٣٨، مسلم ٧٦٠
# قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.
البخاري ٣٧، مسلم ٧٥٩
# قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ
البخاري١٩٠١
وهذه أحاديث ثلاثة قالها النبي صلى الله عليه وسلـم بمناسبات مُتعددة.
فالأعمال تعددت في رمضان، ولكنها اتحدت في أن المقصد والمراد من شهر رمضان أن يدخل العبدُ فيه، وقد تصعد أعماله إلى الله عز وجل، وأن يدخُل هذه المدرسة المباركة فيهذب نفسه.
فالشرع في رمضان أشغل ليلك ونهارك:
# أشغلَ نهارك بأن منعكَ من الملذات، – ملذة الطعام والشراب والفرج -.
# أشغلَ ليلك بالقيام وتلاوة القرآن.
فرمضان الإنسان فيه ينبغي أن يكون فيه حاله ليس كحاله في غير رمضان، بل ينبغي أن يكون حاله فيه كما كان حال السلف الصالح، كان يوم صومهم خلاف يوم فطرهم، كما هو المعروف عندهم، وعلى رأس هؤلاء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولا سيما عند الدخول في العشر الأواخر من رمضان فيوغل الإنسان برمضان برفق، حتى إذا وصل للعشر الأواخر يكون قد روض نفسه وعودها، كالخيل الجموح، إن روضت فإنها تستجيب لصاحبها
ومن ترويض النفس الواجب في هذه الأيام أن ينظر كل مسلم مُكلف ذكرًا كان أم أنثى إلى علاقاته مع الخلق، فرمضان تغلب فيه أن يصطلح الإنسان فيه مع ربه عز وجل، وأن يُقبل على الطاعات.
والواجب على كل واحد منا أن يتفقد واجب الوقت، وأن الله عز وجل يتجلى لخلقه ولعباده في ليلة النصف من شعبان كما ثبت في أحاديث سبعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قوله صلى الله عليه وسلم إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة 1563، وفصل في أحاديثهم الإمام الدارقطني رحمه الله في كتابه النزول.
اختلف العلماء في معنى مُشاحن على قولين:
القول الأول: المبتدع. – وهذا بعيد – .
القول الثاني: من يوجد بينه وبين المسلم هُجران ومشاحنة من أجل حظ النفس.
واليوم المشاحنات والهجران التي تقع بين المسلمين لا تكون للأسف إلا من أجل حظ النفس، فالهُجران منه المشروع، وجله في سائر صوره ممنوع.
ما هو الهجران المشروع؟
الهجران المشروع قسمان:
# إيجابي زاجر.
# وقائي مانع.
الوقائي المانع: يكون من ضعف العبد، كأن يكون رجلٌ قد تاب وله أصحاب سوء، ويعلم من نفسه، ومن ضعفه أنه إن صاحبهم فإنه سيتأثر بهم، ولا يُمكن أن يؤثر فيهم، فالواجب عليه أن يهجرهم، فهذا هُجرانٌ يُسمى عند أهل العلم هُجرانٌ وقائي مانع، وهذا خارجٌ من الحديث
والنوع الأول من الهُجران المشروع الذي لا يدخل في الحديث الهُجران الذي يُسميه العلماء هُجران إيجابي زاجر، وهو يكون في حق أهل الكمالات من الخلق البشري من أصحاب الحقوق، سواء كانت الحقوق معنوية أو مادية، كالعالم، والصالح، ورئيس العشيرة، والأب، أو الزوج، إن علموا أن بهُجرانهم إنما يُردَع المهجور، ويعيده قسرًا إلى حظيرة الحق والدين.
إذا كان الزوج مثلاً يعلم من زوجته نشوزًا، أو معصية، وكذا الشيخ والأستاذ والمُعلم مع طلبته، وكذا الوالد من ولده؛ فهجره من أجل أن يُعيده إلى حظيرة الحقِ والدين، ولا يوجد لنفسه حظٌ في هذا الهُجران، فهذا الهُجران غير داخل في الحديث.
لكن هذا الهجران عزيز، وهذا الهجران لا يكون إلا من إنسان مُربٍّ، ويكون إنسان فيه شيء زائد عن الشيء الموجود عند الناس، يكون عنده بصيرة، وعنده نور، وعنده تقوى، وعنده علم، ويصنع هذا ويتقصد الخير، وضابطه عزيز ودقيق، وضابطه ذكره ابن أبي جمرة في شرحه على مختصره لصحيح البخاري المُسمى “بهجة النفوس” ذكر صنيع أبي بكر الصديق رضي الله عنه مع “مِسطح”.
مِسطحٌ رجلٌ فقير من أقارب أبي بكر الصديق رضي الله عنه، كان أبو بكر رضي الله عنه غنيًا ثريًا يُنفق عليه، واُبتلي مسطح بأن خاض في حادثة الإفك، فكان يخوض في عِرض عائشة رضي الله عنها.
من المنفق؟
أبو بكر.
أبو بكر على من يُنفق؟
على مسطح.
يُنفق على من يخوض في عرض زوجة حبيبه صلى الله عليه وسلـم، وفي عرض ابنته.
قال ابن أبي جمرة:
فبقي أبو بكر يُنفق على مسطح، حتى أنزل الله براءة عائشة من السماء، فلما أنزل براءتها من السماء قطع أبو بكر النفقة.
قال ابن أبي جمرة:
لو أن أبا بكر قطع النفقة عليه قبل البراءة، وقبل نزولها من السماء لكان هجرهُ من حظ نفسه، ولكنه لما هجره بعد نزول البراءة من السماء كان الهُجران من أجل الله.
انظروا إلى هذا الفرق، وهذا الضابط العزيز.
فأقول: النبي صلى الله عليه وسلـم يُخبرنا “إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة ١٥٦٣
فالواجب أن تدخل مدرسة رمضان وقد غُفرت ذنوبك، وقد قالوا قديمًا في المثل من أحكم البدايات سلمت له النهايات، فالواجب قبل الدخول في رمضان أن نُحكم بدايات الدخول
كيف نُحكم بدايات الدخول؟
أن نتفقد أحوالنا مع الخلق، فإن وجد بيننا وبين أحد منهم هجران الواجب علينا أن نقطع هذا الهجران.
اليوم ما أكثر الهجران والعقوق، وما أكثر تضييع أصحاب الحقوق، لا يعرف صاحب الحق لصاحبه إلا صاحب الفضل، اليوم الأبناء يتنكبون للإباء، والإخوان فيما بينهم يتهاجرون وإلى الله المشتكى ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فالواجب علينا أن نقطع هذا، قبل النصف من شعبان، ونحن الآن على أبواب النصف من شعبان، وقريبو عهد من النصف من شعبان.
من السُنة في هذه الأيام أن نكثر من الصيام في هذا الشهر.
فعَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنْ صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ “كَانَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ قَدْ صَامَ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ قَدْ أَفْطَرَ، وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِنْ شَهْرٍ قَطُّ، أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا” مسلم ١١٥٦
والواجب علينا أن نُذكر زوجاتنا وبناتنا بوجوب قضاء ما فاتهن من رمضان الماضي، وأن لا يدخل عليهن رمضان الآتي إلا وقد قضت من أفطرت بعذر ما عليها من أيام بالسبب الذي كتبه الله تعالى على بنات حواء.
هنا مسألة في موضوع الصيام.
هل يُشرع الصيام بعد النصف الثاني من شعبان؟
بالنسبة للصيام في النصف الثاني من شعبان يصامُ في حق من تعود الصيام.
واختلف أهل العلم بناء على تصحيح حديث ” إذا انتصف رمضان فلا تصوموا” سنن أبي داوود ٢٣٣٧ وصححه الألباني.
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يُكثر من الصيام في شعبان، فاختلف أهل العلم على كيف يُوفق بين هذا وذاك؟
النبي عليه الصلاة والسلام كان يُكثر من صيام شعبان، ويقول صلى الله عليه وسلـم: إذا انتصف شعبان فلا تصوموا. سنن أبي داوود ٢٣٣٧ وصححه الألباني.
فمنهم من قال:
أن النهي خاص فيمن لم يُعرف عنه صيامه، ولم يتعود الصيام، فيُنهى أن يصوم النصف الثاني من شعبان، أي خُذ راحة واستراحة بعد النصف من شعبان حتى ينتهي شعبان، وتستعد لرمضان، وأما من كان مُعتاداً على الصيام، فلا حرج من الصيام في النصف من شعبان، فمن كان مُتعوداً على الصيام فلا حرج من الصيام في النصف الثاني من شعبان، فالنهيُ مُنصبٌ على من لم يتعود الصيام،✍️✍️
السؤال:
مما جرى في الحقيقة من ليلة النصف من شعبان ، نقل الشيخ عبد الله المطلق نقلاً عن شيخنا الألباني يقول فيه : إنه يجوز قيام ليلة النصف من شعبان! ، وسأل عن ذلك عدد كبير ، وجم غفير ، ولا سيما مع وسائل الاتصال الحديثة ، لعلّي أقول من كافة أقطار الدنيا ، مَن لم يتصل بعث رسائل ، ويسأل : هل الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى-يُجوّز قيام ليلة النصف من شعبان؟!.
الجواب :
حقيقةً تجويز الشيخ الألباني لقيام ليلة النصف من شعبان هو لازمُ قولٍ ، وهو لا يقول به! .
الشيخ يُحسّن حديث : {إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمُشرك أو مُشاحن} ،
رواه ابن ماجة وحسنه الالباني في الصحيحة 1563
فهذا التحسين لهذا الحديث لا يلزم منه جواز استحباب قيام ليلة النصف من شعبان ، ليلة النصف من شعبان ليلة كسائر الليالي ، من كان له قيام فليقم ، لكن ليس لتخصيصها ميزة ، وليس لتخصيصها فضيلة .
وبعد البحث ، وقد ذكرت ذلك في كتابي (قاموس البدع) جمعته من كلام شيخنا الألباني رحمه الله ، فوجدت في الصفحة التاسعة لشيخنا الألباني تعليقا على رسالة الصراط المستقيم ، رسالة فيما قرره الثقات الأثبات في ليلة النصف من شعبان ، يقول : إن العلماء اختلفوا في أحاديث ليلة النصف ، وإن الأكثرية على تفضيلها وهو الحق لثبوت بعض الأحاديث ، على أنه لا يلزم من ذلك -أعني من ثبوت فضلها-أن يخصصها بصلاة خاصة بهيئة خاصة ، لم يخصها الشارع الحكيم بها ، بل ذلك كله بدعة يجب اجتنابها ، والتمسك بما كان عليه الصحابة والسلف الصالح -رضي الله عنهم- ، ورحم الله من قال :
وكل خير في اتباع من سلف، وكل شر في ابتداع من خلف.
ففي هذا النص الشيخ -رحمه الله- وبشكل واضح جداً يرى أن هنالك انفكاك ، وأنه لا تلازم بين فضل ليلة النصف من شعبان وبين تخصيصها بقيام ، وقد نصص على بدعية ذلك في رسالته التي رد فيها على عبد الله الحبشي المُسماة (الرد على التعقب الحثيث) {صفحة 50} ، وكذلك نصص على بدعيتها في كتابه
(صلاة التراويح) في موطنين صفحة {33 ، 44} ، وكذلك في كتابه : (صحيح الترغيب والترهيب) الجزء الأول صفحة {54} ، وفي كتابه (إصلاح المساجد).
وكتاب الشيخ جمال الدين القاسمي الدمشقي يوجد له فيه إفاضة طويلة لشيخنا الألباني في بدعية تخصيص صلاة ليلة النصف من شعبان بصلاة خاصة ، أو بهيئة خاصة .
والخلاصة : أن النقل عن شيخنا الألباني -رحمه الله- بأنه يرى سُنية قِيام ليلة النصف من شعبان خطأ ، وإنما هو توهمٌ من تحسينه لتفضيل ليلة النصف من شعبان ، وهذا لازم القول ، ولازم المذهب ليس بمذهب ، ولازم القول ليس بقول ، فكيف إذا كان هذا اللازم قد صرّح صاحبه بخلاف ما قد يُتوهم من قوله .
جُل الكذب على الأئمة ، إنما هو بسبب لازم قولهم ، وجُل الردود التي تظهر ولا سيما بين طلبة العلم إنما سببها أنهم لا يدققون في الأقوال ، وإنما يأخذون بلازم القول ، ولازم المذهب ليس بمذهب كما هو معروف.✍️✍️
السؤال:
أخ يقول نحن في هذه الأيام في شهر شعبان فما لِـهذا الشهر من فضائل؟
الجواب:
شهر شعبان شهر بين رجب ورمضان، ويغفل عنه كثير من الناس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
«ذلك شهرٌ يغفُل الناس عنه بين رجَب ورمضان، وهو شهرٌ تُرفَع فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالمين، فأحبُّ أن يُرفَع عمِلي وأنا صائِم» حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة(١٨٩٨)
رجب كانت مضر تعظمه، وكانت تصومه كله.
ورمضان شهر معظم في جميع الأديان، فبقي شعبان الذي يغفل عنه كثير من الناس.
وإذا أردت أن تعرف فضل شعبان فانظر إلى بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر.
فالطاعة الظاهرة في شعبان في بيت النبي صلى الله عليه وسلم التي كانت تمارس من قِبَل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر أزواجه الصيام.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول أحب أن يرفع عملي وأنا صائم، وفي الصحيحين عن أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: “ما رأيتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم استكملَ صِيامَ شهر قطُّ إلاَّ رَمَضان، وَما رَأَيْتُهُ في شَهْرٍ أكْثَرَ مِنه صِيَامًا في شَعْبَان” (متفق عليه).
كان يصوم رمضان كله ثم من أكثر الشهور التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصومها هو شهر شعبان.
بل ورد في مسلم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله، ولكن الغالب على أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان كثرة الصيام في هذا الشهر.
الأصل في الإنسان في شعبان أن يهيئ نفسه لاستقبال رمضان بأن يعزم ويحسم في الطاعات ويكثر منها، وأن يُحكِم صلته بالقرآن، فإذا أردت أن توفق في رمضان لقراءة القرآن فتدرَّب من الآن.
ابدأ تدرُّب من الآن، وأقبِل على القرآن الكريم.
إن كان الله عز وجل يغفر الذنوب في رمضان؛ فإنه يغفر الذنوب إلا فيما هو متعلق بحقوق الخلق، ولذا الواجب على الإنسان في شعبان أن يراجِع حساباته مع الخَلق، ولا ينبغي له أن يمر منتصف شعبان؛ وبينه وبين أحد من الخلق شحناء.
فالله عز وجل يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان، ويغفر لكل أحد إلا لمشاحن.
فالأصل في الناس قبل أن يدخلوا في شهر رمضان؛ كل منهم يعيد حساباته، فأي مشاحنة من أجل الدنيا؛ فالواجب أن تزول.
ولا يجوز لأي انسان أن يدخل في رمضان وبينه وبين أحد من الخلق؛ شحناء.
وسلامة الصدر أقرب طريق لدخول الجنة، أن يكون صدرك سليما على خلق الله عز وجل.
والناس اليوم الشحناء بينهم -ولا حول ولا قوه الا بالله- كثيرة، ولا سيما بسبب الدنيا وحطامها، ومطامعها وما شابه.
فمن كان بينه وبين أحد من المسلمين شحناء؛ فالواجب عليه؛ قبل أن يدخل رمضان أن ترفع هذه الشحناء وأن يتواضع إلى الله عز وجل، ومن تواضع لله عز وجل رفعه الله سبحانه وتعالى.
والله تعالى أعلم.✍🏻✍🏻
شهر شعبان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “شعبان بين رجب ورمضان يغفل الناس عنه ترفع فيه أعمال العباد فأحب أن لا يرفع عملي إلا وأنا صائم”. حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة ١٨٩٨.
شعبان يحتاج منا إلى تشمير وجد، يحتاج منا إلى استعداد، وأن نرعى أحوالنا مع البشر قبل أن ندخل رمضان.
وقد صحح شيخنا الألباني رحمه الله وأظن في الصحيح الخامس من طرق سبعة، خمسة صحابة واثنان مرسلان حديث: “إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن”.
رواه ابن ماجه وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة ١٥٦٣.
فالعاقل والفطن والموفق قبل أن يدخل في رمضان، وقبل ليلة النصف من شعبان يبحث عن علاقته مع الناس، فمن كانت بينهم وبينه قطيعة إن لم تكن لله، وقلّ أن تكون هنالك قطيعة الآن لله وجُلها حظوظ نفس، فالواجب على العاقل أن يقطعها، وأن يعيد العلاقة على أحسن حال حتى إن دخل رمضان فأعماله تصعد في السماء، وترفع إلى الله جل في علاه، ولا تحجب.
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث”.
رواه مالك والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي ورواه مسلم أخصر منه والطبراني وزاد فيه ( صحيح لغيره ) “يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهم الذي يبدأ بالسلام والذي يبدأ بالسلام يسبق إلى الجنة”.
لا تنتظر أن يبدأك غيرك، أنت بادر، و قبل أن تدخل رمضان تفقد في شعبان أحوالك مع الناس، وحسن علاقتك مع الناس تمهيدا لتوبة صدوق، ولعمل صالح متقبل في شهر رمضان.
ويجب وجوباً عينياً على كل من دخل رمضان أن يخرج منه وقد غفرت ذنوبه، هذا فرض عين على كل مسلم؛
لأن النبي صلى الله عليه وسلم “رقى المنبر؛ فلما رقى الدرجة الأولى قال: آمين. ثم رقى الثانية فقال: آمين. ثم رقى الثالثة فقال: آمين؛ فقالوا: يا رسول الله سمعناك تقول: آمين ثلاث مرات. قال: لما رقيت الدرجة الأولى جاءني جبريل صلى الله عليه وسلم؛ فقال: شقي عبد أدرك رمضان فانسلخ منه ولم يغفر له فقلت: آمين. ثم قال: شقي عبد أدرك والديه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة فقلت: آمين.ثم قال: شقي عبد ذكرت عنده ولم يصل عليك فقلت: آمين.”
صححه الألباني في الأدب المفرد ٦٤٦.
تخيل معي أن جبريل عليه السلام دعا، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم أمَّنَ على من أدرك رمضان ولم يغفر له.
قال صلى الله عليه وسلم: “إن العبد إذا قام للصلاة أتي بذنوبه كلها فوضعت على عاتقيه، فكلما ركع أو سجد تساقطت عنه” صححه الألباني في السلسلة الصحيحة ١٣٩٨.
لذا الإنسان لما يقوم للصلاة يؤتى بذنوبه، فتوضع بين كتفيه، فكلما ركع وقام تناثرت خطاياه عنه، فالقيام سبب من أسباب تناثر الخطايا.
فقبل أن ندخل شهر رمضان الذي تكفر عنا فيه الخطايا الواجب علينا أن نحسن علاقتنا مع الخلق، وحقوق الخلق مقدمة على حقوق الله جل في علاه.
فشهر شعبان شهر مراجعات وإعادة حسابات، والواجب على الأب وعلى الزوج أن يذكر بناته وزوجته بأن تقضي ما فاتها من صيام بسبب ما كتبه الله على بنات ابن آدم أن تقضي من فاتها.
فكانت عائشة رضي الله تعالى عنها تقول: “كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ.” مسلم ١٩٥٠.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من صيام شعبان، تقول عائشة كما في الصحيح: ما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا كاملا قط إلا رمضان، وكان أكثر صيامه في شعبان، فعَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنْ صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: “كَانَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ قَدْ صَامَ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ قَدْ أَفْطَرَ، وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِنْ شَهْرٍ قَطُّ، أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا.” مسلم ١١٥٦.
فحسنٌ أنك تصوم صوم نافلة، وتحث زوجك وبناتك أن يصمن قضاء، فتصبغ البيت بصبغة عبادة الصيام في هذا الشهر.✍🏻✍🏻
الواجب علينا أن نستفيد من شعبان، وأن نكثر من العبادة في شعبان.
والواجب علينا أن نستقبل رمضان استقبالاً شرعياً.
ومن أهم أسباب استقبال شعبان أنك يا عبدالله في علاقتك مع الخلق إن كنت قد هجرت بعض الناس لحظ نفسك، فالواجب عليك أن تتوب إلى الله جل في علاه، وأن تُحسِّن علاقتك مع خلق الله لتستقبل شهر رمضان والموانع التي تمنع مغفرة الله في حقك قد زالت.
ففي الحديث: عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله ليطّلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن” رواه ابن ماجة وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة ١٥٦٣.
الواجب علينا قبل أن ندخل رمضان أن نصفي حساباتنا مع خلق الله؛ حتى الله يتجلى علينا، والله يغفر لنا سبحانه وتعالى ويحصل الربط وحرق الذنوب .
النبي صلى الله عليه وسلم رقى المنبر؛ فلما رقى الدرجة الأولى قال: آمين.
ثم رقى الثانية فقال: آمين.
ثم رقى الثالثة فقال: آمين؛
فقالوا: يا رسول الله سمعناك تقول: آمين ثلاث مرات.
قال: لما رقيت الدرجة الأولى جاءني جبريل صلى الله عليه وسلم؛ فقال: شقي عبد أدرك رمضان فانسلخ منه ولم يغفر له فقلت: آمين.
ثم قال: شقي عبد أدرك والديه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة فقلت: آمين.
ثم قال: شقي عبد ذكرت عنده ولم يصل عليك فقلت: آمين.
صححه الألباني في الأدب المفرد ٦٤٦.
فرمضان رحمة لخلق وشقاء لخلق كالقرآن يرفع قوم ويخفض قوم ، الله يقول : ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ وَلا يَزيدُ الظّالِمينَ إِلّا خَسارًا﴾ [الإسراء: ٨٢].
قال بعض السلف : ماجلس أحدٌ مع القرآن وقام سالماً؛ فإما له وإما عليه.
رمضان رحمة لبعض الخلق، ورمضان عذاب وشقاء على بعض الخلق.
الواجب على العبد قبل أن يدخل رمضان قبل النصف من شعبان أن يرتب علاقاته مع الخلق.
للأسف: اليوم هناك عقوق للوالدين، وقطيعة أرحام، وهجران من أجل حظ النفس، الواجب عليك أن تتخلص من هذا كله، وتدخل على مدرسة رمضان وأنت صافي السر والسريرة، وعلاقتك مع خلق الله على أحسن حال حتى تحصل على ثمرة الصيام كما في قوله تعالى : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾ [البقرة: ١٨٣].
حتى تحصل على شهادة التقوى من رمضان، وإلا نبقى على حالنا: ندخل مدرسة ونطلع من دون شهادة، تدخل مدرسة وتطلع بدون أن تتخرج، بدون ثمرة، بدون نجاح في هذه المدرسة؛ فهذه مصيبة من المصائب.
فنحن مقبلين على شعبان، وشعبان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “شعبان بين رجب ورمضان يغفل الناس عنه ترفع فيه أعمال العباد فأحب أن لا يرفع عملي إلا وأنا صائم”. حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة ١٨٩٨.
شعبان شهر الخيرات ، ما صام النبي صلى الله عليه وسلم شهرا كما صام شهر شعبان، ما صام شهرا كاملا ، وما صام صلى الله عليه وسلم إلا رمضان ، ولكن ما صام في شهر كما كان يصوم في شعبان.
من أسباب زوال الغل والحقد في القلوب الصيام ، لكن أنت ينبغي أن تجعل نفسك تذل للحق، النبي صلى الله عليه وسلم يقول : “صيام شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر يذهبن وحر الصدر” صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ١٠٣٢.
الضغينة والبغض والحقد على الناس علاجه يكون الصيام.
النفس لما تجوع تذل لله جل في علاه ولا تشاكس، ونفس البطران (الشبعان) هي التي تدخل الحقد والضغينة على الناس.
فالواجب علينا أن نتفقد أنفسنا، وأن نحملها على أن نصطلح مع الخلق، حتى لما نصطلح مع الله فيقبلنا.
أسأل الله عزوجل أن يقبلنا ويبارك لنا في شعبان، وأن يبلغنا رمضان، وأن يرزقنا فيه العمل الصالح.✍🏻✍🏻
أحكام شهر شعبان.
فقد ثبت عن عائشة – رضي الله تعالى عنها ، أنها قالت : « كنا نقضي ما فاتنا من رمضان في شعبان، ننشغل بأمر رسول الله – صلى الله عليه وسلـم -».
هذا النوع من الأحاديث عند المحدِّثين موقوف لفظاً ، ومرفوع حُكماً ، فهي تُخبِر – لا أقول عن نفسها فقط – وإنما تُخبِر عن سائر أزواج النبي – صلى الله عليه وسلـم : أن الذي يصيب بنات حواء من العُذُر الشرعي – وهو الحيض والنفاس – ، والذي يحرُمُ على المرأة أن تصوم من أجله ، وإن صامت ؛ فصيامها غير معتبر ولا معتدٌّ به ، ويجب عليها القضاء على كل حال .
تقول : كنا نفطر في رمضان ثم نقضي ما فاتنا في شعبان.
فالواجب علينا نحن الآن أن نُذكّر أمهاتنا وبناتنا وأخواتنا بوجوب القضاء ، وكثير من النساء يغفلن عن القضاء .
ويحرُمُ شرعاً أن يدخل رمضان والمرأة لم تقض ما عليها ، وقول عائشة – رضي الله تعالى عنها- يتحمّلُ فقهاً كثيرا، وأُشيرُ إلى أهم مسائله ، لأنه واجب الوقت ، فأقول – وبه سبحانه وتعالى أصول وأجول :
الأصل عند أهل العلم في الأوامر أنها على الفور، فمن كُلِّف بأمر فالواجب عليه أن يمتثل مباشرة، وهذا مقتضى اللغة ، فمن قال لسيِّدِهِ : اسقني ماءً ثم تراخى فأسقاه بعد حين ؛ عُدّ مُقصِّرا ، ولو أنه عاقبه ؛ لما لِيم في ذلك.
وعائشة تقول : ( كنا نقضي ما فاتنا من رمضان في شعبان ).
فما أدّت ذلك مباشرة وإنما أدته على التراخي، ومِن التوسع غير المحمود أن ننسى الأصل، وأن نتغافل عن التعليل.
الذي قالته بعد التأخير في القضاء ، فقالت : ( كنا ننشغل بأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلـم- ).
فلو لم تكن هي وسائر أخواتها مشغولات بأمر رسول الله – صلى الله عليه وسلـم – من قدوم أضيافه ووفوده وكثرة أسفاره وغزواته ؛ لما أخّرت -رضي الله تعالى عنها وعن سائر أمهات المؤمنين – القضاء.
والمسألة الثانية المهمة التي نستفيدها من قولها :
أن العذر في تأخير القضاء أوسعُ من العذر في الإفطار.
الأعذار التي يجوز للمكلّفِ أن يُفطِر بها ؛ معدودة محصورة ، وأمّا تأخير القضاء فأمرُهُ واسع ، فقالت – رضي الله تعالى عنها : أنها كانت تقضي هي وسائر أخواتها في شعبان ، ما فاتها من صيام في رمضان ؛ في شعبان ، وعلّلت ذلك بالانشغال في أمر رسول الله – صلى الله عليه وسلـم -.
المسألة الثالثة – وهي مهمة أيضاً – : أن القضاء بعد النصف من شعبان؛ لا مانع فيه – قولاً واحداً -.
ما ينبغي لِأحدٍ أن يضارب بين الأحاديث، فيقول:
نهى النبي -صلى الله عليه وسلـم- عن الصيام بعد منتصف شهر شعبان، والحديث :« إذا انتصف شعبان فلا تصوموا » ، بعض أهل الحديث يُضعِّفُهُ ، والصحيح أنه حسن ، ولكنه مؤوّل، ومُؤوّلٌ على معنىً ، وهذا المعنى : أنه مؤوّلٌ على ابتداء الصيام ، وأما من كانت له عادة ؛ فلا حرج لو صام بعد المنتصف من شعبان ، لِما ثبت عن عائشة – رضي الله تعالى عنها – :« أن النبي -صلى الله عليه وسلـم – ما كان يصوم شهراً كاملاً إلا رمضان، وكان أكثر ما يصوم من شعبان».
وفي رواية: «كان يصوم أكثر شعبان»
فلمّا كان النبي – صلى الله عليه وسلـم- يصوم أكثر شعبان؛ فبِلا شك أن الأكثرية لا تحصُلُ إلا بالصيام بعد منتصفه.
فلو أن صيامه – صلى الله عليه وسلـم – كان في المنتصف الأول ، لما تحقّق أن النبي – صلى الله عليه وسلـم – كان يصوم أكثر شعبان .
فدلّ النهي -على فرض ثبوته وهو كذلك إن شاء الله- على ابتداء الصيام، وأمّا الصيام الذي له سبب كالقضاء أو من كانت له عادة في صيام اثنين وخميس ، أو من بدأ الصيام في أول شعبان لِيصِيب السُّنّة في صيام أغلبه ؛ فلو أنه صام بعده فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى.
فمن كانت عليها قضاء، أو من كان عليه قضاء من الرجال ، بعض الرجال قد يفطر بمرض أو بسفر؛ فالواجب عليه أن يقضي قبل أن يدخل رمضان في السنة الثانية.
والمسألة الأخيرة : من وقع في المخالفة ؛ فماذا عليه ؟
من وقع في المخالفة فدخل رمضان وهو لم يقضِ ما فاته من رمضان السابق ، فماذا عليه ؟
أهل العلم على قولين :
قول يقول : يقضي ولا شيء عليه ، وهذا الذي يميل إليه القلب.
وبعضهم يقول : يقضي وعليه مع كل يوم أخّره ؛ إطعام مسكين.
قالوا: يقضي ، – فمثلاً – أفطر خمسة أيام ، ودخل رمضان الثاني ولم يقض ؛ يقضي الخمسة أيام ، ومع كل يوم يقضيه يُطعِم مسكيناً.
هذا حقيقة – وجوب الإطعام – هو خلاف الأصل ، والأصل براءة الذمة ، والذِّمة الأصل فيها أن لا تُشغل إلا بتكليف من الشارع ، فلمّا نظرنا فلم نجد الإطعام في كتاب الله، وأوجب الله تعالى بإطلاق القضاء ، والإطلاق في الحقيقة ليس على إطلاقه ، فهو مُقيّدٌ بقبل رمضان ، معنى عموم الإطلاق مُؤوّل، مؤوّل بالذي كان عليه أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلـم -، ولِذا قلتُ لكم أول ما قلت : هذا حديث موقوف له حكم الرفع ، لماذا؟
القول قول عائشة ، وأدّت فعلاً في زمن النبي -صلى الله عليه وسلـم -، والنبي -صلى الله عليه وسلـم- كان يعلم به، وعِلمُهُ مع إقراره ، ولولا إقرارُه؛ لما قالت عائشة ما قالت ، والأمر لا يخُصُّ واحدةً ، وإنما الأمر يخصُّ جميع نسائه ، فلمّا كان الأمرُ كذلك؛ كان إطلاقُ القضاء إلى الوفاة ودون التقييد برمضان الثاني مُؤوّل في قول الله – عز وجل – : {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ} [البقرة : 184] ، فهذا {فعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ} ما يُفهم منه الإطلاق ، إنما يُفهمُ منه : بأن العدة يجب أن تكون قبل دخول رمضان الثاني.
فالله عز وجل أوجب القضاء ، والنبي – صلى الله عليه وسلـم – في علمه بأحوال النساء كذلك وما أوجبوا شيئا زائداً ، وما ثبت شيء عن أصحاب رسول – صلى الله عليه وسلـم – من إطعام ، والذي ثبت في الإطعام إنما هو قول جماعة من التابعين ، وبما أن الأصل في الذمة البراءة ، والأصل في المال الحُرمة ؛ فإن القول بوجوب الإطعام فيه ضعف لهذين الملحظيْن على خلاف معتبرٍ بين أهل العلم.
ولا يفوتني في هذا المقام أن أُنبِّه على أن مِن أسرار كثرة صيام رسول الله – صلى الله عليه وسلـم – في شعبان ؛ أنه كان يصوم ويُلاطِف أزواجه في مشاركتهن بالصيام ، وليس صيامه فقط من أجل هذا الملحظ ، وإنما الأعمال تُرفع فيه إلى الله.
وشعبان شهر يغفل عنه الناس، فشعبان بلا شك له فضيلة، وهو ليس كسائر الشهور، وإنما هو بين الشهور كيومي الاثنين والخميس بين سائر الأيام ، ولذا قال النبي – صلى الله عليه وسلـم – :« ذاك شهر يغفل عنه الناس ، وأُحِبُّ أن يُرفع عملي وأنا صائم ».
وفي هذا إشارة إلى أن الإنسان ينبغي أن يبتهل أيام رفع الأعمال إلى الله عز وجل ، وفيه إشارة أن الإنسان الموفّق ينبغي أن يعتني بآخر عهده ، وأن يسأل ربه أن يُحسِّن خاتمته.
« إني أُحِبُّ أن يرفع عملي وأنا صائم »، أسأل الله – عز وجل – أن يجعل خير أيامنا يوم لقائه وأن يجعل أحسن أعمالنا خواتيمها.
هذا والله أعلم.✍🏻✍🏻
السؤال:
شيخنا الإخوة هنا يريدون كلمة عن فضل شعبان، وأحب الأعمال فيه، وأهم الاشياء التي يجب اجتنابها في شهر شعبان.
الجواب:
جزاكم الله خيرًا وبارك الله فيكم.
الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم: شهر شعبان يغفل عنه كثيرٌ من الناس وهو بين رجب ورمضان.
فعن أسامة بن زيد قال قلت يا رسول الله لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان، قال “ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم” النسائي٢٣٥٧ وحسنه الألباني.
ولفضل هذا الشهر، كان في حسن علاقة الناس بعضهم مع بعض،
وتوهم كثير من الناس؛ فابتدعوا فيه أشياء عظيمة وكثيرة، وكان ذلك قديمًا، وكان ذلك تحديداً كما ذكر الطرطوشي -رحمه الله- في كتابه (الحوادث والبدع) سنة ثمانية وأربعين وأربعمائة لما أُحدثت الاجتماعات والصلوات في المساجد، وكان بعض الناس يعتقد أن الصلاة في ليلة النصف من شعبان كصلاة ليلة القدر، بل بعضهم يعتقد أن ليلة القدر هي النصف من شعبان، ويذكر في تفسير قول الله في سورة الدخان
﴿إِنّا أَنزَلناهُ في لَيلَةٍ مُبارَكَةٍ، إِنّا كُنّا مُنذِرينَ، فيها يُفرَقُ كُلُّ أَمرٍ حَكيمٍ، أَمرًا مِن عِندِنا إِنّا كُنّا مُرسِلينَ، رَحمَةً مِن رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ العَليمُ﴾[الدخان ١٦].
قالوا: هذه التي تنزل فيها المقادير إنما هي ليلة النصف من شعبان، وهذا تفسير مبتدع، والقول بأن ليلة القدر هي النصف من شعبان قولٌ ما أنزل الله به من سلطان، والواجب تفسير القرآن بالقرآن وتفسير القرآن بالسنة
وليلة القدر كما ذكر الله تعالى وقال
﴿إِنّا أَنزَلناهُ في لَيلَةِ القَدرِ، وَما أَدراكَ ما لَيلَةُ القَدرِ، لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ، تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرّوحُ فيها بِإِذنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمرٍ، سَلامٌ هِيَ حَتّى مَطلَعِ الفَجرِ﴾[القدر ١٥].
وكانت ليلة القدر في رمضان، وبين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الشهيرة الكثيرة، وأنها في رمضان دون سواه.
الثابت في ليلة القدر بارك الله فيك بعد التنبيه والتنويه أن هذه الاجتماعات المحدثة تُكسل عن الاجتماعات الشرعية التي شرعها الله جل في علاه، وكثيرٌ من الناس يشتدوا فيها على وجه قد يضيعوا بعض الفرائض، وهذا كما قال الإمام الأوزاعي فيما هو معلومٌ عنه، قال
(بلغني أن من ابتدع بدعةً خلاه الشيطان والعبادة، وألقى عليه الخشوع والبكاء لكي يصطاد به)
ولما ذكر الإمام الشاطبي في كتابه الاعتصام وهو الكتاب البديع في تأصيل موضوع البدعة طبق هذا على الخوارج الذين قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم أن الاصحاب رضي الله تعالى عنهم يحقر أحدهم صلاته مع صلاتهم، وتلاوة القرآن مع تلاوتهم إلى آخره.
فليلة النصف من شعبان ليلة معظمة وردت فيها أحاديث، والأحاديث الواردة فيها كثيرة عن جمع من الصحابة، ووردت مرفوعة للنبي صلى الله عليه وسلم، ووردت مرسلة أيضاً، ومفاد هذه الأحاديث أن الله جل في علاه يغفر لكل أحد إلا لمشرك أو مشاحن.
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إنَّ اللَّهَ ليطَّلعُ في ليلةِ النِّصفِ من شعبانَ؛ فيغفرُ لجميعِ خلقِه إلّا لمشرِك أو مشاحنٍ”. سنن ابن ماجه١٣٩٠وحسنه الألباني.
فالمشرك محروم من الغفران، وأما المشاحن فقد قيل في المشاحن المبتدع، واللفظ لا يساعد عليه، والذي يظهر أن المراد بالمشاحن الذي بينه وبين أخ له شحناء وقطيعة، فيغفر الله تعالى لكل أحد الا للمشرك والمشاحن.
إذا كانت هذه المشاحنة من أجل دين وهجران من أجل الدين فهذه غير داخلة في الحديث، وأما إذا كانت من أجل حظوظ النفس، ومن أجل الدنيا فهذا العبد محرومٌ من المغفرة حتى يرجع ويُجيد ويُصلح علاقاته مع من شاحنهم.
وبهذه المناسبة كثير من الناس يهجر بعضهم بعضاً بحجة أنه يهجره من أجل الدين، ولو سألته عن أخص خواصه، يكون من بينهم بعض من يجالس بكثرة؛ سواء من الأصحاب أو الجيران أو الأقارب تاركٌ للصلاة ويفعل كثيراً من الموبقات؛ فيقال له أنت لو كنت قد هجرته من أجل الله لهجرت هؤلاء وهم جلساءك، وهم الذين يتكررون عليك تزورهم ويزورنك وهكذا.
فالشاهد أكرمكم الله جميعاً أن الأصل في الهجران أن يكون من أجل الله تعالى.
ويعجبني في هذا الباب كلام جميل وبديع، وهو ضابط عجيب ودقيق لابن أبي جمرة في شرحه على مختصره للبخاري المسمى (بهجة النفوس) قال كلاماً بديعاً واستدل وانطلق من صنيع أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه.
فكان مِسطَح وهو صحابي فقير من أقارب أبي بكر، وممن ابتلي فخاض في عرض عائشة وكان يتهمها، وكان وهو يتهمها كان أبو بكرٍ ينفق عليه، ولم يقطع أبو بكرٍ النفقة على مسطح إلا بعد أن أنزل الله براءتها من السماء، قال أبن أبي جمرة: لو أنه قطع النفقة بمجرد خوضه، لكان هجرانه من أجل حظ نفسه، ولكنه لما هجره بعد أن أنزل الله براءتها من السماء دل هذا على إخلاص أبي بكرٍ الصديق رضي الله تعالى عنه وأنه هجره من أجل معصيته لا من أجل حظ النفس
“{إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ } الْآيَاتِ قالت عائشة رضي الله عنها فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِي قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، (وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ) وَاللَّهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَمَا قَالَ لِعَائِشَةَ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى { وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا }، إِلَى قَوْلِهِ { غَفُورٌ رَحِيمٌ } فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي
فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ الَّذِي كَانَ يُجْرِي عَلَيْهِ” البخاري ٢٦٦١.
وسمعت شيخنا الألباني -رحمه الله- في أكثر من مجلس يقول كثير ممن يهجر بعضهم بعضاً في هذه الأيام إنما يصنعون ذلك لحظوظ أنفسهم، وقل من يهجر أخاه من أجل الله.
فالشاهد بارك الله فيك ونحن نتكلم وطُلب مني أن أتكلم عن فضائل ليلة النصف من شعبان، فالثابت في ليلة النصف من شعبان أن يتفقد الإنسان أحواله مع خلق الله تعالى.
من المعلوم أن الاشياء الكبيرة بين يديها أشياء ايضاً خطيرة ومهمة
ورمضان من أعظم الاشهر، وهو أفضل شهر على الإطلاق مجموعاً في سائر الشهر بأيامه ولياليه، ومن عظمة هذا الشهر كان بين يدي شهر شعبان
وهذا الشهر من أجل أن يحسن الإنسان علاقاته مع إخوانه المسلمين، وأن يقلع ويتوب إلى الله عز وجل من هجرانهم، ومن الشحناء التي تكون في القلب نسأل الله تعالى العافية، ويكون القلب ممتلئاً بغيظٍ وحقد وحسدٍ على سائر إخوانه.
فمن أراد أن يتشرف بفضل شهر رمضان؛ فالواجب عليه أن يتخلص من هذا الأمر.
عنوان شهر رمضان شهر صيامٍ، وشهر قيامٍ، وشهر عبادةٍ، وشهر صلة بالله جل في علاه، فحتى يمكن الإنسان ويحسن علاقاته مع ربه، وحتى يقبل الله تعالى عليه ويغفر له ذنوبه
ورمضان من الرمض، والرمض هو الحر.
فكان ينبغي للعبد قبل هذا الشهر أن يتفقد علاقاته مع الخلق وأن يحسن إليهم.
فأجلُّ طاعةٍ من الطاعات في شهر شعبان أن يعيد الإنسان علاقاته مع الناس وأن يحسنها، وأن يقلع عن الشحناء وما شابه.
هذه نصيحتي لإخواني المستمعين حول هذا الشهر.
والله الموفق.
مداخلة الأخ المتصل:
شيخنا هل لقراءة القرآن في شعبان فضيلةٌ خاصة؟
الشيخ مشهور بن حسن:
ورد عن كثير من الصحابة أنهم كانوا يهيئون أنفسهم ويستعدون لقراءة القرآن على وجهٍ يعني فيه كثرة، وهذا من باب الدربة، وأخذ النفس وتحفيزها على كثرة تلاوة القرآن.
وهنا مفاضلة يذكرها كثير من أهل العلم أيهما أفضل أن يقرأ الإنسان القليل من القرآن بتدبر أم أن يكثر من قراءة القرآن؟
والذي ترجح عندي وهو قول جماعةٍ من أهل العلم أن في رمضان كثرة القراءة خيرٌ من القراءة بالتدبر، وفي غيره القراءة مع التدبر خيرٌ من كثرة قراءته.
هذا والله أعلم✍️✍️
الجواب:
نصيحتي له ولغيره أن لا يصاحب إلا مؤمناً.
فربنا عز وجل يخبرنا عن أهل النار أول ما يقذف بهم في النار فإن الواحد منهم يبحث عن صاحبه ، لأنه لا يصل إلى النار إلا من خلال الصاحب السيء.
قال تعالى:
(( وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ رَبَّنَاۤ أَرِنَا ٱلَّذَیۡنِ أَضَلَّانَا مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ نَجۡعَلۡهُمَا تَحۡتَ أَقۡدَامِنَا لِیَكُونَا مِنَ ٱلۡأَسۡفَلِینَ )). سورة فصلت(٢٩).
وهم القرناء ، ولذا القرين لا ينفع صاحبه يوم القيامة إلا إن كان مؤمناً ، قال تعالى { ٱلۡأَخِلَّاۤءُ یَوۡمَىِٕذِۭ بَعۡضُهُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوٌّ إِلَّا ٱلۡمُتَّقِینَ} الزخرف ٦٧ . فالأصحاب بعضهم لبعض عدو يوم القيامة إلا المتقين ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تصاحبْ إلا مؤمنًا ، ولا يأكلْ طعامَك إلا تقيٌّ”. صحيح أبي داود، حديث حسن برقم 4832.
ويقول الإمام الأوزاعي :
“صاحبك رقعتك فيك”.
فالصاحب يرقع والصاحب التقي يجر صاحبه إلى الخير.
وقد قالت العرب:
الصاحب ساحب.
وقال بعض الفلاسفة :
قل لي من صاحبك أقل لك من أنت.
وقد قال الشاعر :
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه
ففيه دليلٌ عنه بالطبع تهتدي
وصاحب أولي التقوى تنل من تقاهم
ولا تصحب الأردى فتردى مع الردى
ويقول الخوارزمي:
لا تصحب الكسلان في حاجاته
كم صالح بفساد آخر يفسدُ
عدوى البليد إلى الجليد سريعة
والجمر يوضع في الرماد فيخمدُ
وكان سفيان بن عيينه -رحمه الله- يتمثل قول الشاعر :
لكل امرئ شكل يقر بعينه
وقرة عين الفسل أن يصحب الفسلا
فالعاقل في هذه الحياة يصحب إنساناً ينفعه يوم الدين.
فقد ثبت في الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم أن إنساناً يؤمر به في النار ويكون له أخ في الدنيا ، فيذهب إلى الله عز وجل ويبقى يطلب من الله ويلح على الله في الدعاء والسؤال ، ويقول : يا رب ؛ إن فلاناً أخي ، كنا نصلي معاً، ونصوم معاً ، ونفطر معاً ، وأدخلتني الجنة وأدخلته النار ، فيقول الله له : اذهب وخذ أخاك وأدخله الجنة ، فقد يدخل الإنسان الجنة بأخ يصاحبه في الدنيا ، فاحرص على أن لا تصاحب إلا من هو أعلى منك ديانة وعلماً ، فإن قصرت فلعل الله ينفعك به .
الحديث:
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً لِلَّهِ فِي اسْتِقْصَاءِ الْحَقِّ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِإِخْوَانِهِمْ الَّذِينَ فِي النَّارِ يَقُولُونَ رَبَّنَا كَانُوا يَصُومُونَ مَعَنَا وَيُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ فَيُقَالُ لَهُمْ أَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ فَتُحَرَّمُ صُوَرُهُمْ عَلَى النَّارِ فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا قَدْ أَخَذَتْ النَّارُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ وَإِلَى رُكْبَتَيْهِ ” رواه مسلم (269) .
✍️✍️