السؤال: كان حفل أخي فيه أغاني، و كان والدي شديد الغضب، و في حال أني لم أحضر يغضب كثيراً، و قد حصل هذا في حفل أخي الذي سبقه فما العمل؟
الجواب : كن حاضراً غائباً.
تعرف كيف تكون حاضر غائب؟
أنت و ذكائك الأن حاضر و غائب، غيب عن الفساد، غيب عن الموسيقى، إبتعد بعيد إستقبل الناس، ذكر الناس بكلمة خير، أُصدق ربنا عز وجل، ذكر واحد تارك للصلاة، عندما يؤذن المؤذن قُل ياجماعة نذهب إلى الصلاة.
و لا في حرج في هذا إذا ترتب على غيابك مفسدة كبيرة لا تطيقها و مضرة تلحق بك من أباك فأنت كن حاضراً غائباً، فلا تحضر الشر، ولا تحضر الغناء، و كن فاعل خير ،كن ذاكراً لله مذكراً للناس بالخير و ما شابه.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٢٥ – ربيع الأول – ١٤٤٤هـ
٢١ – ١٠ – ٢٠٢٢م
السؤال:
ذكرتُم في الدورة الصيفية في مركز الإمام الألباني عن عِلْمِ الظهورِ لله عزّ وجل فلو تيبنوه لنا .
الجواب :
ذكرتُ هذا عندَ قولِ الله تعالى في سورة الأنفال:
( الآنَ علِمَ اللهُ أنَّ فِيْكُمْ ضَعْفًا).
قبلِ الآن هل كانَ اللهُ يَعْلَم؟
طبعًا يعلم .
الله لا يخفى عليهِ شيء.
وعِلْمُ الله ليسَ بالكُلِيّات كما يقول بعض الضُلّال، عِلْمُ الله بالكُلِيّات والجُزئيات والتفاصيل.
فالله خبير.
والخبير الّذي يَعْلَمْ ما يَدورُ بِالنّفس، ما يدور في نفسِكَ الآن اللهُ خبيرٌ به فالله يعلَمُهُ ، فهو خبير سبحانه وتعالى.
فالعِلم عِلمان:
عِلم كُمون.
الشيء الكامِن.
عِلِم ظهور.
فالله يعلم الكمون ويعلم الظهور.
ولِذا المُفسّرون حمَلوا قولِ الله تعالى (الآنَ عَلِمَ اللهُ أنّ فِيْكُمْ ضَعْفًا) لما نَسَخَ الله ، الواحِد كان يصبِرُ أمامَ عشرين فأصبح الوحِد يجب عليه أن يصبر أمام اثنين، ((إِن یَكُن مِّنكُمۡ عِشۡرُونَ صَـٰبِرُونَ یَغۡلِبُوا۟ مِا۟ئَتَیۡنِۚ))، عشرون صابرون يغلبوا مئتين.
في أوّل الإسلام، في غزوةِ بَدِر.
وما أدراكَ ما أهل بَدِر؟
الملائكةُ التي قاتلت مع المُسلِمين هم خيرُ ملائِكَةِ الله.
فالرسُلُ يتفاضلونَ فيما بينَهُم والملائِكه يتفاضلون فيما بينهم. الملائكهَ التي نَزلَت هي أفضلُ الملائكه ،
فالبدريّونَ هم خيرُ الصحابة، والنّبي صلى الله عليه وسلم كان يقول لمّا يأتي رجل فعَلَ شيئًا كان يقول لعَلّ الله أطّلَعَ على أهل بدِر فقال أعملوا ما شئتُم إنّي قد غَفَرتُ لَكُم.
اعملوا ما شئتُم إنّ الله قد غفرَ لَكُم. فالعِلم عَلمان:
عِلم كمون.
عِلم ظهور.
والله عز وجل ما من شيء إلا وهو سبحانه وتعالى يعلَمُه سواء علم كمون أو علم ظهور.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة.
٢٦ -ربيع الأول – ١٤٤٤هـ
٢٢ – ٩ – ٢٠٢٢م✍️✍️
السؤال :
بعض الإخوة يأتي من مكان بعيد إلى الدرس وليس عنده سيارة ، وفي وقت الفجر لا يوجد وسائل نقل ، هل من نصيحة للإخوة الذين معهم سيارات وهم من نفس المنطقة لأخذ إخوانهم معهم؟
الجواب :
النبي صلى الله عليه وسلم حل مشكلة السير أصلا.
عند المسلمين لا يوجد مشكلة سير. لماذا ؟
النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
من كان معه فضل ظهر فليعد ( أي فليتصدق ) به على من لا ظهر له .
ففي صحيح مسلم (١٧٢٨) يقول أبو سعيد الخدري:
بيْنَما نَحْنُ في سَفَرٍ مع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إذْ جَاءَ رَجُلٌ علَى رَاحِلَةٍ له، قالَ: فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَن كانَ معهُ فَضْلُ ظَهْرٍ، فَلْيَعُدْ به علَى مَن لا ظَهْرَ له، وَمَن كانَ له فَضْلٌ مِن زَادٍ، فَلْيَعُدْ به علَى مَن لا زَادَ له. قالَ: فَذَكَرَ مِن أَصْنَافِ المَالِ ما ذَكَرَ، حتَّى رَأَيْنَا أنَّهُ لا حَقَّ لأَحَدٍ مِنَّا في فَضْلٍ.
أنت وأنت تمشي في الطريق ومعك مكان في السيارة متسع لتحمل معك أشخاص فاحمل.
من كان معه فضل ظهر ، عندك أربع أماكن في السيارة ، فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول فليعد (فليتصدق) على من لا ظهر له ، تحملهم معك في الطريق ، وأنت في طريقك تحملهم معك ، فكيف إذا كانت المحمول مأموناً.
هذا الحديث مشكله اليوم.
ممكن تحمل واحد فتسأل ، تصبح مجرم وأنت لا تعلم ، وأنت لا تعرفه ، لكن أخوك آتي معك إلى المسجد وبطريقك للمسجد سواء درس فجر أو صلاة ظهر أو عصر ، هو آتي إلى المسجد فأنت تعرفه يأتي إلى المسجد ، ومررت عليه ومعك فضل ظهر.
ما المطلوب منك؟
تقف وتقول له تعال معي إلى المسجد ، وأنت لك في هذا الباب صدقة.
فهذا كلام النبي صلى الله عليه وسلم .
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٢٦ – ربيع الأول – ١٤٤٤هـ
٢٢ – ٩ – ٢٠٢٢م
السؤال:
شيخنا كثير من عمليات السقط في المستشفيات تُلقى في القمامة؟
الجواب:
المرأة لَما تُسقِط إذا كان السَقط مخلَّق ؛ يَحرم شرعاً إلقاؤه في القمامة ، والواجب تغسيله وتكفينه ، ويستحسن أن يصلى عليه ، يغسل ويكفن وجوباً.
إذا كان هذا السقط مخلَّق ؛ يحرم أن يُرمى في الزبالة وأن يعامل معاملة القمامة ، هذا حرام.
هذا الخلل من أين يبدأ؟
من الأب ، الخلل يبدأ من الأب.
الأب إذا سقط له سقط ؛ الواجب عليه أن يأخذه ، وأن يغسله ، وأن يكفنه ، وأن يدفنه ، هذا واجب عليه
أما إذا مُضغة ، والمضغة ليست مخلَّقة (قطعة لحم) ، رمته المرأة فأسقطته ؛ فهذا ينبغي أن يُدفن مثل العضو الذي يبتر من الإنسان.
العضو الذي يقطع من الإنسان -نسأل الله العافية- ، قرر الأطباء بقطع يده أو رجله ، وهو ما زال حياً ، فهذا العضو كرامة للإنسان.
{۞ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ..} [الإسراء : 70]
كرامة له ، ينبغي أن يدفن ، لا يغسل لا يدفن ، لا يكفن ، ولكن من باب الكرامة للإنسان ؛ فالواجب دفنه.
الواجب أن يدفن هذا العضو ، والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٢٥ – ربيع الأول – ١٤٤٤هـ
٢١ – ١٠ – ٢٠٢٢م
الجواب:
صاحب الكتاب: أحمد بن مروان (أبو بكر الدّينوري) تلميذ ابن قتيبة (محمّد بن مسلم)، الإمام الّذي سمّاه شيخ الإسلام بأديب أهل السّنّة، وصاحب “عيون الأخبار”، وأنا -حقيقة- أنصح كلّ طالب علم أن يقرأ كتاب “عيون الأخبار” ، عيون الأخبار كتاب بديع مسند، فيه آثار، فيه أحاديث مسندة، لكن كتاب بديع، ويشمل ويفيد الإنسان، وينمّي ذوقه على وجه حسن، الدّينوري تلميذه، وجرى مجراه في كتابه المجالسة، أنا العبد الضّعيف لا أدري كنّا نخاف -حقيقة- لمّا درسنا في الجامعة الدّراسة الأولى، كنّا نخاف من الشّهوة، ومن الانحراف على أثر الشهوة، ولمّا كنتُ أدخل الجامعة والله لو قيل لي: تدخل معركة أم تذهب للجامعة؛ أقول: أذهب إلى المعركة، ولا أدخل الجامعة، فكتب الأدب أصبح بيني وبينها وحشة، و الأدباء يتوسّعون في العبارات والغزل والشّعر إلى آخره، فأصبح بيني وبينهم وحشة، وما أحببت كتب الأدب، وما قرأتها، حتّى حبّب لي كثير من أهل السنة كتب ابن قتيبة فقرأتُ “عيون الأخبار”؛ فانشرح صدري أن أُكَفِّر عن هذا الشّعور السّابق بأن أخدم كتابًا من كُتب الأدب، فوجدت -لله الحمد والمنّة- كتاب “المجالسة” ، كتاب أدب، لكنّه مسند (يذكر بالإسناد)، ويذكر قصصًا حسنةً، يذكر المرفوع والموقوف والمقطوع وأقوال الشّعراء والنّخب من اللّطايف وإلى آخره، فأكرمني الله؛ فحقّقت الكتاب.
حقيقة أنا في داخلي وأنا ما بيّنته، أُريد أن أُكَفِّر عن الوحشة، أو أجمع نفسي بأصحاب الأدب، فكنت على متعة شديدة وأنا أشتغل في كتاب “المجالسة”، كتاب المجالسة كتاب أدب، وفيه مسائل شرعيّة مسندة، وقصص وحكايات ولطائف، وأشياء مفيدة.
فهذا كتاب “المجالسة” وهذه نبذة عن المؤلّف، تكلّموا في المؤلّف، فيه ضعف في حفظه، لكنّه يكثر النّقل، و الخبرُ -وأنتم تعلمون- إن كان وجادة منقولًا من كتاب، وقد نقل من مصادر كثيرة، سمّيتها -في مقدمة كتابي-، فالوجادة تجبر ضعف الرّاوي، أو ضعف صاحب الكتاب والله -تعالى أعلم- .
السؤال:
كتب علماء المغرب العربي، لماذا هي غير منتشرة، والاهتمام بها ضعيف (الأسباب والعلاج)؟
الجواب:
اليوم لا يوجد شيء غير موجود، ساعتان أربع ساعات تصل للمعرض بالمغرب، وتشتري الّذي تريده، وكتب المغرب العربي موجودة -الآن- في المكتبات الكبيرة، يعني: موجودة-.
أيّام الشّاطبي قال: لن تجد في قطرنا كاملًا كتاب لفقيه حنبلي ولا كتاب لفقيه شافعيّ، ولا لفقيه حنفي، فكانت المذاهب محصورة في أماكن، الآن في كلّ الدّنيا، فالعجب العجب أنّه في ذاك الزّمان يحاول الشّاطبي أن يصل للّصواب، وينقل من كتب شيخ الاسلام، ووجدته في كتابه “الاعتصام” يقول: قال: بعض الحنابلة، ونقل صفحتين بالتمام والكمال، وبعد بحث طويل، وما كان عندنا شاملة في ذاك الوقت، لمّا يسّر الله لي تحقيق كتاب “الاعتصام” فاكتشفت أن هذا النّقل من كتاب “بيان الدّليل” لشيخ الإسلام ابن تيمية بالحرف، فعجيب كتاب -بيان الدّليل- يكون بين يدي الشّاطبي، والشّاطبي يقول في كتابه: ما عندنا كتاب لفقيه حنبلي ، فبالتتبع لأخبار شيخه ابن لبّٙ، له شيخ اسمه: ابن لبّٙ ، ابن لبّٙ زار دمشق والتقى بابن القيّم والظّاهر أنّه حمل كتب ابن القيم وابن تيمية إلى الأندلس، والشّاطبي استفاد من هذه الكتب، العجيب في ذاك الزّمان الّذين لا يوجد عندهم كتب؛ يحاولون أن يستفيدوا من كتب غيرهم جاهدين بالرّحلة والانتقال، واليوم الكتب في العالم -كلّه-، وتأتيك أصوات يقول لك: الّدين محصور في قول فلان أو قول فلان في المذهب الفلاني، وما عداه ليس بدين، وهذا من أعجب ما يمكن أن يكون على الإطلاق، -اليوم طبيعة الحياة وطبيعة الوصول للمصادر و المراجع والمعلومات تأبى التّقليد بكلّ ما تُؤتى من قوة تأبى التّقليد، لا يمكن اليوم أن يكون هنالك تقليد -كما كان سابقًا-.
فالأصل في طالب العلم أن يكون همّه الصّواب، فمتى وقف عليه؛ عضّ عليه بالنواجذ، فكتب المغرب ممكن تكون بلادنا ضعيفة في الكتب، كذلك بلادنا ضعيفة في كتب المغرب، لكن تحصيلها ليس صعبًا تحصيل كتب المغرب ليس صعبًا، والجميل في المعارض -معارض المغرب-، أنا زرت العام الماضي المعرض الأخير -قبل كورونا- زرت معرض الدّار البيضاء، والمعرض غني بالكتب ولا سيما المؤسسات الرّسمية، والكتاب رخيص (ليس بغالٍ)، وكذلك معرض غني بكتب موريتانيا، كتب موريتانيا لا تصلنا أيضًا في بلادنا لا تصل، وهي شحيحة أكثر من كتب المغرب، وكتب موريتانيا فيها غُنية، فيها تنوّع وفيها فائدة.
بسم الله الرّحمن الرّحيم، الحمد لله ربّ العالمين، و صلّى الله على نبيّنا محمّد، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليمًا كثيرًا مزيدًا، *وبعد:*
ما عندي -صراحة- كلمة وسط مشايخنا الكرام، ولكن أريد أن أفتح موضوعًا يُحبّه الشّيخ مشهور، لعلّه إن شاء الله هو الّذي يفيض في هذا الموضوع، تكلمنا قبل قليل -في البيت- عن المخطوطات -أحسن الله اليكم- و أذكر كلامًا لعلّكم قرأتموه للشّيخ المحدّث العلّامة أحمد شاكر -رحمه الله تعالى-، قال: إنّ المخطوط الّذي خرج -تقريبًا بمعنى كلامه- لا يتجاوز العشرة بالمئة، وتسعون بالمئة من المخطوط غير موجود -الآن-، وغير مطبوع.
فهل من نصيحة توجهونها لطلبة العلم إذا كان أحد عنده قلم سيّال، ويحبّ التّأليف، بدل أن يجعل همّه في التّأليف يجعل هذا الهمّ في التّحقيق.
جزاك الله خيرًا..
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه، أمّا بعد:
أخونا -جزاه الله خيرًا- فتح بابًا واسعًا، المخطوطات كثيرة -كما هو معلوم-، وهنالك مؤامرة على الأمّة، و من المؤامرة على الأمّة التزهيد في تحقيق المخطوطات، واليوم حتّى رسائل التّرقية يُؤذن لمن ينال التّرقية لدرجة الأُستاذية ببحثٍ واحدٍ يكون في المخطوط -دون سواه-، وهذه مصيبة من المصائب، إلى آخره…
المخطوط يحتاج الى أشياء كثيرة، وأبواب عديدة، ولو قلت جواب سؤال الأخ العلمي يحتاج الى مؤتمر، لا أقول إلى ندوة أقول يحتاج إلى مؤتمر؛ لما أبعدت النُّجعة، وينبغي الاستفادة من الوسائل العصرية، ومن الاستفادة من الوسائل العصرية عندي شقّان مهمّان:
الشّق الأول:
سبحان الله! كنتُ أتكلم مع أخ يفهم في البرمجة، أحيانًا الّذي يحقّق المخطوط يترسّم كلمة، كلمة حينً يترسّمها يتيقّن على حرفين أو ثلاثة، والكلمة ما صلحت معه، يعني: هو يجزم أن الكلمة -مثلًا- من أربعة حروف، ويجزم أن الحرف الأول كذا، والثّالث كذا، والرّابع كذا، الثّاني يتردّد فيه، أو الثاني كذا، والثّالث يتردّد فيه، أو الحرف الأخير يتردّد فيه، فقلت مرّة لأخ مبرمج : يا ليت تربط برنامج حاسوبي على القواميس العربيّة، فأضع الحرفين أو الثّلاثة الّتي أنا متيقّن عليهم، والقاموس يظهر لي كل الاحتمالات الباقية مع معانيها.
فهذا أو حل عقبة من عقبات تحقيق المخطوط.
العقبة الكبرى التي حالت دون الاستفادة من عدد كبير من المخطوطات: (مخطوطات المجاهيل).
المخطوطة المجهولة، وقد تكون بعض المخطوطات المجاهيل -وهذا عندي عليه أمثلة عديدة- قد تصل إلى المئات، مخطوط واحد بخط شخص واحد، أجزاء متعدّدة كلّ جزء في بلد، نفس المخطوط نفس المؤلف نفس الكتاب، قد تظفر باسم المخطوط على الغلاف الأول، لكن الأجزاء الأُخرى تكون غير معروفة، لو كان الأمر إليّٙ في الجامعات الأكاديميّة؛ لعملت ورشة في استكشاف المخطوطات المجهولة، ومحاولة ردّها إلى أصحابها عبر المعطيات الموجودة -اليوم- في الحاسوب.
بعض إخوانّٙا كان يعمل معي، وهو ذكيّ جدًّا في الحاسوب، اقترحت عليه أمرًا، وهذا الأمر أخذ عليه الدكتوراة، بل بعض الجامعات السّعودية هي الّتي طلبته أن يقدّم الدكتوراه عندهم -على خلاف العادة-، يعني: لمّا سمعوه يتكلّم، ومثّل المملكة في مؤتمرات عديدة في خارج المملكة، في تركيا وغيرها… بهذا الموضوع، الموضوع أنّك تستطيع أن تعمل برنامج تُغَذّيه بأكبر كمّ من خطوط العلماء، ثمّ تُدخل على هذا البرنامج خطّ غير معروف، فالبرنامج يقول لك: هذا خطّ فلان، وهذا الخطّ لفلان، والأمر ممكن، والأخ كان عنده عقبة، كانت العقبة عنده أنّي -أنا- أحتاج خطوط علماء كُثُر، وكانت المخطوطات آنذاك (في وقت دراسة هذا العمل) كانت الخطوط قليلة، فالأخ اضطر أن يحصر نفسه بألف خط، فكنّا في منى، فجاءنا وافد، فقال: السّيد جمعة الماجد عندنا، و هو صاحب المكتبة المعروفة، الرّجل الثري الّذي خدم الإسلام خدمة عظيمة، أسأل الله -عزّ وجلّ- أن يتقبّل منه، وأن يجعل خدمته في ميزان أعماله ، فزرنا السّيد جمعة الماجد، وقلنا له ، من تقدير الله -تعالى- كان بجانبه ضيفٌ عنده، رجل مسئول عن الأمن في دبي، فلمّا اقترحنا الفكرة؛ قال: هذا المشروع عندنا نحن في الأمن، هذا المشروع عندنا.
لماذا عندكم؟
قال: كلّ جريمة فيها قصاصة ورق نضعها على البرنامج، فيخرح لنا من هو المجرم (من صاحبها)، سبحان الله! فقال: هذا البرنامج كوعاء موجود، كإناء موجود، هذا الأخ دارت به الدّنيا، فذهب إلى أمريكا، فيقول لي: أكبر مستفيد من هذا البرنامج دوائر الأمن الأمريكية هي الّتي تستفيد من هذا، فهذا موضوع المخطوط المجهول.
أنا العبد الضّعيف أُقدر المخطوطات، وعندي هاردات، وعندي -من فضل الله- كميّات كبيرة من المخطوطات، المخطوط الّذي أكتشفه؛ أسحبه وأكتب عليه اسمه، ويكون في الهارد، وفي فهارس، إذا كانت المكتبة مفهرسة في فهرسة الهارد يكون المخطوط مجهول، فاستطعت أن أجد ثلاث مجلدات من كتاب -مثلًا- “جامع الاصول” لابن الأثير بخط ابن الأثير، والمخطوط في المكتبة مجهول (غير معروف)، والنّسخة بعد البحث تبيّن أنّها لابن الأثير وبخطّه، وهذا مثل من أمثلة كثيرة -وكثيرة جدًا.
الشّاهد:
لسنا بحاجة -فقط- إلى جهود المحقّقين، بحاجة إلى جنود ممّن جمع الله له حبّ الشّرع، وخدمة التّراث، ومعرفة الوسائل الحديثة، الّتي تعين في استكشاف المخطوط.
أمّا موضوع التّحقيق فنحن بحاجة إلى ورشات، وبحاجة إلى دورات، وبحاجة إلى رفع مستويات.
حقيقة التّحقيق بدأ قويًّا، وبدأ بفرسان، وبدأ بأئمّة كبار، وبأئمّة متفنّنين، وانتهى التّحقيق في هذا الزّمان على وجه يندى له الجبين، إلّا إذا استثنيت ثُلّة قليلة من العارفين، ولو أردت أن أسرد لكم أمثلة على مثل هذا لكان عجبًا، الأمثلة مضحكة، حتّى خَطَرَ في بالي أن أكتب أضحك مع المحقّقين، شيء من أعجب ما يمكن، تضحك كثيرًا وأنت تقرأ على بعض التّعليقات، والكلام في هذا طويل، لكن التّحقيق مهمّ، ويحتاج إلى صبر، و إلى جلد، ويحتاج إلى رفع مستويات، ويحتاج المحقّق إلى ما يسمّى: بالمعرفة الدّؤوبة الّتي لا تخصّ فنًا، أنت كمؤلف، الشّيء الصّعب تلغيه (تتجاوز عنه)، لكن أنت وأنت محقّق ينبغي أن تسير على أسنان المشط متابعًا المؤلفَ في كلّ فقرة يقولها، ويُظهر عيبك، وعدم تفنّنك في مواطن كثيرة -إذا تعجّلت-، يعني: كلّ جزئيّة لا بدّ أن تفهمها، ولا بدّ أن تعلّق عليها، ولا بدّ أن ترسمها صحيحة وصوابًا، فللأسف من خيانات بعض المحقّقين في هذا الزّمان الأشياء الّتي لا يحسن قراءتها، أو لا يُحسن فهمها يحذفها ، وهذا -والعياذ بالله تعالى- أردأ وأسوأ آفة من الآفات في التّعامل مع المخطوط، أنّ يصبح فيه حذف، فالحاجة للتّحقيق حاجة مهمّة وكبيرة.
من اللطائف في حياة الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى- كان ينسخ مخطوط ذم الدنيا ، لإبن أبي الدنيا، ومر به خبر ما استطاع الشيخ أن يقرأه ، الكلمة في المخطوط صعبة ، وكان الشيخ في الفراش ووضع المخطوط بجانبه، وعنده قلم والدفتر الذي ينسخ به ، فاستيقظ في النوم فرأى في المنام ، -وهذه من الكرامات للشيخ-، فرأى الشيخ في المنام وأول ما استيقظ كتب فرداً فرداً ، كتب على الدفتر فرداً فرداً ثم نام ، ثم لما استيقظ قرأ المخطوط مرة أخرى ، الكلمة التي لم يستطع أن يقرأها هي فرداً فرداً التي رآها في المنام وكتبها الشيخ على الدفتر ، أول ما استيقظ كتب ما رأى فرداً فرداً ، ثم لما استيقظ في الصباح أراد أن يتابع العمل فوجد الكلمة رسمها فرداً فرداً ، كما رأى في المنام.
والذي كنت حقيقة استغربه من الشيخ الألباني -رحمه الله- ، الله عز وجل أكرمني بدراسة الشريعة ودرست في فترة كانت الجامعة فيها عدد كبير من العلماء الكبار ، كان فيها الأستاذ الزرقاء ومجموعة من الكبار فكنت أستغرب حقيقة من الشيخ الألباني، فلما كنت تطلب من الأستاذ المزيد من الإيضاح أو البيان أو زوال الإعتراض عندما يكون عندك شبهة على دليل أو على فتوى قالها فبعضهم كان يضيق صدره ، ويقول ترى أنت لا تأخذ مني والذي عندك عندك والذي عندي عندي وما تعارضني ، كنت أسمع هذه الكلمة من بعض الأساتذة ، أما شيخنا الألباني -رحمه الله- ، فكنت تشعر بعلمه وغزارة علمه لما تعترض عليه ، يعني أخذت الجواب وخلاص ، لكن إذا أردت أن تعرف غزارة علم الشيخ والأقوال التي وردت في المسألة والأدلة وكيف يرد الشبه أو الاعتراضات على كل دليل من الأدلة، فهذا متى يبدأ؟
لما تعترض على الشيخ.
وكنت أستغرب جداً من هذا.
ثم تبين لي أن السبب أن هذه المسائل الشيخ ناقشها مع عدد كبير من الناس في رحلته العلمية، فاوردوا اعتراضات وردوا ردود والخ.
فالشيخ إذا اعترضت عليه في فتوى أشبعك ، ليس فقط أشبعك ، أغرقك يعني خلاص ما يترك الذي ببالك والذي يخطر وما يرد على هذه المسألة من ردود تجدها في بيان الشيخ لما تعترض عليه.
وهذه حقيقة ميزة كنت أراها في الشيخ ولم أراها في غيره.
أما همة الشيخ الألباني -رحمه الله- الطلب والحرص على الوقت فرأيت أنا طرفاً آخر وهو من الأعاجيب في الحقيقة.
الشيخ كان يبحث عن راوية في إسناد وطال البحث فوجد الراوية واسمها حسانة ، فقيل للشيخ ولدت زوجتك.
قال: ماذا أنجبت؟
قالوا: أبنة.
قال: هي حسانة.
فسماها بالاسم التي كان يبحث عنها.
الذي رأيته من الشيخ وكنت أتردد على الشيخ أقرأ عليه بعض الأشياء وكان الشيخ يفسح لي مجال للسؤال والجواب ، وأسأل ثم الشيخ يتركني ويجلس في البحث والشيخ على عادته يلبس النظارة وينزل النظارة قليلاً ينزلها قليلاً عن عينيه ينزلها قليلاً هكذا تحت العين يكون بين العين والحاجب مسافة ويشتغل خلاص فلما تفرغ من المراجعات يفرغ، فلما أريد أستدرك على نفسي بسؤال والشيخ قد أعطاني مهلة للسؤال وسألت وخلاص والآن لازم أغادر ، فالشيخ يبدأ ينظر إلي من بين إطار النظارة والعين.
فكأن حال الشيخ يقول أعطيتك مهلة وقد انتهى وقتك وسهل الله أمرك وأنا مشغول في حالي.
فالشيخ حقيقة في موضوع الوقت آية.
لو لم نجد في لقاءاتنا مع الشيخ إلا حرصه على الوقت لكان في هذا كفاية لا يمكن أن ترد.
وقصة الباب وفتح الباب معروفة توفر خطوة هذه قصة كانت مع عديل لي.✍️✍️
🗒️ كلمة الشيخ مشهور بن حسن بعنوان: أصناف الناس بالنسبة للأمانة.
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله. أما بعد؛
فمرحباً بإخواننا الأضياف وجزاهم الله خيراً على هذه الفرصة للتعرف بهم واللقاء معهم، وأرجو الله تعالى أن نكون إخواناً وأن نُحشَر على سرر متقابلين في جنات النعيم.
الأمانة عظيمة، وللعلم فوائد عظيمة، ومن أهم فوائد العلم أن تؤدي الأمانة التي أوجبها الله تعالى.
فالأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ثم عَلِمُوا من الكتاب والسُنَّة، فَعِلمُ الكتاب والسُنَّة تثبيت للفطرة التي فطر الله الناس عليها.
الأمانة كما قال الله عز وجلّ: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) سورة الأحزاب (72).
بعث الله تعالى نبيه صلّى الله عليه وسلّم مُزَكِيّاً معلماً.
مزكياً: لِيَرفَعَ الناسُ الظلمَ عن أنفسهم، ومعلماً: ليرفعوا الجهل عن أنفسهم، وكان الناس بالنسبة للأمانة التي حُمِّلُوها أصنافاً ثلاثة لا رابع لها، فقال الله تعالى بعد هذه الآية: (لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا):
• فبعض الناس حمل الأمانة في الظاهر دون الباطن وهم المنافقون.
• وبعضهم ردّ الأمانة في الظاهر والباطن وهم المشركون.
• ومنهم من حَمَلَها في الظاهر والباطن على تقصير (وأشفقن منها)، وحملها الإنسان.
ولذا قال الله تعالى: (ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات)، فالناس في دائرة المِلَّة إمّا على إيمان وإمّا على نفاق (نفاق خالص)، وإمّا على شرك والعياذ بالله تعالى، وفي قوله تعالى: (ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات) إشارةٌ إلى أنّ المقصرين والفاسقين في دائرة الإيمان.
فالعلم مِن ثمراته وبركاته أنه يعين صاحبه على حَملِ ما استطاع من هذه الأمانة، فالأمانة يتفاوت الناس في حَملِها على حَسَب قُدُراتِهم، ومن أهم القدرات:
• العِلْم، فالناس في العلم أصناف وأعلى أصناف العلم اليقين، قال تعالى: (وجعلنا منهم أئمةً يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون)، فطالبُ العلم الشرعي من الكتاب والسُنَّة العامل فيه ينال اليقين، والعلم دون العمل لا يمكن للإنسان أن يتحصل على درجة اليقين، ويجب على الأمّة وجوباً كِفائياً أن يكون فيها مَن بَلَغَ الغاية مِن التزكية وهو الصَبرُ بأصنافه وأنواعه والعلم وهو اليقين.
• ويجب على كل فردٍ مسلمٍ فرضاً عينياً أن يكون عنده نصيبٌ من ذلك، كما ثَبَتَ عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم لما قال: (خَصلَتَان لا تجتمعان في منافق، حُسنُ سَمتٍ وفقهٌ في الدين)، فحُسن السّمت مأخوذ من (يزكيهم)، وفقه في الدين مأخوذ من قوله تعالى: (ويُعَلِّمُهُم).
ولذا كان دَيْدَنُ شيخنا الألباني رحمهُ الله في حِله وتِرحاله، في محاضراته ودعوته التصفية التي هي وسيلة من وسائل العِلم، والتربية التي هي وسيلة من وسائل التزكية، والخير كُلُّهُ مَجمُوعٌ في العِلم النَّافِع والعَمَل الصَّالِح، فعلم دون عمل ليس بمحمود، وعمل دون علم ليس بمحمود، العلم والعمل وجهتان لعملة واحدة، والخير كله إنّما هو نابع من علم شرعي صحيح، وعملٍ بِصِحَّةِ تِصِوُّر وقوة إرادة، وعدم فسادها فَتَوَجُّهُه (تَوَجُّهٌ العبد) يكون سليماً صحيحاً لله سبحانه وتعالى في طريق الآخرة.
فهذا الدَّيْدَن الذي يُغَلِّق كل باب شر، الشر كله يكون في الشهوة المُحرّمة وفي الشبهة، فالشبهة تُدرَؤُ بالعلم والشهوة تُدرؤُ بالتزكية؛ فالخير كله مداره على هذين الأمرين التزكية والعلم والشر كله يُدفَعُ بتحقيق هذين الأمرين.
فهذه كلمة أحببت أن أجعلها بين يدي كلمتي أُذكِّر بها نفسي وأذكر بها إخواني حتى نكون ذا همة ونهمة وإقبال على العلم النافع والعمل الصالح.
أسأل الله جل في علاه أن يرزقنا ذلك وأن يوفقنا لهذين الأمرين.