شيخنا هل يجوز الجمع بين الصلاتين بسبب وباء كورونا؟
الجواب:
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
سُئلتُْ من أكثر من جهة من أكثر من بلد هل يجوز الجمع بين الصلاتين بسبب هذا الوباء.
فالجواب: لو كانت الصلاة قائمة في المساجد جماعة واستطعنا أن نصلي الصلاة الأولى وكان هنالك مثلاً حظرُ و منع من الصلاة الثانية جاز ذلك، لأنه ثبت في الصحيح أن النبي ﷺ جمع من غير خوف و من غير مطر و من غير سفر في روايات متعددة.
الحديث : عن ابن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((جمَعَ رسولُ اللهِ ﷺ بين الظُّهرِ والعَصرِ والمغربِ والعِشاءِ بالمدينةِ من غيرِ خوفٍ ولا مَطرٍ. فقيل لابن عَبَّاسٍ: ما أرادَ إلى ذلك؟ قال: أرادَ أنْ لا يُحرِجَ أُمَّتَه)) رواه مسلم (٧٠٥).
عن ابن عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((صلَّى رسولُ اللهِ ﷺ الظُّهرَ والعَصرَ جميعًا بالمدينةِ. في غيرِ خوفٍ ولا سفرٍ . قال أبو الزُّبيرِ: فسألتُ سعيدًا: لِمَ فَعَلَ ذلِك؟ فقال: سألتُ ابنَ عبَّاسٍ كما سألتَني. فقال: أرادَ أنْ لا يُحْرِجَ أحدًا من أُمَّتِه )) رواه مسلم (٧٠٥).
قال أهل العلم:
هذه أعذار نموذجية يجوز الجمعُ من أجلها، و كذا العُذر الذي يشبه أو العذر الذي هو أقوى من هذه الأعذار لأنه في الحديث نفسه سُئل عبدالله إبن عباس رضي الله عنهما عن سبب جمعه، قال أراد أن لا يُحْرِجَ أُمّته أو قال أراد أن لا تُحْرَجَ أمته .
فالخوف هذا الموجود و يمكننا أن نؤدي صلاة الجماعه أعني الصلاة الأولى دون الثانية يجوز الجمع من أجله، أما أن يجمع الإنسان بين الصلاتين وهو مُترفِّه وهو في كامل صحته ولا يوجد عُذر وهو في بيته فهذا ممنوع، وهذا الجمع ليس بمشروع، وهو من أداء الصلاة في غير وقتها.
و عليه:
فإن حالنا الذي نعيش اليوم لا يجوز الجمع فيه البَتَّة، لأننا نصلي في بيوتنا ونحن مُتَرفِّهون مُتمكِّنون من أداء الصلاة في وقتها، وقد قال الله عز وجل { فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ ۚ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۚ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} النساء (103) .
كتاباً: أي مفروضاً.
مَّوْقُوتًا: أي موقتتاً بأوقاتها الشرعية التي صلى فيها النبي ﷺ كما ثبت في صحيح مسلم لما سُئِلَ عن أوقات الصلوات، صلى الصلاة الأولى في كل فريضة من الفرائض الخمس في أول وقتها ثم في اليوم الثاني صلى الصلوات الخمس في آخر وقتها، وقال النبي ﷺ مابين هذين الوقتين وقت.
يسأل كثير من العاملين في قطاع التمريض من الممرضين والممرضات واسأل الله جل في علاه أن يثيبهم وأن يجري الخير وصحة العباد على أيديهم، فقد أمرنا الشرع باتخاذ الأسباب.
يسألون هم وغيرهم من العاملين في القطاع الصحي من الأطباء الذين يتصدرون الصفوف الأولى في مواجهة فيروس *كورونا* وهم ملزمون بلباس خاص ولا يجوز لهم في الأعراف الطبية خلعه لفترة لا تقل عن أثنتي عشرة ساعة ويصعب عليهم أن يبقوا متوضئين فماذا يفعلون؟
الجواب:
الجواب من القران، قال تعالى: (( فإن لم تجدوا ماء فتيمموا )).
وعدم الوجود في الآية قسمان:
– عدم وجود حسي.
– عدم وجود معنوي.
بمعنى أنهم يستطيعون الوصول إليه لكن استخدامه يعرضهم لخطر كمن كان سبع بينه وبين الماء، أو اذا ترتب على استخدام الماء تأخير شفاء وكذلك إذا تولد على استعماله داء ومرض.
فهولاء إذا قرر الطب أنهم يعرضون أنفسهم من خلال الوضوء إلى الأمراض فلهم أن يتيمموا بنص القرآن، ولا حرج عليهم في ذلك.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
استشكل البعض:
كيف يتيمم دون أن يخلع لباسه؟
أجاب الشيخ -حفظه الله-:
إذا أمكنه أن يخلع ليتيمم، وإلا فيأخذ حكم المتصل ويتيمم عليه.
✍️✍️
حفظكم الله شيخنا نريد السؤال حول ما انتشر هذه الأيام من نشر أخبار الرؤى بين الناس بطريقة توحي بأن هذه الرؤى حتماً ستقع.
وهل يجوز لنا أن ننكر على من يفعل ذلك، خاصة أن هذا الأمر غير معهود عند أهل العلم من سلف الأمة، وخاصة أن هذا الأمر من فعل بعض الطوائف التي تعتمد تمام الاعتماد على الرؤى والأحلام، والنبي صلى الله عليه وسلم لمّا أجاز الإخبار بالرؤى قال حدث بها من تحب.
فهل الإعلان بالرؤى يتنافى مع هذا أم يدخل تحته؟ وخاصة وأن هذا الأمر ممكن أن يفتح علينا بابا يصعب غلقه.
الجواب:
حياك الله.
تنبيهٌ فيه يقظةٌ وحرصٌ على سلامة أصول الدعوة السلفية.
الرؤيا بارك الله فيك يُستأنس بها ولا يعتمد عليها، ووسيلة إثبات الأخبار ليست الرؤيا، فإذا أصبحت الرؤيا والإلهام وما يقع في النفس من حديث وسيلة من وسائل إثبات الخبر فمن صنع هذا خرج أصلا من السلفية.
لكن الرؤى لها قيمة، وقيمتها أولا في تواطئ الصالحين ( إن تواطأت رؤية الصالحين) كما يحصل في آخر الزمان مع المهدي فهذا التواطؤ له معنى وليس تواطئ شخص وإنما تواطئ مجموعة وهؤلاء المجموعة يُعرفون بين الناس بالورع والصلاح والتقوى.
والحادثة التي تتكلمون عليها ليست من هذا الباب، هذه واحدة.
الثانية بارك الله فيك: الأصل في الرؤيا أن لا يقصها الإنسان وأن لا يتكلم بها إلا على سبيل الوعظ ولمن يحب، أما أن تصبح كلام المجالس وأن تصبح مصدرا للأخبار وتصبح حديثا عن أمور طبية وأمور غيبية لا سيما إذا ترتب عليها ترك الأخذ بالأسباب والاستبشار بها فهذا بلا شك خلل في الإيمان بالقدر وخلل في كليات العقيدة من جهة وفي كليات الأمور الواجب معرفتها من الرؤى في جهة ثانية.
فالرؤيا يستبشر بها من رآها ويحدث بها من يحب على سبيل العظة فقط من غير جزم، وإنما من باب الاستئناس.
? شيخنا ما تعليقكم على قول قاضي صفد محمد القرشي (ت: بعد ٧٨٠هـ) في (شفاء القلب المحزون في بيان ما يتعلق بالطاعون/مخطوط) متحدثا عن الطاعون سنة ٧٦٤هـ: «وكان هذا كالطاعون الأول عمّ البلاد وأفنى العباد و كان الناس به على خير عظيم: مِن إحياء الليل، وصوم النهار، والصدقة، والتوبة..فهجرنا البيوت؛ ولزمنا المساجد؛ رجالنا وأطفالنا ونساءنا؛ فكان الناس به على خير».
الجواب:
و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
هذا النقل أخي الفاضل وكذلك الطاعون الأكبر الذي سمي *(بالوباء الأسود)* الذي عم الدنيا في سنة (٨٣٨) وبسببه كتب الحافظ *(بذل الماعون)*، وكتب العلَّامة علم الدين صالح البلقيني كتابه *«إظهار النبأ في سؤال دفع الوبأ»* واضطرب الناس في التعامل معه بطريقة عجيبة جدا، وأحدثوا من البدع ما لم يخطر في بال، جمعوا تارة المحمدين، عشرين من المحمدين، وتارة الأربعين، وطلبوا منهم أن يقرؤا شيئا من القرآن، وطلبوا منهم أحيانا آذاناً واحداً، ثم جمعوا جماعة من أهل البيت، فعلوا بدعاً، وأتيت على طرفٍ منها في كتابي *( التداعي )* وفي تحقيقي لكتب البلقيني صالح، فعلوا عجباً.
ولو أنهم لِزموا بيوتهم وابتعدوا عن هذا الأمر لكان أحسن.
والعبد وهو يتخبط ولا يعرف فمن الطبيبعي أن يلجأ إلى المسجد، لكن يمكن له أن يلجأ للطاعة، والناس لم يفعلوا هذا للأسف، حتى نحن الذين قيل لنا أن نترك الجماعة، فبدلاً من أن نستفيد من الوقت وأن نبتهل إلى الله وان نتقرب لله، وأن نزداد في الطلب وأن نراجع الحفظ من حفظ القرآن وما شابه، ما صنعنا هذا.
أصبحت هذه الأدوات *( وسائل التواصل الاجتماعي )* شيء عجيب، وأصبح فيها لغط، وأصبح فيها قيل وقال.
*فهل هذا الكلام الذي نقله قاضي صفد كلام يعتبر دستور للأمة المحمدية؟؟؟*
الجواب:
لا ليس كذلك، وهذه مسائل كما قالوا قديماً مسائل الخلاف فيها خلاف زمان وأوان وليس خلاف دليلٍ وبرهان.
فالتعامل مع كلام العلماء على أنه نصوص وأنه يعلم المآل والحال ويستشرف المستقبل هذا خطأ، فما كانوا يعرفون طريقة انتقال العدوى بالتدقيق والتفصيل الموجودة اليوم.
ثم المتوقع كالواقع، فإذا غلب على الظن من خلال الحادثة التي تكلم عليها قاضي صفد أنه سيفنى كثير من الناس بهذا الوباء، وبدأت البوادر وأهل الاختصاص قرروا ذلك،
*فالحجب عن الجماعة هو الذي يحبه الله، وأنا أدرك ما أقول بعد تأني وتفكير.*
أما جعل حوادث حصلت سابقة وجعلها كالنصوص، والنص من سماته أنه ثابت وأنه شامل وأن فيه العصمة، فكلام الفقهاء ليس كذلك، وابراز مثل هذه الكلمات في هذا الوقت للتشويش على فتاوى كبار العلماء هذه سلبية ليست حسنة.
الناس تحب وتطير بعبارات من هنا وهناك، ونوادر، وهذا ليس وقته حقيقة، هذا الوقت ليس إلا وقت الفتوى التي ينبني عليها العمل.
*هذا الكلام لو أن رجلا تعبد الله به فهلك فأثمه على من نشره.*
ولذا ما أحب الخوض الطويل والكلام الكثير على هذا، وقد نبه إخواننا الفضلاء على هذا، وأنا لا أنتقد أحداً، أنا أؤكد على واجب الوقت في هذا الزمان، والناس بحكم أنها تركت العمل تستخدم هذه الوسائل *( وسائل التواصل الاجتماعي )* على وجه أظنه ليس هذا وقته، فوقت العبادة والطاعة أترك كل شيء واشتغل بالعبادة والطاعة، ولا تشتغل بالقيل والقال، ولا تشتغل بالنقولات من هنا وهناك.
هذه كلمة أنصح فيها نفسي أولاً، ولا أقصد فيها أحدا.
فتوى الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حول مسألة تعطيل الجماعة في المسجد خشية انتشار عدوى فيروس الكورونا
المسألة التي تسأل عنها هي نازلة، وهذه النازلة سُبقتم بها، وهي كذلك في بلادنا في الأردن، فقد طلبت وزارة الأوقاف إغلاق المساجد، وفقط إشهار الأذان، مع عدم قول حي على الصلاة حي على الفلاح، وإنما قول(صلوا في رحالكم) والنبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم أمر بالمناداة (ألا صلوا في رحالكم) من أجل المطر ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أنَّهُ نادى بالصَّلاةِ في لَيْلَةٍ ذاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ وَمَطَرٍ، فَقالَ في آخِرِ نِدائِهِ: أَلا صَلُّوا في رِحالِكُمْ، أَلا صَلُّوا في الرِّحالِ، ثُمَّ قالَ: إنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ كانَ يَأْمُرُ المُؤَذِّنَ، إذا كانَتْ لَيْلَةٌ بارِدَةٌ، أَوْ ذاتُ مَطَرٍ في السَّفَرِ، أَنْ يَقُولَ: أَلا صَلُّوا في رِحالِكُمْ.
صحيح مسلم ٦٩٧ •
والحديث الذي هو مشهور ومعروف وهو في الصحيحين عن البلاء إذا نزل في أرض فلا تدخلوها وإذا كنتم في بلد وفيها الطاعون فلا تخرجوا منها.
عن عبدالرحمن بن عوف: إذا سمِعتُم بِهِ بأرضٍ، فلا تقدُموا علَيهِ، وإذا وقعَ بأرضٍ وأنتُمْ بِها فلا تخرُجوا فِرارًا منهُ يعني الطّاعونَ
أخرجه البخاري (٥٧٣٠)، ومسلم (٢٢١٩)، وأبو داود (٣١٠٣)
وهذا النهي معقول المعنى، وليست هي تعبد محض.
ولذا أهل العلم بحثوا جزئيات تفيدنا في جواب المسألة، ومن بين هذه الجزئيات:
لو أن طبيباً خرج من بلد سليم إلى بلد فيه الطاعون وأخذ بالأسباب كلها التي من عادة الله تعالى أنه لا يصيبه بها، فتحصن بالأسباب المعروفة، ويريد أن يدخل بلد فيها طاعون ليعالج الناس، هل هذا الفعل مشروع أم ممنوع؟
– فمن زعم أن الأمر تعبدي محض فيمنع أن يدخل.
– من قال أن هذا النهي إنما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم بأمر معقول المعنى، فيقال لهذا أنه يجوز له أن يدخل.
والعكس؛؛؛؛؛
رجل في بلد فيها طاعون، أراد أن يخرج.
– من قال أن الأمر ليس بمعقول المعنى وإنما هو تعبدي محض، فلا يجوز له أن يخرج.
– من قال أن الأمر معقول المعنى، يُفحص، فإن علمنا وتيقنا أنه ليس بمصاب، فله أن يخرج، وخروجه الآن وهو معافى خيرٌ من بقائه إلى فترة قد يعرض نفسه فيها للخطر.
*الخلاصة:*
إذا كانت هذه التدابير وهي كذلك تدابير وقائية من أجل المحافظة على الناس فبلا شك أن الصلاة تؤدى في البيوت، فإذا كان التخلف عن الجماعة لأسباب المطر فكذلك الخوف على النفس ولا سيما في الأزمات وفي الأوبئة يجوز للإنسان أن يلتزم.
ثم هذا تقديره لأهل الخبرة، وتقديره على غلبة الظن، فإذا تم هذا من أهل الخبرة وغلبة الظن، فحينئذ الخير لنا والشر ليس لنا، فإن كانوا قد أخطأوا فهم الذين يتحملون آثامنا.
والواجب علينا أن نطيع وأن نبقى في البيوت وأن لا نخرج.
وهذا ليس تعطيلا لشعائر الله، وإنما هذا من أجل حفظ النفس.
فأسأل الله جل في علاه أن يرفع الوباء عن هذه الأمة.
وأرجو الله جل في علاه أن يوحد كلمتنا.
فالأختلاف في مثل هذه المسائل والقيل والقال وكثرة الكلام هذا أمر ليس بحسن وهذه ظاهرة ليست حسنة والواجب على عوام طلبة العلم أن يسمعوا من الكبار.
وهذا الذي قلته هو تقرير علماء كُثر وبناءا عليه قال علماؤنا أن الذي هو مصاب بهذه الأمراض يحرم عليه شرعا أن يذهب للجمعة ويحرم عليه شرعا أن يذهب للجماعة فهذه كلها أمور معقولة المعنى والواجب علينا أن نأخذ بالأسباب التي تحول دون وصول هذا الوباء لنا.
فجزاكم الله خيرا وبارك فيكم وتقبل منكم
وأقرئ أخانا وحبيبنا الفاضل الشيخ إبراهيم السلام وسلموا على من يسأل
شكر الله لكم وبارك فيكم وجزاكم خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.✍️✍️
أخ يقول : لو تحدثنا عن علاقتكم بالشيخ محمدبوخبزة رحمه الله تعالى ؟
الجواب:
الحقيقة أن المحرك لرحلتي هذه هو العزاء بشيخنا الشيخ محمد بوخبزة رحمه الله تعالى، ثم لقاء إخواني وأحبائي، ثم معرض الكتاب، وهذه هي الزيارة الأولى لي .
أما علاقتي بالشيخ بوخبزة فعمرها فوق العشرين سنة، وبدأت علاقتي بالشيخ بوخبزة لما بدأت أجمع تراث تقي الدين الهلالي، وشجعني كثيرا أنني سمعت خبرا وكان متداولا كثيرا عندنا أن الشيخ بوخبزة مجاز من شيخنا الألباني، فاتصلت ( وكان هذا الإتصال الأول) بالشيخ بوخبزة أطلب منه الإجازة ، فاستغرب جدا ، فقال أنت لصيق بالشيخ ، وأنا بعيد وأنا أجيزك وتروي عن شيخكم الألباني بواسطتي ، ثم قال: أنا ما أُجزت وإنما أعطاني كتبا مناولة.
فقلت له: أرويها عنك مناولة ؟
فقال: لاحرج .
فقلت: مثل هذه المناولة كثيرة، وبهذه المناسبة طلبت الإجازة ، وكتب لي الشيخ إجازة رحمه الله تعالى.
ثم أصبحت أشاوره فيما يعن لي من جمع وتطلب لتراث الهلالي، وكيفيه الحصول عليه ، لأن الشيخ بوخبزة كان تلميذا للشيخ (محمد تقي الدين الهلالي ) رحمه الله تعالى، وكان ممن شد الشيخ الهلالي على يده في رجوعه إلى مذهب أهل السنة ، ورجع ببركة لقائه بشيخنا في الشام ثم في المغرب، والشيخ التقى به ونزل عنده.
وبهذه المناسبه شيخنا الألباني جاء الى المغرب ثلاث مرات ، مرتين مجيئان مستقلان ، ومجيء كان في طريقه إلى بريطانيا ، كان ذاهبا إلى بريطانيا للدعوة إلى الله عز وجل، فنزل في المغرب ثم استقر فيها أياما (يومين أو ثلاثة) ثم تابع مسيره إلى المغرب.
فالشيخ رحمه الله الحقيقة مجود لا يقرأ إلا ويعلق ويصحح.
فأول ما زودني فيه هو ديوان الهلالي، المطبوع الآن وفي الحواشي تعليقات للشيخ بوخبزه ورمزت لها بالحرف ( خ ) ، وهي قليلة لكنها دقيقة نفسية ، ثم زودني ببعض التعليقات على كتاب (الدعوة الى الله)، ووقعت أوهام للشيخ الهلالي لأنه أملى كتابه الدعوة إلى الله بعد ما حصل الذي حصل معه بمدة تزيد أحيانا عن ثلاثين سنة أو أربعين سنة ، فوقعت له أوهام في تسمية بعض الأماكن وتسميه بعض الأشخاص ..إلخ، فأرسل لي رحمه الله نسخة فيها تصويبات وتصحيحات في القسم الخاص بالمغرب، وفتح لي هذا فتحا كبيرا لأني جمعت جميع مقالات الهلالي، ففي الوقت الذي جرى مع الهلالي في هذه الحادثة كان قد كتبها في ذلك الوقت ، فبدأت أقابل كل ما في كتاب الدعوة إلى الله مع المقالات التي كان يكتبها في ذلك الوقت، فوجدت فروقا ليست قليلة ، أيضا أثبتها بالحواشي، يعني هو الذي فتح لي الباب وأنا وسعته ، وشملت المؤاخذات والتصويبات، ليس فقط ما يخص المغرب وإنما ما يخص الكتاب كله، والكتاب ولله الحمد والمنة ظهر لأول مرة في معرض الدار البيضاء ،-كتاب الدعوة إلى الله-.
ثم أفادني جزاه الله خيرا بمعظم الرسائل الشخصية الخاصة مع الهلالي ، ورسائل العلماء الخاصة يعني ما يتكلمون إلا بالعلم ، يعني رسائل العلماء الخاصة هي رسائل علم ورسائل تحرير ، ورسائل فيها مسائل عويصة وما شابه ، فزودني ونشرت هذا في كتابي ( رسائل الهلالي ) ثم أرسل لي (الهدية الهادية) ،وفيها أيضا تعليقات وللآن لم تظهر ، ووجدت بفضل الله في أوراق عبدالله كنون رسالة مطوله للشيخ الهلالي حول كتاب الهدية الهادية ، وارجوا الله أن يمن علي أن أجمع التراث على وجه فيه دراسة وفيه تحرير وفيه تحقيق وفيه إن شاء الله تعالى الصواب.
واسأل الله أن يتقبل مني ، واسأل الله جل في علاه أن يرحم الشيخ محمد بوخبزة وأن يجمعنا وإياكم وإياه في جنات النعيم.✍️✍️
ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل رجب خاصة شيءٌ.
وكانت مضر من قبائل العرب تُعظم رجب، وكانت تصومه كله كرمضان.
وصح عند (ابن وضاح) في البدع والنهي عنها أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يضرب أيدي الرجبين.
فرجب من أشهر الله الحرم التي قال الله تعالى فيها: (( فلا تظلموا فيهن أنفسكم)) وتخصيص الأشهر أنها أربعة حرم فلا تظلموا فيهن أنفسكم، قال قتادة وغيره من أهل العلم:
أن الطاعة تعظم عند الله عز وجل في رجب.
أشهر الله الحرم أربعة: ثلاثة سرد (شوال وذو القعدة وذو الحجة وواحد فرد، والفرد هو رجب).
فالعبادة تعظم في هذا الشهر ، فينبغي للعبد أن يكثر من جنس العبادة بالجملة.
وأحب ما يفعل العبد ما أفترضه الله تعالى عليه.
وهذه محطات يجب على العبد أن يتفيأها وأن يتفقد نفسه، فيبدأ بالأوامر المتروكة فيفعلها، ثم يترك المحرمات، ومن وجد ولله الحمد والمنة أنه ما ترك واجبا مفروضا عليه ولا يفعل المحرمات فالواجب حينئذ أن يكثر من المندوبات والمسنونات، ويقلع عن المكروهات، قال تعالى: (( توبوا الى الله جميعا أيها المؤمنون)) شيخ الإسلام في رسالة مفردة وهي التوبة وهي مطبوعة ضمن مجموع الفتاوى يقرر أن التوبة تكون من ترك المندوب فيتوب العبد ويفعل المندوب، وليس كما يظن كثير من الناس أن التوبة تكون فقط من التوبة من الحرام.
النبي صلى الله عليه وسلم كان يستغفر الله ويتوب إليه في المجلس الواحد أكثر من سبعين مرة.
قال أهل العلم:
كان النبي صلى الله عليه وسلم باستمرار في قربٍ من الله عز وجل، فالمقام الذي يصل إليه غد هو أرفع من المقام الذي يصل إليه اليوم، فيستغفر عن مقام أمس، لأنه ارتقى وتقدم وقرب من الله جل في علاه.
فليست التوبة كما يظن بعض الناس فقط من فعل حرام يتوب، من ترك واجبا يجب عليه أن يتوب، وتوبته أحب الله ممن فعل حراما، من ترك تلاوة القرآن؛ من ترك صلة الرحم؛ من ترك طلب العلم، من ترك بر الوالدين، فضلا من ترك واجبات الإسلام كالزكاة مثلا والحج، فالواجب على العبد أن يتوب .
هل السيئات تتضاعف في الأشهر الحرم؟
تعظم أيضا، مثل بيت الله الحرام.
السيئات في الحرم لا تتضاعف، لكنها تعظم عند الله سبحانه وتعالى.
الطالب الذي لا يزال مبتدئاً في الطلب ، وسنه كبير ، ولم يتم حفظ كتاب الله عز وجل ، فهل تنصحه بأن يتم حفظ كتاب الله تعالى أم التفرغ للعلم والشرح دون الحفظ أو يجمع بينهما ؟
الجواب:
أشرف ما يحفظ كتاب الله ، ثم بعد كتاب الله أحاديث الأحكام التي يكثر دورانها على ألسنة طلبة العلم ، فإذا كنت تحفظ كتاب الله فهذا حسن ، وأما إن كان الأمر عسيرا عليك، وقد يسر الله لكثير من العلماء ممن طلبوا العلم متأخرا، فصالح ابن كيسان كان معلما للزهري في الكتاتيب ” علمه وهو في الكُتاب ” ، وإذا نظرتم في أسانيد الصحيحين تجدون عشرات الأحاديث في الصحيحين رواها صالح بن كيسان عن تلميذه الزهري ، الزهري الذي درسه صالح ابن كيسان في الكتاتيب، فكان صالح ابن كيسان طالب علم بعد السبعين ، يعني طلب العلم كبيرا .
الفضيل بن عياض طلب العلم بعد الخمسين.
النبي صلى الله عليه وسلم ، متى أرسل إلى الأمة ؟
بعد الأربعين.
فطلب العلم عبادة ، فلا تيأس.
قيل للإمام أحمد : يا أبا عبدالله إلى متى مع المحبرة ؟
فقال : إلى المقبرة، مع المحبرة إلى المقبرة.
فالسعيد من عاش طالب علم ومن مات طالب علم، السعيد من ثبت في الطلب ، وقد قالوا قديما : من ثبت نبت ، من يثبت في الطلب فالله جل في علاه يرزقه أن ينبت نباتاً صحيحاً.
⬅️ ندوة الفتن وسبل النجاة منها لشيخنا مشهور بن حسن أل سلمان والتي ألقاها في الدار البيضاء بالمغرب يوم الخميس ١٨ جمادى الآخرة ١٤٤١ هجري.
السؤال التاسع: أحسن الله إليكم نريد من فضيلتكم نصيحة حول منهجية في دراسة علم أصول الفقه وكيف يتدرج الطالب؟
الجواب:
أولا الطلبة في دراسة علم أصول الفقه أقسام.
ولابد أن تعلم المصطلحات المعروفة عند الأصوليين ولو قرأتها بإيجاز.
إذا كنت مشاركاً في سائر العلوم وتعرف طريقة أهل العلم، وتقرأ للأقدمين فاقرأ كتاب الورقات وشرح له ،وهذا في البدايات.
وأما إذا لم تكن راسخاً ولا تعرف مصطلحات العلماء فعليك بكلام المعاصرين وكتب المعاصرين حتى تفهم كلامهم.
وطالب العلم في علم الأصول ينبغي أن يركز في فترة من الفترات تركيزاً قوياً على المباحث المشتركة بين الكتاب والسنة، فلُب علم الأصول هو المباحث المشتركة بين الكتاب والسنة.
ومن هذه المباحث مثل العام والخاص، والناسخ والمنسوخ، ومن أهم هذه المباحث على الإطلاق الدلالات، كيف توجه بين النص وبين الحكم الذي يفيده النص، فتفهم المنطوق والدلالات من غير المنطوق كالإيماء والإشارة ومفهوم المخالفة ولاسيما عند تزاحم الدلالات في المحل الواحد فمن الذي يقدم، والقواعد المضبوطة المذكورة في كتب علم الأصول.✍?✍?
السؤال الثامن: ما هو القول الراجح في عقيدة الإمام النووي؟
الجواب : الإمام النووي له مسألة في مسألة في الحرف والصوت صرح فيه برجوعه عن الكلام النفساني، وبأنه يذكر بأن الله جل في علاه يتكلم الكلام اللائق به على الوجه الذي يريده سبحانه وتعالى.
ومن تلاميذ الإمام النووي (ابن العطار الدمشقي) وكان يسمى مختصر النووي، وأعلم الناس بالنووي ابن العطار، وابن العطار كان أخاً للإمام الذهبي في الرضاعة، وألف أيضا كتابا فيه تراجع عن عقيدته سماه” الاعتقاد الخالص من الشك” ، ورجع فيه إلى معتقد الإثبات، والإيمان بما جاء في الكتاب والسنة من غير تحريفٍ و لا تكييفٍ ولا تعطيلٍ ولا تشبيه.✍?✍?